تخاريف الحدث الأكبر

‏موقع أنصار الله || مقالات || أحمد يحيى الديلمي

لا يزال الإعلام المأجور يتخبط في كل ما يفصح عنه وهو يتابع الأحداث المرافقة للعدوان الهمجي الجائر وما يتصل به من حصار ظالم، في نهاية المطاف ها هو وعلى مدى ثلاثة أيام يحتفي بالمبعوث الأممي السويدي الجديد، بأسلوب خبيث يعتمد على تسييس المضمون، بتحميل طرف واحد كل تبعات ما يجري، أخيراً قامت قناة الحدث الأكبر – صانكم الله – بإجراء استفتاء عن مستقبل المبعوث الأممي الجديد وهل سيفشل أم سينجح؟! كانت النتيجة صادمة إذ قال 89% ممن شملهم الاستفتاء إن الرجل سيفشل فشلاً ذريعاً، بينما أعلن 11% ما يشبه التفاؤل ، لم يسلموا بشيء اسمه النجاح ، وكم كنت أتمنى لو أن هذه النافذة المسماة الحدث الأكبر سألت نفسها عن أسباب هذا التدني في التفاؤل ، لكانت الإجابة واضحة مفادها بأن الإعلام المأجور أسهم بما يساوي 60% من الانتكاسة لأنه دائماً يتخبط ويُعلن عن محتويات هزيلة بسياق سياسي موجه يقلب الحقائق رأساً على عقب ، وهذا هو حال الأعداء الذين يحاولون أن يُعيدوا عقارب الساعة إلى الوراء .

على مدى سبع سنوات وهم يرددون نفس الأسطوانة المشروخة عن دور إيران وما شابه ذلك ، وهم على يقين أنه لا أساس من الصحة لما يرددونه، لكنها مجرد أكاذيب وخزعبلات يحاولون من خلالها تبرير هذا العدوان الهمجي الشرس ، قال أحد المواطنين وهو مواطن عادي: لماذا لا يوجه السؤال من قبل القناة إلى السعوديين أنفسهم؟!.. فهم سبب فشل كل المبعوثين الموفدين من الأمم المتحدة ، وليتهم كانوا يتصرفون بإرادة ذاتية لكنها توجيهات الإدارة الأمريكية فهي التي تخطط لكل شيء وترسم كل شيء بعناية علها تصل إلى الغاية التي من أجلها قامت بالعدوان الشرس على اليمن ، من أول طلقة حتى القرار الأخير الذي قضى بزيادة سعر الدولار للتعرفة الجمركية الذي جاء ضمن الحرب الاقتصادية الشرسة التي أعلن عنها قديماً السفير الأمريكي فرستاين، عندما أكد أن الحرب الاقتصادية من قبل أمريكا ستصل إلى حد أن يتدنى سعر الريال اليمني بحيث لا تساوي قيمته قيمة الحبر الذي طبع به ، هذا الكلام نقوله للذين يسخرون عندما نوجه الاتهام لأمريكا ليدركوا فعلاً أنها صاحبة الأمر والنهي في هذا الجانب ، وهذا يعود إلى أن حكومة صنعاء عرفت ما يدور خلف الكواليس وتقرأ بعناية دائماً المسار المستدام لدعوات التفاوض وما يرافقها من عروض الموفدين الأممي والأمريكي ، ويتضح لها أن ما يجري كله مجرد مناورات وخداع وضحك على الذقون ، فهذه الحكومة الوطنية تستمد إرادة القرار من الشعب لا تقبل الإملاءات من أحد وترفض بشكل قاطع أي حلول جزئية تمس السيادة والاستقلال ، وكما قال قائد المسيرة في كلمته الأخيرة (إننا نبحث عن سلام حقيقي يبدأ برفع الحصار الاقتصادي الجائر وإيقاف إطلاق النار في كل جبهات القتال ، بعدها يتم التفاوض على مستقبل الوطن)، وبالعودة إلى كلام ذلك المواطن البريء حيث أضاف: مع من نتفاوض؟! أي تفاوض لا بد أن يكون مع السعودية وأمريكا ، أما الدنبوع فإنه مثل البائع ديناً لا علاقة له بما يجري وكذلك من اصطفوا معه من العملاء والمرتزقة، حيث أفصح عن هذا الأمر بنفسه وقال إن السعودية شنت العدوان على اليمن دون علمه ، هذا ما قاله لإحدى القنوات وهو في طريقه إلى السعودية ، فلقد ابتسم ورد على سؤال المذيع قائلاً : نحن عرفنا مؤخراً أن السعودية بدأت الهجوم ، كان هذا الكلام وهو في عُمان ، إذاً ما يتحدثون عنه من شرعية لا أساس له من الصحة ولا وجود لهذه الشرعية إلا في أذهان آل سعود الذين يحاولون أن يعيدوا عقارب الساعة إلى الوراء، ويعيدوا اليمن إلى بيت الطاعة – كما كانت في الماضي – وهذا أمر مستحيل لا يمكن أن تعود عقارب الساعة إلى الوراء، فلقد انتهى زمن الوصاية والخنوع والذل والمهانة وتوارت تماماً ثقافة الإذعان والاندفاع الطوعي لأصحاب النفوذ والسيطرة والقوة بمعناهما المادي والعسكري ، لا يمكن أن تعود اليمن إلى بيت الطاعة كما كانت ، فلقد خرجت من بوتقة الذل والهوان وأصبحت تمتلك الإرادة والسيادة وتنعم باستقلال حقيقي بفضل تضحيات الشهداء الأبطال الذين رووا بدمائهم الوديان والسهول والجبال ولا يزالون يلقنون الأعداء أشد الدروس فتكاً وأعظمها قدرة ، فهم مصدر الإرادة والقوة بعد الله سبحانه وتعالى ، ومنهم نستمد قوة الإرادة والقرار المستقل غير الخاضع للوصاية والإملاءات الخارجية وغير المرتهن للبرجماتية المجردة من القيم والأخلاق ، لكنه قرار مُتسم بالصدق والموضوعية ملتزم بالانتماء الصادق للوطن والوفاء لتضحيات الشهداء وسواءً أفلح المبعوث السويدي أم لم يُفلح فالأمر بالنسبة لنا لا يختلف ، فلقد أصبحنا على مشارف النصر إن شاء الله ، وكل الجبهات مستعدة لأطول حرب في التاريخ الإنساني، وهذا ما يجب أن يقرأه آل سعود ومن قبلهم خبراء التخطيط الاستراتيجي في البنتاغون أو بريطانيا ، مهما أتقنوا في التخطيط ووضع البرامج فإنها مجرد هرطقات ستنتهي إلى لا شيء في ظل الصمود الأسطوري لشباب هذا الوطن الذين يعتبرون أن ما قاموا به حتى الآن لا يمثل إلا البداية، وعلى كل من يقترب من الملف اليمني أن يقرأ هذه التفاصيل بإتقان حتى يعرف المدخل الحقيقي لصناعة السلام ، أما الهرطقات والمبادرات الزائفة المحتوية على مقاصد خبيثة فإنها مكشوفة لكل ذي بصيرة ولا يمكن أن تؤثر في المسار الوطني الذي يتعاظم إيقاعه كل يوم ليؤكد للقاصي والداني أن اليمنيين عقدوا العزم على امتلاك الإرادة الذاتية وضمان السيادة والاستقلال مهما عظم الثمن وكبرت التضحيات، وهذه هي رسالة كل يمني شريف لاقى مرارة زمن الوصاية والفرض والسيطرة من قبل الآخرين ، فلقد ترسخت في الأذهان ومن الصعب أن تنمحي تفاصيلها خاصة أننا في اليمن نعرف قيمة أنفسنا وقيمة أرضنا وما نمتلكه ومستعدون لكي نعيش على حد الكفاف طالما أننا نمتلك الإرادة والسيادة والاستقلال .

وأختم بهذه المقولة للإمام يحيى محمد حميد الدين -رحمه الله- قالها للمؤرخ العربي المشهور أمين الريحاني، الذي نشرها في كتاب ” ملوك العرب ” حيث قال: (مدحنا بما ليس فينا.. ذم لنا) أرجو أن تصل الرسالة وأن يفهم هذه الحكمة كل من قرأها.. والله من وراء القصد..

قد يعجبك ايضا