ندوة لوزارة حقوق الإنسان تستعرض تداعيات العدوان على اليمن خلال 3000 يوم
موقع أنصار الله – صنعاء – 25 ذو القعدة 1444هـ
نظمت وزارة حقوق الإنسان اليوم الأربعاء ، ندوة بمرور 3000 يوم من العدوان على اليمن تحت شعار “عدوان .. وصمود”.
وقدمت في الندوة أربع أوراق عمل تناول علي القحوم في الورقة الأولى المسار السياسي المحلي والدولي في ظل العدوان والحصار, وتطرقت أمين عام المجلس الأعلى للأمومة والطفولة أخلاق الشامي في الورقة الثانية, إلى الآثار النفسية والصحية الاقتصادية والاجتماعية التي خلفها العدوان والحصار على المرأة والطفل والدور المشبوه للمنظمات الدولية.
واستعرض الدكتور أمين الغيش في الورقة الثالثة, الصمود اليمني وعوامل الثبات والنصر ومستقبل اليمن والإقليم, فيما تناول رشيد الحداد في الورقة الرابعة الوضع الاقتصادي الناجم عن العدوان والحصار وأثره على حقوق الإنسان في اليمن.
وفي افتتاح الندوة أكد وزير حقوق الإنسان علي حسين الديلمي أهمية هذه الندوة التي تتزامن مع مرور ثلاثة آلاف يوم من العدوان على بلد تكالبت عليه قوى الاستكبار العالمي، وبات أكثر من 80 بالمائة من إجمالي عدد سكانه بحاجة إلى حماية ومساعدات إنسانية, والملايين منهم يعيشون حاليا في ظروف المجاعة وفقا للأمم المتحدة.
وأشار إلى أنه وبحسب الإحصائيات شنت مقاتلات تحالف العدوان خلال ثلاثة آلاف يوم أكثر من 274 ألف هجمة على المدنيين استخدمت في كل هجمة ست قنابل صاروخية، ما يعني أن عدد القنابل المستخدمة من قبل دول التحالف أكثر من مليون و600 ألف قنبلة، إضافة إلى القنابل النيترونية التي استخدمت في أكثر من منطقة مثل فج عطان، وحي نقم، وكذا أربعة آلاف و300 غارة بالقنابل العنقودية.
ولفت إلى أن محافظة صعدة تصدرت قائمة المحافظات من حيث الاستهداف بالقنابل العنقودية تليها محافظة عمران, ثم صنعاء , والحديدة.
وبين الوزير الديلمي أن تحالف العدوان قتل وجرح خلال ثلاثة آلاف يوم أكثر من 49 ألف مدني، معظمهم من الأطفال والنساء، وأجبر أكثر من 6.3 مليون آخرين على النزوح والتشرد، وتصاعدت حدة الأزمة الإنسانية التي أحاقت بهم في ظل غياب تام للمنظومة الدولية وتبريرات غير منطقية لعدم اضطلاعها بدورها وتحمل مسؤولياتها في حماية الشعب اليمني.
وأكد أنه وخلال ثلاثة آلاف يوم قامت دول تحالف العدوان ومرتزقتها بشن هجمات عشوائية من خلال القصف المدفعي والصاروخي ووصلت إحصائية القصف المدفعي والهاون إلى أكثر من مليون و300 ألف قذيفة، والقصف الصاروخي إلى أكثر من 768 ألف صاروخ، فيما بلغت عدد غارات طائرات الدرونز ما يقارب 14 ألف غارة.
وقال الديلمي :” إن هذه الأسلحة المحرمة إلى جانب ما أحدثته من قتل ودمار أدت إلى تلويث البيئة كالماء والهواء والتربة، وتركت الإشعاعات المنبعثة آثاراً خطيرة في الأجنة والأفراد في كافة مراحل عمرهم”.. مؤكدا أن حصيلة الضحايا والآثار لا زالت تتصاعد حتى اليوم جراء سقوط العشرات من الضحايا بسبب انفجار القنابل العنقودية.
ولفت إلى أن العدوان استهدف ما يقارب 15 ألف منشأة غذائية و14 ألف منشأة زراعية وأكثر من عشرة آلاف مزرعة مواشي وأبقار ودواجن, كما استهدف ثلاثة آلاف و300 بئر ومنشأة مياه، وما يقارب 700 منشأة صحية وأربعة آلاف منشأة تعليمية، وخمسة آلاف و500 محطة وشبكة كهرباء وثلاثة آلاف برج وشبكة اتصالات وأكثر من 800 محطة وقود وغاز، وسبعة آلاف ما بين طرق وجسور، إضافة إلى مئات المنشآت الرياضية والإعلامية وآلاف المنشآت الخدمية وآلاف المركبات ووسائل النقل, إلى جانب أكثر من ألف مسجد و400 موقع أثري وسياحي و47 مجمعا قضائيا.
وأوضح وزير حقوق الإنسان أن نحو أربعة ملايين طفل تحت سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الوخيم، كما أن ٥٣.٢ بالمائة من الأطفال يعانون من توقف النمو بسبب سوء التغذية، بالإضافة إلى ما تكابده النساء المرضعات والحوامل وكبار السن.. مشيرا إلى أن المعلومات والبيانات الواردة في هذه الإحصائيات تستند إلى المسوحات الميدانية التي تقوم بها فرق الرصد والتوثيق بوزارة حقوق الإنسان بشكل يومي، إلى جانب بيانات وتقارير الجهات الحكومية ذات الصلة، وتقارير وبيانات المنظمات الدولية العاملة في اليمن.
وبين أن الإحصائيات المعلنة سواء من قبل وزارة حقوق الإنسان أو من بقية القطاعات الحكومية أو من المنظمات الحقوقية المختصة هي إحصائيات ناقصة وتمثل ما استطاعت تلك الجهات حصره ورصده، ولا تزال الإحصائيات القادمة من المحافظات المحتلة تقديرية ومن الصعب إحصائها في ظل وقوعها تحت الاحتلال، كما حدثت العديد من الغارات والجرائم في قرى معزولة لم تدرج في قائمة الإحصائيات، في حين أن عديد من الشهداء من الأطفال والنساء تم مواراة جثامينهم من قبل ذويهم قبل أن تصل الوزارة أو المؤسسات والمنظمات لإحصائها وتوثيق مشاهدها.
واستنكر الوزير الديلمي التعاطي الأممي والدولي تجاه ما ترتكبه دول تحالف العدوان من انتهاكات وجرائم بحق اليمن واليمنيين.. معتبرا ذلك سقوطا قيميا ومهنيا لمنظمة الأمم المتحدة، نظرا لعدم قيامها بمهامها وفق المبادئ التي أعلنت الالتزام بها عند إنشائها، وفي طليعتها العمل على تجنيب الأجيال ويلات وتبعات الكوارث والحروب، حيث يمثل حفظ السلم والأمن الدولي أحد مقاصد الأمم المتحدة، كما تدعيه وتدعي أنها تقف في وجه العنف والنزاعات باعتبارها تقوض التنمية المستدامة.
وقال :”كما هو معلوم فإن انتهاكات حقوق الإنسان من الأسباب الأساسية للنزاعات وانعدام الأمن وهو ما يؤدي بدوره إلى المزيد من انتهاكات حقوق الإنسان، وللأسف الشديد فقد تم تقويض هذه المبادئ تماما خلال سنوات العدوان على اليمن، وغابت أي خطوات أو تحرك نحو حماية ووقاية الإنسان وتعزيز حقوقه”.. مؤكدا أن ما حدث على الشعب اليمني خلال الثلاثة آلاف يوم يكشف كيف أن عدم تطبيق معايير حقوق الإنسان واستخدامها كشعارات فضفاضة قابلة للمزايدات والنفاق يزيد من تصاعد الظلم ويقلل فرص السلام، ويفقد الشعوب الثقة بالمنظومة الأممية.
وأفاد بأن المنظومة الأممية تعمدت الاستثمار غير الأخلاقي للمعاناة الإنسانية في اليمن، واكتفى ممثلوها بتقارير غير ذي جدوى وإصدارها لقرارات أمريكية بريطانية المحتوى.. مؤكدا أن هذه القرارات طعنت بميثاقها ومقاصدها التي وضعت من أجلها.
وأضاف الوزير :” وفيما الأعمال العدوانية في اليمن مستمرة حتى الساعة بأشكال مختلفة، لم يصدر أي قرار دولي لوقف الحرب، وإنما لفرض عقوبات على جزء من الشعب مع تبرئة المعتدي ليسقط احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعاً في اليمن”.. مشيرا إلى أنه وخلافا للمادة السادسة من الميثاق، لم يتم فصل دول التحالف الأمريكي السعودي الإماراتي من عضوية الأمم المتحدة رغم إمعانها في انتهاك مبادئ الميثاق، وابرزها انتهاك السلم والأمن الدوليين، وخرق سيادة الدول الأخرى والإمعان في قتل المدنيين.
وأكد أن مجلس الأمن خالف في قراراته ميثاق الأمم المتحدة وقراراتها المتعلقة بالحفاظ على سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وكذلك ما يتعلق بصلاحيات مجلس الأمن الواردة في ميثاق الأمم المتحدة، والتي حصرت تدخله على وجود حوادث تشكل خطراً حقيقياً يهدد السلام والأمن الدوليين، أو في قمع جريمة عدوان على بلد ما.
وأشار إلى أنه ومنذ بداية العدوان على اليمن في 26 مارس 2015م، وجه مجلس الأمن إجراءاته لتشجيع تنفيذ جريمة العدوان، وفيما كان الصراع في اليمن مجرد نزاع سياسي داخلي كان بالإمكان السيطرة عليه واحتوائه، جاءت إجراءات مجلس الأمن لتحيله إلى صراع ذي طابع دولي تورطت فيه عشرات الدول من مختلف قارات العالم، ما جعل مجلس الأمن منتهكا للأمن والسلم الدوليين والقانون الدولي بدلا من القيام بدوره في حمايتها.
ولفت الديلمي إلى أن مجلس الأمن شارك دول التحالف في جريمة العدوان بارتكابه مخالفتين جسيمتين لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي الإنساني، تمثلت الأولى بتجاهله إقدام التحالف على تنفيذ معلن لجريمة العدوان واستهداف المدنيين والتزامه الصمت خلال ٣٠٠٠ يوم نفذ التحالف خلالها مئات آلاف الغارات على مختلف المحافظات اليمنية.
وقال :”تمثلت المخالفة الجسيمة الثانية لمجلس الأمن بعدم تطرقه نهائياً لإعلان التحالف وتنفيذه العمليات الهجومية على اليمن، وتغاضيه بشكل متعمد وكلي عن آلاف جرائم الحرب، حيث لم يدن خلالها جريمة أو انتهاكاً واحداً قامت به قوات التحالف، بل إن القرارات التي كان يصدرها مجلس الأمن ظلت تخدم تحالف العدوان والإدانة لم توجه نحو الطرف الذي يقصف اليمن بالصواريخ والقنابل ليلاً ونهارا ويجوع شعبه بحصار مستمر، كما لم تكن الإدانة لقتل واعتقال آلاف الأطفال والنساء، بل كانت إدانة مجلس الأمن الشديدة، على حق الشعب اليمني المشروع بجميع المبادئ والشرائع السماوية والأرضية في الدفاع عن نفسه”.
وذكر أن مجلس الأمن ساهم بمعية الدول الكبرى المشاركة في العدوان على اليمن في تمييع وتغييب الحقوق الإنسانية للشعب اليمني من خلال مصطلحاته التي حرصت على أن تسمي القيادة الوطنية كمليشيا وتتعاطى مع ثلة من الأدوات القابعة في فنادق الخارج كسلطات رسمية تمثل بلد تعداده يتجاوز ثلاثين مليون إنسان، معظمه تحت سلطة المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ وعلى هذه القاعدة تجاوز القرار الأممي المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية في صنعاء ولم يتعاطى معها ومع الخطابات التي كانت تصدرها عن واقع العدوان وتأثيراته على الملف الإنساني تحديدا بالإضافة إلى حرص الخطاب الدولي والأممي على إبقاء الشرعية الزائفة للأدوات من خلال إصراره وتبنيه لتوصيفات مغلوطة للحرب باعتبارها حربا أهلية.
واعتبر الوزير الديلمي ذلك شرعنة لجرائم العدوان وأحد أسباب استمراره وإمعانه في القتل والحصار والتنكيل بالمواطن اليمني.. مؤكدا أن القرار الأممي 2624، الذي صدر العام الماضي، جدد نظام العقوبات على اليمن، ودشن مرحلة جديدة من استمرار الهجمة الأممية على اليمن عبر قرارات مجلس الأمن، وكان هذا القرار استكمال لسلسلة القرارات السابقة، ويصب في إطار سياسية الهيمنة الأمريكية ومشاريعها في المنطقة.
وأشار إلى أن شهادات الزور والإحاطات المغلوطة كانت متشابهة في سعيها لإخفاء هوية المذنب وممارسة المناورات السياسية والإنسانية بغرض إعادة تدوير المنطق والحقيقة لتحويل المطالب المشروعة والعادلة إلى شروط تعجيزية في ظل استمرار منهجية التستر على أسباب انسداد طرق السلام والتنصل المستمر عن صرف المرتبات الذي يعتبر الشرط الأَسَاسي الذي بموجبه كانت صنعاء توافق على الهدن، وبالإضافة إلى ذلك استمر الممثل الأممي في استفزاز الشعب اليمني بشكره لدول العدوان وحكومة المرتزِقة.
وتطرق الديلمي إلى صفقات الأسلحة الأمريكية والبريطانية والفرنسية وغيرها من الدول التي تم تزويد دول تحالف العدوان بها ليقوم بارتكاب انتهاكاته وجرائمه على اليمن واليمنيين، حيث دعمت الولايات المتحدة الحرب ضد اليمن منذ بدء العمليات العسكرية، وأنفقت مليارات الدولارات للمنظمات الدولية والدول مقابل تكميم أفواهها والسكوت عن المجازر التي ترتكب ضد اليمنيين.
كما أكد أن الولايات المتحدة وبريطانيا قامتا بتشكيل غطاء دولي للتستر على الجرائم الوحشية للعدوان وانتهاكاته لكل المبادئ والقيم والقوانين والمواثيق الدولية من خلال السطوة على جميع المنظمات الأممية بما فيها مجلسي الأمن وحقوق الإنسان اللذان لم يحركا ساكناً، بل توليا الشرعنة والتغطية لهذه الانتهاكات, كما عملت الدولتان أَيضا على إفشال أية مفاوضات أَو مشاورات مباشرة من خلال العمل على استبعاد الحلول والتي تبين أن العدو السعودي لا قرار له وأن القرار كله بيد أمريكا.
وتناول عمليات تسييس المساعدات ليصبح اليمن مزادا للترزق.. لافتا إلى أن الأرقام التي تعلنها الأمم المتحدة مرارا من أن اليمن يعيش أسوأ أزمة إنسانية في العصر، تتخذ في ذات الوقت خطوات في الواقع لا تتسق مع طبيعة هذه المخاوف والتحذيرات، وفي مقدمتها قرارات خفض المساعدات، إضافة إلى سوء إدارتها للملف الإغاثي، وشبهات الفساد التي تعتري العديد من صفقاتها المشبوهة والمتكررة, كما افتقرت عمليات الأمم المتحدة الإغاثية لمعايير الحياد، وغلبت عليها محاولة التسييس وعدم الاستقلالية.
وأفاد بأن السقوط الأممي مع تحالف العدوان حدث أيضا من خلال التحذيرات الأمريكية وبعض المسؤولين الأمميين، الذين ربطوا بين تمويل العمليات الإغاثية ووقف العمليات العسكرية، وأصبح الجانب الإنساني والإغاثي في اليمن، ورقة ضغط تستخدمها دول التحالف متى شاءت، ويتم ربطها بشروط سياسية للجهات المانحة، بعد أن عجزوا عن تحقيقها بالقوة العسكرية.
وأشار وزير حقوق الإنسان إلى أن هذه السلوكيات تسببت في تقويض سمعة الأمم المتحدة، وعطلتها عن تأدية مهامها بالشكل المطلوب وأضعفت ثقة العديد من المتبرعين والمانحين، الذين أحجموا عن تمويل العمليات الإغاثية في اليمن خلال الفترة الأخيرة، أو قلصوا حجم تبرعاتهم، على الرغم من زيادة المحتاجين للمساعدات الإنسانية من ثمانية ملايين في العام الأول للعدوان، إلى ما يقارب 30 مليون محتاج بعد 3000 يوم من العدوان أي أكثر من 90 بالمائة من السكان معظمهم يحتاجون للمساعدات العاجلة.
كما تطرق إلى الأدوار المشبوهة للعديد من المنظمات حيث تعرضت منظمات كثيرة لفضائح تتعدى مهام العمل الإنساني والإغاثي، إلى محاولة تضليل الرأي العام العالمي، من خلال نشر معلومات مضللة لحقيقة الأوضاع، بالإضافة إلى قيامها بأدوار مشبوهة لصالح قوى دولية، كالتجسس والعمل الاستخباراتي, وبث الفرقة والتناحر بين اليمنيين، وتزويد قوى الارتزاق والعمالة بالسلاح تحت يافطات المساعدات الإغاثية.. مشيرا إلى أن هناك منظمات غربية تحترم رسالتها، وتراعي ضميرها الإنساني، وتركز عملها على إغاثة الناس دون أغراض أخرى.
حضر الندوة عدد من أعضاء مجالس النواب والشورى والوزراء والحقوقيين وممثلي الأحزاب والمكونات السياسية ومنظمات المجتمع المدني والمهتمين.