بالمعلومات والوثائق.. عناصر “القاعدة” خط الدفاع الأول للعدوان وأدواته: مأرب أنموذج

|| صحافة ||

مع استمرارِ التنظيمات الإجرامية “داعش والقاعدة” في التغلغُلِ في أوساطِ عددٍ من بلدان العالم العربي والإسلامي، توالت خلال السنوات الماضية الحقائقُ والأدلةُ التي تثبت ارتباطَها ارتباطاً وثيقاً بالولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها وعملائها في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما جعل واشنطن والرياض وأبوظبي والدوحة في مقدمة البلدان المتورطة في دعم التنظيمات التكفيرية وارتكابها جرائم الإبادة الجماعية خدمةً لأهداف استعمارية أمريكية تجسدت بشكل واضح في العراق وسوريا، ومع حلول العدوان على اليمن منذ فجر الـ 26 من مارس العام 2015م، خرجت إلى العلن العلاقة بين “القاعدة” وداعش من جهة، وبين دول العدوان من جهة أُخرى، وذلك بعد سنوات من العمل الجماعي بينهم أفرزت تسليم عدد من المناطق والمحافظات للتنظيمات التكفيرية في سلسلة صفقات سرية، غير أن تلك العلاقةَ زادت متانةً بعد مشاركة “القاعدة” وداعش إلى جانب دول العدوان ومرتزِقتها في القتال ضد مقاتلي الجيش واللجان الشعبيّة في عدد من جبهات القتال شمالاً وجنوباً.

وفي هذا التقرير تورد صحيفة “المسيرة” جانب الارتباط والتنسيق العسكري بين داعش و”القاعدة” ودول العدوان على اليمن، بحسب معلومات خَاصَّة حصلت عليها الصحيفة من عدة مصادر متخصصة، في حين تستعرض في سلسلة حلقات قادمة، الجوانب الأُخرى من العلاقة الوثيقة بين التكفيريين وواشنطن والرياض وأبوظبي خلال فترة عملهم الجماعي في العدوان على اليمن، وتجدر الإشارة إلى أن العلاقة بين عناصر التنظيمات الإجرامية من جهة وبين دول العدوان ومرتزِقتها من جهة أُخرى، تظهر من خلال أوجُهٍ كثيرة أهمُّها التنسيقُ والتعاوُنُ في المجالات العسكرية والأمنية والاستخبارية، ويعتبر التنسيق العسكري هو الأكبر والأوسع، كما أن التنسيق في المجالات الأُخرى يخدم بصورة أكبر التنسيق العسكري، وهو ما يمكن التطرق إليه في هذه الحلقة وسلسلة الحلقات القادمة، في حين تستعرض الصحيفة أماكنَ تجنيد العدوان وأدواته للتكفيريين في مأرب ومراكز تدريبهم ومهماتهم الموكلة إليهم.

 

تنسيق عسكري مبكر وتجنيد واضح للقتال:

عملت دول العدان على اليمن على استخدام عناصر تنظيم “القاعدة” والتنسيق معها عسكريًّا من خلال عدد من المجالات، حتى صارت العناصر التكفيرية أبرز الأذرع المرتزِقة التي تعمل لصالح دول العدوان، على غرار باقي فصائل المرتزِقة بمختلف تشكيلاتها وأشكالها، دون لجوء دول العدوان إلى التغطية على العلاقة المفضوحة، بل تمادت وأعلنت الدعم الصريح لها في عدة مرات خلال المعارك المحتدمة بين أبطال الجيش واللجان الشعبيّة من جهة والتنظيمات الإجرامية من جهة أُخرى، لا سيما في البيضاء ومأرب وعدن وعدة مناطقَ أُخرى.

وبحسب المصادر الخَاصَّة التي حصلت عليها صحيفة المسيرة، فقد قامت دول العدوان على اليمن وفصائل مرتزِقتها بالتنسيق المبكر مع تنظيم “القاعدة” لمساندتهم في القتال ضد قوات الجيش اليمني واللجان الشعبيّة، وقد أعلن التنظيم على لسان المدعو خالد عمر سعيد باطرفي (الأمير الحالي للتنظيم في جزيرة العرب) في منتصف شهر يونيو من العام2015م عن مشاركته مع من أسماهم “إخواننا المسلمين في اليمن” في القتال ضد قوات الجيش اليمني واللجان الشعبيّة في عدد”11″ جبهة ضمن قوات تحالف العدوان ومرتزِقته، كما تحدث الزعيم السابق للتنظيم في جزيرة العرب الصريع قاسم الريمي، في مقابلة صحفية أجرتها معه ما تسمى مؤسّسة الملاحم نهاية شهر إبريل من العام2017م، أن المشاركة في القتال ضد الجيش اليمني واللجان الشعبيّة يمثل مرتعاً خصباً لتجنيد عناصر جديدة وضمهم إلى صفوف التنظيم.

وتوضح المصادر أن تنظيم “القاعدة” يشارك في القتال في الجبهات من خلال شكلين، الشكل الأول: قيام تنظيم “القاعدة” بالقتال في (جبهة مستقلة ومنفردة عن قوات تحالف العدوان على اليمن ومرتزِقته) أَو (ضمن تشكيلات العناصر الوهَّـابية “السلفية المتشدّدة”) وهذه الجبهات في (البيضاء -تعز -الحدود اليمنية السعوديّة “جبهة علب”)، حَيثُ تقدّم دول العدوان على اليمن وعلى وجه الخصوص السعوديّة الدعم المالي واللوجستي الكامل لعناصر تنظيم “القاعدة” في هذه الجبهات، ووصل الأمر إلى تعيين قيادات تابعة للتنظيم كقادة لبعض الجبهات وإنشاء ألوية للبعض الآخر منهم، وغير ذلك مما سيتم الإشارة إلى تفاصيله في الفقرات التالية من التقرير.

أما الشكل الثاني: فقد تجسد في اشتراك عناصر من تنظيم “القاعدة” بالقتال إلى جانب تشكيلات تابعة لمرتزِقة العدوان في مختلف الجبهات مثل جبهات (لحج -الساحل الغربي -حجّـة -مأرب -الجوف -البيضاء) وغيرها، حَيثُ تشير إحصائيات مؤكّـدة أنه من بين كُـلّ ألف عنصر مرتزِق يوجد “50 -70” عنصراً من ذوي الفكر المتطرف ولهم ارتباطاتٌ وعلاقاتٌ مع تنظيم “القاعدة” أَو كانوا من عناصر التنظيم.

وفي سياق متصل، تورد المصادر لصحيفة المسيرة، أن هناك الكثير من الدلائل التي تؤكّـد مشاركة “القاعدة” إلى جانب العدوان، منها استخدام تحالف العدوان على اليمن ومرتزِقته لهذه الجماعات في معاركهم ضد قوات الجيش واللجان الشعبيّة، وقد كان المثال الأبرز على ذلك هو ما حصل في مدينة عدن خلال العام 2015م عندما شارك عناصر التنظيمين وبالأخص داعش في مواجهة الجيش واللجان الشعبيّة وعلى إثر ذلك تم تسليم تنظيم داعش مجموعة من أسرى الجيش واللجان الشعبيّة من مرتزِقة العدوان، وهذا يدل دلالة واضحة على مدى العلاقة بين التنظيم ومرتزِقة العدوان، حَيثُ نشر تنظيم داعش إصدارات مرئية بعنوان (أباة الضيم1، وتأثر الكماة، وسحق العداء) وظهر خلال المشاهد التي تم عرضها في هذه الإصدارات مشاركة عناصر التنظيم في المعارك الدائرة بمدينة عدن وهي ترتدي ملابسَ موحدة تشبه اللباس الأفغاني مع أقنعة ورايات سود، كما تضمنت الإصدارات مشاهد توضح وحشية هذه العناصر التي استخدمها تحالف العدوان على اليمن ومرتزِقته في عدن، حَيثُ ارتكبت هذه العناصر أبشع الجرائم والانتهاكات بحق أسرى الجيش اليمني واللجان الشعبيّة، وذلك من خلال تنفيذ إعدامات للأسرى بطرق بشعة للغاية (ذبح -سحل -سحق بالحجارة -تفجير أجساد الأسرى بقذائف وصواريخ -وضع الأسرى على قارب مفخخ وتفجيره -وغيرها).

وتشير المصادر والمعلومات التي حصلت عليها الصحيفة أن عناصر تنظيم “القاعدة” كانت أَيْـضاً قد شاركت في معارك عدن، وقد نشر التنظيمُ بتاريخ 19/10/2015م إصداراً مرئياً بعنوان (جانب من معارك المجاهدين بولاية عدن “أنصار الشريعة”) وظهر في المشاهد عناصر التنظيم وهم يقاتلون بداخل مدينة عدن وسيطرتهم حينها على مبنى جهاز الأمن السياسي في عدن، فضلاً عن إعلان وسائل إعلام العدوان على اليمن عن أن قيادات من قوات تحالف العدوان وما تسمى حكومة الشرعية في محافظة عدن أجرت مفاوضات مع قيادات من تنظيمي “القاعدة” وداعش منهم القياديان المدعو الصريع جلال محسن بلعيد المرقشي والمدعو خالد محمد علي عبد النبي اليزيدي، لمساومتهم على الخروج من المحافظة، إلا أن التنظيمَين كانا قد رفضا حينها هذا العرض؛ باعتبَار أن عناصرَهما هم من اشتركوا في مواجهة قوات الجيش واللجان الشعبيّة.

وتلفت المصادر إلى إعلان تنظيم “القاعدة” في شهر يونيو 2020م النفير العام نصرةً لمن أسموهم قبائل مراد في جبهة ماهلية بمحافظة البيضاء والقتال إلى جانبهم، فيما شاركت عناصر من تنظيم “القاعدة” في عمليات التصعيد التي قام بها تحالف العدوان على اليمن ومرتزِقته في جبهة نهم شمال العاصمة صنعاء لا سِـيَّـما في 2017م.

 

بالأسماء.. المدرجون في “قائمة الإرهاب” الأمريكية مجندون في صفوف العدوان بمأرب:

وبالحديث عن العلاقة العلنية بين التنظيمات الإجرامية وتحالف العدوان، توضح المعلومات التي حصلت عليها الصحيفة: أن أمير تنظيم “القاعدة” فيما تسمى ولاية مأرب المدعو غالب عبدالله الزايدي (أبو فواز الماربي -مدرج ضمن قائمة ما يسمى بالإرهاب لدى مجلس الأمن منذ العام 2017م) قد لقي حتفه مع عدد من عناصر تنظيم “القاعدة” في جبهة صرواح خلال العام 2018م أثناء مشاركتهم في القتال ضمن صفوف ما يسمى بالجيش الوطني التابع لتحالف العدوان على اليمن، علماً بأن مجاميع التنظيم التي كان يقودها المذكور كانت توكل إليها مهمة العمليات الهجومية، وكان يتم استدعائهم من قبل قيادات ما يسمى الجيش الوطني عند تنفيذ أي هجوم في جبهة صرواح للمشاركة فيها، فيما تشير الوثائق إلى أن المدعو الزايدي سبق وأن عقد لقاءات مع قيادات ما تسمى الشرعية وحزب التجمع اليمني للإصلاح في محافظة مأرب؛ بهَدفِ التنسيق فيما بينهم لتنفيذ أعمال مشتركة في جبهة صرواح، بما في ذلك اللقاء الذي تم في نهاية 2016م بمنطقة وادي عبيدة بمحافظة مأرب والذي جمع من يسمى محافظ محافظة مأرب المدعو سلطان العرادة والقيادي فيما تسمى حكومة الشرعية المدعو عبدالعزيز جباري، مع قيادات من تنظيم “القاعدة” وهم المدعو غالب عبدالله الزايدي “أبو فواز الماربي” والمدعو أبو يونس بن جلال، وتؤكّـد المعلومات أن تنظيم “القاعدة” قد طالب أثناء اللقاء من المرتزِق العرادة مبلغ”70″ مليون ريال يمني كتمويل حربي للتنظيم من عائدات الغاز، وقد قام المرتزِق العرادة بصرف المبلغ بطريقة سرية، وناقشوا أَيْـضاً وضع جبهات القتال ضد قوات الجيش واللجان الشعبيّة.

وتلفت المعلومات إلى انخراط المدعو محمد عبدالقوي الحميقاني (أبو الزبير -أحد قيادات تنظيم “القاعدة” في البيضاء-) ضمن قوات حكومة المرتزِقة ومنحه رتبة “عقيد” وتعيينه أركان حرب اللواء الخامس حماية رئاسية، الذي شارك بفاعلية في معارك جبهات محافظة مأرب عامةً وجبهة صرواح خَاصَّة، حتى وصل الأمر إلى تسمية إحدى التباب باسم المذكور “تبة الزبير”، ولا يزال اسم هذا الموقع قائماً حتى كتابة هذا التقرير، وهو ما يؤكّـد عدم تحفظ دول العدوان على إعلان العلاقة بالتنظيمات الإجرامية.

وبحسب مصادرَ عسكريةٍ ومعلومات حصلت عليها الصحيفة، فَـإنَّ العمليتين العسكريتين النوعيتين التي قام بهما الجيش واللجان الشعبيّة في جبهتَي الجوف ونهم، فرت على إثرها مجموعاتٌ من عناصر تنظيم “القاعدة” التي كانت متواجدة في هذه المناطق، لا سِـيَّـما في منطقتي رغوان والخسف –معسكر خميس عرفج “مسفر الجوفي”، وتوجّـهت إلى مأرب وبالتحديد منطقة الرويك، وتلقت توجيهات بمساندة ما يسمى الجيش الوطني التابع لتحالف العدوان في المعارك التي تدور في الجبهات المحيطة بمأرب، مع العلم أن منطقتي رغوان التوجّـه كانت مقراً لأغلب قيادات تنظيم “القاعدة” فيما يسمى مجلس شورى “القاعدة” ومركزها الإعلامي، وكذا مركز استقبال لعناصر “القاعدة” يتم فيه عقد دورات عسكرية خَاصَّة للتطبيق العملي، فيما تشير المعلومات إلى أن تلك العناصر تلقت توجيهات أنه في حال سقوط مدينة مأرب فعليهم التوجّـه إلى محافظة حضرموت.

ولفتت المصادر إلى أن المدعو أبا علي الديسي (أحد قيادات تنظيم “القاعدة” في الجانب الفكري) قام بتكليف المدعو عمرو الصبيحي والمدعو زرقاوي بالانتقال إلى محافظة مأرب للمشاركة في القتال مع عناصر تنظيم “القاعدة” هناك بقيادة المدعو أبو ناجي، الذي يقود عناصر “القاعدة” المشاركين في قوات المرتزِقة، بالإضافة إلى قيام قيادة تحالف العدوان وقيادات مما يسمى الجيش الوطني على رأسهم المدعو رداد مزارق الهاشمي (أحد القيادات الوهَّـابية “السلفية المتشدّدة” وقائد لواء الفتح الذي يضم عناصر متطرفة) بمطالبة عناصر تنظيم “القاعدة” في مأرب برفع كشف بأسمائهم ليتم النظر في احتياجاتهم وتجهيزهم للمشاركة في المعارك التي تدور حَـاليًّا على أبواب مدينة مأرب.

وتؤكّـد المصادر والمعلومات، أن العدوان قام بتشكيل ألوية في محافظة مأرب منها لواء الشدادي بقيادة المدعو حسن غالب الأجدع، حَيثُ أن قائد اللواء يعتبر من قيادات تنظيم “القاعدة”، وكذا اللواء الثالث مشاة جبلي بقيادة المدعو عبدالسلام الأسيدي، ويضم هذا اللواء العديد من عناصر التنظيم.

وفي استمرار المجاهرة في العلاقة بين التنظيمات الإجرامية وقياداتها المدرجة في قائمة “الإرهاب” الأمريكية، توضح المصادر والمعلومات أن المدعو خالد علي مبخوت العرادة شقيق المرتزِق سلطان العرادة أحد القيادات العسكرية ضمن تشكيلات ما يسمى الجيش الوطني التابعة للعدوان وأدواته، وأحد قيادات تنظيم “القاعدة” ويقوم بتقديم الدعم للتنظيم ويدير معسكرات تدريب لعناصر التنظيم منها (معسكر الميل -معسكر السحيل -معسكر اللجمة)، وقد تم إدراج المذكور من قبل وزارة الخزانة الأمريكية كأحد داعمي ما يسمى بـ”الإرهاب”؛ نظراً لتسهيله عمليات نقل أسلحة وأموال.

وتؤكّـد العديد من المعلومات التي كشفها جهاز الأمن والمخابرات، في وقت سابق عن العلاقة الكبيرة بين دول العدوان وعناصر “القاعدة”، في حين كشف أماكن تجمعاتها ومراكز تدريباتها والمعسكرات التي أنشأها العدوان لها في مأربَ وعدد من الجبهات الشرقية، وهو ما يؤكّـد التفوق الاستخباري لصنعاء، وفشل واشنطن في الحفاظ على أوراقها الكاملة، بعد انكشاف العديد منها عبر إعلانات التكفيريين وتبنيهم للمعارك –بوضوح– إلى جانب العدوان وأدواته.

يشار إلى أن هناك معلوماتٍ عدة وحصرية حصلت عليها الصحيفة تستعرضها في الحلقات القادمة، لاستكمال تناول التنسيق العسكري بين العدوان والعناصر الإجرامية.

 

صحيفة المسيرة

 

قد يعجبك ايضا