أوروبا تدفع ثمن تبعيتها لأمريكا باهضاً

محمد فايع 

 

من يتتبع الأسباب التي أوصلت انظمة وشعوب بلدان اوروبا الى الأوضاع الكارثية على مختلف المجالات وخاصة المجال الاقتصادي والمعيشي المتزايدة والمتعاظمة يوم بعد يوم سيكتشف ان بلدان أوربا وشعوبها يدفعون ثمن تبعيتهم العمياء للسياسة الأمريكية الخارجية بل ويدفعون قبل ذلك ثمن سماح الأنظمة الأوروبية للوبي اليهودي الصهيوني بالتغلغل في بلدانهم وداخل مؤسساتهم الاقتصادية والأمنية والثقافية ومن ثم التحكم بكل شؤون بلدانها وقراراتها المصيرية.

إن أمريكا ومن ورائها اللوبي اليهودي الصهيوني كانت منذ عقود ترصد الأوضاع والتحولات للبلدان الأوروبية سواء على مستوى كل بلد على حده أو على المستوى الاتحاد الأوروبي.

حينما اتجهت البلدان الأوروبية إلى مسار التوحد السياسي والعسكري والأمني تحت مظلة الاتحاد الاوروبي ومن ثم أنشأت عملتها التحررية الخاصة اليورو وعلى أساس ذلك شرعت بلدان أوروبا موحدة فيه بناء واقعها الاقتصادي من جهة ثم اتجهت إلى انتهاج سياسة خارجية تصالحية مع دول العالم قائمة على تبادل المصالح المشتركة وخاصة مع بلدان قارة آسيا وافريقيا وعلى رأسها روسيا وغيرها من القوى الاقتصادية التحررية بالتالي فإن بلدان أوروبا باتحادها لم تكن لتترك من قبل أمريكا ومن ورائها اللوبي اليهودي الصهيوني إذ رأت أمريكا في النهج والمسار الاقتصادي والسياسي الأوروبي الموحد خطرا عليها وعلى سياساتها الاستكبارية.

 لذلك سارعت إلى التحرك ومن ورائها اللوبي اليهودي الصهيوني المتغلغل أصلا داخل البلدان الأوروبية لاستهداف بلدان أوروبا فعملت بدءا باستهداف المسار والنهج الأوروبي السياسي والاقتصادي الموحد من خلال العمل على تفكيك الاتحاد الاوروبي فيما عملت أمريكا في نفس على استهداف الاتحاد الأوروبي في سياسته الخارجية وذلك من خلال جر بلدان أوروبا مجتمعة أو منفردة إلى كل من شأنه أن يحدث القطيعة والعداء المستدام بينها وبين البلدان التي كان الاتحاد  الاوروبي قد ارتبط معها بعلاقات اقتصادية استراتيجية وخاصة البلدان والقوى التي للعلاقة الأوروبية معها نتائج مصيرية اقتصادية ومعيشية مباشرة على بلدان أوروبا أنظمة وحكومات وشعوب .

لقد عملت أمريكا ومعها اللوبي اليهودي الصهيوني المتغلغل داخل بلدان أوروبا على صناعة مشاكل وتصادمات سياسية واقتصادية بين بلدان الاتحاد الأوروبي والتي كانت من نتائجها الدفع ببريطانيا الى الخروج من الاتحاد الأوروبي حيث توقعت أمريكا بأن خروج دولة بثقل وموقع بريطانيا السياسي والاقتصادي من الاتحاد الاوروبي سيجر معه بلدان أوروبية أخرى نحو الخروج من مؤسسة الاتحاد الأوروبي إلا إن ذلك لم يتحقق كما خططت وتوقعت له أمريكا لذلك اتجهت الى الخطوة الأخيرة التي لن تقوم لأوروبا بعدها قائمة فكان أن تم جر كل بلدان أوروبا مجتمعة الى الوقوع في فخ المواجهة مع روسيا على الساحة الأوكرانية فكانت النتيجة الطبيعية بأن يترتب على ذلك القطيعة السياسية والاقتصادية مع روسيا ومع كل من ينتهج نهج التحرر والمواجهة للسياسات الأمريكية.

حينما بدأت أمريكا بتنفيذ مخططها بإشعال نار الحرب والمواجهة مع روسيا عبر استخدام النظام الاوكراني العميل لها ،كان الهدف المعلن هو مواجهة الخطر الروسي على أوروبا وعلى المصالح الأمريكية في أوروبا بينما كان هناك هدفا أخر خفي لا يقل أهمية بالنسبة لأمريكا عن الهدف المعلن وهو جر بلدان أوروبا الى ذلك الفخ وحينها كما وجدت انظمة وحكومات بلدان اوروبا نفسها في مواجهة ازمات وانهيارات اقتصادية كارثية غير مسبوقة في تاريخها وجدت نفسها ايضا في حالة من القطيعة والعداء مع البلدان والشعوب التي طالما كانت على مدى عقود من أهم مصادر أمن وانتعاش بلدان أوروبا اقتصاديا ومعيشيا وعلى رأسها روسيا نفسها.

إن بلدان أوروبا وشعوبها تدفع اليوم ثمن سماح انظمتها بتغلغل اللوبي الصهيوني اليهودي داخل بلدانها وصولا الى التحكم في كل شؤونها وقراراتها المصيرية هذا من جهة ومن جهة تدفع ثمن تبعيتها العمياء من جديد للسياسة الأمريكية إذ تحولت بلدان أوروبا بأنظمتها الى مجرد ولايات يحكمها ويتحكم بها وبمصيرها البيت الابيض الأمريكي.

ختاما نؤكد بإبمان ويقين مستندين الى شواهد وقائع الاحداث بأن أمريكا التي يبدو للبعض أنها وحدها الرابحة والبعيدة عن كل التبعات والأزمات التي تعصف بأوروبا اليوم لن تتج من كل تلك الأزمات الاقتصادية والسياسية والعسكرية والأمنية وها هي إرهاصات بل وبدايات الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الغير مسبوقة تظهر بوضوح في الواقع الداخلي لأمريكا،،، فإلى جانب حالة التضخم المالي المتعاظم الى حالة العجز عن سداد الديون الفلكية المتراكمة فإن حالة الانقسام الداخلي الحاد وهو الاخطر أخذ يفتك بأمريكا نظاما ومؤسسات وقوى ومجتمعا ،في مؤشر واضح على أن النظام الرأس مالي الغربي بقيادة امريكا في طريقه الى الانهيار والزوال تماما كما أنهار من قبله النظام الماركسي الشيوعي بانهيار الاتحاد السوفيتي .

قد يعجبك ايضا