نجومٌ لا تنطفئ
موقع أنصار الله ||مقالات ||نوال عبد الله
ها نحن نُحيي ذكرى أليمة على قلوبنا، ذكرى اغتيال واستشهاد عَلَم رباني، كان ضحية أيادي الغدر والعمالة، من ضمائرهم منعدمة منزوعة، سولت لهم أنفسهم القذرة بإلحاق الأذى بعلم من أعلام الهدى، وبعقول ملوثة حامت أفكارهم المتعفنة فانتشرت رائحة الحقد والكراهية وما تضمره قلوبهم البائسة من نوايا خبيثة تجاه من صدع بالحق عاليًا شامخاً، إنه السيد حسين بن بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه.
نورٌ مُشع انبثق من جبل مران كالسراج المنير، من منبع القرآن الكريم ارتوى، وتربى التربية الإيمانية الحسنة على يد والده العلامة الفضيل بدر الدين بن أمير الدين الحوثي -سلام الله عليه-، ترعرع على تقوى الله ومخافته، انطلق انطلاقة الشبل الحامي، مسيرته مسيرة قرآنية، وليست دنيوية، من خلال تدبره للقرآن أعطاه الله الحكمة منارة لدربه..
كان لديه إلهامٌ واسع، ونظرة ثاقبة للأمور وبتمعن، سار بخطى مدروسة لمعرفة التدهورات الحاصلة في الدين، وكيف تمكّن اليهود والنصارى من غزو الدين وتحريفه بطرقٍ خبيثة جِـدًّا، استطاعوا إبعاد الأُمَّــة الإسلامية بأكملها، وطمس القاعدة الأَسَاسية التي خلق؛ مِن أجلِها الإنسان، حتى انسوا الناس لما خلقوا؛ مِن أجلِه، وأصبح همهم الأكبر هو الأكل والشرب… إلخ من متاع الدنيا..
ومن واقع المسؤولية أسس الشهيد القائد حسين البدر مشروعه القرآني، فكان أَسَاسه متيناً وقوياً، لم يتراجع أَو ينثنِ مقتدياً بجده الحسين بن علي، همه الأول والأخير إصلاح الأُمَّــة من الفساد الظاهر وكشف المؤامرات التي تُحاك على الشعوب والأمة الإسلامية، فكانت الصرخة بمثابة هزة قوية هزت عروش الطغاة والمتجبرين، فأحسوا بعظمة السيد حسين -رضوان الله عليه- وعظمة ما يقدمه من دروس القرآن التي أعادت الناس إلى صوابهم، فحامت ذئاب أفكارهم للتخطيط والتدبير لاغتيال هذا العلم..
قبل أن يصل مفهوم الصرخة للناس كانت اتّهاماتهم باطلة، بأنه إرهابي كما هي أفعالهم، وظلت الخطط والأكاذيب تُرسم بحبر المكر والخداع، وهكذا خمس حروب شُنت على الشهيد القائد ومن معه، أحداث كربلائية متجددة بنفس الوحشية، ليس هناك اختلاف فالعرق الأموي لم يستأصل بعد، والحقد على آل بيت رسول الله ممتد.
كان للغدر في هذه الفاجعة الدور الأكبر في التمكين المؤقت للسلطة، فقد نكثوا العهود والمواثيق التي أعطتها السلطة للشهيد القائد بأن يسلم نفسه وله الأمان، وما إن خرج من جرف مران جريحاً حتى أطلقوا عليه وابلاً من رصاص الغدر والخيانة، يتسابقون أيهم يزف خبر استشهاده لقادتهم أولاً، هذه سلطتهم التي كانوا يتغنون بها ولا زال من في قلبه مرض يتغنى بمثل هذه السلطة التي ظلمت أبناء بلدها، أبناء جلدتها؛ مِن أجل إرضاء أعداء الله الأمريكي والإسرائيلي، هذا هو الجهل بعينه.
لكن دماء الشهيد القائد لم تذهب هدراً كما ظن الأعداء، لقد أحيا بدمه الطاهر مشروعه القرآني، فقد ربى وأسس مشروعه على ثقة بالله عظيمة بأن الله ناصرٌ لمن سار في رضاه وجاهد بكل ما يملك؛ مِن أجل إعلاء كلمة الله.
وهَـا هو السيد عبدالملك -سلام الله عليه- يواصل المسير بخطى ثابتة، وثقة عالية بالله في خط الشهيد القائد، وها هي أهداف المشروع القرآني تحصد وتتوسع لتثمر عزة ورفعة لأبناء البلدة الطيبة.
لم يمت الشهيد القائد -رضوان الله عليه- فكم من حسين تربى على يده، فمسيرة آل البيت مسيرة مشرفة، نجومها لا تنطفئ.