سقطرى والموقف الذي يجب
موقع أنصار الله || مقالات || سند الصيادي
فيما أدواتُ التحالف بشِقَّيه السعودي والإماراتي يخوضون معاركَ استنزاف جانبية وَيتبادلون -عبر إعلامهم وناشطيهم- الاتّهاماتِ وَالتخوينَ وَجَرَّ مفردة الوطنية إلى مزاداتهم الرخيصة، بينما يواصلون كُلٌّ من جانبه في جمع فُتات المال الذي يتلقونه من بين أقدام الغزاة، كثمن لهذا الابتذال وَالهوان، فيما هُم في ذلك الواقع غارقون بلا طوق نجاة وَلا حتى جلدٍ للذات على ما اقترفوه بحق شعبهم ووطنهم من خيانات عظمى، يمضي الغزاةُ في مخطّطاتهم بوتيرة متصاعدة لم تعد تؤخذ في الاعتبار حتى فداحةُ التداعيات وَردودُ الفعل المتوقعة.
وَعن سقطرى، دُرة الجزر اليمنية عروس البحر العربي وَالمحيط، وَكنز اليمانيين المتوارث عبر القرون، يكون الحديثُ بطعم الدم وَبنبرة الأسى والحسرة على ما آلت إليه في سنوات العزلة القسرية التي تحيط بها، برسم الأدعياء وفداحة صنائعهم بحقها وَالوطن بكله، وبعد أن باتت في غياب الرجال وَحضور أشباه الرجال تتجادفُها أمواج المخطّطات وَتعصفُ بأرضها وأهلها رياحُ المؤامرات.
خمس سنوات، وَهذه الجوهرة الثمينة تتناوبُ في تدنيس سواحلها ووديانها وَجبالها وَشجرها أقدامُ بعران النفط وَقطعان نعاجه التابعة لابن زايد وابن سلمان، وَلا مِن رشيد تثار في خلجات نفسه حميةُ اليمانيين المعهودة ليهب مستنكراً لهذا العبث وَيحمل السلاح منتصراً ضد هذا المنكر غير المسبوق على هُويته وحقه وَوجوده.
وتحت يافطات الإغاثة وَبرامج إعادة الاعمار التي يتذرع بها الغزاة، لا تتوقف طائراتُ الشحن السعودية الإماراتية الصهيونية عن نقل جحافل الغزاة إليها من كُـلّ جنس، قبل أن تعود حاملةً على متنها نوادرَ الأشجار وَنفائسَ الثروات المصادَرة، فيما أهاليها يشكون الفقرَ وَالمعاناة، وَعلى مرأى ومسمع من عالم لا يفقه لغةَ الحقوق ولا يفقه مفردةَ الإنسانية إلَّا إذَا كانت نبراتها مصحوبةً بأزيز الرصاص.
واقعُ الجزيرة اليوم -والتي هي أبعدُ ما تكونُ عن كُـلّ الذرائع التي سوقها تحالف العدوان لتبرير حربه على اليمن- يمثل أوضحَ وأخطرَ صور الاحتلال الجديد، هذا الواقع لم يعد خفيا أَو يدار خلف الكواليس، بل جهاراً نهاراً، تتوارد أخبارَه وكالاتُ الأنباء الدولية وَتتفاخر بإنجازاته تقاريرُ الاستخبارات الصهيونية، وعلى رؤوسِ المرتزِقة الرخاص باختلاف ولاءاتهم يسرح وَيمرح وَيتبجح الإماراتي وَالسعودي في تغيير هُـوِيَّة الأرض وساكنيها، وَفوق رؤوس الجميع يتموضع الأمريكي والصهيوني، معلناً إقامةَ قواعدَ استخباراتيةٍ وعسكرية.
وَفي ذروة هذا الواقع الكارثي الذي تمر به الجزيرة يكون السكوتُ خطيئةً كبرى لن تسامح الأجيال القادمة من عاصروه وَشهدوا مساراته، وَلم يتحَرّكوا رفضاً لتمريره، وَبلا شك فالشرفاء والأحرار كثيرون في هذا الوطن شمالاً وَجنوباً وَهم معنيون اليومَ بترجمة مواقفهم إلى تحَرّكات عملية مدروسة تتجاوز تأثيرات التنويم المغناطيسي الذي يصنعها المستعمرون بين مكونات هذا الشعب، كضمانٍ لنفاذ ونجاح مخطّطاتهم.
وبالإضافة إلى المخطّطات الخطيرة التي تستهدف طمسَ هُوية الجزيرة واستغلال أرضها ومقدراتها وموقعها الاستراتيجي الهام في المنطقة، فَـإنَّ ما يحدث على أراضيها من تحَرّكات صهيوأمريكية مشبوهة تمثل تحديا بعيدَ المدى يلقي بأثقاله على حاضر ومستقبل اليمن وَيجعل الجزيرةُ نقطةَ تموضع لوجودٍ أمريكي إسرائيلي يكرّس الهيمنة على شعوب المنطقة وَالتجارة الدولية.
صحيحٌ أن مسؤوليةَ تحرير سقطرى هي واجبٌ مقدَّسٌ على كُـلّ أبناء الوطن، لكن في المقام الأول يكونُ الموقفُ مطلوباً من أبناء المحافظات الجنوبية الأحرار، وهم أمامَ لحظة تاريخية فارقة لا ينبغي عليهم إهمالُ تحدياتها أَو إغفالُ فرصها، وَلطالما كانت ولا زالت صنعاءُ بقيادتها المباركة تؤكّـدُ أن كُلفةَ التحَرّك أقلُّ من كلفة الصمت، وَتصدر لكل اليمنيين دروسَ التحرّر وَفضائلها، فيما تمد ذراعَيها لكل حر شريف أراد أن ينجوَ بأهله وبلده من جحيم الوصاية وَمستنقعات الارتهان.