قادمون في العام الثامن بجحافل جيشنا وصواريخنا البالستية، وطائراتنا المسيرة وأسلحتنا البحرية

 

كلمة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي بمناسبة اليوم الوطني للصمود 25-03-2022

أَعُـوْذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ

 

بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ

الحمدُ لله رَبِّ العالمين، وأَشهَـدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ الملكُ الحقُّ المُبين، وأشهَدُ أنَّ سيدَنا مُحَمَّــداً عبدُهُ ورَسُــوْلُه خاتمُ النبيين.

اللّهم صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــد، وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــد، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ إنك حميدٌ مجيدٌ، وارضَ اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين، وعن سائر عبادك الصالحين.

أيُّها الإخوة والأخوات

السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

أهمية ذكرى اليوم الوطني للصمود

نحن في ختام الأعوام السبعة من التصدي للعدوان، وعلى أعتاب العام الثامن، في مناسبتنا السنوية المهمة: اليوم الوطني للصمود، الذي يأتي في الغد، وهي مناسبةٌ أهميتها كبيرة، كمحطةٍ تعبويةٍ لها أهميتها من جوانب متعددة، بدءاً: بالتذكير كيف بدأ هذا العدوان، ومن هي الجهة التي تمارس هذا العدوان بكل ما فيه من وحشيةٍ وإجرام، وأيضاً التذكير بمسؤولياتنا وواجباتنا وما يتصل بذلك.

عندما بدأ هذا العدوان كانت بدايته مفاجئةً لأغلب الناس في بلدنا وفي خارج البلد، حيث بدأ بشكلٍ غادرٍ، بدون مقدمات، وبشكلٍ مفاجئٍ لأغلب الناس، بدايته الغادرة والمفاجئة تقدِّم- كما نكرر في كل هذه المناسبات- الدليل الواضح، تؤكِّد الدليل الواضح والقاطع على طبيعة هذا العدوان، وعلى أنه ليس له أي مبررٍ مشروعٍ أبداً.

هذا العدوان عندما بدأ على شعبنا بتلك الطريقة، يتجلى لنا من بدايته ومجرياته وممارساته بكل وضوح من هو المعتدي؟ ومن هو المعتدى عليه؟ من الظالم؟ ومن المظلوم؟ من هو في موقف الحق؟ ومن هو على الباطل؟

عندما بدأت الغارات الجوية في السادس والعشرين من مارس، بدأت مساءً في الليل، والناس نيام، وتفاجأ الناس بها، وبدأت بوحشيةٍ كبيرة، وبدأ الناس البحث عمن هو المنفذ، وما الذي يجري بالتحديد، فإذا بالإعلان عن هذا العدوان يأتي من واشنطن، من أمريكا، وباللغة الإنجليزية، وليس باللغة العربية، ليتحدد بذلك من هو المعتدي في موقع الإشراف وفي موقع التنفيذ، وليتجلى من مجريات هذه الحرب وما قبلها وفي بدايتها من هو المهندس لهذا العدوان، وما هي أهدافه من وراء عدوانه على شعبنا اليمني العزيز.

السعودي عادل الجبير أعلن من واشنطن باللغة الإنجليزية وليس العربية بداية هذا العدوان، وحدد الجهة المنفِّذة له، وبيَّن مدى ارتباط هذا العدوان بالجهة المشرفة عليه، والمهندسة له، فإذا بهذا العدوان يأتي تحت عنوان تحالف، المهندس له بكل وضوح هو الأمريكي والبريطاني والإسرائيلي، المشرف الرئيسي عليه هو الأمريكي، الذي يتولى عملية التنفيذ هو السعودي ومعه الإماراتي، البقية الباقية من الملتحقين بصفوف العدوان، من المنضمين تحت راية الجهات المنفذة، هم إنما هم مجرد مستأجرين، استأجرهم تحالف العدوان للقتال معه في مقابل الأموال والمكاسب المادية، فهذه هي حقيقية هذا العدوان الواضحة، طبعاً السعودي يقدِّم لنفسه صفة القيادة في عمليات العدوان، وفي تنفيذ هذا العدوان على شعبنا، صفةً رسمية، وهو في موقع التنفيذ- بلا شك- هو قيادة في موقع التنفيذ لهذا العدوان، ولكنه تحت إشراف أمريكي، أمَّا الهندسة لهذا العدوان، فالدور الإسرائيلي والبريطاني واضح، والبصمات واضحة، ما قبل العدوان كان هناك تحريضٌ كبير من جانب الإسرائيليين، وليس فقط تحريضاً على المستوى الإعلامي، بل سعياً عملياً من وراء الكواليس للدفع بالجهات المنفذة المتورطة في تنفيذ هذا العدوان إلى أن تتورط في هذا العدوان، وأيضاً الدور البريطاني والإسهام البريطاني واضحٌ وبارزٌ في كل المراحل الماضية وإلى اليوم، أمَّا الإشراف الأمريكي فمسألة من أوضح الواضحات، ومسألة معترفٌ بها حتى لدى الأمريكيين أنفسهم، وفي حديثهم على المستوى الإعلامي، وعلى المستوى الرسمي، حتى على مستوى الكونجرس، وهذه مسألة واضحة.

هذا العدوان الذي ينفِّذه السعودي والإماراتي بدون أي سابقةٍ لمشاكل معهم، يعني: لم يكن هناك حرب مع الجانب السعودي، ولا حرب مع الجانب الإماراتي، ولم يكن هناك أيضاً أي تصرفٍ يبرر الحرب على شعبنا من جانبهم، ولهذا كان مفاجئاً إلى حدٍ كبير للكثير من الناس، إنما هو حالةٌ عدوانيةٌ واضحةٌ ومكشوفة وبيِّنة.

أبرز سمات العدوان على بلدنا

الافراط في الوحشية والإجرام

عندما أتى هذا العدوان من أول غاراته الجوية، كانت بصمته بصمةً إجرامية، وكان السلوك الإجرامي هو السمة البارزة والصفة الواضحة لهذا العدوان في كل المراحل الماضية وإلى اليوم، في تلك الليلة، وفي الغارات الأولى سقط فيها- في الغارات على الأحياء السكنية في صنعاء في بني حوات- سقط فيها اثنان وثلاثون مدنياً شهداء، بينهم أربعة عشر طفلاً، وثمان نساء، وأصيب فيها مئةٌ وثلاثون مدنياً، بينهم اثنا عشر طفلاً، وعشرون امرأة، كل هؤلاء استشهدوا وأصيبوا داخل منازلهم التي دمِّرت على رؤوسهم بالقنابل والصواريخ بكل وحشية، وبدون سابق إنذار، هذه هي البداية في الغارات الأولى، هذا العدد الكبير من الشهداء والجرحى، وبينهم عددٌ كبير من الأطفال والنساء، الذين استشهدوا وأصيبوا في تلك الليلة في تلك الغارات، مع أنها غارات مفاجئة، وإجرامية، ووحشية، وبدون أي سابقة لصراع ومشاكل وحرب، أو حتى توتر مباشر ما بين الشعب اليمني وبين تلك الدول المعتدية، إلَّا أنَّ الموقف السائد في الجو العام بالنسبة للجهات الرسمية والأنظمة الرسمية في العالم العربي، والعالم الإسلامي، وفي بقية البلدان، تجاه هذه الاعتداءات الإجرامية، وتجاه هذا العدد الكبير من الشهداء والجرحى من المدنيين في منازلهم، كان الموقف السائد لدى الكثير من الجهات والأنظمة الرسمية هو التجاهل لما يجري، إن لم يكن التأييد لما حدث، التأييد لتلك الجرائم، الكثير منهم صمتوا تجاه ذلك، وكان الموقف الإنساني، الموقف الأخلاقي، الموقف الحق المبدئي لفئاتٍ محدودة ممن هم في إطار محور المقاومة، وأحرار الأمة.

بينما نجد أنه أحياناً إذا حصل قصف في الحالة الدفاعية، ولو لم يصب أي شخص، أو لم يتسبب بأي أضرار، أو كانت أضراره محدودة مادية في سياق عمليات دفاعية، كم تصدر من الإدانات والاستنكار حتى من جهات عربية تقدم نفسها باعتبارها جهات دينية، كالأزهر في مصر، الأزهر في مصر لم نعرف عنه ولا مرة واحدة إصدار بيان استنكار لأي جريمة من جرائم تحالف العدوان في اليمن، مهما كانت، مهما كان مستواها، مهما كانت نتائجها، وما نتج عنها من ضحايا وشهداء وجرحى، من أطفال ونساء وأبرياء، الكل يعرف أنهم أبرياء، وأن قتلهم يعتبر إجراماً وظلماً بغير حق، لا يصدر في العادة أي بيان استنكار لذلك.

ولم يكن هناك أي موقف- كما قلنا- باستثناء جهات محدودة، استمر السلوك الإجرامي بهذه الطريقة: القتل الجماعي، القتل لأعداد كبيرة، ومعظم الجرائم تلك تأتي بحق المدنيين في الأحياء السكنية، في المدن، في القرى، ومهما بلغت جرائم تحالف العدوان، مهما كانت وحشيتها، مهما كان عدد ضحاياها من الشهداء والجرحى، لا صوت، البعض يصدر الترحيب بذلك، والتأييد لذلك، والتشجيع لذلك، نذكر هنا نماذج منها محدودة كعناوين:

فمثلاً: في يوم الخميس، الموافق: 26 مارس 2015م، قامت الطائرات الحربية لتحالف العدوان السعودي بشن غارات جوية، في بني حوات، بمديرية بني الحارث، كما قلنا هي البداية، تسببت في استشهاد اثنين وثلاثون مدنياً، بينهم أربعة عشر طفلاً، وبينهم ثلاث نساء، وإصابة مائة وثلاثة مدنياً، بينهم اثنا عشر طفلاً، وعشرون امرأة.

في يوم الاثنين، الموافق: 20 أبريل 2015م، قصف في أمانة العاصمة، في مديرية السبعين، وتسبب في استشهاد مائة وعشرين مدنياً، هؤلاء دفعة واحدة في قصف في تلك الحادثة، بينهم خمسة وعشرين طفل، وست نساء، وإصابة ستمائة وسبعة وأربعين مدنياً، بينهم ستة وخمسين طفل، وثلاثون امرأة.

لاحظوا، قتل جماعي، بأعداد كبيرة، لم يكن هناك لهذه الجريمة أي تأثير يذكر في تحريك ضمائر ووجدان الكثير من الأنظمة في عالمنا العربي والإسلامي، وفي بلدان العالم المختلفة.

مثلاً: في يوم الأربعاء، الموافق: 6 مايو 2015م، في محافظة صعدة، قصف يتسبب باستشهاد سبعة وثلاثين مدنياً، بينهم أربعة وعشرين طفلاً، وست نساء، وإصابة تسعة مدنيين، بينهم طفلان وأربعة نساء.

لاحظوا، أعداد كبيرة، دفعة كبيرة من الشهداء، بينهم أربعة وعشرين طفلاً استشهدوا دفعة واحدة.

مثلاً: في مديرية أزال، في صنعاء، في 2015م أيضاً، قصف من تحالف العدوان يتسبب باستشهاد واحد وتسعين مدنياً، هؤلاء دفعة واحدة، بينهم خمسة عشر طفلاً، وثلاثة عشر امرأة، وإصابة أربعمائة وواحد وأربعين مدنياً، بينهم ستة وثلاثين طفلاً، وستة عشر امرأة.

لاحظوا أعداد كبيرة، وأرقام كبيرة، وجرائم رهيبة، دون أن يكون هناك أي موقف إيجابي لدى البعض.

مثلاً: في الرابع والعشرين من ديسمبر 2019م جريمة في محافظة صعدة، قصف تحالف العدوان منازل المواطنين، ونتج عن هذا القصف أيضاً استشهاد أربعة وعشرين مدنياً، بينهم خمسة أطفال وست نساء، وإصابة عشرين مدنياً، بينهم أربعة أطفال وثلاث نساء.

أيضاً استهداف في محافظة الجوف عبر الطيران، نتج عنه استشهاد خمسة وثلاثين مدنياً، هذا في فبراير 2020م، خمسة وثلاثين مدنياً دفعةً واحدة، بينهم سبعة وعشرين طفلاً وست نساء، وإصابة ثلاثة وعشرين مدنياً، بينهم ثمانية عشر طفلاً وامرأة، لاحظوا دفعة واحدة، دفعة واحدة.

هذيك فقط نماذج بسيطة وأمثلة وعناوين، وهناك أيضاً الكثير والكثير من الجرائم التي حصلت، ووثقت، وأتى الحديث عنها، منها ومن أبرزها:

جريمة في 2015م في زبيد، بمحافظة الحديدة، نتج عنها استشهاد مائة وستة عشر مدنياً، هؤلاء دفعة واحدة، في جريمة واحدة في قصف في غارات واحدة، مائة وستة وعشر مدنياً، بينهم ستة أطفال وسبع نساء، وإصابة أربعة وتسعين مدنياً، بينهم أربعة عشر طفلاً وتسع نساء.

وهكذا في بقية المحافظات جرائم رهيبة جداً.

مثلاً: جريمة في تعز، في باب المندب، واستهدفت مدنيين، كانت نتيجتها استشهاد أربعين مدنياً، بينهم أربعة عشر طفلاً وعشرين امرأة، وإصابة أربعة مدنيين، بينهم ثلاثة أطفال.

مثلاً: أيضاً في محافظة ذمار، في سنبان، استهداف عرس، نتج عنه: استشهاد تسعة وأربعين مدنياً، بينهم اثنان وعشرون طفلاً وثلاثة عشر امرأة، وإصابة سبعين مدنياً، بينهم سبعة عشر طفلاً وثمان نساء.

هكذا مثلاً: في عدوان استهدف القاعة الكبرى في عزاء آل الرويشان في صنعاء في 2016م، نتج عنه: استشهاد مائة وثلاثة وتسعين مدنياً، بينهم ثلاثة وثلاثين طفلاً، وإصابة ثمانمائة وتسعين مدنياً، بينهم أربعين طفلاً.

عناوين كبيرة لجرائم ضحاياها من الشهداء والجرحى الكثير والكثير.

إجمالي الشهداء والجرحى عموماً خلال السبع السنوات بلغ بعشرات الآلاف من الشهداء، وعشرات الآلاف من الجرحى:

شهداء مثلاً في الأسواق: بلغ عددهم ألف وتسعمائة وخمسة وثلاثين شهيداً، وألفين وأربعمائة وسبعة وتسعين جريحاً، هؤلاء في الأسواق ممن استشهدوا نتيجة القصف للأسواق، قصف تحالف العدوان.

في سيارات النقل على الطرقات، في حركة المجتمع في الطرقات: بلغ عدد الشهداء ألفان وأربعمائة وواحد وثمانون شهيداً، والجرحى ألف وتسعمائة وأربعة وتسعين جريحاً.

العناوين كثيرة جداً، الحديث عن هذا جرى خلال الأيام الماضية، في فعاليات متعددة، إحصائيات وأرقام، هذا على مستوى جرائم القتل والاعتداءات بالقتل عناوين بسيطة؛ لأن العدوان استهدف الشعب اليمني في كل مكان، في المنازل، في الأحياء، في المساجد، في كل المناسبات، مناسبات الأفراح، مناسبات الأحزان، في الطرقات، وفي الأسواق، في المساجد، في المستشفيات، وكانت النتيجة الكثير الكثير من الضحايا شهداء وجرحى.

التدمير الشامل بدون استثناء

ثم على مستوى التدمير الشامل، يعني: قتل جماعي، استهداف جماعي لأبناء شعبنا اليمني، وكذلك سعي لتدمير شامل، يستهدف كل البنية التحتية، وكل مظاهر الحياة في بلدنا، وكل المصالح العامة، وهذا أيضاً نذكر عنه نماذج ملخصة، بالاستفادة من الإحصائيات التي تم الإعلان عنها على نحوٍ تفصيلي:

فالمنازل المستهدفة هي بالآلاف.

المنشآت الجامعية: مائة واثنان وثمانون.

المساجد: ألف وخمسمائة واثنان وتسعون، لاحظوا عدد كبير من المساجد استهدفت، ومساجد أكثرها ليست في مناطق الاشتباك والمواجهات، أكثرها في داخل المدن والقرى، والبعض منها مساجد أثرية.

المرافق الصحية والمستشفيات: أربعمائة وتسعة، عدد كبير جداً بالنسبة لما هو موجود.

القطاع التعليمي في المدارس والمراكز التعليمية: ألف ومائتان وثلاثة.

المنشآت الرياضية: مائة وثمانية وثلاثون.

المواقف الأثرية المستهدفة بالقصف بدون أي مبرر، بل كونها مواقع أثرية جعل منها- بالنسبة لتحالف العدوان- أهدافاً مهمة: مائتان وثلاثةٌ وخمسون.

الحقول الزراعية: أكثر من تسعة آلاف، الحقول الزراعية التي استهدفها تحالف العدوان، وأحرقها بقنابله وصواريخه.

المطارات: خمسة عشر مطاراً.

الموانئ: ستة عشر.

محطات ومولدات الكهرباء: بالمئات.

الطرق والجسور: بالمئات.

شبكات ومحطات الاتصالات: بالمئات.

شبكات المياه وخزانات المياه: أكثر من ألفين خزان وشبكة مياه.

المنشآت الحكومية: بالآلاف.

المصانع: أكثر من أربع مائة.

ناقلات الوقود: أكثر من ثلاث مائة.

مزارع الدجاج والمواشي: أكثر من أربع مائة.

المنشآت التجارية بالآلاف: أكثر من إحدى عشر ألفاً.

وسائل النقل: بالآلاف.

شاحنات الغذاء: تسعمائة وواحد وخمسين.

الأسواق: ستمائة وأربعة وتسعون سوقاً.

قوارب الصيد: أربعمائة وثمانون.

مخازن الأغذية: أكثر من تسعمائة، قرابة الألف.

محطات الوقود: أكثر من أربع مائة.

بمعنى: تدمير يستهدف كل المنشآت وكل البنية التحتية؛ بهدف الإضرار بهذا الشعب، فأن يهدف إلى القتل من جهة، إلى تعطيل حركة الحياة من جهة، إلى تحويل الشعب اليمني بشكلٍ عام إلى شعبٍ منكوب، يتحول أبناؤه إلى لاجئين، وهاربين، ومشردين، ويتعطل عندهم كل نشاطهم وحركتهم في الحياة، عدوان شامل بكل ما تعنيه الكلمة، يمارس القتل، التدمير، الحصار الشديد، الحملات الإعلامية في الحرب النفسية على الشعب، الحرب النفسية يستهدف بها الشعب بشكلٍ عام.

كل أشكال وكل وسائل الإضرار بهذا الشعب استخدمها تحالف العدوان، واستهدف بها كل أبناء شعبنا، ليست على فئة محدودة، على مكون معين، كل شعبنا متضرر، عندما تأتي إلى إحصائيات الشهداء والجرحى، تجدهم من مختلف أبناء هذا الشعب، على مستوى المحافظات، على مستوى المناطق، ولو جئنا إلى الفرز السياسي: على مختلف التيارات والأحزاب والمكونات، إذا جئنا على المستوى القبلي: كل قبائل اليمن البارزة، إذا جئنا على المستوى الاجتماعي: من كل أطياف هذا البلد، وهكذا. استهداف شامل، استهداف عام، واستهداف إجرامي، قتل ذريع وجماعي، واستباحة لحياة الناس، واستهداف لمصالحهم، لمنشآتهم، وكل ما فيه قوام حياتهم، استهداف شامل.

 

شراسة الحرب الاقتصادية وشموليتها

على المستوى الاقتصادي: كانت الحرب الاقتصادية شرسة جداً، كما هو القتل، كما هو أيضاً التدمير الممنهج والشامل لكل المنشآت.

على المستوى الاقتصادي أول عنوان للحرب الاقتصادية: هو نهب الثروة الوطنية: تحالف العدوان حرص منذ اليوم الأول إلى أن يسيطر على المنشآت النفطية، وعلى الموانئ والمداخل إلى البلد التي تأتي عبرها الحركة التجارية، وأن يسيطر على الثروة الوطنية بشكلٍ كامل، سعى لهذا الهدف منذ البداية، وعندما سيطر على المنشآت النفطية هو يمارس بيعها، وهو ينهب ويسرق عائداتها، وهو أيضاً يحرم الشعب اليمني، الذي هو في أمسِّ الحاجة إلى ثروته العامة وثروته الوطنية، هو يحرمه من الاستفادة منها.

ولهذا في هذا المجال يتجلى لنا من خلال الأرقام مستوى العدوان الاقتصادي والحرب الاقتصادية على شعبنا:

بلغت العائدات المالية المنهوبة، المسروقة من تحالف العدوان من ثروات شعبنا، من عائدات النفط الخام المنتج خلال الفترة من أبريل 2015م، إلى مارس 2020م، الكمية المنتجة: (مائة وتسعة وعشرين مليون برميل)، بقيمة تقديرية: (سبعة مليار دولار)، الإجمالي بحسب الأرقام بالعملة اليمنية: (أكثر من أربعة ترليون)، أكثر من أربعة ترليون.

لو كانت اتجهت إلى مصالح هذا الشعب، إلى المرتبات، لكانت استمرت المرتبات، لما انقطعت المرتبات أصلاً، لو كانت اتجهت هذه الأموال إلى تشغيل المستشفيات، إلى تشغيل الخدمات العامة لهذا الشعب، إلى مصالح هذا الشعب؛ لأن هذه الأموال هي حقٌّ لهذا الشعب، ليس فيها حقٌّ للسعودي، ولا للإماراتي، ولا للخونة المنافقين، الذين التحقوا بصف العدوان من أبناء هذا البلد، ليس لهم الحق في أن يسرقوها وأن ينهبوها، وأن يحرموا أبناء شعبنا منها وهي ثروته، هو مال لهذا الشعب، هو حق هذا الشعب.

أيضاً الذي نهب من الإيرادات الجمركية والضريبية في الموانئ البحرية والجوية والبرية، التي يسيطر عليها تحالف العدوان خلال هذه المرحلة الماضية: (أكثر من ثلاثة ترليون)، يعني: أموال هائلة جداً، ليس فقط بالمليارات، بالترليون تحسب.

أيضاً ما نهب من قيمة الغاز المنزلي المنتج في مأرب، والذي يسرقه الخونة خلال الفترة الماضية: (ثلاثمائة وواحد وخمسين مليار ريال).

أما ما تم نهبه بشكلٍ مباشرٍ وإجمالي خلال المرحلة الماضية بشكلٍ مباشر فبلغ: (ثمانية ترليون وستمائة وخمسون مليار)، هذا إجمالي ما تم نهبه بشكل مباشر خلال المرحلة الماضية، لاحظوا هذه المبالغ الكبيرة جداً (أكثر من ثمانية ترليون)، هذه كانت كافية في أن تستمر المرتبات، في أن تستمر الخدمات، في أن تتطور كثيرٌ من القطاعات الخدمية والاقتصادية لهذا الشعب خلال المرحلة الماضية، مبالغ رهيبة جداً سرقت ونهبت بشكلٍ مباشر.

أمَّا العوائد التقديرية التي كان يمكن أن يحصل عليها شعبنا فقط من بلحاف، من خلال تصدير الغاز المسال خلال كل هذا السنوات الماضية، فتقدر بـ: (تسعة عشر ترليون ريال)، يعني: مبلغ كبير جداً.

يصل إجمالي المبالغ التي كان بإمكان شعبنا الحصول عليها لولا سرق ونهب قطَّاع الطرق، ولصوص البشر (تحالف العدوان): (سبعة وعشرون ترليون وثمانمائة وخمسون مليار ريال)! سبعة وعشرين ترليون! مبلغ هائل جداً لو أنه وصل إلى شعبنا خلال هذه الفترة، هذا على مستوى نهب الثروة الوطنية، وحرمان شعبنا منها، وترك شعبنا للمعاناة الكبيرة جداً، ونهب أمواله التي يحتاج إليها، في المقابل يرسلون البعض من المنظمات لتقدم شيئاً زهيداً، وبعد متاعب كبيرة، وبعد سرقة لمعلومات كثيرة، وأنشطة سلبية في أوساط مجتمعنا، نقول لهم: اتركوا هذه الثروة التي هي حق لهذا الشعب لتصل إليه، لتصب في مصالحه العامة، لتكون لصالح المرتبات، لصالح تشغيل المستشفيات، الخدمات العامة، المصالح العامة في كل هذا البلد، نحن لا نهدف إلى أن تكون فقط في محافظات محددة، في كل المحافظات في هذا البلد، هم لا يريدون ذلك، يحرمون الكل منها، أم بالإمكان القول: أنَّ المحافظات المحتلة استفادت من هذه المبالغ الهائلة جداً، التي سرقها تحالف العدوان، ونهبها مع الخونة الذين انضموا إلى صفه من أبناء وطننا؟!

أيضاً في الحرب الاقتصادية: الحصار، الحصار الشديد الذي يعاني منه الشعب كل الشعب أشد المعاناة، وكذلك في ظل هذا الحصار يمنع أيالاستيراد عبر ميناء الحديدة، الذي يمكن أن تتوزع منه احتياجات أبناء هذا البلد إلى مختلف المحافظات بيسرٍ وسهولة، هو الميناء الذي يتيسر منه ذلك أكثر من أي ميناء آخر، تتوزع منه البضائع، تنقل منه احتياجات البلد إلى مختلف المحافظات بيسرٍ وسهولة، أكثر من أي ميناء أو موقع آخر، الهدف من تحالف العدوان من هذا الحصار، هو: تعذيب شعبنا، هو الوصول بشعبنا إلى حالة الانهيار والاستسلام والعجز.

أيضاً مما فعله تحالف العدوان في حربه الاقتصادية على بلدنا: نقل عمليات البنك المركزي من صنعاء، وتجميد أي نشاط له مباشر في خارج البلد، لا يتمكن من صنعاء أن يواصل نشاطه، لا على مستوى الوضع الخارجي، ولا على مستوى العمليات الأساسية في الحركة التجارية للتجار، وهذه العملية هدفوا منها إلى تعطيل صرف المرتبات، وإلى رفع الأسعار، وإلى التحكم بالنشاط التجاري، وإلى الإضرار بالعملة؛ لأن من الأهداف الرئيسية التي يحرصون عليها، هو: ضرب قيمة العملة الوطنية؛ لأن هذا يعتبر من أكبر ما يمكن أن يضروا به الشعب اليمني في اقتصاده، وهم يريدون هذا، هم يعملون كيف يضرون هذا الشعب، كيف يظلمون هذا الشعب، كيف يؤثرون على واقعه المعيشي، هدف رئيسي بالنسبة لهم، وقاموا أيضاً بطبع كميات كبيرة من العملة، واشتغلوا من خلال ذلك في هذه السياسة التي تهدف إلى ضرب قيمة العملة الوطنية؛ وبالتالي ارتفاع الأسعار جداً، افقاد المواطنين القدرة على الشراء، ورفع معاناتهم، وظلمهم، والتعذيب لهم، والتجويع لهم.

مما قاموا به: منع الحركة الجوية من صنعاء والمحافظات الحرة، ومنعوا ذلك بشكلٍ تام، إلَّا الشيء النادر في إطار حركة الأمم المتحدة.

مما قاموا به أيضاً رفع سعر الدولار الجمركي، وهذا في سياق عملهم على رفع أسعار البضائع؛ لأنهم يسعون لأن تكون الأسعار مرتفعة جداً، وقيمة العملة هابطة جداً، والقدرة الشرائية للمواطن تكون في حافة الهاوية، يكون عاجزاً عن شراء متطلباته واحتياجاته الضرورية… وهكذا.

أيضاً رفع أسعار الغاز المنزلي، المنتج في مأرب، الآن قارب سعره إلى أن يصل بمستوى المنتج الخارجي، يعني: الغاز الذي يورَّد من الخارج، وإعاقة وصوله إلى المحافظات الحرة، وتقليص كمياته، مما يجعل كل الأسر تعاني في الحصول على الغاز المنزلي، وهذه طريقة حرب على هذا الشعب، وعلى كل أبناء هذا البلد، هذه حرب تصل إلى كل منزل، عدوان يصل إلى كل مطبخ، إضرار بكل أسرة، وهم يتعمدون ذلك، هم يريدون أن تتضرر كل أسرة، أن يعاني كل مواطن، ألَّا تحصل أي أسرة على احتياجاتها الضرورية إلَّا بعناء شديد، وبكلفة وجهد كبير، وأن تكون هذه مشكلة كبيرة، هم يسعون إلى معاناة هذا الشعب، حتى الخونة المنافقين، الذين التحقوا بصف العدوان، ويقدمون أنفسهم تحت عناوين رسمية، ورجال دولة، ومسؤولين، لا يفكرون ولا يعملون ولا يتحركون إلَّا وفق ما يرون فيه وبما يرون فيه أو يعتقدون فيه إضراراً بأبناء هذا الشعب، هو عندهم الأداء الرسمي، هي الجهات التي تتحرك باسم أنها جهات رسمية، ووزارات ومسميات حكومية، تتحرك على هذا النحو، ما يمثل ضرراً على أبناء هذا الشعب.

أيضاً مما عملوه: قطع الطرق، وإعاقة وصول المشتقات النفطية والبضائع براً، هم منعوا دخولها عبر ميناء الحديدة، أمَّا في البر فهم اتجهوا لمنع وصولها، ويحركون الكثير من أصحابهم وأعوانهم، من جلاوزتهم، الذين هم مجرمون، وقطَّاع طرق، ولصوص، ونهابون، يرسلونهم لقطع الطرقات، ومنع وصول المشتقات النفطية إلى البلد، والتقطع لها، والإعاقة لوصولها، هذه الممارسات واضح أنها ممارسات عدوانية، إجرامية، وحشية، وأنهم مجرد حفنة من المجرمين، وقطاع الطرق، والمفسدين في الأرض، الذين يحاربون المجتمع اليمني، ويحاربون مصالحه، ويحاربونه في معيشته، وينغِّصون عليه حياته، يسعون إلى تعذيب هذا الشعب، يعملون على معاناة هذا الشعب، أناس مجرمون بكل ما تعنيه الكلمة، سلوك إجرامي، ممارسات اجرامية، أعمال إجرامية ووحشية، ليس فيها ذرة من الإنسانية أبداً، وهذا يشتغلون عليه هذه الأيام بشكل واضح، وأحياناً تكون بالقرب من مواقعهم، معسكراتهم، وهم يتصرفون بهذا الشكل.

أيضاً مما يعملون عليه: استهداف الاتصالات، سواءً بالقصف، بما في ذلك وزارة الاتصالات، محطات الاتصالات، أو بالمؤامرات على نشاطها وحركتها في البلد، وهذا نشاط واسع يركِّزون عليه، يعملون من خلاله إلى الحاق المعاناة الكبيرة بشعبنا، وإلى الإضرار به، هذا على مستوى الحرب الاقتصادية كعناوين مختصرة.

كل هذه الوحشية والإجرام التي يمارسونها بحق شعبنا قتلاً على النحو الجماعي، وتسببوا بقتل عشرات الآلاف من أبناء هذا الشعب، وجرح عشرات الآلاف، وكذلك التدمير الممنهج الشامل، الذي يستهدف كل مظاهر الحياة في هذا البلد، وكذلك هذه الحرب الاقتصادية التي يعذِّبون بها شعبنا اليمني، ويلحقون به المعاناة الكبيرة في حياته المعيشية، يهدفون من خلالها إلى أن يصلوا بشعبنا إلى الانهيار التام، وإلى الاستسلام التام، الانهيار على المستوى الاقتصادي، الانهيار على مستوى مؤسسات الدولة… الانهيار في كل شيء؛ حتى يتمكنوا من السيطرة التامة على هذا البلد واحتلاله، فهم يحاولون أن يكسروا إرادة هذا الشعب، وأن يصلوا به إلى الانهيار، الذي يمثل حالةً نفسية قبل أن يكون انهياراً في الواقع.

أبرز مظاهر الصمود وجدوائيته

في مقابل كل ذلك ومنذ اليوم الأول، كان موقف شعبنا، وكان خياره، وكان قراره، هو: الصمود، الصمود في مواجهة تلك الوحشية والإجرام، الصمود في مواجهة ذلك الحصار والتجويع، الصمود في وجه كل تلك المؤامرات المتنوعة، الصمود في وجه عدوانٍ شامل، واستهدافٍ شامل، وكان هذا الصمود هو العنوان الحاضر في كل ميدان، وفي كل مجال، فعلى مستوى التماسك الشعبي، كان الصمود هو العنوان الذي يجسده واقع هذا الشعب في مواقفه، في أعماله، في تصرفاته.

من مظاهر هذا الصمود المهمة جداً: محدودية النزوح، كان من الأهداف الرئيسية لتحالف العدوان منذ اليوم الأول: أن ينكبوا هذا الشعب، فيتحول أكثر أبناء هذا الشعب إلى نازحين، وهم كانوا يحثون على ذلك، وينادون بذلك، ويسعون لذلك، وكانت هذه سياسة واضحة بالنسبة لهم، فكان هناك نزوح محدود مثلاً من المناطق التي تشهد اشتباكات مباشرة، معارك مباشرة، أو في بعض المناطق التي تشهد استهدافاً مباشراً في بعض مناطق الحدود، في بعض المحافظات، كان هناك محدودية في النزوح، والذين نزحوا، أكثرهم لم يتحولوا إلى مجرد لاجئين في مخيمات، إنما استقروا، ونشطوا ضمن حركة هذا الشعب، وواصلوا مسيرتهم في الحياة بشكلٍ عملي، وهذا ما لا يريده تحالف العدوان، ولاحظوا مع حجم هذا العدوان ومستوى هذا الحصار، يعتبر هذا التماسك وعدم النزوح بالشكل الذي أراده تحالف العدوان وخطط له مظهراً مهماً من مظاهر الصمود والثبات، ومما يدل على قوة العزم، والإرادة، والتوكل على الله، والثقة بالله، وقوة الموقف، والثبات على الموقف.

يتحدثون اليوم في أوكرانيا خلال أقل من شهر عن نزوح ما يقارب ثمانية ملايين! هذه الأرقام سمعنا عنها، أعداد كبيرة في فترة وجيزة: أقل من شهر، فما نلحظه هنا في بلدنا حالة مختلفة.

أيضاً من مظاهر الصمود في الواقع الشعبي العام: استمرار النشاط الزراعي، بالرغم من الاستهداف المباشر للحقول الزراعية بالقصف، يستهدفونها بالقنابل والصواريخ لإحراقها وتدمير منشآتها، أيضاً الحصار الشديد الذي عانى بسببه المزارعون أشد المعاناة في الحصول على المشتقات النفطية، على الديزل، في إمكانية الحركة والنقل للمنتجات الزراعية، الاستهداف للأسواق، بما فيها الأسواق الزراعية، التي تستقبل المنتجات الزراعية… وهكذا كل الوسائل التي عمل بها العدوان على تدمير الجانب الزراعي، وإنهاء النشاط الزراعي في البلد، فقد فشل تحالف العدوان في ذلك، ويستمر اليوم النشاط الزراعي، وإن شاء الله إلى الأفضل، إلى الأفضل بإذن الله تعالى، على مستوى انتاج مختلف المحاصيل الزراعية، وفي مقدمتها: القمح، والحبوب، وأيضاً المحاصيل الزراعية من الخضروات والفواكه، النشاط الزراعي مستمر مع حجم ما يعانيه المزارعون.

استمرار النشاط التجاري، والحركة التجارية، وهي نشطة بشكل مكثف، بالرغم من المعاناة الكبيرة جداً، نتيجة استهداف العدوان للأسواق، لوسائل النقل، استهدافه أيضاً بالحصار، وإعاقته للحركة التجارية في المنافذ الرئيسية، وبين المحافظات، ما بين المحافظات المحتلة والمحافظات الحرة، مع كل مؤامرات تحالف العدوان إلَّا أنَّ الحركة التجارية نشطة وقوية.

وأيضاً استمرار النشاط العمراني، بالرغم من أنَّ تحالف العدوان دمَّر الآلاف من المنازل، دمَّر المئات من المنشآت المتنوعة، والمصالح العامة، إلَّا أنَّ هناك نشاطاً عمرانياً مستمراً، هذا الشعب يبني، العدوان يدمِّر، وهذا الشعب يبني، وهذا ملموس وواضح في المدن والقرى، وما بين مختلف المناطق، مناطق كثيرة عمِّرت من جديد، والنشاط العمراني مستمر على رغم أنف العدوان.

أيضاً من مظاهر الصمود والتماسك الشعبي: التكافل الاجتماعي ما بين أبناء الشعب اليمني، مع المعاناة الشديدة، مع ما يعانيه الفقراء من أبناء هذا البلد، هناك نشاط ممتاز في مسألة التكافل الاجتماعي، وتممت هذا النشاط هيئة الزكاة بجهودها المباركة، وأنشطتها الواسعة، والمبادرات الاجتماعية، هناك نشاط في المبادرات الاجتماعية نشاط جيد، ويتنامى- إن شاء الله- نحو الأفضل بإذن الله.

 هناك أيضاً من مظاهر الصمود والتماسك الشعبي، ما يدل على قوة الإرادة، والثبات على الموقف، وعلى الوعي، من خلال الاستجابة العملية والصبر والثبات، فلذلك نلحظ استمرار التحشيد إلى الجبهات، مع كثرة هذه الجبهات، وامتدادها الواسع، الذي سنتحدث عنه، عملية التحشيد مستمرة خلال كل هذه السبعة الأعوام، لم تتوقف، هناك تحشيد مستمر إلى الجبهات، وفي الحالات الاستثنائية والطارئة يأتي التحشيد بشكل واسع، عندما يكون هناك تكثيف للعدوان في جبهة معينة، أو سعي للعدوان لاقتحام محافظة، أو فتح عملية جديدة لتحالف العدوان في جهة معينة، يكون هناك نفير واسع، وهبات يمانية واسعة وشجاعة، تتجه إلى الجبهات، وتعبر عن عنفوان هذا الشعب، عن إيمانه، عن ثباته، عن رجولته، عن بطولته، عن شجاعته، عن إبائه، عن قوة عزمه، عن صبره.

وأيضاً القوافل (قوافل العطاء)، التي ينفق فيها هذا الشعب حتى من الواقع الصعب، نسبة كبيرة من المنفقين هم من الفقراء، ومن ذوي الدخل المحدود، ومن النساء نسبة واسعة، البعض منهن تنفق من ذهبها، والبعض منهن تربي من أغنامها، أو من أبقارها ما تقدمه لصالح الجبهات، والمجهود الحربي، وقوافل العطاء لدعم الجبهات لم تتوقف خلال كل هذه المراحل، خلال كل هذه الأعوام، بالرغم من حجم الحصار ومستوى المعاناة الكبيرة.

أيضاً من مظاهر هذا الصمود، هذا التماسك الشعبي، هذا العنفوان، هذه الروحية الإيمانية العالية، المجاهدة، الصابرة: نشاط هذا الشعب البارز جداً في المظاهرات، والمسيرات، والوقفات، والمناسبات، شعبٌ حي، لم تكسر إرادته مئات الآلاف من الغارات الجوية، ولا الحصار الشديد، الذي يسعى تحالف العدوان إلى أن يجوِّعه من خلاله، ولا حجم الهجمات الإعلامية التضليلية الهائلة، كل ذلك لم يؤثر على مستوى نشاطه، فاعليته، حيويته، شعبٌ حرٌ، حيٌ، أبيٌ، بعزم مضَّى، بعزمٍ لا يلين، ولهذا هناك أرقام هائلة جداً في المظاهرات والمناسبات الدينية التي يحضر فيها شعبنا ويحييها شعبنا في مختلف المحافظات الحرة، بلغت حسب الإحصائيات المظاهرات والمناسبات الدينية التي أحياها شعبنا خلال هذه الأعوام أكثر من مئة وأربعة وسبعين ألفاً، هذه مسيرات، مظاهرات، مناسبات دينية، أكثر من مئة وأربعة وسبعين ألفاً، أما الوقفات: الوقفات في القبل، الوقفات في الأحياء السكنية وفي المدن وهي أعداد هائلة جداً بلغت أكثر من ستمائة ألف وقفة من أبناء شعبنا هذا يعبر عن عنفوان عن حياة عن قوة عن إرادة عن عزم حيوية عمل نشاط تحرك ضميرٌ حي.

أيضاً من مظاهر هذا الصمود الشعبي: ردة الفعل الواعية، كلما زاد تحالف العدوان في جرائمه، واشتد في حصاره؛ كلما كانت ردة فعل هذا الشعب واعية، يتجهون إلى الجبهات، يخرجون في المظاهرات، يزيدون من نشاطهم وجهودهم في التصدي لهذا العدوان، والتصدي لهذا الحصار؛ لأنهم يعرفون من هو المعتدي؛ لأنه واضح، هو لا يعمل في جنح الظلام على خفاءٍ من الناس، لا يعرفه أحد، ولا ينتبه إليه أحد، هويته واضحة، ومعروفة، ومكشوفة، الشعب يعرف من هو العدو الذي يقتله، ويحاصره، ويعتدي عليه، كل هذه السنوات يعرف من هو، ولذلك ردة فعله واعية، كلما حوصر أكثر، كلما اشتدت الهجمات الإجرامية الوحشية التي تستهدفه بالقتل؛ يتجه بردة فعله في التصدي لهذا العدوان بمكوناته المعروفة.

ولذلك فتحالف العدوان الذي يرفق دائماً، ويتزامن مع حصاره وحملاته الإجرامية والوحشية، وجرائمه الكبيرة، حملات إعلامية تضليلية، هو يرى أنه فاشل؛ لأنه دائماً كان يتمنى أن تكون ردة الفعل باتجاه مَنْ؟ باتجاه أحرار هذا البلد، أن تكون ردة الفعل غير واعية، أن تكون ردة الفعل انهزامية، أن تكون ردة الفعل بتوجه الغضب نحو من؟ نحو الجهة التي تتصدى لهذا العدوان، نحو الحكومة في صنعاء، نحو الجيش واللجان الشعبية، نحو أحرار هذا البلد، أن يتوجه السخط نحوهم، أن يتوجه اللوم لهم، أن يتوجه الموقف ضدهم، أن يُحمَّلوا هم المسؤولية بما يفعله تحالف العدوان، أن يتحملوا هم مسؤولية جرائم تحالف العدوان، أن يتحملوا هم اللائمة تجاه الحصار الذي يمارسه تحالف العدوان، ولكن شعبنا بالرغم من حجم المعاناة من جهة، وحجم الحملات التضليلية، التي لها أبواقها في الداخل، البعض منهم حتى في مقايل القات، البعض منهم حتى في التجمعات الاجتماعية، والمناسبات الاجتماعية، يبدأ يتكلم وينسب ما نعانيه جميعاً في هذا الشعب في هذا البلد من حصار، من استهداف من جانب تحالف العدوان، ينسب السبب فيه، واللائمة فيه، والتوبيخ على ما يحصل نتيجةً له إلى من؟ إلى الجيش، إلى أحرار هذا البلد، إلى المجاهدين بشكلٍ عام، إلى أنصار الله في المقدمة… وهكذا، لكن ردة فعل شعبنا واعية، هو شعبٌ واعٍ، لا يمكن أن يخدع، لو خدع فاتجه لخدمة أعدائه ضد أبنائه، ضد المدافعين عنه؛ لكانت هذه حماقة، وجهل، وغباء، وانتحار، وخدمة مجانية للأعداء، لكن شعبنا أوعى من ذلك، أكثر وعياً من ذلك.

من مظاهر هذا الصمود لشعبنا، هو: الصمود العسكري في الميدان، في ظل ظروفٍ صعبةٍ جداً، وعندما نتأمل فيما يجري في جبهات القتال، نتذكر فيما يعبِّر عن حقيقة الصمود في الجبهات، قول الله سبحانه وتعالى: {فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}[آل عمران: من الآية146]، صمود المرابطين من أبناء هذا البلد، الذين اتجهوا إلى جبهات القتال ليمنعوا أعداء هذا البلد من اقتحامه، من السيطرة عليه، من احتلاله، من السيطرة على شعبه، ليمنعوهم من الوصول إلى أهدافهم ومآربهم الشيطانية، العدوانية، الإجرامية، التي لا مشروعية لها، صمودهم وثباتهم بالرغم من صعوبة الظروف في كل شيء.

الذين يرابطون في الجبهات يعيشون في ظل ظروف صعبة، ليست فقط المعاناة في نقص التغذية، في الحصول على الاحتياجات الضرورية في القرى وفي المدن لدى المواطنين في منازلهم، المعاناة هي في الجبهات، المرابطون يرابطون كل هذه الأعوام السبعة، ودائماً هناك نقص عندهم في التغذية، نقص عندهم في توفر الاحتياجات الضرورية، هم يُشَاهَدُون حتى في عملياتهم الموثقة بالفيديو، التي تبثها القنوات، كيف يتحرك البعض منهم ولم يتوفر له حتى الأحذية، نقص في كل شيء، في كل المستلزمات الضرورية التي يحتاج إليها المقاتل في الميدان، نقص في الغذاء، نقص في التسليح، نقص في المؤن، نقص في التجهيزات… نقص في كل الاحتياجات، مع ذلك يصبرون، ويصمدون، ويستبسلون، بعزمٍ إيمانيٍ فولاذيٍ، اتضحت تجلياته في المواقف البطولية العظيمة.

أيضاً في ظل ظروف المناخ الصعبة، في حرارة الصيف، وجبهات كثيرة منها إما في الساحل، في المناطق الحارة جداً، أو في الصحاري، في صحاري الجوف، في صحاري البقع، في صحاري مأرب، في صحاري مناطق أخرى، صحاري كثيرة حارة جداً، يرابط فيها هذا المجاهد المقاتل من أبناء بلدنا، وهو يتصدى لتحالف العدوان، لكل جيوشه الذين أتى بهم من مختلف الأقطار، من الخونة، المرتزقة، المنافقين، المستأجرين، أعداد كبيرة يأتي بهم لاحتلال هذا البلد، يتصدى لهم المرابطون، ويستمرون في مرابطتهم في ظل تلك الظروف الصعبة جداً، نحن على مقربة من شهر رمضان المبارك، في الأعوام الماضية كان البعض من المرابطين يصل به الجهد وهو يصبر ويرابط في الصحراء، في أشد الحرارة، وصائم في النهار في شهر رمضان، يصل الحال بالبعض منهم إلى أن يغمى عليه من شدة العطش والظمأ، مع ذلك يأتي رفاقه ليرشقوه بالماء، يستيقظ من جديد ليواصل مرابطته وصمود وصبره.

أيضاً في الشتاء، سواءً في الصحراء، بالذات في المناطق الشرقية، أو في الجبال، جبهات كثيرة في الجبال، وفي مناطق باردة جداً، يصبر فيها المرابطون على أشد البرد، وهناك عادةً نقص كبير في توفر الملابس الشتوية، والاحتياجات التي يحتاج إليها المرابطون لتخفيف المعاناة من شدة البرد، يصبرون على ظروف المناخ.

الظروف العسكرية: رصد نشط لتحالف العدوان فوق الكثير من الجبهات، وأحياناً في بعض الجبهات يستمر الرصد الجوي ليلاً ونهاراً، بطائرات حديثة، وإمكانات حديثة، وتقنيات حديثة، ومع الرصد القصف المستمر، والاستهداف المستمر، مع ذلك يصمدون ويستمرون، مع قوافل الشهداء اليومية، الشهداء كل يوم، قوافل من الشهداء كل يوم، والبقية يرابطون، قوافل من الجرحى أيضاً، أعداد كبيرة من الجرحى، مع ذلك ما تعانيه أسرهم من الظروف الصعبة، ما تعانيه أسرهم من الظروف، وأكثر من معاناة الكثير من أبناء هذا الشعب، من أشد الناس معاناةً هم أسر المرابطين، مع ذلك يواصلون مرابطتهم، البعض منهم يجرح عدة مرات، يعود بعضهم إلى الجبهات حتى قبل أن يتكامل شفاؤه من جراحه، عزمه، ضميره الحي، إيمانه لم يتركه أن يجلس، أن يقعد، أن يستسيغ القعود، فيعود إلى الجبهة وهو لم يتماثل إلى الشفاء بعد، البعض منهم قد فقد بعضاً من أطرافه، رجله مثلاً، يعود إلى الجبهة على عكازه، عزم إيماني عظيم، {مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ}[آل عمران: من الآية172]، هذا النموذج الراقي جداً، البعض فقد شيئاً من حواسه.

ينتشرون في خطوط تماس على طول ما يقارب ألف وأربعمائة وثلاثة وثلاثين كيلو متر، في قرابة مئة جبهة، جبهات كثيرة وواسعة، البعض منها جبهات في الصحاري، البعض منها جبهات في المدن، جبهات في وديان، جبهات في الساحل، في الصحراء، البعض يرابطون في البحر في الجزر، في حركة بحرية دؤوبة، ورصد بحري مستمر… وهكذا.

وجودهم في الجبهات في ظل مواجهات مستمرة، بعض الجبهات تستمر فيها المواجهات بشكل يومي، بشكل يومي، ووضع ساخن وحساس، والبعض منها أيضاً تشهد مواجهات ساخنة جداً، ولذلك بلغ عدد العمليات التي نفذها المرابطون المجاهدون الجيش واللجان الشعبية: ستة آلاف وستمائة وواحد وثمانين عملية، يعني: خلال هذا الفترة الماضية ليسوا فقط متواجدين في الجبهات ليجلسوا ويقعدوا، بل هناك نشاط كبير جداً، تنفيذ لعمليات متنوعة: عمليات كبرى، عمليات متوسطة، عمليات إغارات، عمليات متنوعة بالآلاف، كما أنهم قاموا بالتصدي: لستة آلاف وخمسمئة وسبعة وعشرين عملية من جهة الأعداء، يعني: هم في عمل دؤوب، مواجهات ساخنة ومحتدمة، ولكنهم يصمدون بروحٍ إيمانية، ومعنوياتٍ عالية، وصبرٍ عظيمٍ وجميل، ونماذج عالمية، برزت منهم نماذج تصبح نماذج عالمية، يقل أن يكون لها مثيل في العالم بكله، والمواقف هنا مواقف سجلها الإعلام، ونشرها الإعلام، مواقف بطولية عظيمة جداً، تقدِّم أروع الأمثلة في التفاني، والاستبسال، والوفاء، والعزم، والتضحية، هذا على مستوى الميدان.

أيضاً من مظاهر الصمود وتجلياته في الأداء العسكري والتصدي للعدوان: ما يتعلق بالتصنيع الحربي، وهو من المتطلبات الأساسية في التصدي للعدوان، كان من أول ما ركَّز عليه تحالف العدوان ومن خلفه، هو أولاً حظر توريد السلاح إلى هذا البلد، منع وصول إلى أبناء بلدنا للدفاع عن أنفسهم، وأيضاً استهداف أي سلاح موجود، ولذلك من أول ما ركَّزوا عليه في الاستهداف الجوي: الاستهداف للمعسكرات، ومخازن السلاح فيها، والاستهداف لكل مخازن الأسلحة المعروفة التي كانت تتبع الجيش اليمني، وحتى أي مخازن أسلحة تابعة للتجار، إذا عرفوا بشيءٍ منها استهدفوه بشكل مباشر بالقصف، اتجه الإخوة الأعزاء في التصنيع الحربي إلى العمل في مختلف المجالات والمتطلبات الأساسية، وفي مقدمتها: أسلحة الردع (الصواريخ)، فبدأوا بنشاطهم في تصنيع الصواريخ، من صاروخ الصرخة، على مدى أكثر من أربعين كيلو متر تقريباً، وصولاً إلى صاروخ ذو الفقار، وقدس2، وبركان2، صواريخ بعيدة المدى، تصل إلى مديات بعيدة، وبقوة تدميرية جيدة، لا يزال العمل مستمراً فيما يتعلق بالتصنيع الصاروخي.

أحياناً يعترف تحالف العدوان أنَّ هناك نشاط تصنيعي للصواريخ في بلدنا، ويتحدث عن بعض عملياته في القصف الجوي الذي ينفذه، والغارات التي يستهدف بها أهدافاً في بلدنا، أنها تستهدف مصانع للصواريخ مثلاً، تكرر هذا، وهو يعرف جيداً، تحالف العدوان هو يعرف جيداً أنَّ لدينا في هذا البلد نشاطاً تصنيعياً محلياً للصواريخ، هو يعرف هذه الحقيقة، ونحن ندرك أنه يعرف هذه بشكلٍ تام، مع ذلك يتحدث دائماً عن أنها صواريخ إيرانية، صواريخ إيرانية، هو يريد أن ينكر أنها إنتاج محلي، يصعب عليه ذلك، هو يريد لهذا البلد أن يكون مدمراً، عاجزاً، مستسلماً، لا ينتج شيئاً، محتلاً… إلى آخره، فأن تتحول المعادلة إلى وضعٍ مختلف كلياً، يتحول إلى بلد صامد، ثابت، منتج، مصنِّع حتى لعتاده الحربي، ويتجه لاحقاً- بإذن الله تعالى- إلى التصنيع للأغراض المدنية والاحتياجات المدنية، هذا يغيظه، يكبر عليه، صعب عليه.

أيضاً فيما يتعلق بالتصنيع الصاروخي، جهد محلي، وعمل محلي، وورش محلية تنتجه، وإسهام محلي، تعاون حتى من الفقراء، تعاون حتى من ذوي الدخل المحدود، عندما تتوجه الصاروخية لإطلاق صاروخ ذو الفقار، فبقدر ما هناك فيه من إسهام من الذين يشتغلون في التصنيع في الورش لإنتاج هذا الصاروخ، فيه إسهام حتى من المرأة اليمنية، التي باعت قرطها، وخرصها، وخاتمها، في أن تساهم في دعم الصاروخية، والتي باعت شيئاً من غنمها، أو باعت شيئاً من بقرها، أو باعت شيئاً من أغراضها؛ لكي تسهم بقيمته في الصاروخية، ولكل الإسهام الشعبي المتنوع الذي يقدَّم دعماً للصاروخية، صاروخ ذو الفقار عندما يتم إطلاقه، هو جهدٌ مشترك، وهو اسهامٌ من اسهامات هذا الشعب الصابر، والمضحي، والمعطاء، والثابت، والصابر، وهكذا صاروخ قدس2… وما شابه.

المسيَّرات، وصناعة المسيَّرات، وتطويرها، وتنويعها، أنواع من الطائرات المسيَّرة، لأغراض متنوعة، منها ما يعمل في الجبهات، ومنها ما هو للاستهداف إلى المديات البعيدة، ومنها ما هو للاستطلاع والتصوير، ومنها ما هو انتحاري بشكلٍ مباشر، ومنها ما هو لإلقاء قذائف، والعملية مستمرة في التطوير، وفي رفع مستوى الإنتاج، والمسيَّرات سلاح فعَّال يربك الأعداء، ويقلق الأعداء، ويؤرِّق الأعداء، ومثَّل معضلةً لهم، كما هو الحال بالنسبة للصاروخية، يعبِّر عن صمود هذا الشعب، عن إبداعه، عن ثمرته توكله على الله سبحانه وتعالى.

على مستوى الدفاع الجوي، الذي تمكن بالرغم من الظروف الصعبة، والعمل من نقطة الصفر، كما هو الحال في المسيَّرات، وكما هو الحال أيضاً في الصاروخية، العمل من نقطة الصفر، في ظروف صعبة جداً على المستوى الاقتصادي، وحصار شديد، واستهداف جوي مكثف، هناك نتيجة جيدة، اسقاط لعدد كبير من الطائرات الحربية، والطائرات الاستطلاعية، وتطوير مستمر للدفاع الجوي، وأملنا- إن شاء الله- أن يصل إلى مستويات متقدِّمة، في مقابل أنَّ النظام السابق كان يتلف ويدمِّر صواريخ الجوي في حفلات مع الأمريكيين والأمريكيات.

كذلك فيما يتعلق بالبحرية، عمل من نقطة الصفر، فاعلية عالية، ردع تام عن مهاجمة مدينة الحديدة وما يحاذيها أيضاً في جهة الساحل، وفاعلية في الأداء البحري والعملياتي، وتطوير للمستقبل، وفق برنامج واضح ومحدد، لا نحتاج إلى الإعلان عنه، تظهر- إن شاء الله- ثمراته في المستقبل، وإن شاء الله في المستقبل القريب.

طبعاً حرصنا جداً فيما يتعلق بالصاروخية، والمسيَّرات، وحتى في البحرية، أن نمتلك القدرة على مستوى المديات البعيدة، بحيث نطلق من أي مكان نريد أن نطلق منه من محافظاتنا الحرة، بمعنى: لا نحتاج في أن نضرب أهدافاً في البحر، أو أن نضرب أهدافاً في البر، أو أهدافاً لتحالف العدوان حتى في عمقهم، سواءً في السعودية، أو في الإمارات… أو في غيرهما، لا نحتاج فقط إلى محافظة محددة، أو منطقة محددة، نحن عملنا على أن نصل إلى مستوى أن نطلق من أي مكانٍ نريد أن نطلق منه، حتى إلى البحر، نحرص على ذلك جداً، أن نضرب من أي محافظة إلى أي نقطة في البحر، وأن نضرب من أي محافظة أي بقعة إلى أي مكان مستهدف لدى تحالف العدوان، هذا شيء حرصنا عليه؛ لأننا نعرف أهميته، وما يمثله من إحباط لدى تحالف العدوان.

هناك أيضاً فيما يتعلق بالتصنيع الحربي نجاح كامل في تصنيع المدفعية، وبالدرجة الأولى مدفعية الهاون وقذائفه بشكلٍ كبير، وبشكلٍ متقدِّم، وبإتقانٍ تام، وهذا إنجاز كبير جداً، وأصبحنا وصلنا في هذا الجانب إلى مستوى الاكتفاء الذاتي في صناعة مدفعية الهاون وقذائفها، وصلنا إلى الاكتفاء الذاتي بحمد الله سبحانه وتعالى، صناعة لأعداد كبيرة، كميات ضخمة، نغطي الجبهات بالقدر الضروري، والعمل مستمر إلى أن نصل إلى مستوى أكبر من حيث القدرة على الإنتاج بأعداد أكبر إن شاء الله.

الإنتاج لأسلحة أخرى متنوعة، تم عرضها في معارض، وبثت في التلفاز، منها القنَّاصات المتنوعة والمتطورة والفاعلة والقوية، وكذلك الهندسة التي تصنع أنواعاً كثيرة جداً ومتطورة وفعَّالة ومتنوعة، منها الكلاشنكوف النوع الممتاز… وهكذا أشكال كثيرة وأنواع كثيرة من السلاح، والقطاع الحربي في التصنيع العسكري مزدهر وواعد جداً في المستقبل، وبلدنا- إن شاء الله- سيكون في مقدِّمة البلدان المنتجة للسلاح، والمتطلبات الحربية في البلدان العربية بإذن الله سبحانه وتعالى، طبعاً إلى الآن أصبحنا ربما منفردين في الدول العربية بأنواعٍ من الأسلحة التي ننتجها محلياً، لم تلحق بنا الكثير من البلدان؛ لأن سياساتهم مختلفة في مسألة الإنتاج المحلي.

على مستوى الصمود في الجبهة الأمنية للأجهزة الأمنية في الداخلية، وأجهزة جهاز الأمن والمخابرات (الأجهزة السابقة)، وهناك عمل كبير جداً في هذه الجبهة لإفشال مخططات الأعداء، الأعداء يستهدفون شعبنا على المستوى الأمني بشكلٍ مكثف، ولكن لا تظهر هذه الحالة نتيجةً للجهد الكبير الذي حظي بتوفيقٍ من الله سبحانه وتعالى في إفشال الكثير من المؤامرات، والمكائد، والمخططات، كان هناك كثير من العمليات التي خطط لها العدو في تفجير السيارات المفخخة والمتفجرات في الأسواق، في أماكن التجمعات، يعني: لم يكتف تحالف العدوان بأنه يقتل أبناء هذا البلد عبر الغارات الجوية بالقنابل والصواريخ، إنما حرص أيضاً على أن يكون له نشاط تخريبي في المجال الأمني، من خلال المفخخات، والانتحاريين، والمتفجرات، والاغتيالات، فخطط للكثير من العمليات التي فشلت- بحمد الله سبحانه وتعالى- على يد الإخوة في الأجهزة الأمنية، ووفقهم الله توفيقاً كبيراً في ذلك، طبعاً تم الإعلان عن الكثير من العمليات التي أفشلت، والشبكات التي ضبطت، والعناصر الإجرامية التي ألقي القبض عليها، وبثت اعترافاتها في التلفاز.

أيضاً تم إفشال مساعي العدو في توسيع دائرة الجريمة المنظمة والفوضى، العدو له نشاط في الجريمة المنظمة، نشر الدعارة بشكل منظم، الفساد الأخلاقي، يعمل بهذا بكل جهد؛ إفساداً في الأرض، واجراماً، واستهدافاً قذراً لهذا الشعب العزيز المسلم، وأيضاً نشاط في الترويج للمخدرات، في الحركة بالمخدرات، في الاتجار بالمخدرات، نشاط منظم في جرائم القتل، في جرائم الإقلاق للأمن، وإقلاق السكينة العامة، وإثارة المشاكل الاجتماعية، والصراعات القبيلة، كم يشتغل على مخططات كثيرة وفشل في الكثير منها، كذلك الفوضى، يحاول أن يثير الفوضى، عمليات إجرامية الهدف منها إثارة الفوضى، وإعدام الأمن والاطمئنان لدى المواطنين.

أيضاً من النجاحات المهمة في الجبهة الأمنية: تثبيت مستوى جيد في البلد من الاستقرار الأمني، ومكافحة الجريمة حتى غير المنظمة، يعني: هناك ضبط، هناك استقرار لا بأس به ملموس لدى أبناء الشعب، هناك مكافحة للسرقة، مكافحة للجرائم، تصدي للجرائم، ضبط للمجرمين، نشاط لضبط الأمن بشكل عام، النظام العام، نشاط ملموس، في ظل معاناة كبيرة على مستوى الظروف، والإمكانات، والقدرات، وانعدام للمرتبات، ومعاناة كثيرة، الحفاظ بمستوى جيد على النظام العام، وهذا ملحوظ لدى أبناء شعبنا وملموس، وإيجابية كبيرة في ظل ظروف فيها استهداف كبير من جانب الأعداء، ونشاط منظم، ومن واقع إمكانات كبيرة وضخمة.

الصمود في الجبهة الاقتصادية: وكان في مقدمة ذلك التماسك أمام مساعي العدو للانهيار العام على المستوى الاقتصادي، العدو كان يعتبر الجانب الاقتصادي هو نقطة الضعف الكبيرة لشعبنا؛ أولاً: للواقع الذي يعيشه شعبنا نتيجة السياسات في المراحل الماضية، لم يكن هناك سياسة اقتصادية بناءة، تبني بنيةً اقتصاديةً وطنيةً محلية، ترتقي بالإمكانات الاقتصادية في مستوى الإنتاج المحلي، وفي مستوى الاكتفاء الذاتي للمتطلبات الأساسية التي يحتاج إليها الشعب، وبالبنية التحتية اللازمة للقطاع الاقتصادي، فاستغل العدو هذه النقطة وحاول أن يضيق بها على شعبنا أشد التضييق.

تحدثنا عن استهدافه للعملة، مع ذلك متماسكة إلى حدٍ كبير، ويحتاج هذا الأمر إلى تعاون مستمر من أبناء الشعب، وأن يتفهموا طبيعة الإجراءات في الحرب، الهادفة إلى التصدي لمساعي الأعداء في ضرب العملة، مثلاً: يسعى الأعداء إلى سحب العملة بشكل كبير إلى المحافظات المحتلة، العملة الصعبة (الدولار)، العملات الصعبة حتى المبالغ المالية التي هي بالعملة السعودية وبغيرها، لماذا؟ هم يحاولون بذلك ضرب العملة الوطنية، حتى تصبح العملة اليمنية ضعيفة، وتسقط أمام الدولار، وترتفع الأسعار بشكلٍ عام، ويعاني الشعب بشكلٍ عام في النهاية.

هناك جهود كبيرة من البنك في صنعاء والإخوة في اللجنة الاقتصادية تبذل في سياق الحفاظ على سعر العملة وتماسكها، وجهود أيضاً معهم من الأجهزة الأمنية، وهذا يحتاج إلى تعاون ووعي من جانب الشعب.

هناك أيضاً في الجبهة الاقتصادية اهتمام كبير في النشاط الزراعي، كذلك سعي لإيجاد بيئة تساعد على الاستثمار المحلي، والذي ينهض بالاقتصاد هو عندما تتجه رؤوس الأموال إلى الاستثمار في الإنتاج المحلي، بدلاً من شراء كل شيء من الخارج، وهذا فيه صعوبات وتعقيدات كثيرة.

في المجال الخدمي: هناك استمرارية في تشغيل الخدمات الضرورية ولو في حدها الأدنى، ونشاط ملموس يعني، مثلاً: شغل لا بأس به في الطرق، في الشوارع، في طرق في الريف، مشاريع هنا وهناك، من واقعٍ صعبٍ جداً، لكن هناك توجه، هناك إرادة، هناك عزم، ولو أن الظروف صعبة جداً، تتيسر الأمور- إن شاء الله- في المستقبل، قال الله تعالى: {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا}[الطلاق: من الآية7].

على مستوى الجبهة التعليمية والثقافية: صمود واستمرار في العملية التعليمية، بالرغم من الظروف الصعبة جداً للمعلمين والطلاب، وانعدام المرتبات، واستهداف تحالف العدوان للمدارس والجامعات، هناك استمرار واضح، إصرار على استمرار في عملية التعليم بالرغم من كل ذلك، مع استمرار التهديد المعادي من جانب تحالف العدوان، والاستهداف المستمر، مع ذلك تستمر العملية التعليمية، وفيها فرص جيدة، وهناك نشاط بالنسبة للمستقبل- إن شاء الله- يرتقي بالعملية التعليمية.

الصمود في الجبهة الإعلامية: وهي جبهة ساخنة، جبهة مهمة، في هذا الزمن الإعلام من أهم الجبهات، وفي مقدمة الجبهات، وهناك نشاط مكثف من الجهات الإعلامية من أبناء هذا البلد، من أحرار هذا البلد، الإعلاميون الأحرار الشرفاء، يؤدون واجباتهم بنشاط وصبر وجهد مكثف.

هناك جهد كبير جداً ومميز للإعلام الحربي في مقدمة الجهات الإعلامية التي قدمت جهداً كبيراً، وتضحيات كبيرة؛ لإبراز الحقيقة وإظهار الحقيقة في الجبهات، وأيضاً توثيق أهم الأحداث، الإعلام الحربي يقوم بدورٍ مميز وكبير وعظيم، وقدم الكثير من الشهداء في ذلك.

على مستوى القنوات الفضائية، وفي المقدمة قناة المسيرة، طبعاً هي في مناسبتها العشرية، نحن في هذا المقام وبتلك المناسبة، المناسبة العشرية لقناة المسيرة، نتوجه إليهم بالتحية والمباركة، ولا شك أن لقناة المسيرة الدور الرائد في الإعلام الوطني، في توضيح مظلومية هذا الشعب، في توضيح معاناته، في تفنيد ادعاءات الأعداء وتضليلهم الإعلامي، هي صوتٌ لهذا الشعب، هي صوتٌ لكل الأحرار، هي منبرٌ للحق، هي مبرٌ للهدى، هي منبرٌ للحقيقة، هي التي تعبر عن معاناة هذا الشعب، عن مظلومية هذا الشعب، عن حق هذا الشعب، ولذلك حاربها الأعداء بشكلٍ مكثف، عملوا على وقف بثها، عملوا على استهداف منشآتها في البلد، عملوا على استهداف مراسليها، أنشطة عدائية كثيرة موجهة إلى هذه القناة، ولكنها واصلت، واستمرت، وتقوم بواجباتها، وفي المستقبل- إن شاء الله- إلى الأفضل والأفضل والأفضل بإذن الله.

القنوات الرسمية في البلد في صنعاء أيضاً تؤدي دوراً مهماً، القنوات الوطنية الأخرى، قناة الساحات والقنوات الأخرى الوطنية تؤدي دوراً مهماً.

أيضاً الإذاعات والصحف، في مواقع التواصل الاجتماعي نشاط لأحرار هذا البلد، لفرسان الإعلام، الذين هم يتحركون بكل مسؤولية وجد.

وهكذا في كل طبيعة الأنشطة الإعلامية هناك حضور بارز، وإن شاء الله يتحسن، إن شاء الله تتظافر فيه الجهود، يرتقي فيه الأداء، أيضاً إن شاء الله المزيد والمزيد من الإبداع في عمليات الإنتاج ومستوى الأداء بإذن الله، هذا ما ننتظره من الجميع في هذه الجبهة المهمة.

وهكذا الصمود في كل المجالات، الصمود هو العنوان، هو العنوان الذي نرى مصداقيته في الأداء العملي في كل المجالات وفي كل الجبهات، بالرغم من الظروف الراهنة، بما فيها من صعوبات، من تحديات، لكننا نجد ثمرة هذا الصمود، عزةً، كرامةً، نصراً، تحققت انتصارات عظيمة في كل ميدان، هناك الكثير من الانتصارات لشعبنا، ويقابلها الكثير من الإخفاقات لأعدائنا، ونحن واثقون بالنسبة للمستقبل، وبالنسبة للعاقبة؛ لأن الله وعد، وهو الذي لا يخلف وعده، هو من قال “جلَّ شأنه”: {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}، {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}.

 

ثمرة الصمود

ثمرة هذا الصمود ما نحن عليه اليوم، في موقعٍ متقدم، أفضل بكثير من السنة الأولى للعدوان، أفضل بكثير من الظرف الذي بدأ فيه العدوان، من حيث القدرات العسكرية، من حيث امتلاك قدرات، إمكانات، خبرات، ترسيخ قيم، مبادئ، تربية جيل على الحرية في مفهومها الحقيقي، وأنا أقول للأعداء: الويل لكم من هذا الجيل الناهض، جيل تربى في أحضان الحرية، تربى في أحضان الجهاد، تربى ونمى في الظروف الصعبة، جيلاً فولاذياً مؤمناً، واعياً، مستبصراً، حراً، عزيزاً، كريماً، تربى في بيئة كلها جهاد، كلها تضحية، كلها عزة، كلها قوة، المواقف قوية، التوجهات قوية، القوة حاضرة في كل شيء، عنوانٌ بارز، وأداءٌ حاضرٌ حيٌ في كل مجال.

لذلك نحن نجد إيجابية هذا الصمود ونتائجه العظيمة والمتميزة في هذه المرحلة، التي وصلنا فيها إلى مستوى متقدم، بالرغم مما نعانيه؛ لأن خيار الصمود له متطلباته، يحتاج إلى تضحية، يحتاج إلى صبر، لكن {وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}، {وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}[آل عمران: من الآية146]، {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}[البقرة: من الآية153]، فلذلك هذا الصبر هو صبرٌ له نتيجته، له ثمرته؛ أما الاستسلام فهو الخيار الكارثي، الذي عواقبه وخيمة، وليس له أي نتيجة إيجابية، وكلفته باهظة جداً، وخسارته في الدنيا والآخرة.

في ظل الوضع الراهن وما نحن عليه بعد سبعة أعوام، لا زلنا نواجه تحديات في الوضع الاقتصادي، وتحديات في الوضع العسكري، وتحديات في كل مجال، لكننا تعلمنا في كل الأعوام السبعة أن نحول كل التحديات إلى فرص، أن ننطلق في مواجهة كل التحديات مهما كانت، من خلال استعانتنا بالله “سبحانه وتعالى”، من منطلق إيماننا به، ثقتنا به، توكلنا عليه، رجاءنا الإيماني العظيم، والله لا يخيب رجاء من رجاه، نحن توكلنا عليه، وهو القائل في القرآن الكريم: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}[الطلاق: من الآية3]، ورأينا ثمرات هذا التوكل، ونتائج هذا الصبر، وقيمة هذا الجهد، في الواقع العملي، رأيناها انتصارات كبيرة جداً- كما قلنا- في كل مجال، ونجاحات مهمة جداً، وإن تجاهلها البعض، أو تعامى عنها البعض، هذا لا ينقص من الحقيقة شيئاً، حقيقة ماثلة، كبيرة، عظيمة، ملموسة، هي واقعٌ نعيشه، هي أحداثٌ كبيرةٌ تفرض نفسها، هي وقائع ملأت سمع الدنيا وبصرها، وهذا شيءٌ ملموسٌ في العالم، في كل العالم يعترفون أن العدوان قد فشل إلى اليوم، وأنه متجهٌ إلى الفشل النهائي.

ولذلك ما علينا إلا المزيد من الصبر، والمزيد من الثبات، والمزيد من الإبداع والجهد المنظم، والتحرك في ظل الطاقات والقدرات الشعبية والرسيمة على مبدأ التعاون، الذي هو مبدأٌ عظيم جداً: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}[المائدة: من الآية2]، بالتعاون والاعتماد على الله نواجه كل التحديات مهما بلغت، ونتجاوز كل الصعوبات مهما كانت، فلذلك فلنستمر.

على مستوى الواقع العالمي: هناك أحداث ومتغيرات وظروف معروفة مع الحرب في الغرب، الحرب التي عادت إلى أوروبا بعد خمسين عاماً، كانت الدول الأوروبية وأمريكا يتفرغون فيها لحبك المؤامرات والدسائس على عالمنا الإسلامي، اليوم الحرب عندهم، في بلدانهم، وهي نتيجة للسياسات الأمريكية العدائية التخريبية في كل العالم، السياسات الأمريكية هي سياسات تخريبية سلبية سيئة، تنشر الحروب، وتنشر الأزمات في مختلف بلدان العالم، هذه المتغيرات وهذه الأحداث فيها الكثير من الدروس والعبر:

من أولها: افتضح الغرب في ازدواجية المعايير لديه، فهو في أوكرانيا يستنهض كل شيء وكل العناوين في الحرب والنفير العام، لم يبق هناك كلام عن السلام، ولا جهود للسلام، كل الأنشطة العدائية تفعَّل في كل الاتجاهات: إعلامياً، واقتصادياً، وعسكرياً، وتحت كل العناوين، حتى أنهم يطلبون من العجائز في أوكرانيا أن يقاتلن، ويطلبون من الأطفال أن يقاتلوا، المهم أن يهب الجميع ما دامت أمريكا طلبت ذلك.

هكذا هو الغرب يستنفر كل العناوين الحربية والعدائية في أي معركةٍ يريدها، تحت الراية الأمريكية والقيادة الأمريكية؛ أما نحن كشعبٍ يمني فيستكثرون علينا حقنا المشروع في الدفاع عن أنفسنا، عن بلدنا، عن حريتنا، عن استقلالنا، عن كرامتنا، ولكننا لا نأبه لذلك ولا نكترث لذلك، نحن على بصيرةٍ من أمرنا، ويقينٍ من عدالة قضيتنا، ووضوحٍ في معركتنا، ونحن ننطلق فيها بالتوكل على الله “سبحانه وتعالى”.

في ظل هذه المتغيرات الدولية يتضح لنا أهمية العناية بالوضع الداخلي لدينا فيما يتعلق بالإنتاج المحلي، والاهتمام بالاقتصاد الوطني، الاعتماد الذي كان سائداً في البلد كسياسة للنظام السابق على الاستيراد الخارجي لكل شيء، من عواقبه السيئة أن نتضرر في وطننا عند أي أزمات أو مشاكل دولية أو إقليمية، ومع الحصار علينا، الحصار الشديد من تحالف العدوان نتضرر أكثر؛ لأنه مع الحصار أيضاً تأتي المعاناة الناتجة عن هذه المتغيرات والأزمات الدولية والإقليمية، ولذلك من المهم جداً أن نتجه في هذا البلد، وبالاستعانة بالله، بالاعتماد على الله، بالتوكل على الله “سبحانه وتعالى”، أن نتجه بكل جدية إلى الإنتاج المحلي، الإنتاج الوطني، رجال المال والأعمال عليهم أن يتوجهوا هذا التوجه، في القطاع الزراعي والإنتاج الزراعي، إنتاج المحاصيل، وتعليبها، وتسويقها… وما إلى ذلك، وأيضاً المواطنون بشكل عام يمكن إنشاء شركات ومؤسسات تساهمية، تعاونية، استثمارية، لتنشط في الإنتاج الداخلي.

تجاه هذه المتغيرات، تجاه التحديات، تجاه المعاناة، ليس من الصحيح أن نبقى نصيح من المعاناة فحسب، أو أن نبقى في حالة تذمر واستياء وعقد داخلية بعيداً عن الانطلاقة العملية على النحو الصحيح بالشكل الصحيح المثمر، الذي نعتمد فيه على الله، نلتجئ فيه إلى الله، الذي هو الرزاق ذو القوة المتين، وهو البر الكريم الرحيم، وذو الفضل الواسع العظيم، أن نجلس نتذمر، نلقي باللائمة على بعضنا البعض، ناسين للحصار، ناسين لهذه الأحداث الدولية، التي أحدثت أزمات حتى في أمريكا وأوروبا، أزمات في المشتقات النفطية، ارتفاع في الأسعار في مختلف بلدان العالم، فلنتجه بجد إلى الإنتاج المحلي.

في ختام هذه الكلمة، في هذا المقام، في هذه المناسبة نؤكد على ما يلي:

أولاً: مواصلة الصمود كخيار مبدئي، إيماني، إنساني، قيمي، أخلاقي، وطني لدى الوطنيين، ودعم الجبهات بالمال والرجال.

مواصلة تطوير ودعم الصناعة الحربية، وأيضاً في هذا العام يتم التوجه نحو العناية بالتصنيع في الجانب المدني، هذا ما نحرص عليه ونسعى له.

العناية بالتكافل الاجتماعي والزكاة.

العمل للانتقال بالعمل الرسمي الحكومي في إطار الخطط المهمة، والأولويات المحددة، والقطاعات التي صدرت بها قرارات من أجل تطوير العمل الحكومي وإصلاحه وتصحيح مساره.

أيضاً نؤكد فيما يتعلق بالوضع الخارجي على ثباتنا في موقفنا المبدئي تجاه قضايا الأمة بكلها، في التكامل مع إخوتنا في محور المقاومة كيدٍ واحدة، وأيضاً فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، التي هي القضية المركزية للأمة، لا نحيد ولا نميل، مهما طبَّع المطبعون، وانحرف المتآمرون والموالون لأمريكا وإسرائيل.

في هذا المقام أيضاً نتوجه بالشكر لكل الذين وقفوا مع شعبنا في محنته ومظلوميته، من إخوتنا في محور المقاومة وأحرار العالم.

أيضاً في هذا المقام أدعو تحالف العدوان لوقف العدوان، ورفع الحصار، وإنهاء الاحتلال، هذا الذي تنتهي به المشكلة، أي مساعي التفافية وعناوين التفافية لن تجديهم شيئاً، إذا أرادوا أن يخرجوا أنفسهم من الواقع الذي وصلوا إليه نتيجةً لعدوانهم، فالمسألة واضحة، وقف العدوان، أوقفوا عدوانكم، أنهوا حصاركم، أنهوا احتلالكم، والمشكلة تنتهي.

نصل في ختام هذه الكلمة إلى فقرة قادمون:

قادمون في العام الثامن بالتوكل على الله “سبحانه وتعالى”، والثقة به، والاستعانة به، {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}[الطلاق: من الآية3].

قادمون بجحافل جيشنا المجاهد، الصابر، المستبسل، المتفاني، المؤمن بربه “سبحانه وتعالى”.

قادمون بصواريخنا البالستيه، وطائراتنا المسيرة، الفاعلة، المنكلة بالأعداء، البعيدة المدى.

قادمون بإنتاجنا الحربي المتميز، وأنظمة الدفاع الجوي.

قادمون بأسلحتنا البحرية، التي تغرق الأعداء، وتوصلهم- بإذن الله تعالى- إلى قعر البحر، كما هو هلاك فرعون.

قادمون في العام القادم بالتصنيع المدني؛ لنؤسس فيه نهضةً حضاريةً تخدم وضع شعبنا الاقتصادي بإذن الله تعالى.

وأخـــــــــــــــــيراً: أدعو شعبنا العزيز إلى الحضور يوم الغد في الفعاليات في مختلف الساحات، حرصنا على أن تكون المناسبة هذا العام مفرقة؛ نظراً للظروف التي يعانيها شعبنا، بسبب انعدام المشتقات النفطية.

نسأل الله “سبحانه وتعالى” أن يوفِّقنا وإيِّاكم لما يرضيه عنا، وأن يرحم شهداءنا الأبرار، وأن يشفي جرحانا، وأن يفرِّج عن أسرانا، وأن ينصرنا بنصره، إنه سميع الدعاء.

وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ تَعَالَى وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

 

حفظكم الله، وفقكم الله، رعاكم الله.

قد يعجبك ايضا