توجيهُ الغضب نحو العدوّ الحقيقي
موقع أنصار الله ||مقالات ||محمود المغربي
من السخرية أن يأتي شخصٌ يحرِّضُك ويطلُبُ منك أن توجِّـهَ كُـلَّ غضبِك وطاقتِك نحو من أراد لك العزة والكرامة والاستقلالية.
وعندما جاء من يعتدي عليك ويسفك دمك وينتهك عرضك وقف أمامك مدافعاً بجسده عن جسدك وبروحه عن روحك، باذلاً دماءَه فداءً لدمائك، وحمل السلاح وانطلق إلى الجبهات يذودُ عنك العدوَّ ويحمي ترابَ الوطن وحياةَ الناس، وقدم التضحيات العظيمة في سبيل ذلك ولا يزال يقدم ويجعل من مصلحة الوطن والمواطن أولوية على مصالحه الخَاصَّة في المفاوضات والمباحثات.
بدلاً عن أن يطلب منك توجيهَ ما بداخلك من غضبٍ ومعاناةٍ نحو العدوّ الحقيقي الذي يدمّـر بلادك ويسرق ثرواتها ويقتل الأطفال والنساء والأبرياء منذ ثماني سنوات ويفرضُ عليك حصاراً خانقاً ويمنع عنك الغذاء والدواء ويحتجز سفنَ النفط والغاز، لا لشيء إلا ليرفعَ من تكاليف تلك المشتقات النفطية حتى تصل إليك بسعر مضاعف وحتى يزيد من معاناتك ويخلق أزماتٍ وطوابيرَ، ويرفض أن يصرفَ راتبك من عائدات النفط والغاز الذي يقومُ بنهبِها كُـلّ يوم وبيعها ويورد الثمن إلى البنك الأهلي السعوديّ، ومن يغلق في وجهِك المطارات والمنافذ البرية ويمنع خروجَك من الوطن الذي جعله كسجن كبير ظلماً وعدواناً.
ولا أعلم كيف يكونُ مَن يفعل هذا الأمر صادقاً معك ومحباً لك وحريصاً على مصلحتك وكيف يمكن لك أن تستمعَ إليه وهو يطلب منك تركَ المجرم الحقيقي ويقول لك: صُبَّ سخطك ضد مَن يدافع عنك ويقف إلى جانبك في خندق واحد ويعاني كما تعاني أنت.. سبع سنوات وهو من جبهة إلى أُخرى يتصدَّى للعدو وقدّم والدَه وأخاه وولدَه شُهداءَ في سبيل ذلك.
وكان يُفترَضُ به إذَا كان منصفاً ويريد لك الخير أن يدعوك إلى حملِ السلاح والانضمام إلى من سبقوك إلى الجبهات لمعاقبة من كان السببَ والمسؤولَ الأولَ والأخيرَ عما أنت وأنا فيه من فقر وجوع ومعاناة.
وكيف يمكنُ لي كدولةٍ أن استمعَ لمثل هذه الأصوات؟! وكيف يمكنُ لي أن آخذَ بكلامِ ونصائحِ مَن يحرِّضُ الناس ويدفعُ بهم إلى الفوضى ومواجهة من يدافعُ عنهم ويقفُ إلى جانبهم ويطالبُ بحقهم ويؤدِّبُ عدوهم؛ بحجّـة الفساد الذي هو أَيْـضاً فسادٌ منظم يحرِّكُه نفسُ العدوّ كآخر الأوراق التي لم يعد يمتلكُ غيرَها بعد أن خسر بقيةَ الأوراق وهُزم في المواجهات العسكرية!