21 سبتمبر.. هل هي ثورة فقط؟
موقع أنصار الله ||مقالات ||عبدالخالق القاسمي
21 سبتمبر ليست ثورة بل ثورات، وليست ضد نظام واحد بل ضد أنظمة عديدة.
لا يخفى على أحد ذلك الواقع المأساوي قبل ثورة 21 سبتمبر، خُصُوصاً ما يتعلق بالجانب الأمني، أما السياسي فكان الطريق مسدوداً أمام كُـلّ الفرقاء السياسيين مع عدم تنفيذ مخرجات الحوار الوطني وحرص الحكومة آنذاك على تجاهل مطالب الشعب والاستجابة للمطالب الخليجية حتى وإن كان الأمر وضع اليمن تحت الوصاية الأمريكية بما يسمى البند السابع.
واقتصاديًّا كان رئيس الوزراء يبكي أمام الإعلام ويقول لن نصرف الرواتب؛ لأَنَّ البنك فارغ ونحن بحاجة إلى فرض مزيد من الجرع، وكان ذلك يتم بالفعل وُصُـولاً إلى فرض جرعة أخيرة برفع أسعار مشتقات النفط ومعها بقية السلع التي يحتاجها المواطن.
أما عسكريًّا فقد أثبتت الوثائق وأشرطة الفيديو تدمير أسلحة الجيش والعمل على إعادة هيكلة الجيش وفقاً للرؤية الأمريكية التي تتناسب مع مشروع الأقلمة والتقسيم، بل كان يتم تهديد منتسبي هذه المؤسّسة عن طريق القاعدة بواسطة ذبح مجموعة في منطقة ما على أَسَاس أن الجنود دخلوا مكاناً لا ينتمون إليه، وكذلك التفجير بمجموعة أُخرى وهكذا حتى تتبخر فكرة الانضمام إلى الجيش مستقبلاً لدى المواطن، وتتولد فكرة الانسحاب من الجيش لدى المنتسب، بعد أن وصل الاستهداف إلى مبنى وزارة الدفاع ومستشفى العرضي، مما اضطر الجيش والأمن إلى التخفي وراء الزي الشعبي ووضع البدلات العسكرية في أكياس.
أمنيًّا ذلك ما حدث.. تفجيرات واغتيالات وصلت إلى مبنى وزارة الدفاع، وإلى العرض العسكري للأمن المركزي في السبعين الذي حاول أن يثبت بأن الأمن مستتب في صنعاء فكان أن أثبتت القاعدة تواجدها، ووصل الاستهداف إلى المساجد مثل بدر والحشحوش، والمستشفيات، والتجمعات في الأسواق والتظاهرات وغير ذلك من اغتيال أحرار مجلس النواب والكوادر الأكاديمية وغيرها من الجرائم في ظل صمت الحكومة الفاسدة التي تستجيب لأوامر السفير الأمريكي، وتجدر الإشارة إلى أن التفجيرات والاغتيالات لم تصل إلى المارينز في السفارة أَو إلى السفير وحاشيته في صنعاء، ولا إلى شبيهه البريطاني في السفارة البريطانية ولا السعوديّ، الذين بمُجَـرّد أن لاحت بشائر انتصار ثورة 21 سبتمبر استدعوا الطيران اليمني ووجهوا بتحَرّكه من قاعدته؛ مِن أجلِ أن يهرب بهم، في مشهد آخر من مشاهد سقوط السيادة اليمنية، وهذا مما يؤكّـد ضرورة الثورة، ومع سفراء أمريكا وبريطانيا والسعوديّة اختفت القاعدة وتلاشت ليتأكّـد المؤكّـد أن القاعدة صنيعتهم، وهذا أثبت مؤخّراً في المهرة، حَيثُ كشفت مصادر عن مسرحية قامت بها السعوديّة مع بريطانيا في المحافظة وُصُـولاً إلى الهدف المزعوم الذي يشرعنون لأنفسهم به التحَرّك في المهرة، فقد قاموا بإرسال ضابط استخبارات سعوديّ إلى المهرة مع زوجته واستأجروا له بيتاً ومن ثم قالوا له بأنهم سيداهمون المنزل ويعتقلونه مع زوجته على أَسَاس أنه أمير القاعدة في جزيرة العرب، وهكذا بعد أن كانت أهدافهم تتمثل في الاحتلال بذريعة مكافحة الإرهاب، استخدموا خطة سخيفة أرادوا من خلالها أن يثبتوا بأن هناك عناصرَ من تنظيم القاعدة في المهرة، حتى يبرّروا التواجد في المحافظة النفطية والأكثر أمناً وسلاماً في اليمن، وبالطبع في المهرة؛ لأَنَّ الثورة لم تصل إلى هناك بعد.
من هذا نفهم بأن ثورة 21 سبتمبر لم تكن ضد شخص أَو سلطة واحدة عميلة، وإنما ضد كُـلّ العملاء وضد أنظمة خليجية في المنطقة وضد النظام الأمريكي الذي دمّـر أسلحة اليمن، وقام ببناء القواعد العسكرية، وقام بنشر القاعدة، وافتتح فنادق الدعارة، وتدخل حتى في صياغة المناهج التعليمية وتعديل بعض المصطلحات الدينية، وأعد وأنتج حتى خطب الجمعة، وقام بعمل وزارة الإرشاد، وأصبح شيخاً على مشايخ اليمن.
وهذا ما لا يقبل به الأحرار، فكان لزاماً القيام بثورة 21 سبتمبر التي حقّقت ما لا تحقّقه ثورة واحدة بل عشرات الثورات، فمِن تحقيق الأمن إلى النهوض بالجانب العسكري ومجال التصنيع الحربي إلى إعادة الاعتبار لليمن وكل قبائل اليمن وإعادة اللحمة المجتمعية بعد أن نخر فيها التفريق والتمزيق.
وما رأيناه في مختلف العروض العسكرية ما هو إلا نتاج لهذه الثورة المباركة التي صوبت المسار ورفضت الوصاية والاحتلال، وما نلمسه من أمن حاصل وإنجازات نوعية رغم حجم الاستهداف والتركيز على الإخلال بالأمن في مناطق الثورة ما هو إلا دليل نجاح الثوار وثمرة جهودهم، فسلام على قائد الثورة وعلى كُـلّ أحرار الشعب اليمني، والخزي لمن ارتضى التبعية وأن يبقى وتبقى بلاده حديقة خلفية للخارج، ولا نامت أعين العملاء.