ذكرى الشهيد القائد.. تضحيةٌ وانتصار

‏موقع أنصار الله || مقالات || مصطفى العنسي

ونحن نستقبلُ الذكرى السنويةَ للشهيد القائد -رضوان الله عليه- يجبُ أن نستذكرَ فيها عطاء وتضحية شهيد القرآن ورجل المرحلة وحفيد رسول الله حسين العصر وعَلَم الزمان الذي يذكّرنا بجده الحسين بن علي -عليهم السلام- وتذكرنا واقعة استشهاده في مران بواقعة استشهاد جده الحسين في كربلاء، فالمأساة هي المأساة والأعداء هم الأعداء مهما اختلف الزمان والمكان، فالقضية واحدة والمنهج واحد والهدف واحد والمشروع واحد والمظلومية الواحدة لحسين مران وحسين الطف هي التي تجمع ما فرّقه الزمان والمكان وما باعدته السنون والأيّام.

هذه المناسبة العظيمة التي تعني لنا الكثير والكثير يجب أن نصحح واقعنا على أَسَاسها وأن نستلهم منها الدروس والعبر ونجعل منها محطة نتزود منها الصبر والصمود والثبات على الحق مهما كانت التضحيات ومهما كانت الظروف ومهما كان حجم المعاناة وحجم الأعداء وتكالبهم.

إنها لَمناسبةٌ عظيمةٌ يجبُ أن نتمحورَ حولها وحولَ شخصية الشهيد القائد؛ لنتعلم منها العزم والإرادَة والصمود على الموقف والتضحية بالنفس والمال وتقديم الغالي والنفيس لنصر القضية وإرساء المشروع وإحقاق الحق وإبطال الباطل حتى يصبح للحق وجود وللقرآن حضور وللإسلام ظهور وتكون تعاليم الله ورسالته هي التي تحكم الحياة وتضبط مسار البشرية على أَسَاس من الخير والعدل والقسط ويكون هدى الله هو المنهج الذي تسير عليه البشرية يجمعها دين الله الواحد وكتابه الواحد ونبيه الواحد (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسلام).

الشهيد القائد هو ذلك الذي تحَرّك في زمن الخضوع والذلة ونطق في زمن الصمت فحطم جدار الصمت وكسر حاجز الخوف وعلمنا كيف نكون طلاب حق فننتصر، هو من أرسى لنا مشروعه العظيم والمسدد من عند الله بدمه الطاهر والزكي.. وقدم لنا رؤيته القرآنية المتكاملة فبنانا أُمَّـة قوية عزيزة بقوة الله وبعزته.. ورسّخ فينا الهُــوِيَّةَ الجامعة، متجاوزاً كُـلَّ القيود المذهبية والسياسية والجغرافية؛ لنكون عالميي الرؤية والنظرة والاهتمام، وكل ما نحن فيه من عزة وكرامة هي من بركة أعماله ومن ثمار جهوده وجهاده وتفانيه وتضحياته، كان أُمَّـة كما جده رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- وكما جده إبراهيم -عليه السلام- وَكما كان أجداده علي والحسن والحسين وزيد والهادي -عليهم السلام- فجمع همة واهتمام الأنبياء وحرصهم الكبير على هداية الأُمَّــة ليكون هادياً ومهدياً لِأمة جده رسول الله، وورث كُـلّ صفات الأعلام والأئمة من قبله، فقدم لنا خلاصةَ تجاربهم بمنهجية عظيمة تصدعت أمامها بُنيانُ الكفر والطغيان، وانهزم أمامها فراعنة العصر، وتلاشت أمامها كُـلُّ الثقافات الدخيلة، والسياسات المقيتة بمفاهيمها المحرفة ومصطلحاتها المصطنعة، وانكمشت أمامها كُـلّ العقائد الباطلة بتعدداتها المذهبية والطائفية والمناطقية والحزبية.

الشهيد القائد لم يمت كما يموت الآخرون، بل هو حيٌّ فينا بمنهجه ومشروعه العظيم المتمثل في ملازمه التي هي قَبَسٌ من نور القرآن بقدر اتّباعنا وولائنا له نسعد ونعتز ونسمو وننتصر ونحظى بمعية الله وتوفيقه وتسديده..

وبقدر ابتعادنا عن منهجه ومشروعه نشقى ونتعَبُ ونعاني ونفشل ونتخبط هنا وهناك.. فلا حَـلَّ ولا مخرجَ لنا وللأُمَّـة كلها إلا بالعودةِ الصادقةِ إلى الله من خلال القرآن وقرينه، ومن خلال ما قدَّمه الشهيدُ القائدُ كمشروعٍ ومنهجٍ يوحِّدُ الأُمَّــة بعنوان واحد في سبيل الله.

قد يعجبك ايضا