عملية «جيزان» رسائل ودلالات … والقادم أعظم
تقارير ||
ملحمة أسطورية دراماتيكية يمنية تضاف إلى رصيد واسع من الملاحم السابقة التي سطرها أبطال الجيش واللجان الشعبية خلال سبعة أعوام من العدوان على اليمن في عدد من الجبهات، وجسدوها كذلك في ذهنية المتابعين والمحلليين والخبراء العسكريين والرأي العام المحلي والدولي، والتي كشفت فيها وهن وضعف جيش الكبسة تم تصنيفه الجيش السادس عالميا، مقابل القدرة الفائقة والتكتيك والصلابة والحنكة التي يتمتع به أبطال الجيش واللجان رغم الفارق الكبير في العدة والعتاد والإمكانيات.
هذه العملية النوعية والجديدة والواسعة في العمق السعودي، نفذها أبطال الجيش واللجان الشعبية في محور جيزان على الحدود الجنوبية لمملكة العهر، أواخر الأسبوع الفائت من ثلاثة مسارات قتالية، وفي زمن قياسي لا يتجاوز أثنتي عشرة ساعة، تم خلالها السيطرة على 40 موقعا عسكريا سعوديا، وقتل وإصابة أكثر من 200 شخصا من قوات العدو السعودي ومرتزقتهم السودانيين واليمنيين، وإحراق 60 مدرعة وآلية عسكرية سعودية، فضلا عن أسْر عدد من الجنود السعوديين والسودانيين، واغتنام كمّيات كبيرة من الأسلحة الخفيفة والمتوسّطة.
وكان لعملية «محور جيزان»النوعية أثر كبير وأهمية عظيمة في تغيير معادلة الردع الإستراتيجية والانتقال من الدفاع إلى الهجوم في العمق السعودي، وحملت الكثير من الرسائل والدلالات، لعل من أهمها: أنها أظهرت المهارات القتالية الإحترافية والروح المعنوية الإيمانية العالية التي يتمتع بها أبطال الجيش واللجان الشعبية، والقدرة الفائقة في تغيير المعادلات العسكرية على الأرض.
كما جسدت هذه العملية النوعية دقة التكتيك والتخطيط المدروس والبارع لأبطال الجيش واللجان، والمستوى المتقدم الذي ظهروا به أثناء تنفيذ هذه العملية الكبيرة، التي لم تكن في مخيلة العدو، وكيف استطاع أبطال الجيش واللجان الشعبية اجتياز السياج الحدودي والأسلاك الشائكة ومناطق الألغام، ومباغتة العدو في مواقعه ومراكز تحصنه والسيطرة عليها بعد قتل العشرات من قواته وفرار، وانتحار من تبقى منهم بشكل مروع وسقوطهم من منحدرات شاهقة.
إلى ذلك فإن هذه العملية قد كشفت مدى وهن وضعف جيش الكبسة السعودي، رغم الفارق الكبير في العتاد والعدّة، حيث أوضحت تلك المشاهد التي وثّقها الإعلام الحربي بالصوت والصورة، فرار العشرات من الضبّاط والجنود السعوديين من مواقع عسكرية حاكمة، أمام المقاتل اليمني.
كما أوضحت العملية الفشل الذريع والمدوي والمخزي للغطاء الجوي الكثيف لطيران العدوان في إيقاف تقدم أبطال الجيش واللجان الشعبية، وإحراقهم المدرعات والأطقم السعودية والفرار الجماعي لمقاتلي السعودية ومرتزقتهم من مواقعهم العسكرية.
وأبرزت تلك المشاهد حالة الرعب والتخبط التي سيطرت على الجيش السعودي (جيش الكبسة) إثر وقع ضربات أبطالنا المغاوير، حيث بيّنت المشاهد لجوء أعداد كبيرة من القوات السعودية إلى الانتحار الجماعي من منحدرات جبلية، في مشهد صدم الرأي العام السعودي الذي يواجه سياسة تعتيم إعلامية من قِبَل النظام في الرياض في ما يتعلّق بأداء جيشه في المعارك.
وكما يرى محللون عسكريون، فإن هذه العملية قد أظهرت: غباء السعودية في عدم استفادتها من تجربتها المريرة خلال عدوانها على اليمن رغم ما حشدته من إمكانياتها الهائلة وثرواتها الضخمة، وإصرارها على مواصلة العدوان واحتلال جزء من الأراضي اليمنية.
وتعتبر هذه العملية رسالة لقوى العدوان، مفادها: أن استمرار رفضها التجاوب مع مطلب وقف العدوان والحصار، وإصرارها على استخدام الملفّ الإنساني كورقة للمقايضة، غير وارد في اليمن، كما قالها السيد القائد عبدالملك الحوثي (يحفظه الله)، كما هي كذلك رسالة أخرى للرياض بأن المعركة البديلة لمأرب لن تكون داخل الأراضي اليمنية، بل في العمق السعودي، وأن بإمكان القوات اليمنية أن تُسقط مدناً سعودية تحت سيطرتها وتُجبر الرياض على وقف العدوان ورفع الحصار وسحب كلّ القوات الأجنبية من الأراضي والمياه اليمنية.
كما تؤكد هذه العمليات النوعية والمستمرة في التطور والتصاعد على كافة الأطر والمستويات، أن عامل الزمن وطول أمد العدوان، يزيد من تضاعف القدرات العسكرية اليمنية وتطوريها وتناميها، الأمر الذي سيمثل المزيد من المخاطر التي ستتعرض لها دول العدوان امنيا واقتصاديا، ولن تستطيع تحمل نتائجها واطراد عملياتها، والقادم أعظم.
وكان عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي، قد حذر في تصريح له على شاشة قناة الميادين، مملكة العهر من ضربات موجعة وكبيرة، مشيرا إلى إن عملية جيزان لم تدخل بعد مرحلة الوجع الكبير، وما لم يتحقق السلام ستمتد العمليات أوسع وأكبر في العمق، وسيكون الرد أقسى مما هو حاصل، وإذا لم يتوقف العدوان سنصيب المملكة بالشلل التام والإفلاس المادي.
ختاما على السعودية استيعاب الدروس، وأخذ العبرة والعظة، وأن تستفيق من السبات والوهم الذي تعيشه، وأن تدرك أن التهديد بات حقيقة متجسّدة بحرب استنزاف تأخذ أكثر من طابع، ومحصلتها في المدى المنظور تآكل أرض المملكة وتهاوي سمعة جيشها، والقادم أشد وأنكى، وعلى الباغي تدور الدوائر، «وعلى الله فليتوكل المؤمنون».