التوليفات الانقلابية في دورتها النهائية
موقع أنصار الله ||مقالات ||عبدالرحمن الأهنومي
الخطوة التي أعلنها ما يسمى المجلس الانتقالي، تعد انقلابا على الجمهورية اليمنية، أتت ضمن متوالية الانقلابات التي بدأ سيركها بالانقلابات المتعددة التي مارسها المرتزق هادي بدعم من الإدارة الأمريكية والسعودية والإمارات وبريطانيا، أولا على مخرجات الحوار الوطني، ثم على الفترة الانتقالية التي حددت عامين لرئاسته انتهت ثم جددت، ثم انتهت في يناير 2015م، ثم انقلابه على البلاد بتقديم استقالته من منصبه الذي بقي فيه بالتمديدات المكررة والمرقعة والانقلابات المتعددة، بالتوازي مع استقالة بحاح في ذات الليلة، ثم تراجعه عن الاستقالة بعد أن ظل أياما يرفض أي تراجع عنها ويقول إنها استقالة نهائية، ولما فرّ إلى عدن أعلن من هناك الانقلاب على الاستقالة وعلى كل شيء، وكذلك فعل المرتزق بحاح، وخلال إقامته في عدن انتهت فترته الثانية، وخلال ذلك شنت دول تحالف العدوان الحرب الإجرامية على اليمن بذريعة حماية الرئيس المعترف به – حد وصفها – وبذريعة إعادته إلى العاصمة صنعاء، وهي كذبة روجتها لتبرير الحرب، فلا المرتزق هادي رئيسا شرعيا ولا منصبه يبرر استدعاء حرب أجنبية إن كان فعلا هو من استدعاها، وليس العدوان من رفع قميصه ليبرر حربه الإجرامية على اليمن.
وبعد إقامة طويلة في فنادق الرياض مع جموع المرتزقة والعملاء، عقدت مملكة العدوان السعودية مؤتمرا جلبت إليه المرتزقة من كل عواصم الشتات والإقامة في الخارج، وفي نهايته أكرهت المرتزق هادي على تقديم الاستقالة، وتفويض صلاحياته إلى المرتزق العليمي – الذي نصبته رئيسا على رأس مجلس العار المكون من سبعة مرتزقة آخرين – وقالت إن المرتزق العليمي صار رئيسا بموجب التفويض من المنقلب عليه المرتزق هادي الذي أخضع منذ ذلك الحين للإقامة القسرية والإخفاء.
المرتزق هادي – الذي نُصب رئيسا بموجب انتخابات غريبة بمرشح واحد لا منافس فيه، لمدة عامين انتهت في 2014، ثم جدد له وبغير انتخابات آنذاك لعام ثالث، انتهى في يناير 2015م – بقي رئيسا معترفا به لدى دول تحالف العدوان والخارج فقط ليكون ذريعة لغزو اليمن واحتلاله، وحين انتهى كورقة واستحال بالتلاشي، تم الانقلاب عليه، وجاءت السعودية بتوليفة غريبة عجيبة، أسمتها مجلس القيادة الرئاسي، لا انتخابات فيها ولا توافق سياسي، بل إعلان هزلي، ومن غرائبه أن المرتزق هادي قدم استقالته، وبعد تقديم استقالته فوّض المرتزق العليمي ليكون رئيسا، في مسرحية لم تحدث بالدنيا كلها، أن يكون رئيسا بالتفويض لا بالاختصاص ولا بالقانون ولا بالدستور، علاوة على مسرحية حفلة تنصيبه التي جرت في عاصمة مملكة العدوان السعودية الرياض، لتنصيبه رئيسا على اليمنيين، وإن كان من عاصمة دولة أخرى فقد رقعت السعودية ومن معها هذه التوليفات الفاضحة.
لا يماثل توليفة السعودية بتنصيبها رئيسا على اليمن بالتفويض الصادر من رئيس فاقد للأهلية ومنعدم المشروعية وتحت الإجبار والإكراه وقّع على التفويض لما أسمي صلاحياته الممنوحة إلى مرتزق آخر تم اختياره ليكون رئيسا على اليمن من عاصمة السعودية بدون اختيار منه ولا معرفة إلا حين سماع الإعلان الذي تلاه أحد المذيعين في قاعة الحفل الفاضح ذاك، لا يماثل تلك المسرحية إلا مسرحية حوار الطرشان الذي جرى في إحدى قاعات عدن قبل أيام، وجرى فيها ما جرى من إعلان لبلد جديد اسمه الجنوب العربي، يرأسه المرتزق الزبيدي الذي هو في الأساس نائبا للرئيس المنصب من السعودية على اليمن، ليكون الزبيدي رئيسا للجنوب العربي، ونائبا لرئيس الجمهورية اليمنية، ونحن فقط نضع تعريفا للحال، وإلا فلا ذاك رئيسا على اليمن، ولا كيان اسمه الجنوب العربي موجود في الأساس، ليكمل المرتزق الزبيدي مهزلته بإصدار تعيينات ضم فيها، عدداً من نواب المرتزق العليمي – الرئيس المفترض على اليمن – ليكونوا نوابه في رئاسة المجلس الانتقالي.
وبهذه التوليفة صار الزبيدي نائبا ورئيسا في آن واحد، وصار بعض زملائه في نيابة المرتزق العليمي، نوابا له، فقد عيّن المحرمي نائبا له في كيانه الانفصالي وهو في نفس الوقت زميلا له في منصب نيابة المرتزق العليمي، وكذلك فعل مع البحسني أيضا، وما فعله في المجمل هو انقلاب على كيان الجمهورية اليمنية لا يستند إلا على سلاح أجنبي وإرادة غير وطنية، وعلى مليشيات عميلة جندها الخارج.
هذه التوليفة المخضبة بالأسماء والمسميات والمغمسة بالذل والعمالة والارتزاق، لا تشبهها أي توليفة في الدنيا كلها، ذلك لأنها توليفة ناتجة عن توليفات انقلابية متكررة حدثت بشكل متوال وكل واحدة كانت أسوأ من السابقة، هذا الخضم الحاصل في المسميات وفي التشكيلات الخنفشارية والمتناقضة والمتضادة والتي تختنق ببعضها، هي في الحقيقة تعكس حال تحالف العدوان الذي تشكل من عشرين دولة، لكل دولة أهداف وأجندات تسعى لتحقيقها، ولما فشلت في احتلال كل اليمن، تداحشت وتحاشرت على أجزاء منه، لتضع كل دولة أهدافها وتمارس أجنداتها بذات الأدوات العميلة التي تبيدقت ليس لحساب طرف دون طرف، بل لكل الأطراف وفي كل المتناقضات والمتضادات.
مأساة اليمن أن خصومه بهذا المستوى من الضعة والتردي، والمأساة نفسها تقود إلى حقيقة كبرى، وهي أن اليمن لا بد أن يبقى يمنا يمنيا، لا سعوديا ولا إماراتيا ولا أمريكيا ولا غيرها، وأن رئيس اليمن هو ذاك الذي يقود جبهة مواجهة أعداء اليمن ويعيش بين الشعب اليمني ويحمل همومه وآلامه، وأن عاصمة اليمن هي صنعاء الحاملة لكل اليمنيين الحاضنة لكل أحلامهم، ولا بد لهذه النتوءات أن تنتهي وهذه البيارق والبيادق أن تحترق، ولا بد لليمن أن يتحرر من كل هذا الدنس الملوث ليس لكرامته وحريته، بل ولأسمائه ومسمياته التي باتت كالحشائش المتحاشرة في الأقبية والزرائب.