بين يدى الرسول الأعظم
موقع أنصار الله ||مقالات ||عابد الشرقي
فاجأتني إعلاميةٌ في قناة عدن قبل عدة أَيَّـام بتوجيهِ سؤالٍ مباشرٍ قالت فيه: ماذا تريد أن تقولَ لرسول الله -صلوات الله عليه وآله-؟، وفاجأني مصورُ القناة بمباشرة التصوير، قلتُ لها وأنا أحاولُ مغادرةَ السيارة التي توقفتُ بها جانبَ الرصيف: تريدين الجوابَ الآن؟!، قالت: نعم وأنت في مكانك في السيارة لو تكرمت، بقيت في مكاني ولاحظت الميكرفونَ الخاص بالقناة وقد باغتتني فعلاً ولم يخطر ببالي يوماً أن يوجَّهَ لي هكذا سؤال، كرّرت السؤال وقالت: بلهجتها العدنية يعني أيش ممكن تقل له؟!
أدركتُ السؤالَ ووجدت نفسي أجيب عليها بالقول: سأشكوه على مَن قاموا بالعدوان علينا وكيف أنهم تحت راية الإسلام اعتدوا علينا وسفكوا دماءنا وكيف قتلوا الأطفالَ والنساءَ وحاصرونا ودمّـروا بلادنا.. قالت متفاعلةً: نعم وكيف يحتلون بلادنا وينهبون ثرواتنا. وقلت: نعم وكيف أن أبناء جلدتنا في المحافظات الجنوبية يمكِّنونهم من احتلال بلادنا ويقاتلوننا إلى جانب العدوّ السعوديّ والإماراتي خدمةً للأمريكي و”الإسرائيلي”، قالت: (أيش ممكن تقله لو فعلاً لقيت الرسول محمد ونحن نحتفل ونستقبل مناسبة مولده الشريف هذه الأيّام… أيش بتقول له بكلمة؟).
ووجدت نفسي أجيب عليها بكلمة واحدة وقلت لها: إذَا حدث ذلك.. سيُغمَى عليَّ ولن أستطيع أن أتكلم معه كلمة واحدة.. فشكرتني وانصرفت مع المصور لاستكمال برنامجها الذي لم أعرف الهدف منه ساعتها.
لكنني وبمُجَـرّد مغادرتها تسمرت خلف مقود السيارة وعاودت سؤال الإعلامية على مسامعي وحاولت الإجَابَة على نفسي من جديد ووجدت أنني استحى أن التقي برسول الله صلوات الله عليه وآله، ماذا عساي أن أقول له، فكل ما أحملُ له من أخبار وبدون استثناء في مجملها تتناقَضُ مع قوله تعالى (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى) صدق الله العظيم، وأعيش في واقع لم نأمُرْ فيه بمعروف ولم ننهَ فيه عن منكر.
بداءً من يوم السقيفة وما تلها من اغتيال الإمام على بن أبي طالب والحسن المقتول سماً والحسين المقتول ظلماً ومن بعدهما الإمام زيد ويحيى وأولاد الحسن والاستهداف الممنهج لقتل أولاد رسول الله صلوات الله عليه وآله في العصرين الأموي والعباسي وما تلا ذلك من قتل وصلب وتشريد وملاحقة لأولاد رسول الله صلوات الله عليه وآله، إلى عصرنا هذا وكيف قُتل أولاد السيد بدر الدين الحوثي وأحفاده نهاراً جهاراً على مرأى ومسمع من الأُمَّــة الإسلامية والحروب الست الظالمة على أبناء محافظة صعدة، نعم استرجعت تلك الأحداث المؤلمة وحقيقة المظلومية الحاصلة وكأنما لو أنني أقف بين يدى رسول الله كما سألتني المذيعة حرفياً.
يا إلهي إنها أخبار لا يستطيعُ حملَها حتى الجبال فكيف بي وأنا أنقلها للرسول صلوات الله عليه وآله ووجدت نفسي خجلاً من نفسي.. لا أستطيع رفع رأسي بين يدي المصطفى صلوات الله عليه وآله، وهو يسألني عن أخبار أولاده من سيدي بدر الدين وأولاده وأحفاده، ويتكرّر عليّ السؤال فلا أجيب، ولن أتمكّن من النطق ولو بكلمة واحدة وأنا أعلمُ بمطاردة وملاحقة السلطة الظالمة لسيدي بدر الدين وأولاده، وكيف أنهم سكنوا الجروفَ والجبالَ والوديان، وكيف قُتلوا وشردوا وتحاصروا وتركوا منازلهم وقراهم ومصالحهم لينجوا بدين الله ورسالة جدهم المصطفى صلوات الله عليه وآله، وفي المقابل كيف فرّطنا بسيدي حسين العصر الشهيد القائد حسين بن بدر الدين الحوثي؟.
ووجدتُ نفسي أتصبَّبُ عرقاً ويزدادُ الحُرجُ لديَّ وتكتم أنفاسي ويضيق صدري ويزداد حيائي من الرسول صلوات الله عليه وآله؛ لأَنَّي أحد المتهمين بالتفريط والتقصير بالشهيد القائد، وتذكرت في تلك اللحظات محاضرة للشهيد القائد وهو يصف موقفنا في حال تكرّر منا التفريط في العصر الحاضر، كما تم التفريط بالإمام علي والإمام الحسين عليهما السلام عندما قال (فَـإنَّنا نكون بذلك أسوأ من الذين رفعوا سيوفَهم في وجه الحسين)، وصرختُ دون شعور منى يا اللهُ نعم أنا ممن فرط في حسين العصر فاغفر لي يا الله، ووجدت نفسي أقف في نفس المكان، حَيثُ استوقفتني المذيعة، ثم غادرت المكان وكلي إصرار وعزيمة وتوبة، أن لا أُفرِّطَ في سيدي ومولاي عبدالملك الحوثي -يحفظه الله- أبداً ما حييت، عسى أن أُكَفِّرَ بذلك تفريطي وتقصيري في الشهيد القائد المقتول ظلماً وساعتَها فقط أدركتُ الغايةَ من سؤال المذيعة في تلك القناة.