الدروس والعبر من قصةً أولاد آدم “عَلَيْهِ السَّلَامُ”
يقدم السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي “حفظه الله” في المحاضرة الرمضانية الثامنة عشرة بشكلٍ سريعٍ ومختصرٍ بعضٍ من الدروس والعبر من قصةً الحادثةٍ المؤسفة، التي وقعت في الجيل الأول من المجتمع البشري، من أولاد آدم “عَلَيْهِ السَّلَامُ”.
ويؤكد السيد القائد على الأهمية الكبرى للتقوى في قبول العمل الصالح وقبول الصلاة والصيام، وبقية الأعمال، وأنه لابدَّ من التقوى، وأن تحذر من الذنوب والمعاصي؛ لأن الإنسان إذا كان مُقدِماً على المعاصي، والذنوب، والجرائم، والكبائر، وهو مع ذلك يعمل بعض الأعمال الصالحة، تلك الأعمال لا تُقبل منه، وهو يستمر على ارتكاب كبائر الذنوب والمعاصي؛ ولهذا يقول الله: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}، فلا الأعمال الصالحة تُقبل، ولا هي تترك أثرها في تزكية النفس، في المشاعر الإيمانية.
ويؤكد السيد القائد على خطورة الحسد، وأنه من أسوأ الآفات، وكم يتفرَّع عنه من الجرائم، والمعاصي، والذنوب، وآثاره في حياة الناس فيما يحصل من جرائم، من مظالم، من توتر في علاقاتهم، من إساءات فيما بينهم، آثار خطيرة جداً؛ ولهذا يقول الله: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}.
ويؤكد السيد القائد على خطورة الحقد، والانسياق وراء عقد النفس وأهوائها وأنه إذا اتَّجه الإنسان للإصغاء لأحقاد نفسه؛ فقد تزيِّن له الإقدام على فظائع الأمور، وعلى الجرائم الكبيرة، وعلى الأمور الرهيبة، التي هي خطيرةٌ جداً على إيمانه، وعلى دينه، وعلى مستقبله عند الله، وخطورة النزعة العدوانية، ويؤكد علة أن يسعى الإنسان أن يتخلَّص من الأحقاد، ويبين إذا تراكمت الأحقاد في نفس الإنسان؛ فهي ستصل به إلى ما لم يكن حتى هو يتوقع أن يصل إليه.
ويؤكد السيد القائد بأن يحرص الإنسان في واقعه النفسي على أن يكون سليماً من النزعة العدوانية تجاه الآخرين، ولا يكن عدوانياً، ويحمل في نفسه الشر، ويحذر من الحالة العدوانية تجاه الآخرين لأتفه الأسباب، وأبسط الأسباب، ويبين السيد القائد أنه لابدَّ من التربية الصالحة في واقع الإنسان مع أسرته، ومع أولاده، ومع إخوته، والأقارب فيما بينهم، والتي يُأخذ فيها بعين الاعتبار تعزيز الأواصر والروابط الأسرية، والرحامة، والقرابة، وما في شرع الله ودينه من تعليمات تتعلق بترسيخ هذه الأواصر والعلاقات، مع السعي لتزكية النفوس، والحذر من تراكم هذه السلبيات، من مثل: الحسد، والطمع، والعقد، ويؤكد السيد القائد أنَّ الإسلام، وشرع الله ودينه، قدَّم ما يزكي الإنسان، وما يخلِّصه من الأنانية التي هي من أخطر الأشياء، إذا تربى الإنسان على الأنانية، فهي خطيرة جداً.
ويبين السيد القائد أن قدان حالة التقوى تساعد على تنامي حالة الشر والآفات في الإنسان، ويؤكد أنه إذا لم يلتزم الإنسان بالتقوى، فتنمو فيه عناصر الشر في نفسه تلقائياً، الحالات السلبية في نفسه، كالطمع، والحسد، وبقية الحالات السلبية، ويكون عدوانياً، قاسي القلب، مسيئاً، جريئاً على الإساءة إلى الآخرين، ومتسرِّعاً في الإساءة إلى الناس، وهذه الحالة النفسية المستهترة، والجريئة، والمنفلتة، التي تتهور بفعل أي شيء، هي حالة خطيرة جداً.
ويتطرق السيد القائد أيضاً إلى خطورة جريمة القتل عدواناً وظلماً باعتبارها من أفظع الجرائم، واعتداءً على الحياة، وهناك وعيدٌ شديدٌ عليها في القرآن الكريم، يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}.
ويؤكد السيد القائد أن القتل جريمة خطيرة جداً، ولابد أن يرسِّخ الإنسان في نفسه أنها جريمة رهيبة جداً، ووزرٌ كبير، وذنبٌ عظيم، عليه ذلك الوعيد الشديد، ويتطرق السيد القائد إلى الآثار والنتائج مرتبطة بالجريمة، ومنها: الفتن، والتداعيات السيئة، وأن الإنسان عندما يقتل ظلماً وعدواناً، فهو يترك جروحاً غائرة وعميقة في محيط ذلك الشخص الذي اعتدى عليه أسرته، ذريته، وظلمه، وقتله، ويكون لذلك تداعيات، فيفتح باباً من أبواب الفتن.
ويؤكد السيد القائد أن مصدر المشاكل والبغي والعدوان هم الأشرار، الذين تلوَّثت أنفسهم بالحسد، والحقد، والطمع، والشوائب الخطيرة السيئة، وهم من يصنعون المأساة، ولا تفيد معهم المواعظ، ولا يفيد معهم التذكير والنصح الأخوي؛ لتفادي شرهم، ويبين أن الله شرع لردعهم، ومنعهم؛ لأنهم إذا تُرِكوا، فهم جريؤون، لا يبالون، فشرع الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” ما يحمي مجتمع البشر من أولئك، وان الله شرع الله القصاص؛ ليكون ردعاً، من قَتَلَ إنساناً عدواناً وبغياً وظلماً، وقال “جَلَّ شَأنُهُ”: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ}، كما شرع الله أيضاً، الجهاد في سبيل الله؛ لدفع شر الأشرار، لمنعهم؛ لأنهم إن تُرِكوا، استباحوا حياة الناس، استباحوها بشكلٍ كامل، بحاجة إلى ردع.
كما يؤكد السيد القائد أن شرع الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” الكثير من التعليمات، التي فيها حمايةٌ لحقِّ الحياة للإنسان، والتي أيضاً تساعد على تزكية النفوس، وإبعادها عن ذلك الجرم. وغلَّظ الله تلك الجريمة، حيث نجد في التعقيب لتلك القصة بقول الله “جَلَّ شَأنُهُ”: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا}، حيث غلَّظ الله على بني إسرائيل جرم القتل بغياً وعدواناً وظلماً، وجعل المسألة تساوي كما لو قتل الإنسان كل البشر، إذا قَتَلَ إنساناً واحداً ظلماً وبغياً وعدواناً، فكما لو قتل كل البشر، وزر كبير جداً، وزر فظيع، كل البشر بما فيهم من أنبياء، وصالحين، وأطفال، ونساء، وكبار، وصغار؛ ليبين أنَّ ذلك اعتداء على حق الحياة، على الحياة بنفسها.
ومع ذلك يؤكد السيد القائد أن ذلك لم ينفع مع بني إسرائيل، وقال الله عنهم: {وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ} وحيث نرى إسرافهم في غزة، استباحتهم للحياة البشرية، قتلهم للناس بكل بساطة، بجرأة ووقاحة عجيبة جداً، يتباهون بقتل الأطفال والنساء، والكبار والصغار، يقتلون الناس بكل أشكال القتل، بشكلٍ جماعي، مجازر إبادة جماعية، في الطرقات، في الشوارع، هناك مشاهد مأساوية لمظلومية الشعب الفلسطيني في غزة؛ ولذلك شرع الله الجهاد لمنعهم، منع الأشرار من ارتكاب تلك الجرائم، والجهاد يختلف، فهو حالة ردع، وحالة منع، وحالة تقي بقية المجتمع من أولئك الأشرار، المستهترين بحياة الناس.