الذكرى السنوية للثورة الحسينية
موقع أنصار الله || مقالات ||محمد موسى المعافى
يحل علينا يوم العاشر من محرم وفيه ذكرى استشهاد الإمام الحسين بن علي-عليهما السلام- سبط رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، وإن كانت هذه الذكرى ذكرى أليمة وحزينة وذكرى لفاجعة موجعة إلَّا أنها ذكرى نستلهم منها كيف نصدع بالحق في وجه الباطل دون أن نحسب أي حساب لما قد يترتب على ذلك من أضرار قد تصيبنا من الطاغوت.
عندما انحرفت الأُمَّــة وابتعدت عن الهدى وصلت لمستوى أن تقبل بأن يليَ أمرَها فاسقٌ كيزيد بن معاوية بن أبي سفيان المعروف بفسقه وفجوره، الإمام الحسين لم يقبل أبداً بالبيعة ليزيد ولم يقبل بالخنوع والسكوت والجمود؛ لأَنَّه يدرك مدى خطورة ذلك، كان إيمانه، وكانت عزته، وكانت قيمه، نفسيته العظيمة التي تشبعت بالإيمان بكل ما في الإيمان، وبالارتباط الوثيق بالله سبحانه وتعالى كانت تأبى له أن يسكت، أَو أن يخضع، أَو أن يستسلم، أَو أن يتقبل بهذا الواقع السيئ، وكانت مسؤوليته أن يتحَرّكَ من موقعه بالمسؤولية تجاه أُمَّـة جده تفرض عليه أَيْـضاً أوساط الأُمَّــة، وأن يناديَ بأعلى الصوت وبكل قوة بالموقف الحق، وأن يدعو الأمة إلى التحَرّك الصحيح لرفض كُـلّ ذلك الباطل السيئ، الذي يراد له أن يفرض عليها وأن يتحكم بها.
الإمام الحسين عليه السلام تحَرّك عن وعي وَبصيرة وَقناعة راسخة تحَرّك بحركة القرآن بما يمليه عليه القرآن وبما تمليه عليه هويته الإيمانية وارتباطه الوثيق وبما تفرضه عليه المسؤولية تحَرّك بكل عز وبكل إباء وبكل شموخ وهو يقول: يزيد فاسق فاجر شارب الخمر قاتل النفس المحرمة معلن بالفسق والفجور ومثلي لا يبايع مثله.
خرج الحسين صادعاً بالحق، مواجهاً للطاغوت آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر.
كان عليه السلام يرى قوة العدوّ البشرية وَالمادية ويرى وحشية عدوه وإجرامه وصلفه وبغيه.
كان عليه السلام يرى أصحابه وهم يستشهدون الواحد تلو الآخر ويرى أبناءَه وهم يفارقونه ويرحلون عنه شهداء أمام ناظريه بل ويذبحون بين يديه.
كان عليه السلام يعيش ويرى المأساة التي وصل إليها أهل بيته وأصحابه ومن معهم، كان عليه السلام يسمع صرخات الأطفال وآهات النساء، منع عنهم الماء، وحاصرهم الأشقياء وعاشوا الوجع والعناء، وتخلى عنهم الجميع وتركوهم وحيدين في كربلاء، أمام ناظرَيه عليه السلام كانت تتطاير الرؤوس وتسفك الدماء ويستشهد خيرة أصحابه ويشتد البلاء.
ولكن كُـلّ ذلك لم يزد الإمام الحسين عليه السلام إلَّا ثباتاً وصموداً وقوةً وظل رافعاً لشعاره المنطلق من وعيه وإيمانه (هيهات منا الذلة يأبى لنا الله ورسوله والمؤمنون وأنوف أبيه ونفوس حمية من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام) فموقف الإمام الحسين عليه السلام وثورته وحركته هي بمثابة قبلة يجب أن تتجه إليها النفوس المؤمنة الغيورة لترفض الظلم والقهر والاستبداد في أي شكل من الأشكال ومن أية جهة كان.
على نهج الحسين وخطه ودربه وبموقفه ورؤيته يجب أن يتحَرّك المؤمنون حتى يحظوا بالعزة والكرامة والحرية.