مكاسب التضحية
موقع أنصار الله ||مقالات ||يحيى المحطوري
لم تكن داعش سوريا وليدة يومها، وكذلك داعش العراق أيضاً، وحجم الجرائم المهول الذي ارتكبتها وبشاعتها، يكشف حجم التحضير الأمريكي لها خلال السنوات الماضية.
قتلوا وسحلوا وفجروا واغتصبوا وسبوا وباعوا حرائر النساء ودمروا البلدين واستباحوا فيهما ما لم يستبحه أحد منذ بدء الخليقة على الأرض، داعش اليمن كانت أيضاً على أتم الجهوزية للقيام بدورها المرسوم في المسرحية الأمريكية، وتفجيرات الأمن المركزي في السبعين واقتحام العرضي وغيرها من الحوادث شواهد على بدء تنفيذ المخطط على الساحة اليمنية.
ونحن ننسى دائماً ولا نسأل أنفسنا كيف قضي عليها وتم وأدها في مهدها قبل أن تسفك دماء اليمنيين بلا رحمة، أين داعش اليمن وكيف هزمت وتلاشت؟!؟
ماذا لو لم ينطلق أولئك الفتية الذين آمنوا بربهم وحملوا راية الجهاد من طلائع شباب اليمن لمواجهة العدوان والاحتلال الأمريكي بشقيه السعودي والداعشي؟
هل كنا سننعم بما نحن فيه من الأمن والأمان والسكينة فيما لو تمكنت داعش من السيطرة على بلدنا، أو نجحت أمريكا في احتلاله؟
لو لم يحمل اليمنيون راية الوعي والبصيرة والجهاد، ويهبوا للمواجهة بكل قوة، ويسترخصون في سبيل ذلك التضحية بفلذات أكبادهم، وخيرة رجالهم وأبطالهم، لطحنت رحى المؤامرات الأمريكية عشرات الأضعاف من أبنائهم في الأسواق والطرقات والتجمعات، ولذهبت كل تلك الدماء دون موقف يحقق لهم العزة ويمنحهم الكرامة ويدفع عنهم مخاطر الاحتلال.
هل سألنا التاريخ والحاضر عن أولئك الذين آثروا الاستسلام، وزهدوا في المواجهة، وركنوا إلى القعود والتخاذل واللا موقف والتنصل عن المسؤولية؟ هل سلموا؟ هل سلمت بلدانهم؟ هل حقنت وحفظت دماؤهم؟
أم أنها ذهبت وذهبوا معها دون انتصار لقضية ولا ردع لعدو ولا حفظ لكرامة ولا صيانة لحقوق؟
لقد خسروا كل شيء، ودون أن يحققوا شيء، إن الإجابة على كثير من هذه الأسئلة موجودة في تلك الصور المنتشرة في صنعاء وبقية المدن اليمنية، تلك الصور التي صنعت من ابتسامة ثقتها بالله ثقتنا، وحولت خوفنا وضعفنا إلى قوة وصلابة، وهواجس قلقنا إلى عزيمة وبصيرة وثبات، علمونا الفداء وكيف تصان الحقوق والأعراض بفيض الدماء، ورسخوا فينا مبادئ الثبات على الحق، وقدموا شاهداً على أن الحق لا يهزم، وأن ثمرة الثبات والصمود والتضحية هي العزة والكرامة والحرية والاستقلال.
نعم.. تضحياتنا جسيمة، ولكنها مثلت حصانةً ودرعاً ووقايةً من خسارة أفدح وتضحيات أجسم وأعظم دون فائدة ولا جدوى.
نعم.. آلامنا عليهم لا تقاس بمشاعر البشر، لكن آمالنا في النصر والعزة والكرامة والحرية والأمن أكبر من كل ألم، لأننا على يقين من حسن عاقبتهم، وسلامة مصيرهم، وحقيقة ربحهم الذي لا خسارة فيه ولا نقصان له، في حياة الخلود والمستقر الآمن، في مقعد صدق عند مليكٍ مقتدر.
“فَلَا تَعۡلَمُ نَفۡسࣱ مَّاۤ أُخۡفِیَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعۡیُنࣲ جَزَاۤءَۢ بِمَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ”.
والعاقبة للمتقين..