من وحي الشهادة والجهاد
موقع أنصار الله || مقالات || مطهر شرف الدين
هي الاستجابة لله ولأوامره وانقيادٌ له وحدَه لا شريك له، ومن أصدق من الله حديثاً في النهي والأمر والحث والوجوب على الحذر والصبر وَالتهيئة وَالجهاد وَالقتال والنفر؛ ليميزَ اللهُ الخبيثَ من الطيب ابتلاءً وتمحيصاً للمؤمنين الذين إن استجابوا وامتثلوا للتوجيهات الإلهية فقد فازوا وأفلحوا وإن تخلفوا وتثاقلوا فقد خابوا وخسروا.
والشهداء العظماء هم من حملوا روحيةَ الجهاد والاستشهاد تدبروا وتمعنوا في تفاصيل وعمق ودلالات الآيات الكريمات فانطلقوا للجهاد والقتال طاعةً وامتثالا لأوامر الله سبحانه.
هي الثقة المطلقة بالله والاعتماد والتوكل عليه وحده لا سواه، هي الاعتقاد والجزم واليقين بأن الله سبحانه هو الناصر والمؤيد لعبادهِ الذين إن تمسكوا بكتاب الله الكريم وارتبطوا بدين الله وتعلقوا بحبل الله المتين فلن يجدوا أمامهم إلا عوناً وتأييداً وَتمكيناً إلَهياً للمستضعفين في الأرض، ليس ذلك فحسب، بل أئمةٌ يقتدى بهم سيرةً وَفضيلةً وَقيماً وسمواً ورفعةً وعزة.
إذاً فالشهداء حازوا أسمى وأجل مراتب السيادة وَالكرامة والعزة، ونالوا حياةً أبديةً خالدة فيها الرزق الدائم والفرح والاستبشار والفوز العظيم والفضل والنعمةً والخيرات.
وهذا ما يقوله سبحانه وتعالى في الآية الكريمة: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ).
يا له وسامٍ إلهي عظيم وَسمُوٍّ وشرف كبير، ويا لها من مكارم وَفضائل، يا له من استبشار ووعدٍ إلهي صادق في ظرفٍ قياسي وفي كتابٍ أحاط وشمل قضايا الأُمَّــة المصيرية وأوجد السبُل الكفيلة بأن تكون الأُمَّــة عزيزةً كريمة وذلك بالجهاد والقتال ضد أعداء الله ورسوله والمؤمنين بإقامة دين الله وإعلاء كلمة الله لتكون هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى.
كل تلك المكرمات والفضائل والنعم التي ينالها الشهداء إنما هو نتيجة عطائهم اللامحدود وإحسانهم وتضحياتهم.
ولأنهم تاجروا مع الله تجارةً رابحة، ليست تجارةً مع رجال المال والأعمال ولا مع أئمة الكفر والنفاق أَو مع زعامات قوى الاستكبار العالمية إنما تاجروا مع الله ففازوا بالصفقة، باعوا من الله فاستبشروا بالبيع وذلك هو الفوز العظيم.
لأَنَّهم صبروا على البأساء والضراء وصبروا على الشدائد والزلازل وصابروا بالمغالبة في الصبر.
لأَنَّهم رابطوا بالتهيئة والاستعداد للقاء العدوّ.
لأَنَّهم نفروا جماعاتٍ ومجتمعين امتثالاً لقوله تعالى: “يا أيها الذينَ آمَنوا خُذوا حِذرَكُم فَانفِروا ثُباتٍ أَو انفرُوا جميعاً”.
لأَنَّهم استجابوا للَّه واتخذوا الجهاد باباً من أبواب الجنة ودرع اللَّه الحصينة.
لأَنَّهم جعلوا من أنفسهم خَاصَّة أولياء الله، فهمُ الصفوة وهم أفضل وأسمى عباد الله بحبهم للجهاد والاستشهاد باستشعارهم للمسؤولية وإحساسهم بمعاناة الأُمَّــة وآلامها وما تواجهه من تحديات وهجمات وثقافات شيطانية تنال من هُــوِيَّة وإيمانية الشعوب العربية والإسلامية.
لأَنَّهم تدبروا وتمعنوا في آيات الله الكريمات وَاتخذوا الله ورسوله والمؤمنين وليجة ولم يتخذوا الأثرياء أولياءً ولم يتخذوا ممالك الزجاج أوصياءً ولم يتخذوا أدعياء الإسلام والإنسانية أخلاء.
لأَنَّهم سيلحقون بمن سبقهم ثم يستبشرون بمن بعدهم من إخوانهم المجاهدين، فلا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون.
لأَنَّهم اتخذوا رسولَ اللَّه مثالاً وأسوة في حُب الجهاد والاستشهاد وفي الشدة والغلظة والعزة على أعداء الله الكافرين المنافقين، وأدركوا قوله سبحانه: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ، وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ، وَبِئْسَ الْمَصِيرُ).
وقوله تعالى: “مُحمدٌ رسولُ اللهِ والذينَ مَعهُ أشداءُ عَلى الكفارِ رُحمَاءُ بينهُم”..
وقوله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ).
نعم أعزاء كرماء شامخون شم الأنوف أسياد ذو بأسٍ شديد.
لأَنَّهم انتصروا للَّهِ فنصرهُم وثبّت أقدامهم وكثّر عددهم وألّف جمعهم.
لأَنَّهم قدموا تضحياتٍ عظيمة وأعطوا عطاءً بلا حدود فكانوا من المحسنين، فكان الله معهم هادياً وناصراً ومؤيداً.
قال تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا، وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ).