فماذا بعد الحق إلَّا الضلال
موقع أنصار الله || مقالات ||مرتضى الجرموزي
عندما تتهرَّبُ من الحق ستُساقُ إلى الباطل رُغماً عنك، أعداءُ الله سيسوقونك إلى الباطل وأنت مُكره وستبذل أكثر مما كان يُطلب منك في سبيل الحق، ستبذله في سبيل الباطل، وأنت تتهرب على أَسَاس أن تنجوَ بنفسك، ستبذل نفسك وتُقتل في سبيل الباطل.
الشواهد كثيرة في هذه المواقف التي جعلت الكثير ممن هم محسوبون على العروبة والإسلام ينخرطون مع الصهاينة والأمريكيين في علاقات متبادلة وتطبيع مباشر جعلهم يخدمون المشروع الصهيوني الطامع في احتلال كامل الأرض والمقدّسات العربية من النهر إلى النهر ومن مكة إلى القدس، وها نحن نراه يعبث بالأرض والإنسان والعقيدة في فلسطين من خلال احتلاله وقمعه للمستضعفين هناك.
نحن نتساءل: لماذا طبّعت الأنظمة العربية مع إسرائيل في الوقت الذي كان من المفترض أن تقف بقضها وقضيضها مع شعب ومقاومة فلسطين لدحر المعتدين وتحريرها من دنس المغتصبين لا أن تكون في مربع البغاة والمستعمرين؟
والسبب في ذلك أن تلك الأنظمة العربية كانت لا تنصر حقًّا ولا تأمر بمعروف ولا تنهى عن منكر وكان اهتمامها وشغلها الشاغل المحافظة على كراسي السلطة ونهب ثروات الشعوب واستذلال المواطنين تحت مسميات الطاعة والسمع لولاة الأمر وإن جلد وعمل واغتصب.
وفي هذه الحالة قد تجدهم أكثرَ انجذاباً للباطل على حساب الحق لهذا رأيناهم وسنرى الآخرين يُسَارِعون إلى الولاء والتولّي لليهود والنصارى على حساب الشعوب العربية والعقيدة الإسلامية، وسيُرغمون كما أُرغم النظام السعودي والإماراتي والسوداني وغيرهم من الأنظمة المنبطحة للانخراط مع الصهاينة لقتال العروبة وتدمير شعوبها وأوطانها وعقائدها، كما هو حاصلٌ اليوم على أرض الواقع في اليمن، حين وجدَ الباطل له أنصاراً ومرتزِقة منافقين جنّدوا أنفسهم في سبيل المعتدين على حساب الوطنية والدين الهُــوِيَّة اليمنية الإيمانية.
وما نراه اليوم وبعد مرور ستة أعوام من الحرب السعودية الأمريكية على اليمن ليس بغريبٍ عن أُولئك المرتزِقة الذين آثروا مصلحةَ الباطل السعودي الأمريكي على شعبهم وأبناء جِلدتهم، ومهما كانت دواعي الارتماء هذا فلن نجدَ لهم عُذراً واحداً يجيز تحالفهم مع قوى العدوان الذي تقوده أمريكا وإسرائيل وأدواتهم في الخليج الذين رهنوا أمنهم وأمانهم وتقدّم مستقبلهم ورُقيِّهم على من هم أشد عداوة للذين آمنوا، على من لا يرقب في مؤمنٍ إلًّا ولا ذمة من ضُربت عليهم الذلة والمسكنة من يعضون علينا أصابع الندم من الغيظ.
هو أمر حتمي لا بُدّ منه فمتى ما تخلّت الأُمَّــة عن نصرة وقول الحق فَـإنَّها قد تجد نفسها في بحر الباطل؛ لأَنَّه وكما يقول سبحانه وتعالى:
(فَذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ، فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ، فَأَنَّى تُصْرَفُونَ).
حتى وإن فضّلنا الصمت والقعود عن نصرة الحق والقول به فَـإنَّنا سنكون أقرب ما ننجر إلى الباطل مرغمين نُساق كقطعان المواشي والأغنام، حَيثُ وجّهها صاحبها.
وهنا قد تتعرض لغضب الله وستخسر دينها وإن تظاهرت به حتى وإن حجّت وصامت وقامت وصلّت فهي تتعبد الله على معصية ما لم ترحم نفسها وتغيّر من واقعها المخزي لتقول للحق حقاً وللباطل باطلاً، وإلا فهي معرّضة لغضب الله وخزي في الدنيا وإهانات تتلقاها ممن تتولاه وطبعّت معه، وانتظروا المستقبل والأحداث والحقائق التي ستُكشف مع مرور الزمن وإن طال؛ لأَنَّه ومتى ما استغنى الأعداء عن عملائهم ومتى ما وجدوا عملاءَ آخرين فقد يقومون بتصفية الأذناب مهما كان ولاؤهم وعطف حنانهم ونفطهم.
إن سكوتَ أهل الحق عن حقهم كما قال الإمام علي عليه السلام: حين سكت أهلُ الحق عن الباطل توهّم أهلُ الباطل أنهم على حق.
ولهذا كُـلُّ شخص يضعُ نفسَه حَيثُ يريد، حَيثُ المكانة التي تليقُ به، إمّا في القمة أَو في القاع، ولهُ أن يختار الأفضل ليعيشَ السعادة في الدنيا والآخرة من خلال طريق الحق وعدم التعرج نحو الباطل الذي يهوي بصاحبه إلى قعر جهنم وبئس المصير والخلود الدائم.