الجزَرَةُ الأمريكية
موقع أنصار الله ||مقالات ||د. فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي
الأمة بحاجة للتعبئة لتكون في حالة يقظة ووعي تجاه مؤامرات الأعداء ولتتحصن من عملية الاختراق والاستقطاب.
بعد أن سقط الاتّحادُ السوفيتي عام 1990م فرضت أمريكا سياسةَ القُطب الواحد ونصّبت نفسَها شرطياً على العالم، وبدأت بالتحكم في مجريات الحياة السياسية في معظم الدول، ولم تعد تحرص على كسب وُدِّ أية دولة.
وَإذَا أرادت أمريكا شيئاً من دولة ما يكفي أن تصدر أمراً فيستجاب لها، وقللت من تقديم المساعدات المالية والعينية للدول التي تدور في فلكها، وذلك من خلال وضع شروط يصعب تلبيتها وَإذَا قدمت مساعدة فَـإنَّ معظم تلك المساعدة تذهب للخبراء والمدربين الأمريكيين، وما حدث في اليمن خلال حكم النظام السابق خير مثال على ذلك، فقد كانت أمريكا في تعاملها مع نظام علي عبدالله صالح تفرِضُ عليه مطالبَ كثيرة، منها محاربة الإرهاب والسماح لطيران الدرونز بأن يتحَرّك في أجواء البلاد بحرية ويقصف من يريد وفرضت عليه أن يتخلص من الأسلحة النوعية، وكل ذلك مقابل مساعدات زهيدة تقدمها بشروط لا تستطيع الحكومة تلبية معظمها وتعتبر عديمة الجدوى بالنسبة للشعب اليمني، وهذا يمكن إسقاطه على دول كثيرة.
وفي العقد الأخير حدثت متغيراتٌ عديدة على المستوى العالمي والإقليمي دفعت أمريكا إلى التفكير لتغيير سياستها نحو الدول المستضعفة.
ومن أهم هذه المتغيرات ظهور الصين كقوة اقتصادية هائلة والبدْء بتنفيذ مشروعها الاستراتيجي (الحزام والطريق).
وكان للحرب الروسية على أوكرانيا تأثيرٌ سلبي كبير على قواعد النظام العالمي الذي تسيطر عليه أمريكا بمساعدة الدول الغربية.
والمتغير الأخير هو ظهور محور المقاومة وتحقيقه انتصاراتٍ كبيرةً في مختلف الجبهات أمام أدوات أمريكا في اليمن وفلسطين ولبنان والعراق.
وقد تسببت هذه المتغيرات في إثارة قلقِ أمريكا البالغ، مما اضطرها إلى حشد كُـلّ قواها لمواجهتها، فعملت على إعادة بناء التحالفات مع القوى الموالية لها وخَاصَّةً إعادة إحياء حلف الناتو كأدَاةٍ للمواجهة العسكرية، وتقديم الدعم السخي لحلفائها في أوكرانيا وفي المنطقة العربية، وأخيرًا اضطرت للتلويح بالجزرة بدلاً من العصا من خلال اعتماد 600 مليار دولار للتنمية في الدول النامية؛ بهَدفِ مواجهة الاخطار الكبيرة التي تواجهها من الصين وروسيا ومحور المقاومة، بعد أن فشلت في مواجهة تلك الدول بالقوة، وهذا يؤكّـد أن أمريكا قد بدأت تشعُرُ بالضعف أمام المتغيرات الجديدة في العالم.