لعنةُ الثروة
موقع أنصار الله ||مقالات||د/ شعفل علي عمير
في المفهوم العام للثروة بأنها كُـلّ الأصول المنقولة وغير المنقولة، هي المادة التي أوجدها الله -سبحانه وتعالى- للإنسان؛ لينعمَ بها لا ليشقى بها.
وهنا نقول متى تكون الثروة نعمةً ومتى تكون نقمةً ولعنةً على من يمتلكها؟ لا يتوقف وصف الثروة كونها نعمة أَو لعنة على الثروة بذاتها بقدر ما يتوقف على من يمتلك هذه الثروة، يستطيع الإنسان أن يجعل منها إما نعمة أَو لعنة عليه، ذلك أن طبيعة الإنسان ومستوى وعيه وتحضره وما يمتلك من موروث ثقافي وأخلاقي، تكون الثروة بالنسبة له فرصة يستطيع من خلالها أن يترجم جانب صفاته المعنوية مما لديه من موروث وأخلاق إلى جانب مادي، يتمثل في خدمة الإنسانية يراعي في استخدام هذه الثروة كُـلّ القيم الإنسانية، فتصبح هذه الثروة نعمة وليست نقمة عليه وعلى المجتمع البشري.
تتعدد الأسباب التي تجعل من الثروة نعمة أَو نقمة باختلاف طبيعة البشر فهناك من يمتلك عمقًا حضاريًّا وتاريخيًّا، ولكنه يفتقر للقيم الإنسانية؛ فتكون الثروة التي يمتلكها لعنةً عليه وعلى الإنسانية كما هو حاصل في بعض الدول الصناعية الكبرى وبالذات أمريكا وأُورُوبا، هذا جانب من استخدام الثروة في دول لديها حضارة ولكن تفتقد للقيم الإنسانية.
هناك فرز آخر من المجتمعات أَو الحكومات التي تعاني من لعنة الثروة؛ لأَنَّها تفتقر للحضارة والقيم الإنسانية والإسلامية، مجتمع يجمع بين مساوئ الغرب وعيوب الشرق؛ فلا هو ذا حضارة ولا يمتلك قيم الإنسانية؛ وأعني هنا الحكومات في بعض الدول العربية أَو الإسلامية وليس المجتمعات التي هي أصلًا تعاني من لعنةِ الثروة التي تسخِّرُها حكوماتُهم لتمسخ هُــوِيَّتهم العربية والإسلامية وحتى الإنسانية، كما تعاني معظمُ المجتمعات العربية والإسلامية من آثار تلك الثروة الملعونة التي تمتلكها حكومات مثل السعوديّة والإمارات التي سخرتها لنشر الإرهاب ومسخ الأخلاق والأضرار بكل المحيط العربي والإسلامي، لم تقدم هذه الأنظمة لا لمجتمعاتها أَو للبشرية أي خير يُذكَرُ، بل إن ثرواتِها الملعونةَ هي المموِّلةُ لكل المؤامرات التي تستهدف حياة الإنسان المسلم، وما يحدث في اليمن من دمار وتجويع إلَّا ترجمة لسلوك هذه الأنظمة ونتيجة لتحويل الثروة من نعمة إلى لعنة، وما هو حاصل من معادَاة لمحور المقاومة ودعم وتطبيع مع الكيان الصهيوني إلَّا نتيجة لهذه الثروة الملعونة، كان باستطاعة حكومتي النظام السعوديّ وَالإماراتي أن تنعم بالثروة بالرغم من افتقارهم للعُمق الحضاري والموروث الثقافي لو أنها امتلكت مع هذه الثروات قيم الإسلام ومبادئ الإنسانية.