“البيوت الإبراهيمية”؛ حرب أمريكية ناعمة لتغيير هوية الشباب اليمني؟
|| صحافة ||
يوما بعد يوم تتكشف جوانب من المخطط الامريكي – الاسرائيلي – السعودي – الاماراتي، الذي يتم تنفيذه ضد اليمن منذ اكثر من 7 سنوات، بدءا من الحرب العدوانية ومرورا بالحصار والتجويع وإنتهاء بـ”البيوت الابراهيمية”. ورغم ان جميع جوانب هذا المخطط، العسكرية والامنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، تتم بتمويل سعودي إماراتي خالص، الا ان الجوانب الاكثر تعقيدا، تقع على عاتق امريكا واسرائيل. إن السعودية والامارات، وبمشاركة أمريكية وإسرائيلية، نفذتا الجانب الخاص بهما في المخطط، وهو هدم اليمن، وبنيته التحتية، ومحاصرة شعبه وتجويعه، واغراقه بالامراض والاوبئة، وفي حال لم يحقق هذا الجانب اهدافه، وفي مقدمتها اخضاع الشعب اليمني وتركيعه، ودفعه للتطبيع مع اسرائيل، يتم الانتقال الى الخطة “ب” من المؤامرة الامريكية الاسرائيلية، ضد الشعب اليمني، وهذه الخطة تتمحور في هدم الانسان اليمني نفسه، وهذه الخطة، هي من مسؤولية امريكا واسرائيل وان كانت بتمويل سعودي اماراتي.
إن مخطط هدم الانسان اليمني، مخطط خبيث في غاية الخطورة، كشفت عن جوانب منه السفارة الامريكية في اليمن، بعد أن دعت، وتحت يافطة العمل على تعريف الشباب اليمني بمعتقدات وديانات الاخرين، عبر استقطاب الشباب من الجنسين، للعيش في منازل خاصة. اللافت أن منشور السفارة الامريكية اطلق على الاماكن التي سيعيش فيها الشباب من الجنسين، بـ”البيوت الإبراهيمية”، ويبدو الاسم شبيهاً باتفاقات “تطبيع إبراهام”، والذي أقدمت عليه الإمارات، والبحرين أخيرا مع دولة الاحتلال الإسرائيلي. وقالت السفارة الأمريكية، إنها ستمنح للشباب البالغين من مختلف الأديان، زمالة للعيش في منزل مدعوم بالإيجار، وذلك للسعي لمعرفة المزيد عن المعتقدات الدينية للشباب الساكنين في تلك البيوت خلال ذهابهم لحياتهم اليومية. ولا يحتاج المرء لكثير من الذكاء كي يكتشف الاسباب التي تقف وراء هذه الدعوة المشبوهة، والتي ظاهرها التعارف والتسامح، وباطنها الانحلال والرذيلة، وهدفها النهائي الترويج للتطبيع والتبشير والارتداد عن الإسلام، بعد ان أثبت الانسان اليمني قدرة خارقة على تحدي الصعاب على مدى 7 سنوات من القتل والحصار والتجويع والتدمير، فكان لابد من هدمه هو لا هدم بيته.
إن الانسان اليمني الذي تحدى المستحيل، خلال السنوات السبع الماضية، لهو قادر على تحدي هذه “البيوت الابراهيمية”، والمخططات والجهات التي تقف وراءها، فليس هناك بين العرب من هو اوفى من اليمنيين للقضية الفلسطينية، ففي الوقت الذي تخلى عنهم كل العرب، في محنة العدوان والحصار، الا انهم رغم كل ذلك ، لا تمر مناسبة الا واكدوا من خلالها بتمسكهم بالقضية الفلسطينية، ورفضهم المطلق للتطبيع والتبعية والهيمنة. الجدير بالذكر أن السفارة الأمريكية نشرت على حسابها الرسمي، بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، تعريفًا عن نشاط جديد برعايتها، يهدف استقطاب الشباب البالغين من الجنسين، للعيش في منازل خاصة، من أجل التعارف على الأفكار والمعتقدات، بحسب تعبيرها. وقالت السفارة، في منشورها: ” في البيوت الابراهيمية، حيث يمنح الشباب البالغين من مختلف الاديان زمالة للعيش في منزل مدعوم للايجار للسعي لمعرفة المزيد عن المعتقدات الدينية لبعضهم البعض اثناء ذهابهم الى حياتهم اليومية”.
حيث اعتبر ناشطون، ترويج السفارة الأمريكية، لأفكار دخيلة على المجتمع، خطوة خطيرة تهدف ضرب قيمه وثوابته، تزامنًا مع انتشار مئات المنظمات العاملة في البلاد، والتي تكشف عن أهداف لا علاقة لها بالوضع الإنساني. وهنا تُطرح تساؤلات حول غاية الأمريكيين من دعم مثل تلك الزمالة “الإبراهيمية”، في وقتٍ يحتاج اليمنيون إلى دعمٍ لوقف الحرب، وإعادة الإعمار، ووقف العدوان السعودي، هذا عدا عن حالة الاختلاط المشبوه بين الجنسين، والتي أثارت حفيظة نشطاء يمنيين محافظين، واعتبروها دخيلة على المجتمع اليمني. وتدافع أصوات بدورها عن الفكرة، من باب التسامح الديني، والتعرف على الأديان المختلفة، لكن التسهيلات الممنوحة لمثل تلك المنازل، وفي دول دمرتها الحرب، يقول منتقدون قد لا تحمل أهدافاً نبيلة، بقدر ما تحمل ترويجًا لأفكار مثل التطبيع بخلفية التعرف على اليهودية، أو التبشيرية المسيحية بهدف الردة عن الإسلام، خاصةً إن كان الذين يجري استهدافهم من خلفيات أقل حظاً، وفقرًا، ويبحثون عن الفرص في دول فاشلة، واليمن نموذجاً.
إن فكرة البيوت الإبراهيمية تم تطبيقها في الولايات المتحدة الأمريكية أواخر العام 2019، وهي عبارة عن زمالة مفتوحة أمام الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 21و35، لكن هذه التجربة قد تكون أوسع، وذات اختيارات أعمق من قبل المشاركين من أديان مختلفة الذين لديهم فرص أكبر ويقطنون في بلد لا تمزقه الحرب، حيث يخضعون لعملية إعداد وتحضيرات مكثفة قبل استضافة المناقشات والفعاليات المشتركة بين الأديان. إن صاحب الفكرة “محمد السماوي” المولود في اليمن، قد تكون فكرته تسامحية للتعايش مع الأديان السماوية، واحتفاظ كل شخص بدينه خلال تعرفه على الآخرين، لكن بكل حال اهتمام السفارة الأمريكية في نقل الفكرة لليمن، هو موضع التساؤل، على الأقل المغردين المعادين لسياسات أمريكا يرون ذلك، ويحذرون من نواياها، فما من بلد دخلته أمريكا إلا وأفسدته، والأمثلة كثيرة.
وفي الختام يمكن القول أنه من المؤشرات التي تؤكد أن التحالف الصهيوأمريكي متجه لتبني الحرب الناعمة التدميرية هي تنامي الظواهر التي تسلك باتجاه تحقيق أهدافهم كمحاولة ادخال كيانات غريبة عن الشعب اليمني مثلما يمسيه الإعلام الأمريكي “البيوت الإبراهيمية” على مستوى الطوائف التي يتم تسويقها من الجانب الديني أما على المستويات الأخرى فقد كشفت الجهات الأمنية عن شبكات للمخدرات وشبكات دعارة وشبكات للسرقة المنظمة .ولا نستبعد أن هناك شبكات للخلخلة من الداخل وخلق قضايا مثيرة للرأي العام بين فينة وأخرى بالتزامن مع استهداف إعلامي منظم لـ”أنصار الله” يتم شيطنتهم واعتبارهم فاسدين ورعاة فساد وما إلى ذلك من الأساليب الشيطانية التي هي بدون شك ذات بصمات صهيوأمريكية. إن على أحرار الشعب اليمني أن يتحلوا بالبصيرة والوعي والجهاد على كل المستويات ومثلما كان لهم المواقف المشرفة والعظيمة في الميدان العسكري فيجب أن يكون لهم مواقف حازمة ومشرفة أمام استهداف أعداءهم لهويتهم الإيمانية ولروحيتهم الجهادية وزكاء وطهارة نفوسهم .إن هذه الحرب هي حرب ساخنة ومستمرة وبوسائل متنوعة ويجب أن يكون هناك مواجهة ساخنة وبوعي عال وبصيرة نافذة وأي خطأ فيها له تأثير لا يقل عن تأثير الهزيمة العسكرية في أي جبهة من الجبهات.
الوقت التحليلي