صنعاء: لن نقفَ متفرجين تجاهَ إبادة الفلسطينيين
||صحافة||
جَدَّدَت صنعاءُ تأكيدَ حضورِها في مشهدِ معركة “طوفان الأقصى” وجُهُوزيتِها للتعامُلِ مع متغيراتها، بحسب ما تقتضيه المعطيات، حَيثُ أعلن المجلس السياسي الأعلى، يوم الأربعاء، أن اليمن لن يكتفي بالوقوف متفرجًا إزاء جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها جيش الاحتلال الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني بدعم أمريكي، مؤكّـداً أن تجاوز العدوّ للخطوط الحُمْرِ يحتِّمُ على صنعاء القيامَ بمسؤولياتها، وفق ما أعلنه قائد الثورة في بداية الأحداث، وهو ما قابلته الولايات المتحدة الأمريكية بتحريك لورقة مرتزِقة العدوان في الداخل؛ بهَدفِ عرقلة أي تحَرّك يمني مساند للمقاومة الفلسطيني، في موقف يكشف مجدّدًا حقيقة ارتباط مشروع العدوان على اليمن بأمن الكيان الصهيوني.
السياسي الأعلى: اليمن لن يقف متفرجًا:
وأكّـد المجلس السياسي الأعلى في بيان أواخر الأسبوع الفائت أن: “تجاوز العدوّ للخطوط الحمراء يحتم على اليمن القيام بواجبها الديني والمبدئي تجاه ذلك” في إشارة واضحة إلى ما كان قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي قد أعلنه مع انطلاق معركة “طُوفان الأقصى”، حَيثُ قال: “إن اليمن جاهز للمشاركة العسكرية بالصواريخ والطائرات المسيَّرة وبخيارات عسكرية فاعلة في حال تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية بشكل مباشر في فلسطين، أَو أقدم العدوّ الصهيوني على تجاوز الخطوط الحمراء في قطاع غزة”.
وَأَضَـافَ المجلس السياسي الأعلى إلى أن “صنعاء تراقب الوضع عن كثب، ولن تقف مكتوفة الأيدي تجاه حرب الإبادة الجماعية ضد أهلنا في غزة”.
ولا يخفي الكيانُ الصهيوني قلقَه من دخول اليمن على خط المعركة ضمن محور المقاومة؛ نظرًا للقدرات المتطورة والأسلحة بعيدة المدى التي أصبحت القوات المسلحة تمتلكها وتجيد استخدامها، إلى جانب الموقع الاستراتيجي الذي يمنح اليمن ورقة قوة في حال توسع رقعة الصراع.
وتواصل وسائل الإعلام العبرية هذه الأيّام الإشارة إلى تحذيرات القيادة الوطنية في صنعاء كتطور محتمل الحدوث في أية لحظة.
وتأتي تأكيداتُ المجلس السياسي الأعلى بعد إعلان حالة النفير، وفي ظل حملة مساندة وطنية شاملة يواصل فيها الشعب اليمني تأكيدَ مواقفه الداعمة للشعب الفلسطيني ولمقاومته بالحضور الجماهيري في الساحات وَأَيْـضاً بالمساهمات المالية ضمن حملة التبرعات المعلنة.
أمريكا تجهّزُ المرتزِقة للتصعيد دفاعًا عن “إسرائيل”:
وفي مقابل هذا الموقف، لجأت الولايات المتحدة الأمريكية، الداعم الأكبر للكيان الصهيوني في عدوانه المُستمرّ على الشعب الفلسطيني، إلى الاستعانة بأذرعها الداخلية في اليمن وحشدهم؛ بهَدفِ التحَرّك ضد صنعاء وعرقلة أية خطوات محتملة قد تتخذها القيادة لمساندة المقاومة الفلسطينية في معركة “طُوفان الأقصى”.
وفي هذا السياق، أوضح ناطق حكومة تصريف الأعمال، وزير الإعلام، ضيف الله الشامي، أنه “مع تصاعد الأحداث في فلسطين والمخاوف الأمريكية من توسع دائرة المعركة تجري تحضيرات لمرتزِقة العدوان على اليمن في إطار تحريكهم لخوض المعركة في اليمن لإعاقة أية خطوات أَو خيارات لنصرة الإخوة في فلسطين”.
وَأَضَـافَ الشامي في تغريدة على منصة “إكس” أن “زيارات ولقاءات العسكريين الأمريكيين بقادة المرتزِقة وتصريحاتهم بأنهم سيكونون حماة المياه اليمنية وتحضيراتهم الميدانية كلها تصب في هذا الإطار” وهي إشارة إلى زيارة رئيس ما تسمى هيئة أركان المرتزِقة، صغير بن عزيز، إلى الولايات المتحدة وعودته منها للتحشيد في بعض الجبهات الحدودية والساحلية.
وكان عضو المكتب السياسي لأنصار الله، فضل أبو طالب، قد كشف في وقت سابق أن الولايات المتحدة الأمريكية أوعزت للمرتزِقة صغير بن عزيز بمهمة التحَرّك ضد صنعاء في حال قرّرت الأخيرة اتِّخاذ خطوات للمشاركة في معركة “طُوفان الأقصى” ضمن التنسيق مع محور المقاومة.
وأكّـدت صحيفةُ “الشرق الأوسط” التابعة للمخابرات السعوديّة ما كشفته صنعاءُ حولَ الدور الجديد للمرتزِقة، حَيثُ نقلت في تقريرٍ لها قبل أَيَّـام عن ما أسمته “مصدرًا عسكريًّا” في وزارة الدفاع التابعة للخونة قوله إن تركيز قوات المرتزِقة في هذه المرحلة منصب على تحَرّكات صنعاء المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
وقد أبدت حكومة المرتزِقة استنفارًا عسكريًّا ملحوظًا خلال الأيّام الماضية من خلال لقاءات وزيارات وتصريحات لقادتها العسكريين كشفت بوضوح عن وجود نوايا تصعيد.
هذا ما تؤكّـده أَيْـضاً تصريحات الولايات المتحدة الأمريكية التي أوضحت فيها أنها ستعمل على إعاقة أية تحَرّكات إقليمية مساندة للمقاومة الفلسطينية، وأنها ستتولى مهمة حماية الكيان على المستوى الإقليمي، حَيثُ يبدو بوضوح أنها تعتمد على المرتزِقة بشكل أَسَاسي للقيام بهذه المهمة في اليمن، في حال توسع رقعة الصراع.
ويجدد هذا الموقف التأكيد وبشكل واضح على حقيقة مشروع تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي في اليمن، وحقيقة الدور الذي يلعبه المرتزِقة بكافة تشكيلاتهم، حَيثُ لم يعد هناك أي شك في أن أبرز أهداف هذا المشروع هو ضمان أمن الكيان الصهيوني والتصدي لأي تحَرّك تحرّري.
ليندركينغ يلوِّحُ بتوظيف الاستحقاقات الإنسانية كورقة ابتزاز:
وبالتزامن مع تحشيد المرتزِقة، لوَّحت الولاياتُ المتحدةُ الأمريكية على لسان مبعوثها الخاص إلى اليمن، تيم ليندركينغ، منتصف الأسبوع الماضي، بتهديد يتعلق باستخدام المِلف الإنساني كورقة ضغط ضد صنعاءَ؛ لمنعها من التحَرّك لمساندة المقاومة الفلسطينية.
وزعم ليندركينغ في تصريحات للمعهد الأمريكي للسلام، أنه يخشى أن “تنجر اليمن إلى حرب أُخرى” بحسب تعبيره، وأن يؤثر ذلك على ما أسماه “مكاسب الهدنة” في إشارة إلى الرحلات الجوية المحدودة التي سمح بتشغيلها من وإلى مطار صنعاء ضمن تفاهمات خفض التصعيد والقليل من السفن التي تم السماح بدخولها إلى ميناء الحديدة في ظل استمرار قيود الحصار الإجرامي.
وقال ليندركينغ: “إن النقاشات التي أجراها خلال جولته الأخيرة في المنطقة بشأن اليمن، تطرقت جميعها إلى ما يجري في غزة وتأثيراته”.
ومن خلال ربط الاستحقاقات الإنسانية بالوضع في فلسطين واحتمالات مشاركة اليمن في معركة “طُوفان الأقصى” يبدو بوضوح أن الولايات المتحدة تلوِّحُ باستخدام هذه الاستحقاقات كورقة ابتزاز ضد صنعاء؛ مِن أجل منعها من القيام بدورها في حال اقتضى الوضع التدخل لمساندة المقاومة الفلسطينية.
وليس من المستغرَبِ لجوءُ الولايات المتحدة إلى أُسلُـوب الابتزاز بالاستحقاقات الإنسانية للشعب اليمني فيما يتعلَّقُ بالموقف من فلسطين، حَيثُ لا زالت واشنطن بالفعل تستخدم المِلف الإنساني كورقة ضغط ضد صنعاءَ؛ لدفعها نحو التراجع عن موقفها الثابت من السلام في اليمن.
ومثلما أن كُـلَّ محاولات العدوّ ومرتزِقته للضغط على صنعاء والتأثير على قراراتها فشلت خلال السنوات الماضية، فَـإنَّها لن تنجحَ الآن بأي شكل من الأشكال فيما يتعلق بالموقف المبدئي من القضية الفلسطينية، حَيثُ تؤكّـد القيادة الوطنية باستمرار أن هذا الموقف ليس محلَّ مساومة ولا مجالَ فيه للاستجابة لأية ضغوط.
صحيفة المسيرة