في خطوة تؤكّـد حجم التغلغل الصهيوني في المحافظات الجنوبية الواقعة تحت سيطرة قوى العدوان وأدواتها، كشفت صحيفة "جيروزاليم بوست" الصهيونية، أن وفدًا إعلاميًّا تابعًا لها أجرى زيارة رسمية إلى عدد من المحافظات اليمنية المحتلّة، بينها عدن وأبين وشبوة والضالع، بالإضافة إلى مضيق باب المندب.
وأكّد تقرير نشرته الصحيفة -الناطقة بالإنجليزية والموجهة لجمهور خارجي- أمس الجمعة، أن الخبير الصهيوني "جوناثان سباير" -ضابط احتياط في جيش العدوّ الإسرائيلي- ومتخصص في التحليل العسكري -قائد الفريق- زار قبل أيام، مناطق جنوبي اليمن، بما في ذلك جبهات الضالع، ضمن وفد قيل إنه إعلامي وبحماية المجلس الانتقالي الجنوبي.
زيارة حملت أبعادًا عسكرية واستخبارية، لم تكن الأولى من نوعها لـ"سباير"، الذي سبق له زيارة جبهات في سوريا (إدلب)، وشمال العراق (البيشمركة)، وجنوب لبنان، مستخدمًا غطاء الصحافة للتنقل داخل مناطق حساسة، في أسلوب يوحي بقربه من عمليات الاستخبارات الصهيونية والموساد.
وعن تفاصيل هذه الجولة "المثيرة"، كتب "سباير" مقالاً في صحيفة "جيروزاليم بوست" أمس، مؤكدًا أن "الزيارة تعكس تنسيقًا غير معلن بين عناصر عسكرية إسرائيلية وقوات موالية للتحالف العربي جنوبي اليمن".
ووفق المقال، "التقى "سباير" في عدن بـ اللواء صالح سلام، قائد القوات المشتركة للمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي قدّم له قائمة مفصلة بالاحتياجات العسكرية للقضاء على قوات صنعاء، تشمل أسلحة خفيفة وثقيلة، دفاعات جوية، طائرات مسيّرة للاستطلاع، وأجهزة رؤية ليلية".
وأشار إلى أنَّه وفريقه زاروا "مدينة الضالع والتقى اللواء عبدالله، قائد قوات الانتقالي في المحافظة، حيث ناقشا الوضع الميداني، والتحديات على خطوط التماس، وضرورة الدعم الأمريكي الإسرائيلي المباشر لمواجهة صنعاء".
وبحسب الصحيفة؛ فقد التقى الوفد الصهيوني بعددٍ من قيادات الخونة التابعين لما يسمى "المجلس الانتقالي الجنوبي"، المدعوم إماراتيًا، حَيثُ جرت اللقاءات في أجواء من التنسيق العلني والمجاهرة بالتحالف مع الولايات المتحدة و(إسرائيل)، تحت ذريعة "مواجهة الحوثيين"، حدّ تعبيرها.
وختم "سباير" مقاله مؤكّدًا أنَّ "المجلس الانتقالي الجنوبي، والحكومة الرسمية، المعترف بها دوليًّا، أعلنا استعدادهما لتشكيل قوة برية في حملة لطرد الإسلاميين الشيعة من ساحل البحر الأحمر"، مشيرًا إلى أنهم قالوا له: "كل ما نحتاجه هو الضوء الأخضر، وسنُصدّ الحوثيين".
وقال مقترحًا: "لكي تكون لديهم فرصةٌ في مواجهة الحوثيين في محافظة الحديدة، من الواضح أنهم سيحتاجون إلى زيادةٍ حادةٍ في الإمدادات الدولية استعدادًا لهجومهم، ومن شبه المؤكد دعمٌ جويٌّ خارجيٌّ لتنفيذه".
ووفقًا للمراقبين؛ فإنها تفاصيل صادمة، تعكس مدى الارتهان الكامل للعدوّ، والاستعداد لتمكينه من التدخل العسكري والسياسي المباشر في اليمن، خَاصَّة في المناطق الاستراتيجية على البحر الأحمر.
زيارة الفريق الاستخباري الإعلامي الصهيوني للمناطق المحتلّة، التي جرت بتسهيلات من دول وأدوات العدوان، تُمثّل –بحسب مراقبين– حلقة جديدة في مشروع التمكين للكيان الصهيوني في البحر الأحمر، وتحديدًا في باب المندب؛ بما يخدم الأجندة الأمريكية والبريطانية والصهيونية الرامية إلى السيطرة على الممرات الملاحية والتحكم في خطوط التجارة العالمية.
وتعليقًا على هذه الفضيحة، أكّـدت مصادر يمنية أن هذه الزيارة تمثل دليلًا قاطعًا على الدور الحقيقي لقوى العمالة في الجنوب، التي لم تكن يومًا إلا واجهة لتنفيذ مخطّطات دول الاستكبار، وعلى رأسها الكيان الصهيوني، معتبرًا أن ما حدث يكشف حقيقة العدوان منذ أول يوم: حرب صهيونية أمريكية بأدوات محلية مأجورة.
يأتي هذا التطور في وقتٍ يواصل فيه الشعب اليمني وقواته المسلحة عمليات الاسناد للشعب الفلسطيني في غزة ومقاومته الباسلة، ومواجهةَ العدوان الصهيوني بصمودٍ أُسطوري، رغم الحصار والتواطؤ الدولي، مؤكّـدين أن اليمن لن يكون ساحةً مفتوحةً للصهاينة ولا بوابةَ عبور لمشاريعهم في المنطقة.