نكاية بـ(ترامب ) لا حبا لـ (بايدن )
موقع أنصار الله || مقالات ||عبدالفتاح علي البنوس
( الديمقراطيون زوروا الانتخابات ولن نعترف بالهزيمة ) ( فزنا بالانتخابات فوزا كبيرا والنتائج لم تكن متقاربة ) هكذا خاطب ترامب أنصاره مساء الأربعاء الماضي ، هذا الخطاب الذي دفع بالعديد من أنصاره إلى اقتحامهم مبنى الكونغرس في محاولة منهم لتعطيل جلسة التصديق على نتائج الانتخابات الرئاسية التي تعرض خلالها ترامب والحزب الجمهوري لهزيمة مذلة ومهينة بعد أن أرعد وأزبد ترامب واستخف بعقلية الناخب الأمريكي وأطلق العنان لتخريفاته وتخرصاته التي ظن بأنها كفيلة بمنحه الفوز بولاية رئاسية ثانية .
خطاب انفعالي تحريضي استفزازي غير مسؤول ، دفع بعدد من القطيع الهائجة إلى القيام بتلكم الممارسات الرعناء التي كشفت عوار الديمقراطية الأمريكية وأظهرتها على حقيقتها أمام العالم ، عمليات نهب وسطو وممارسات مشبعة بالبلطجة ، سلوك العصابات الإجرامية ، مشاهد دفعت بالرئيس المخلوع إلى دعوة مناصريه للعودة إلى منازلهم بعد أن فشلت خطته التي كان يعول عليها في تغيير نتائج الانتخابات من خلال دعوته إلى إعادة التصويت في بعض الولايات و إعادة التحقق من الأصوات في البعض الآخر ، وهي المهمة التي كان يتوقع أن ينجزها الكونغرس ، في ظل إصراره على أنه تم تزوير نتائج الانتخابات .
الكونغرس رد على ترامب وأنصاره بالتصديق على نتائج الانتخابات وإعلان بايدن الرئيس ال46للولايات المتحدة الأمريكية معتبرا ما حصل من اقتحام للمقر التشريعي الأول في البلاد خيانة للدستور الأمريكي وإساءة في حق الديمقراطية الأمريكية ، والملاحظ هنا هو الدور الذي لعبته شبكات التواصل الاجتماعي الأمريكية وفي مقدمتها فيسبوك وتويتر والتي قامت بحظر كافة حسابات ترامب وكافة أنشطته بذريعة إيقاف التحريض الذي يمارسه ترامب والذي من شأنه تأجيج الأوضاع الأمنية ، وهو حرص لا نجده من قبل هذه الشركات عندما يتعلق الأمر بدول الشرق الأوسط ، حيث كانت هي الشرارة التي أشعلت الفتن والأزمات وأدخلت الكثير من دول المنطقة في دوامة من الحروب والصراعات .
وبالعودة إلى جنون ترامب وفقدانه السيطرة على أعصابه بعد أن وجد نفسه في دائرة الاتهام بالخيانة والتحريض على العنف ، ففي الوقت الذي كان يبحث عن قشة يتعلق بها للعودة للمشهد السياسي الأمريكي رئيسا ، إذا به مهددا بالعزل من منصبه فيما تبقى له من أيام ، قبل تسلم بايدن الرئاسة في الـ20من يناير الجاري ، وهو ما يعني القضاء عليه بالضربة القاضية ، وخصوصا بعد أن تخلى عنه الكثير من طاقمه الرئاسي والحكومي بعد اقتناعهم بشفافية نتائج الانتخابات وخلوها من التزوير الذي يؤثر على نتائجها المعلنة والتي تبقي بايدن فائزا بنسبة كبيرة .
صدمة ترامب بمصادقة الكونغرس ، كان لها أثرها وصداها لدى بعران الخليج الذين كان ترامب بالنسبة لهم ( الخليفة ) فكانت صدمتهم لا تقل كثيرا عن ترامب ، وعلى إثرها بدأوا بمغازلة بايدن طمعا في رضاه عنهم ، والسير على خطى ترامب ، في مساندته لهم ، وتأمين عروشهم وممالكهم ، بعد أن ظنوا بأن الأموال التي قدموها ( لمولاهم ) ترامب ستمنحه الفوز الكاسح ، ولكن جرائمه وذنوبه أوقعته في شر أعماله ، فلم يكتف بالخسارة فقط ، ولكنه حصد معها الفضيحة بعد أن رفض الاعتراف بالهزيمة وأصر على أنه الفائز ، رغم إعادة الفرز اليدوي للأصوات في الولايات التي شكك وفريقه القانوني في صحتها ، فكانت نهايته مخزية ومهينة ومذلة .
بالمختصر المفيد،هذه نهاية الغطرسة والفرعنة والاستعلاء على الشعوب ، ظن ترامب بأن الشعب الأمريكي صار مرتهنا له ولسياسته ، وأن الانتخابات الرئاسية ستكون أشبه بالنزهة التي يعود بعدها لممارسة مهامه في البيت الأبيض ، ولكنه لم يدرك بأن وعي الشارع الأمريكي أكبر بكثير مما يتخيل ، ولن تنطلي عليه تلكم السخافات والخزعبلات التي ظل يهرف بها خلال فترة الانتخابات ، ونحن إذ نقول ذلك نكاية بهذا المعتوه ، فلا يعني ذلك تأييدنا للرئيس الجديد جون بايدن ، فالسياسة الأمريكية تجاه دول المنطقة وعلى وجه الخصوص تلك التي تمثل محور المقاومة لا تتغير ، فهي سياسة داعمة ومنحازة وبكل قوة للكيان الإسرائيلي وتصب في خدمة مصالحها ، ولكننا شعرنا بالارتياح من الربيع الأمريكي وإن كان سريعا ، إلا إنه حقق العدالة الإلهية القادرة على أن تعصف بأمريكا وتجعلها عبرة لكل دول العالم .
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم وعاشق النبي يصلي عليه وآله.