محمد بِقِلَّةِ عُشّاقه في غنىً عن كثرة مُبغضيه
موقع أنصار الله || مقالات || منير الشامي
لعلَّ أهمَّ ما يجهله السواد الأعظم من أبناء الأُمَّــة المحمدية في دينهم، هو عدم معرفتهم بنبيهم المعرفة الحقيقية وعلى الصفة التي يجب على كُـلّ مسلم أن يعرفه بها؛ ولذلك فعلاقتهم به ليست علاقة حقيقية بل لا تتعدى العلاقة الاسمية أَو العلاقة السطحية، ويختلف مستواها من مسلم إلى آخر وتتوقف على نسبة معرفة كُـلّ مسلم بالنبي -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ الطاهرين-، وهذه لعمري هي قمة الجهل بدين الله؛ لأَنَّ جهل أبناء الأُمَّــة بنبيهم، يجعلهم جاهلين بأهميتها وكيف يجب أن تكون، وبروابط تلك العلاقة وما هي عوامل تقويتها، وهذه الحقائق للأسف تعتبر من أهمِّ أسباب نجاح أعداء الأُمَّــة في تدجينهم وفي فصلهم عن نبيهم وتوسيع المسافة بينهم وبينه -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ الطاهرين-.
لقد أصبح أغلبُ أبناء الأُمَّــة يجهلون أن الرسول -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ- أعظم وأقدس شعيرة من شعائر الله التي قال الله تعالى عنها: (وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ)، فالتقوى تكاد تكون منعدمة في قلوب أغلب المسلمين؛ لأَنَّهم لا يعظّمون الله ولا رسوله ولا بقية شعائره، فمن يعظم الله حقيقة سيعظم رسوله، ومن يعظم رسوله سيعظم كتابه وهدي نبيه، ومن يعظم كتاب الله وهدي نبيه سيتحَرّك وفق ما ورد فيهما أمراً ونهياً، ومن فعل ذلك فسيعظم بقية شعائر الله، ومن كان على هذه الصفة فلن يذل ولن يزل وسيكون هو الأقوى بين الأمم وهو الأعز والأكرم على كُـلّ الأمم، ولو كان أبناء الأمة على هذه الصفة لما أصبحت بهذا الحال من الذل والهوان، ومن الفرقة والانقسام، ومن الخضوع والخنوع لأعدائهم والتبعية لهم، ولما تجرّأ أعرب الجزيرة في أنظمة النفاق أن يُحَدِّثوا أنفسهم سرّا عن إظهار علاقتهم بالنظام الصهيوأمريكي وانبطاحهم له.
ولكن لأَنَّ هؤلاء الخونة من منافقي الإعراب يعلمون أن شعوبهم قد روضت بالحديد والنار، ورضخت لإرادتهم المنحرفة ودانت بدينهم، فقد جاهروا في إعلان سقوطهم تحت أقدام الصهاينة، وتفاخروا بذلك وتسابقوا فيما بينهم أيهم يُداس تحت القدم الصهيوني أولاً.
ها نحن اليوم نشاهد أنظمة النفاق تستقبل الوفود الصهيونية الرسمية في أراضيها، ويستقبل الصهاينةُ وفودَهم في الأراضي المحتلّة، ولو كانت شعوبهم تحمل الوعي الإيماني والنبوي لما سكتوا لِوُلَاتِهم على هذا المنكر، ولما حدثت مثل هذه الأحداث.
لقد نجح النظام الصهيوأمريكي في تجهيل الشعوب العربية دون استثناء بدينهم، وفصل ارتباطهم بكتاب الله ونبي الله وكل أعلام الأمة، لدرجة أن وصل بعض رجالهم إلى مستوى أن يتجرأ ويكذب متعمدا على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ الطاهرين-، وينسب إليه ما ليس فيه فيتهمه بظلم اليهود والعياذ بالله منهم، ومما يكذبون.
ولذلك فليس غريبا عليهم أن يحرّموا الاحتفال بمولد أشرف ما خلق الله وأعظم من اصطفى من عباده، ونراهم يحتفلون بعيد الصفح ويوم الغفران وعيد المسيح ويصومون يوم عاشوراء؛ لأَنَّهم أصبحوا يحملون عقيدة اليهود والنصارى تحت عباية الإسلام.
وهذا حالُ كُـلّ من يرفض العبودية لله ويبذل جهده وطاقته وماله ليرضي بني صهيون ويقبلوا عبوديته، كما شاهدناه في الواقع، وهو ما أخبرنا عنه رسول الله وبيّنه الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز، فَرِضَا اليهود والنصارى عنهم ما هو إلّا دلالة على اتّباع ملتهم، وما توليهم لليهود والنصارى إلّا تأكيد على أنهم أصبحوا منهم وهو ما حذرنا الله ورسوله منه.
ولذلك فمواقف أنظمة النفاق والخيانة وكل من يؤيدهم من شعوبهم تجاه رسول الله أمر بديهي ونتيجة طبيعية، ولا ينبغي أن نستغرب ذلك منهم، بل علينا أن نتوقع منهم ما هو أبعد من ذلك وأعظم، فقد نراهم في قادم الأيّام يسيئون إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ الطاهرين- أعظم مما أساء إليه الدنمركي والفرنسي والغربي.
كما يجب أن ندرك أن الحال الذي وصلوا إليه لا يمثل أية خسارة على الأُمَّــة، وليس مصدر خطر عليها، بل هو ظاهرة صحية ينبغي أن نشكر الله عليها، فالعدو الظاهر خير من العدو المستور.
أما رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ الطاهرين- فلا حاجة له بهؤلاء، وهو غني عنهم، ويكفيه عُشَّاقُه الظاهرون وأحبابه الصامدون، من فيهم شدّته على الكفار وفي قلوبهم رحمتُه فيما بينهم، وَمشارق الأرض ومغاربها تشهد لهم بذلك.