الطريق الصهيوني المسدود

|| صحافة ||

زوال الكيان الصهيوني وتحرير فلسطين من النهر إلى البحر؛ هي قناعة راسخة عند جميع الأحرار والمؤمنين بالمقاومة وخيارها وجدواها، بعكس معسكر المتخاذلين والانهزاميين ومن أعمتهم أحقادهم وفضّلوا الاعتراف بالعدو والتواطؤ معه.

وهذا الزوال ليس مجرد أمل أو شعار أو هدف بعيد المدى، وإنما قناعة وإيمان راسخ وهدف استراتيجي للمقاومة ومحورها، ويجري العمل عليه بخطوات ثابتة ومسار تصاعدي.

وممّا لا شك فيه أن الحرب الدائرة حاليًا وتداعياتها وتطوراتها تزيد معسكر المقاومة إيمانًا وثباتًا، بالبرغم من كلّ التضحيات، بأن هذا الكيان الصهيوني يسير نحو حتفه، وأن طريقه الاستراتيجي مسدود، سواء تراجع ليفقد ردعه، أم اختار التصعيد والحرب الشاملة ليفقد أمنه ومقومات دولته المزعومة.

في هذا السياق؛ لا بد من إلقاء الضوء على عدد من المقومات الرئيسة لأي دولة لنعرف مدى تراجع قوة الكيان واقتراب سقوطه:

 

أولًا – مقومات الدولة داخليًا

تقوم أي دولة، وفقًا لتعريفات العلوم السياسية، على شعب وإقليم جغرافي وحكومة وسيادة. وهذه العناصر لا يتمتع بها الكيان الصهيوني منذ نشأته بشكل سليم، ومع مرور الزمن تضعضعت هذه الاركان حتّى قبل “طوفان الأقصى”. وما وجدناه من انقسامات حادة في المجتمع الصهيوني، سيما الانقسامات العمودية بين المستوطنين والحكومة حادة وخروجها للعلن بعد قانون الإصلاح القضائي، وبعد نشوب الحرب الراهنة، وتزايدت الانقسامات بشكل أفقي بين مكونات الحكومة ذاتها والسلطات السيادية داخل الكيان.

حاليًا لا يوجد تجانس بين المجتمع المنقسم يمينيًا نحو التطرّف والمطالبة بابتلاع الأقصى والضفّة والإيغال في دماء الفلسطينيين، وبين قطاعات تطالب بالواقعية واستمرار الكيان وإعطاء الفلسطينيين بعض الفتات من حقوقهم ضمانة لاستمرار وجود الكيان في ما يُعرف باليسار.

كما لا يوجد تجانس بين اليهود الشرقيين “السفارديم” ويهود الغرب “الاشكناز”، فلا تجانس بين المتطرّفين “الحريديم” والعلمانيين، بل ووصل الشقاق أيضًا بين الإشكناز ويهود الحبشة “الفلاشا”.. وكلها قنابل موقوتة أدت إلى أزمات سياسية عرقلت الانتخابات والتشكيلات الحكومية المستقرة، وجلبت اليمين المتطرّف إلى السلطة بممارساته التي أفقدت الكيان كلّ دعاويه الديمقراطية ومزاعمه التي حاول بها التلاعب بالرأي العام العالمي.

وعلى مستوى الإقليم الجغرافي، فهو كيان بلا حدود يحاول توسيعها بحكم الاحتلال والأمر الواقع، وهي مشكلة أمنية مستدامة لن يجد لها حلاً طالما هناك مقاومة.

وعلى مستوى الحكومة؛ فليس هناك أي مستقبل لحكومة فاشلة فاسدة تتلاعب بالقضاء لحماية رئيسها، ويحكمها متطرّفون ولا تحظى بإجماع وتوافق مجتمعي.

أما السيادة؛ فالكيان هو كيان وظيفي يخضع لحماية أميركا ويعمل لمصالحها وسيادته الداخلية منقوصة بخضوع قراراته لفئة من المتطرفين تسيطر على قرارات الحكومة، كما أن وجود المقاومة يشكّل تهديدًا وجوديًا لهذه السيادة.

 

ثانيًا – مقومات الدولة خارجيًا

للدول المستقلة والفاعلة مقومات سيادية تحدد سياساتها الخارجية، بينما للكيان الصهيوني سياسة تابعة للاستعمار وتنبع من مصالح الولايات المتحدة ومصالح الحكومة الصهيونية الداخلية. وقد لخص وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر الأمر بمقولته الشهيرة “ليست لـ”إسرائيل” سياسة خارجية، وإنما سياسة داخلية فقط”. وهذه السياسة النابعة من بنية الكيان ككيان وظيفي تجعله في مهب الريح، حيث يرتبط وجوده ببقاء الهيمنة الأميركية وهي عرضة للزوال، كما يرتبط باستقراره الداخلي وهو في أشد حالات تراجعه، كما يرتبط الكيان ككل بصمود المقاومة وسعيها الدائم والدؤوب نحو التحرير.

هنا؛ نحن أمام لحظة مفصلية، فلو تراجع الكيان ورضخ لوقف إطلاق النار، فهو انتصار صريح ومؤكد للمقاومة ومحورها. وهو عصر جديد من التوازنات يحاصر الكيان، ويعمل على انحساره وذوبانه التدريجي، بفعل تراجع الردع وتفاعل الانقسامات الداخلية وانفجارها المؤجل. أما لو رفض الكيان وسعى نحو المواجهة الشاملة، فسيفقد أمنه الداخلي وسيتعرض لتدمير مؤسساته الحيوية وهجرة مستوطنيه وما لتداعيات المواجهة من انزلاقات كبرى.

يمكن القول باختصار ويقين بحثي إن صمود المقاومة يدفع بالكيان نحو الطريق المسدود والنصر صبر ساعة.

 

العهد الاخباري: ايهاب شوقي

قد يعجبك ايضا