لا سلامَ في ظِل الحِصَار
موقع أنصار الله ||مقالات ||هنادي خالد
فتيلُ الثورة لا زال مشتعلًا، وأسود الوغىٰ التي نكّلت بجنازير دباباتهم لا تزالُ تترصَّدُ تحَرّكاتِ الإبلِ الشاردةِ على امتداد الصحاري والجبال والسواحل، فلا عقولنا استساغت اتّفاقية الهُــدنة المزعومة ولا أعيننا التواقة للتحرير غفت، ولا المجازر والمآسي في السنوات العجاف انتست.
قال الشعبُ كلمته “لا سلام في ظل الحِصار”، وَكتبها بالخط العريض “الــيـوم مَـسيـرَات وغدًا مُـسيّـرات”، فَـقد ضاقت الصدور ومخزون الصبر بدأ ينفد؛ لأَنَّ خدعة (الهُــدنة) هذه لن تنطليَ علىٰ موطن الحكمة، وأية هُــدنة هي تلك؟
هُــدنةٌ يستمر في صددها قصفُ المدافع على امتداد المناطق الحدودية والتي راح ضحيتها العشرات من أبنائها، أية هُــدنة هي تلك؟
هُــدنةٌ يُحاصَرُ بِـصددها شعبٌ بأكمله، ويُحرَمُ من حقه في ممارسة العيش بِـحُرية، ويُحرم فيها من الاستفادة من ثروات بلده، أية هُــدنة هي تلك؟
هُــدنةٌ يتم بِـصددِها توسيعُ النفوذ الأمريكي الإسرائيلي تحت غطاءِ الدعم الإماراتي (المحتلّ) للمناطق الجنوبية.
ولكن.. أنّى للمعتدين أن تهنؤوا ويطيب لهم عيشٌ والشعب اليمني يتجرع ويلات الجوع والحصار، وأنّى لهم أن يهنؤوا بالأمن في عواصمهم ومطاراتهم وموانئهم بينما هم يطبقون الحصار على عاصمة وموانئ ومطارات اليمن، وعليهم أن يعوا ويفهموا جيِّدًا بأن فترةَ (اللا هُــدنة) هذه ما هي -بالنسبة لدينا- إلا كـاستراحة مُحارب يُحظر لعدوه ما لا يخطر على بالِه، وما لم يكن بحُسبانِه.
فَـالندُّ الذي قصم ظهرَ عدوه المتغطرس في الوقت الذي تحالف فيه العالمُ ضده أصبح يمتلكُ أضعافَ القوة والبأس، أضعاف العزم والصمود.
الحربُ قد صقلت نفوسَ شعب بأكمله وأصبح وعيُه أكبر من أن تمر عليه خدعتهم التي تخبئ في طيّاتِها مخطّطا شيطانيا لا يقلُّ بشاعةً عن مخطّطاتهُم السابقة، وهي (إخماد حرب الصواريخ والطائرات وإشعال حرب التجويع والحصار)، فالذي لم تطله نيرانُ شَرِّهم، ستنالُ منه آفةُ الجوع والمرض.
للصبر لدينا حدود، وللحربِ في قواميس الحرية قوانين، إذَا لم تُطبَّق وتُنفذ فَـلا مكانَ للسلام، وستستعِرُ المعركةُ من جديد، ويَسُوء صُبح المُنذَرين، وسيُخبِرهم دويُّ الصواريخ والمُسيّرات مَن سَيُحاصِر مَن!
وإن غدًا لناظرهِ قريب.