القوة البحرية اليمنية صمَّامُ أمان للسيادة الوطنية والملاحة الدولية
موقع أنصار الله || مقالات ||د. حبيب الرميمة
العمليةُ التي نفَّذتها القوةُ البحرية اليمنية وَأعلن عنها متحدِّثُ القوات المسلحة بالأمس حولَ اقتياد سفينة دخلت المياه الإقليمية اليمنية دون إذْنٍ أَو تصريح من السلطات اليمنية، وَكانت ترفع العَلَمَ الإماراتي، ومن ثَمَّ اتضح أنها تحملُ معدات عسكرية، هذه العمليةُ في دلالاتها تشيرُ إلى أي مدى وصل حال تحالف العدوان من استهتار بكافة القوانين الدولية.
فبغض النظر عما يدّعيه تحالُفُ العدوان عن نوع الحمولة التي كانت على ظهر السفينة، فَـإنَّ عدمَ نفيه للقبض على السفينة وهي في المياه الإقليمية اليمنية هو دليلٌ واضحٌ على ذلك الاستهتار، ويعطي الحق الطبيعي للقوات اليمنية باستخدام حقها المشروع المقرّر عرفاً وقانوناً باحتجاز تلك السفينة؛ باعتبَار أن الثابتَ في القانون الدولي أن المياه الإقليمية تعتبر جزءاً من سيادة الدولة الخالصة مثلها مثل أي جزء من تراب الدولة.
هذا من ناحية، ومن ناحية أُخرى يدرك تحالف العدوان جيِّدًا أن الجمهورية اليمنية ممثلة بحكومة الإنقاذ الوطني بصنعاء لها الحق ليس في احتجاز السفن التي تحمل علم دولة معادية انتهكت مياهها الإقليمية وتحمل معدات عسكرية موجهة أَسَاساً لقتل شعبها، وإنما أَيْـضاً باستهداف تلك السفينة وتدميرها حتى وإن كانت في المنطقة الاقتصادية أَو في أعالي البحار طالما وهذه السفينة ترفع عَلَمَ دولة معادية تشُنُّ عدواناً على الدولة.
ومن ثَمَّ فَـإنَّ الاستراتيجيةَ التي تستخدمُها صنعاءُ في التعامل مع السفن التي ترفع علم دولة معادية ما زال يتم التعامُلُ معه وفقاً لقواعد القانون الدولي العام والاتّفاقيات الخَاصَّة بالبحار المطبقة في حالة السِّلم، وتطبق عليها أحكام الاتّفاقية وقت السلم؛ بهَدفِ سلامة وضمان الملاحة الدولية وليس ما تخوله القوانين والاتّفاقيات الدولية في تطبيق أحكام القانون الدولي للبحار في أوقات الحرب -وهذا موضوع يطول شرحه-.
وحتى لا نخرج عن موضوع المقال، فَـإنَّ تحالفَ العدوان يعيشُ في وضع حرج للغاية نتيجةَ الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي واتّفاقية البحار أَو ما يسمى القانون الدولي للبحار، بل وانتهاك خطير للقرار (٢٢١٦) لسنة ٢٠١٥م الخاص باليمن.
حيثُ أن هذا القرارَ يؤكّـدُ مجلسَ الأمن في بدايته على احترام سيادة ووحدة اليمن وسلامة أراضيه هذا من ناحية، ومن ناحية أُخرى حتى مع مناقشة التدابير التي فرضها هذا القرار، والتي نعتبرها هنا مسيسة ولا تتماشى مع روح ميثاق الأمم المتحدة، أقلها أنها لم تفرضْ حظراً للسلاح على جميع أطراف الصراع كما هو الحال في حالات مماثلة وإنما فرضت حظر توريد السلاح آنذاك على طرف واحد وهو من أسمتهم قوات علي عبد الله صالح والحوثيين.
ومن الثابت أن هذه الحمولةَ من الأسلحة التي تم القبض عليها بظهر السفينة هي معدات عسكرية لقوات طارق محمد عبد الله صالح الذي يقودُ بقايا الحرس الجمهوري التابع لعلي عبد الله صالح المندرج تحت الحظر، وبما يُظهِرُ الازدواجيةَ الفَجَّةَ التي تتعامَلُ بها الأممُ المتحدة فيما يتعلق باحترام قراراتها، وهو ما يثبت بكل الأبعاد القانونية أن تحالف العدوان بأدواته السعوديّة والإمارات ينتهك قواعد القانون الدولي والقانون الدولي للبحار والقرارات الدولية، الأمر الذي يوجب على الأمم المتحدة التحَرّك الفعال والسريع لإدانة الأعمال العدائية والانتهاكات الخطيرة التي يرتكبها تحالف العدوان ممثلا بالسعوديّة والإمارات؛ بسَببِ الممارسات الخاطئة والتي تنُــمُّ عن عدم احترام قواعد القانون الدولي؛ وكون هذه التصرفات والخروقات تشكل تهديداً خطيراً للأمن والسلم الدوليين، خُصُوصاً إذَا ما نظرنا للأهميّة الاستراتيجية الكبيرة والحساسة التي تحتلها تلك البقعة الجغرافية والقريبة من مضيق باب المندب لضمان الملاحة الدولية.
ذلك أن ضمانَ سلامة الملاحة الدولية في تلك المنطقة يرتبط ارتباطاً وثيقاً بضرورة احترام قواعد القانون الدولي بشكل عام والقانون الدولي للبحار بشكل خاص سواء في أوقات السلم أَو أثناء الحرب.