مَعركةُ النَّفير

شعر/ محمد إبراهيم الرقيحي

* إِليهِم..
بَعد أُسبوعَين من النَّفير، والتَّضحِيات الغُرِّ..
إِلى الأريَحيَّة العربيَّة، مِن هِمم الشَّباب، وجِيل الفِداء.

بِمِثلِها هِمَّةً تُستَنفَرُ الهِمَمُ
ومِثلِها في المَعالِي يُحمَدُ الكَرَمُ

ومِثلِها هِمَّةً قَعسَاءَ بَاذِخَةً
شَمَّاءَ مُرهَفَةَ الإِحسَاسِ يُنتَقَمُ

حُثُّوا العَزائِمَ، لا يَقعُدْ بِكُم خَوَرٌ
وامضُوا، فغَايُكُمُ مِن سَعيِكُم أَمَمُ

إِنَّ الفُداةَ وإِن شَحَّت مَوارِدُهَا
لَتَستَهِلُّ إِلى الجُلَّى وتَبتَسِمُ

استَحضِرُوا سِيَرَ (الأَبطالِ) وادَّكِرُوا
ثُمَّ استَميتُوا هُجومًا كُلَّما هَجَمُوا

ثِبُوا، وَلا تَرهَبُوا الأَقدارَ غَالِبَةً
وأَعرِضُوا عَن نَصيحٍ طِبُّهُ سَقَمُ

حُلمُ الكِيانِ خُرافَاتٌ وأَخيِلَةٌ
إِنَّ اليَهودُ لَتَدرِي أَنَّهُ حُلُمُ

ووَاقِعُ الشَّرِّ مَهزُوزٌ ومُرتَعِبٌ
ووَاقِعُ الخَيرِ مَلمُومٌ ومُلتَئِمُ

لا تَترُكُوا لِعَدُوِّ اللهِ مُدَّخَلًا
فَإِنَّما مِنهُ إِن أَدرَكتُمُ الكِلَمُ

مَوجُ النَّوائِبِ في يَومٍ يُهَيِّجُهَا
لا يَستَجِمُّ، وهَذا سَيلُهُ العَرِمُ

***

لَم يَبقَ لِلغَزوِ مِيعادٌ ولَا زَمَنٌ
مَا إِن لَهُم بَعدُ إِلَّا المَوتُ والعَدَمُ

تَقهقَرَ الشِّركُ وارتَجَّت مَزاعِمُهُ
حَتَّى تَجلَّى عِيانًا كُلُّ ما زَعَمُوا

لَقَد دَنا الوَعدُ، والأُخرَى وَمَوعِدُهَا
واللهُ أَوفَى إِذا مِنهُ انبَرى القَسَمُ

بَادَت عُهودٌ، ودَقَّت سَاعَةٌ حَسَمَت
وكُلُّ شَيءٍ بِيَومِ الوَعدِ مُنحَسِمُ

وهَذِهِ صَحوَةُ الدُّنيَا وهَبَّتُهَا
وسَوفَ تُردِي أَعَادِيها وتَقتَحِمُ

وسَوفَ تَجرِفُ (بِالطُّوفانِ) قَالِعَةً
جُذورَ مَن أَفسَدُوا فِيها ومَن حَكَمُوا

***

جِيلُ الفِداءِ -وأَيمُ اللهِ- ذُو حَرَدٍ
وسَوفَ تُبرِدُهُ مِن بَأسِهِ الحِمَمُ

هُمُ الكَواسِرُ، آسادُ الشَّرى زَأَرُوا
وَفي صُدورِهُمُ الأَحزانُ تَضطَرِمُ

الوَاقِفونَ وُقوفَ السَّدِّ مُمتَنِعًا
ما ازَّلزَلَت لَهُمُ أَرضٌ وَلا قَدَمُ

والعَاصِفونَ عَصوفَ الرِّيحِ في لَجِبٍ
كَأَنَّ مَوجَ البَلايَا فِيهِ يَلتَطِمُ

والحَاضِنونَ صُروفَ الدَّهرِ غَادِرَةً
كَأَنَّ حَاضِنَهَا بِالخَطبِ يَلتَحِمُ

والوَاهِبونَ لَدى اللَّأواءِ أَنفُسَهُم
والمُرخِصونَ إِذا ما اشتَدَّتِ الأُزَمُ

والذَّاهِبونَ لِيَومِ المَوتِ مِن شَغَفٍ
كَأَنَّهُ مَورِدٌ بِالنَّاسِ يَزدَحِمُ

والنَّاهِبونَ (كَعِزرائِيلَ) مَن قَتَلُوا
كَأَنَّما هُم وُحوشٌ حِينَ تَلتَهِمُ

والشَّاعِرونَ بِلا وَزنٍ وقَافِيَةٍ
نَبضُ البَلاغَةِ قَلبٌ، والقَصيدُ فَمُ

والنَّاثِرونَ عَلى أَوطانِهِم مُهَجًا
مِعطاءَةً، مِلؤُهُنَّ العِزُّ والشَّمَمُ

والنَّاذِرونَ لَها الأَنفاسَ أُضحِيَةً
والنَّاحِرونَ نِعاجَ الكُفرِ كُلَّهُمُ

***

إِيهٍ شَبابَ فِلَسطِينٍ وغُرَّتَهَا
يا أُمَّةً صُعِقَت مِن بَأسِها الأُمَمُ

يا قَادَةَ النَّصرِ، مِن كَهلٍ ومِن حَدَثٍ
ويا حُداةَ الرَّدى لِلغَزوِ يَستَلِمُ

ويَا شَبابَ المَعالِي، لا كَبا لَكُمُ
زَندٌ، وَلا نَالَ مِن عَليائِكُم قَزَمُ

أَتَتكُمُ نِعَمٌ شَتَّى بِأَرجُلِهَا
لَم تَأتِ قَبلَكُمُ أَمثالَها نِعَمُ

رَوضُ الخُلودِ، وجَنَّاتٌ مُمَرَّدَةٌ
لَكُم تُعدُّ، وضِعفُ الخَيرِ يُغتَنَمُ

عَلى اسمِ رَبِّكُمُ سِيرُوا وَلا تَهِنُوا
لا ثَلَّ مَجدَكُمُ زَيفٌ وَلا هَرَمُ

دُكُّوا المَعاقِلَ، لا طَاشَت رُماتُكُمُ
فُلُّوا المَعاوِلَ، لا تَهدِمْ بِناءَكُمُ

وانضُوا الخُمولَ، وَلا يَعلَقْ بِهِمَّتِكُم
وثَلِّمُوا كُلَّ حَدٍّ لَيسَ يَنثَلِمُ

واستَأصِلُوا وَرَمًا في عِرقِهِ خَبَثٌ
فبِئسَتِ المُعرِقاتُ الخُبثُ والوَرَمُ

وأَغرِقُوا تَجِدُوا (الطُّوفانَ) طَافَ بِهِم
كَأَنَّما حَالَ ذَاكَ المَوجُ بَينَهُمُ

لا عَهدَ يَمنَعُكُم عَنهُم وَلا ذِمَمُ
وهَل يَنالُ عُهودَ اللهِ مَن ظَلَمُوا

هذِي دِماؤُكُمُ أَعلاقُها عَطِرٌ
يَفوحُ في عَرفِها التَّاريخُ والقِيَمُ

وتُربُكُم وهْو زَاكٍ بِالنَّجيعِ وَمَا
سَقَيتُمُ خَضِلٌ تَروَى بهِ الرِّمَمُ

***

ومُدَّعِينَ انتِسابًا نَحوَ ذِي سَلَمٍ
لا كَانَ ذُو سَلَمٍ مِنهُم وَلا السَّلَمُ

وبَائِعينَ قَضايَاهُم كَزانِيَةٍ
تَعُفُّ وَهْيَ بَغيٌّ عَارُها يَصِمُ

وخَاطِبينَ مَودَّاتٍ مُغلَّفَةً
بِسُمِّ شَهدٍ، وكَم يُحشَى بِها الدَّسَمُ

وخَائِنينَ، وفِي إِخوانِهِم وَجَعٌ
كَأَنَّما لَيسَ فِيهِم قَد هُرِيقَ دَمُ

ومُؤلَمينَ كَمَحمومٍ عَليهِ، وَمَا
يُمزِّقُ القَلبَ إِلَّا ذَلكَ الأَلَمُ

قَالُوا: العُروبَةُ فِيمَا بَينَكُم رَحِمٌ
فَقُلتُ: لا كَانتِ القُربَى وَلا الرَّحِمُ

قد يعجبك ايضا