عطاءٌ زاخر
موقع أنصار الله || مقالات ||صالح مقبل فارع
لا تخلو أسرة في مدينة حرف سفيان ولا بيت إلا وقدم شهيداً أَو اثنين أَو أكثر..
ولكن هنالك أُسَر وبيوت -لا أعرف معظمها- قدمت من ثلاثة شهداء ومن خمسة وستة:
فحسن ساري قدم ثلاثة شهداء من أولاده هم علي ومحمد وعبدالله، في الحروب الست.
والوالد مقبل جُمينة قدم خمسة من أولاده شهداء.. وقد سبق أن كتبت عن هؤلاء الخمسة وتم نشر هذا في هذه الصحيفة بعنوان “أسرة كربلائية من حرف سفيان”.
وكذلك بيت خطراء قدم عدة شهداء..
وغيرهما من الأُسَر والبيوت التي قدمت أكثر من ثلاثة شهداء كبيوت: حمودي وعسولي وعيضة والأقطل وأبو دمة والقفر وقاطش، وساليه، وصلاني، وَ… إلخ.
والغريب أنه لا زال في الميدان من تلك الأُسَر شباب مجاهدون، فلا يستشهد أخ إلا ويذهب بدلاً عنه أخوه، وهذا عطاء زاخر، وإيمَان بقضية محقة تستحق البذل والعطاء والتضحية.
واليوم صالح عبادي هادي يقدم الولد الثالث من أبنائه شهيداً وهو محمد صالح عبادي يلتحق بقافلة الشُّهــــداء ليلتقي هناك بأخويه حمزة وبلال اللذَيْنِ سبقاه شهيدَين في السنين الماضية..
ثلاثة إخوة من أب وأم يلتحقون بميدان الجِــهاد ثم يصطفيهم الله شُهــــداء.. وهذا هو العطاء..
أولهم بلال صالح عبادي الذي استشهد في إحدى الحروب الست التي أشعلتها السلطة آنذاك على صعدة.. يعني أسرة مجاهدة من زمان.
ثم التحق به الحمزة.. قبل فترة..
واليوم استشهد محمد وهو يدافع عن دينه ووطنه وحرمه، مجاهداً مع رجال الرجال في جبهات العز والكرامة.
هنيئاً للأخ صالح عبادي هذا الشرف، الذي قدم ثلاثة من أولاده، وهنيئاً لأولاده هذه المرتبة التي نالوها، مرتبة الشُّهــــداء الأحياء المصطَفَين الأخيار، الذين أحاطهم الباري بعنايته وخصّهم عنده وجعلهم أحياء وباقي الناس أمواتٌ.
تحدثت إلى الأخ صالح ودردشت معه فوجدته مجاهداً مؤمناً صابراً، فرحاً، مستبشراً، وهو الذي غرس في أبنائه حب الله والتقرب إليه وغرس في قلوبهم معنى الجهاد وحب أهل البيت عليهم السلام والالتزام بمنهجهم ونهجهم، والتربية الإسلامية الحسنة، كما وجدت بقية الأسرة والأهل والأقارب فرحين مستبشرين وكأنه عرس وليس مأتم.
للإحاطة والعلم: أن شهيدنا تم زفافه عريساً قبل أشهر ولكنه لم يتم شهر العسل إلا في الجبهة. وهذه هي العظمة.
سيتم تشييعه غداً من جامع الشعب صنعاء، ثم يتم دفنه بجانب رفاقه وإخوانه في روضة الشُّهــــداء بمدينة حرف سفيان.
سلام الله على محمد، وعلى إخوان محمد، وعلى آل محمد، وعلى بقية الشهداء الأخيار، وعلى كُـلّ المجاهدين الأبطال الأطهار.