بعثة النور الثانية
الشاعر/ سامي الحوثي
إليكَ كما هاجرتَ إنّا نُهاجرُ
ونمضي وإن دارت علينا الدوائرُ
وثمَّةَ ميلادٌ لكَ اليومَ ضائعٌ
وثمَّةَ يا طه بأرضِكَ فاجرُ
لنصرتِكَ الشعبُ اليمانيُّ واقفٌ
ولم تُثنِهِ يومًا إليكَ الطوائرُ
إليكَ.. وإن كنّا رَأَينا بلادَنا
مُحَاصَرةً بالموتِ إنّا نُغامِرُ
فما فرَّقَتْنا عن تجمُّعِنا على
هواكَ صواريخُ العِدا والمَجازرُ
كأنَّا بَنَينا جِسرَ عشقٍ إليكَ من
دمِ الشُهَدا، والطيفُ بالجسمِ زائرُ..
أغادرتَ لمّا أَطفَأَوا منكَ (طَيبةً)
وأنتَ بها في مرقدِ المجدِ ثائرُ؟
كأنَّكَ مبعوثٌ فهاجرتَ نحوَنا
وأنَّكَ في (صنعاءَ) حيٌّ وحاضرُ
أرى الشعبَ مثلَ البحرِ صلّى تَمَوُّجًا
على المصطفى، والشوقُ في الدربِ زاخرُ
عزائمُنا خضراءُ والعيشُ قَفرةٌ
بحُبِّكَ في صحرائنا الصبرُ ناضرُ
ب(صنعاءَ) إنَّ النورَ في الكوكبِ انجلى
لميلادِكَ الكونُ “المُصَنعَنُ” باهرُ
ب(صنعاءَ) إنَّ الغارَ يَفتَرُّ باسمًا
لذكراكَ، والدمعَ المُحِبَّ يُسافرُ
يمانونَ يا (طه)، وعندَ صلاتِنا
عليكَ يُصلِّي دهرُنا وهو كافرُ..
عليكَ نُصلِّي أيّها الحُبُّ مَوطنًا
يُزَلزلُ مَن يَجفوكَ أو يتآمرُ
أتخذُلُكَ الدنيا قُرَيشِيَّةَ الدُّجى
وأنصارُ هذا النورِ نحنُ النَواصرُ؟!
قَدِمنا كَسَيلٍ نحوَ أعلى جبالِها
وقد جُرِفَت قبلَ الوصولِ المَخاطرُ
معاركُنا بيضاءُ مِن نورِ آيةٍ
بها كادَ يُشفى جُرحُنا المُتَنَاحِرُ
ولكنّما شيطانُ (واشنطنَ) ارتدى
وجوهَ شقيقِ الأرضِ، والثوبُ عاهرُ..
(قُريشُ) وما أدراكَ يا سيّدي بِمَن
تُحَيِّيكَ مولاها وتدعوكَ: ساحرُ!
ب(مكةَ) لا أصنامِها (نَجْدُ) أصبَحَت
يُجاهرُنا إيمانُها المُتَظاهرُ
وتَدهَسُ قُرآنًا بتنكيسِها الهُدى
كما يَدهسُ التقوى إلى الظُلمِ جائرُ
فمن عَجَبٍ أن يُحرِقَ النورَ مُشرِكٌ
ولا عَجَبٌ أن يُحرِقَ النورَ ناكرُ!
بِدُورِ الدعاراتِ (السعوديّةُ) اغتَدَت
تُفاخرُ، بئسَ الفخرُ والفخرُ داعرُ!
ونحنُ بصُنعِ السيفِ للحربِ فخرُنا
إلى (القُدسِ) يَحدونا النبيُّ المُفاخِرُ
(مُحمّدُ) يا أُمَّ الحضاراتِ والعُلا
فنهجُكَ للعُليا العَلِيُّ المُعاصرُ
كعادتِنا جئنا لِنُحيِيْكَ مولدًا
فأحييتَنا، والحُبُّ في الرُّوحِ عاطرُ
متى (نَجْدُ) في ميلادِكَ اغتابت الإبا
لساني كشعبٍ كلُّهُ اليومَ شاعرُ!
نُناديكَ: لبّيكَ النُفُوسَ وما لها
وإن لم يُضافرنا إليكَ مُضافرُ
بأرواحِنا لبّيكَ في الناسِ سيّدي
وإن كثَّفَ التجويعَ فينا المُقامرُ
صواريخُ (بدرِ الدينِ) مُشرَعَةُ الهدى
عدوُّكَ يا طه لكَ اليومَ صاغرُ