سياسةُ هدم التطبيقات الإسلامية

موقع أنصار الله || مقالات ||عبدالرحمن مراد

تُصِرُّ دولُ العدوان ومن بعدهم الصهيونية وأمريكا على سياسة هدم التطبيقات الاجتماعية، وقد اتسع نطاقُ نشاطها في وسائل التواصل الاجتماعي، وفي المناشط الثقافية والفنية وفي المهرجانات، ومن تابع الجدل الفني والثقافي الذي يدور اليوم في مصر يدرك أن رأسَمالٍ يتحَرّك في هذا الاتّجاه، فرجل الأعمال المصري نجيب ساويرس، يخوض جدلاً اليوم بشأن الفن الذي يفسد القيم والأخلاق وتقاليد المجتمعات العربية، وقد اتضح دوره في المهرجان السينمائي الذي نظمه وهو اليوم يؤكّـد الدور المشبوه الذي يقوم به في المجتمعات العربية على وجه العموم والمصري على وجه الخصوص.

سياسةُ هدم التطبيقات الإسلامية للمجتمعات العربية وتفكيك القناعات وإفساد الأجيال سياسة تضمنتها استراتيجية راند لعام 2007م والتي بدأ الاشتغال عليها منذ تفجرت أحداث الربيع العربي، وهي اليوم في مراحل بلوغ الغايات منها، بعد أن تم للغرب هدم النظام العام والطبيعي واستطاع تعويم المصطلحات والمفاهيم وعمل على تسطيح وعي الناشئة من خلال برامج مسابقات الفنون والشعر التي كانت تبثها الفضائيات فتترك أثراً تفاعلياً في عموم الشارع العربي من أقصاه إلى أقصاه وقد كنا في اليمن من أُولئك الذين ينبهرون بالشيء فيقومون بالترويج له على مستويات متعددة من باب العصبيات وافتتاناً بحالة الدهشة التي يحدها البرنامج في النفوس.

بلغ المستعمر غاياته ووصل إلى مراحل متقدمة، ونحن كأمة ننساق وراء الأشياء دون وعي، ودون إدراك لما يحدث، أَو قراءة للأثر المترتب على التفاعلات، ولم نستبن الرشد إلى يومنا المشهود، وهو يوم يشهد كُـلّ التفاعلات الثقافية التي تستهدف القيم وتقاليد المجتمعات الإسلامية وتطبيقاتها، فالمرأة المحافظة بدأت تخرج في بث مباشر على منصات التواصل الاجتماعي كي تتحدث عن تجاربها المخلة بالشرف ومغامراتها العاطفية في سابقة لم تكن معهودة في كثير من المجتمعات العربية.

ما يحدث في مجتمعاتنا العربية منذ بداية الألفية إلى اليوم ليست حرباً على الإرهاب ولا اضطرابات اجتماعية ولا ثورات ولا قلاقل وفتن بل حركة استهداف تدار من قبل الماسونية العالمية ومحافلها في بعض العواصم العربية تهدف إلى هدم التطبيقات الدينية لدى الشباب المسلم حتى لا يكون ارتباطه بالدين ارتباطاً قوياً ومتيناً بل يكون ارتباطاً هشاً وسطحيا حتى يسهل على العدوّ التغلغل إلى البناءات الثقافية فيحدث فيها تبدلاً وتغيراً ويمكن قياس ذلك على حركة التطبيع مع الكيان الصهيوني وننظر إلى الجدل الفكري حول هذه الفكرة في منصات التواصل الاجتماعي، وبالعودة إلى الماضي وإلى الموقف العربي الشعبي من التطبيع نجد موقفاً واحداً منه، الأمر الذي فرض نفسه على القرار السياسي العربي.

اليوم أصبح النص الشعري منفلتاً ومنساباً، وأصبحت الفنون بدون معايير أخلاقية، وأصبح الإيقاع الصاخب والفوضى من علامات الحداثة الفنية والأدبية، وأصبح المثقف الملتزم حالة غير مقبولة، وخرج المهرج والمجنون وصاحب الابتذال الثقافي والأخلاقي من قبوه فهو يملك من الأثر على الناس ما لا يملكه المثقف الملتزم، ولك أن تنظر إلى منصات التواصل الاجتماعي كي تخرج بتلك النتيجة.

المال الذي ينفق على المهرجين وأصحاب قنوات الفول الطعمية والاكلات الشعبيّة ليس مالاً مستحقاً لا صحابه بل هو مال يعرف ماذا يريد من الأُمَّــة العربية والإسلامية بدليل أن ذلك المال لا يمكن أن يصل إلى المثقف الملتزم أَو المثقف صاحب الرؤية والفكر الإنساني النبيل، ولذلك قد تجد عشرات القنوات في مصر مثلاً تروج لشهوات البطن والفرج ويتنافسون على ذلك وبمثل تلك الآلية استطاعوا حرف مسار الشباب وتركيز اهتمامه حول أشياء بعينها؛ لأَنَّها أكثر حضوراً وفاعلية وأكثر ربحاً وكسباً ماديا يعين على أسباب الوجود.

وفي المقابل تجد السياسات العامة للدول العربية تنشط في الترويج لمثل ذلك، ففي الإمارات هناك وزارة السعادة، وفي السعوديّة هناك هيئة الترفيه، وهكذا دواليك ينفق المال في مناشط الترفيه وتسطيح وعي المجتمعات ولن تجد مالاً للقضايا الفكرية والأدبية والثقافية الجوهرية كما كان يحدث زمن الحرب الباردة بين الشرق والغرب.

نحن اليوم في اليمن مطالبون بالوعي بالمعركة الثقافية التي يشنها الغرب على قيمنا وديننا وعاداتنا وتقاليدنا وعلى ثقافتنا وهُــوِيَّتنا الحضارية والثقافية والإيمَانية ومثل ذلك يتطلب تحريك الجبهة الثقافية في مستوياتها المتعددة لمواجهة العدوّ إلى جانب الجبهة العسكرية.

 

قد يعجبك ايضا