رحلةُ أسير بين كنف الحق وبين جحيم الباطل.. فروق تحليلية من الواقع
موقع أنصار الله ||مقالات ||علي عبد الرحمن الموشكي
اليمن بكل ما فيها، ازدادت بهاءً ونوراً، أرضُها وسماؤها وشمسها وهواؤها تحتضن أسرانا العظماء، كيف لا وهم من خرجوا في سبيل الله يدافعون عن الأرض والعِرض، ويواجهون تحالف العدوان الأمريكي الصهيوني بطائراته ودباباته ولفيفه من المرتزِقة وشذاذ الآفاق من باعوا كرامتهم ودينهم وأرضهم وعِرضهم وكانوا شريكاً رسميًّا في قتل مئات الآلاف من الأبرياء بالغارات الجوية والحصار البحري والجوي والبري؛ فكان الجهاد المقدس من خلال معاركهم التي خاضوها في وجه العدوان الأمريكي الصهيوني، وكانت بروز الإيمان كله للشرك كله؛ فتعالوا نتعرف على الفرق بين معاناة الأسير المرتزِق لدى المجاهدين أبناء المسيرة القرآنية والأسير المجاهد لدى دول تحالف العدوان السعوديّ الإماراتي ومرتزِقتهم.
لقد عُرف على مدى تاريخ البشرية في جميع الحضارات، أن أسير الحرب يعامَل معاملةً أخلاقية, لا يهان ولا يذل ولا يجوع ولا يعامل معاملة الحيوانات, بل يكرَّم ويُحترَم ويحظى بالرعاية وإن كان جريحاً يحرص خصمُه على علاجه وتقديم الدواء والعناية به؛ لأَنَّه أصبح بين يديك ضعيفاً لا يملك سلاحاً ولا يتعامل معك بعدائية، ولكنه أصبح في كنفك وتحت رحمتك؛ فإذا كنتَ تحملُ أخلاقَ حرب ولديك رجولة ولديك مبادئ وقيم عسكرية ونضالية ووطنية، فسينعكس ذلك على تعاملك مع الأسرى, حتى يشعرَ خصمُك أنك قابلٌ للحوار وتمتلك روحية حَـلّ الأزمة، وأن آخر شيء هو ما وصلت إليه من تحَرّك للحرب والمواجهة والنزال, وإلا فلديك من القيم والمبادئ والأخلاق ما يؤهلك لأن تكون شريكاً في البناء والنماء وتحمل هم المصلحة العامة وليس لديك عنصرية أَو مذهبية أَو طائفية.
واقعُ الأسير يشرح تفاصيل ومدى الروحية التي يحملها الخصم أَو الطرف الآخر؛ فعندما نرى مدى اهتمام القيادة القرآنية ممثلة بالسيد القائد -يحفظه الله-، من خلال الرعاية الصحية والغذائية والدينية وكسر حاجز الخوف من أول وهلة يقع فيها الأسير بين يدي المجاهدين تجده يطمئنه: (لا تخاف لا تخاف، أنت أخونا، أنت بين أهلك, تفضّل الماء والعصير والبسكويت وارتاح واستضل تحت هذه الشجرة) ويتفقده إن كان جريحاً يُنادي للإسعاف؛ لكي يسعفَه ويقدِّمَ له الرعاية الصحية والاهتمام، وإن كان ينزفُ يضمِّد جروحَه, الكثير من الرعاية يلقاها الأسير من قبل أبناء المسيرة القرآنية, قد لا تقدم له عند من يحارب في صفهم ويتحَرّك تحت رايتهم وتحت لوائهم, وباذلاً نفسَه في سبيلهم.
على خلاف المعامَلة من الطرف المحسوبين على دول العدوان؛ فالأسير المجاهد يعاني وقد يترك إذَا كان مجروحًا ينزف حتى الشهادة في سبيل الله, ويُضرب ضربًا عنيفًا ويتم قذفُه بألفاظ وسب وشتم بصورة قذرة، ويجرد من ملابسه وَإذَا وجدوا رقم تلفون أهله في المحفظة يفزعونهم ويسبُّونهم ويقلقونهم, بعد ذلك يسوقونه إلى الزنزانة بعد خضوعه لتعذيب شديد، وفي الزنزانة التي البعض منها وخَاصَّةً سجون مأرب لا يوجد فيها حمامات ولا نوافذ ولا تهوية ولا فراش للنوم وغرفة ضيقة جِـدًّا ويزدحم الأسرى فيها ازدحام شديد, وكل يوم يموت الأسير سبعين مرة, إفزاع وإقلاق وتعذيب، كما كان يحصل أَيْـضاً في سجون عدن من قبل الإماراتيين، لا يوجد أسوأُ من سجون المرتزِقة وبائعي الأوطان: نقص في الغذاء والصحة والوضع النفسي, ولا حتى مصلى يصلي فيه الأسير, وكأنه بين يدي سفاحين وقتَلة وعصابات ومافيات وهم فعلاً كذلك.
إن الأسيرَ المجاهد يعاني عند المستكبرين والطغاة؛ لأَنَّهم ليس لديهم ضمير إنساني ولا يمتلكون ذرة من إباء, يقتلون أسراهم في الأماكن والسجون المعروفة لديهم، وقد زار هذه السجون الصليب الأحمر ومسجّلة أنها سجون, ومع هذا تلحقهم طائرات التحالف وتعمل على تصفيتهم, وهم محسوبون عليهم ويقاتلون؛ مِن أجل باطلهم, لكنهم يسترخصون الدمَ اليمني!؛ فلا يوجد لديهم فرقٌ بين مرتزِق يقاتل في صفهم، أَو شرفاء يدافعون عن كرامتهم وعرضهم, أَو أبرياء يقتلون بغاراتهم التي استهدفت الأسواق العامة والمدن السكنية والمدارس والجامعات والمعاهد وكثير جِـدًّا من الأماكن التي نالها النصيب الأوفر من غارات تحالف العدوان السعوديّ الأمريكي وكان ضحيتها مئات الآلاف من الأطفال والنساء والكهول.
إن الأسير المجاهد المحرَّرَ انتصر لقضايا الأُمَّــة، وبصبره وصموده نلنا الحرية، وارتفعت رؤوسنا شامخة عليه؛ فمنه تعلمنا الإباء وحب التضحية والفداء, كيف لا وهو من بذل نفسه وتحَرّك ومات في اليوم الواحد سبعين مرة, كابد وعانى وصبر وتحمل, كيوسف -عليه السلام-، فحوّل سجنَه إلى روضة من الجنة وزرع في حنايا قلبه جذور الإيمَـان التي تعاظمت ونمت حتى تملك جدران قلبه ذكر الله، فحفهم الله برعايته ولمسنا ذلك من خلال إشراقة وجوههم المنيرة بنور الإيمَـان وابتسامتهم التي تعانق نسمات هواء اليمن, وسجودهم الذي يثبت مدى تعاظم إيمانهم وتقدير نعمة الحرية والعيش بكرامة التي افتقدها منهم حتى يقاتلون في صفوف تحالف قوى الشر والضلال.