المنافقون بين الأمس واليوم
موقع أنصار الله ||مقالات ||يحيى المحطوري
كانوا يعتقدون أن السعوديّةَ ستسحقُنا في أَيَّـامٍ معدودة، وكان منطقُهم الإرجافَ والتشكيكَ بوعد الله وبإمْكَانية الصمود والمواجهة والانتصار، وينسبون العجزَ والضَّعفَ إلى الله، ويصفون المؤمنين بالمغرورين المخدوعين، كما قال الله:
إِذْ يَقُولُ اْلْمُنَـٰفِقُونَ وَاْلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَـؤُلَاءِ دِينُهُمْ، وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اْللَّهِ فَإِنَّ اْللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ.
وكما قال:
وَإِذْ يَقُولُ اْلْمُنَفِقُونَ وَاْلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اْللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا.
وعندما برزنا للمواجهة والدفاع عن شعبنا، كان موقفُهم التراجع، وصناعة المبرّرات والأعذار للهروب والفرار.
وَإِذْ قَالَت طَّاۤئفَةٌ مِّنْهُمْ يَـأَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَاْرْجِعُوا۟، وَيَسْتَـْٔذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ اْلنَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ، إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا.
ولم يكتفوا بالهروب، بل ظلوا يطعنوننا في الظهر، ويتهموننا بالخيانة، ويشوِّهون دفاعَنا المقدَّسَ أمام الشعب، وينتظرون هزيمتَنا على أحر من الجمر.
وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئلُوا۟ اْلْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا۟ بِهَا إِلَّا يَسِيرًا.
وبعد أن أفرغ اللهُ علينا الصبرَ، وثبَّتَ الأقدامَ، وأيَّدنا بالنصر، قالوا: ألم نكن معكم، ليس عن قناعة ولكن طلبًا للغنيمة والمكاسب السياسية المترتبة على النصر.
كمَن قال الله عنهم:
اْلَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ، فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اْللَّهِ قَالُوْا۟ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَـفِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوْا۟ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ اْلْمُؤْمِنِينَ، فَاْللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ اْلْقِيَـمَةِ، وَلَن يَجْعَلَ اْللَّهُ لِلْكَـفِرِينَ عَلَى اْلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا.
واليوم:
يتهموننا بالتفريط في السيادة وبيع الوطن؛ كي يقلبوا الحقائقَ، ويصوِّروا للناس أن تنازُلَ السعوديّة وجنوحَها للسلام هزيمةٌ لنا وانتصارٌ لها، وأن قبولَنا لتراجُعِها عن عدوانها جريمةٌ، وهم يعلمون ثباتَ مواقفِنا وصدقَ أقوالنا وأفعالنا.
كُلُّ ذلك أملًا في تشويهِنا، وضربِ ثقةِ الشعب بنا، وتحقيرِ ما صنعه اللهُ من النصر على أيدينا.
وهيهاتَ أن يتحقّقَ لهم ذلك؛ فقد توعَّدهم اللهُ بإحباط أعمالهم.
أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ.
فَإِذَا جَاْءَ اْلْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَاْلَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ اْلْمَوْتِ.
فَإِذَا ذَهَبَ اْلْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى اْلْخَيْرِ، أُو۟لَئكَ لَمْ يُؤْمِنُوا۟ فَأَحْبَطَ اْللَّهُ أَعْمَـالَهُمْ، وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اْللَّهِ يَسِيرًا.
وإذا فشلت المفاوضات، وقُرعت طبولُ الحرب من جديد، فسيعودون إلى مواقفِهم السابقةِ ومنطقهم الأول.
كمن قال اللهُ عنهم:
يَحْسَبُونَ اْلْأحزابَ لَمْ يَذْهَبُوا۟، وَإِن يَأْتِ اْلْأحزاب يَوَدُّوا۟ لَوْ أَنَّهُم بَادُونَ فِي اْلْأَعْرَابِ يَسْـَٔلُونَ عَنْ أَنْبَائكُمْ، وَلَوْ كَانُوا۟ فِيكُم مَّا قَـاتَلُوْا۟ إِلَّا قَلِيلًا.
والعاقبة للمتقين..