القيادة اليمنية فرضت معادلة أسلحتها وقرارها على العالم

موقع أنصار الله ||مقالات|| منير الشامي

 

نعلم جميعاً أن الدول العربية مجتمعة تمتلك أكبر ترسانة سلاح في الشرق الأوسط إن لم يكن على مستوى العالم باستثناء أسلحة الدمار الشامل، هي حقاً ترسانة كبيرة ومتنوعة وحديثة كما أن الدول العربية مجتمعة أَيْـضاً تحتل المركز الأول عالميًّا في الإنفاق العسكري وفي تعداد جيوشها، ومع ذلك فلا تشكل كُـلّ هذه القدرات أي فارق على الواقع وليس لها أي تأثير ولا يحسب لها أي حساب من أي عدو خارجي فوجودها كعدمه، ويرجع ذلك إلى عمالة الأنظمة العربية نفسها وخضوعها لأعدائها من قوى الاستكبار الغربية لدرجة أن تلك الأنظمة تحَرّك تلك الجيوش لخدمة تلك القوى تنفيذاً لتوجيهاتها وخدمة لمصالحها وتوجّـهها لقمع أحرار شعوبها ووأد كُـلّ حركاتهم التحرّرية المناهضة للمؤامرات الصهيونية والمشاريع الغربية في بلدانها، ليس ذلك فحسب بل إن الأنظمة العربية وصلت في سقوطها إلى درجة أن تسخر قواتها العسكرية وأسلحتها الدفاعية للدفاع عن الكيان الصهيوني المجرم أمام العالم وفي لحظات يشاهدون هذا العدوّ الغاشم يمارس حرب إبادة عرقية كبرى على إخوانهم من أبناء الشعب الفلسطيني؛ فالنظام السعوديّ والنظام المصري سخروا أسلحتهم في محاولات اعتراض للصواريخ والمسيَّرات اليمنية التي أطلقها الجيش اليمني على أهداف صهيونية في عمليات مساندته ودعمه لعملية طوفان الأقصى، والجيش الأردني سخر دفاعاته وسمح لدول غربية في استخدام أراضيه وأجوائه لاعتراض الصواريخ والمسيَّرات الإيرانية أثناء تنفيذ عملية الرد الإيراني على جريمة الكيان الصهيوني في استهداف قنصليته في دمشق، وهذه حقيقة أصبحت معلومة للشعوب العربية وباتت تدركها جيِّدًا بعد أن شاهدت أحداث طوفان الأقصى وعاشت تجربة وأحداث الموقف اليمني المساند لمظلومية أبناء غزة والداعم لهم والمناصر لقضية الأُمَّــة المصيرية الأولى قضية فلسطين ومظلومية شعبها.

فاليمن الذي لا زال يعيش أقسى ويلات المعاناة في أتون حصار شديد وكارثة إنسانية كبرى، جراحه لا زالت نازفة لم تندمل جراء عدوان دولي غاشم، وهو أفقر دولة عربية، لم يقف مكتوف الأيدي أمام العدوان الصهيوني على غزة كما فعلت كُـلّ الدول العربية، بل انطلق بكل ما يستطيع لنصرة قضية الأُمَّــة وهب مسانداً لإخوانه المستضعفين وداعماً لأبطال مقاومتهم البواسل في معركتهم المقدسة متجاهلاً جراحه وأوجاعها، ومتناسياً لمعاناته وويلاتها، ووقف أشرف وأشجع موقف على طريق الحق، وأقوى وأعظم موقف في تاريخ العرب المعاصر، معتمداً على ما طور وأنتج من أسلحة بقدراته الذاتية لأداء واجبه الديني والأخلاقي والإنساني، امتثالاً لتوجيهات ربه وسعياً لنيل رضاه، منفذاً لعمليات هجومية نوعية على أهداف استراتيجية للكيان الصهيوني في الأراضي المحتلّة، ومصعداً ضده بحظر ملاحة سفنه ومنعها من الوصول إلى موانئه عبر البحر الأحمر، ضارباً بكل حسابات الأنظمة العميلة عرض الحائط، وغير آبه بأي عواقب وغير مبالٍ بأي تضحيات يقدمها في سبيل الانتصار لمبادئه وقيمه، ولم يقف عند هذا الحد بل صعد ضد النظام الأمريكي والبريطاني وكلّ من تحَرّك معهما لحماية سفن الكيان الصهيوني وتعطيل قراره التاريخي، ونفذ عشرات العمليات المستهدفة لسفنهم الحربية والتجارية واستهدف حتى الآن ما يقارب مِئة سفينة ومغرقاً للبعض ومدمّـراً للبقية ومتجاوزاً لمدى استهداف سفن المستكبرين والمجرمين من البحر الأحمر إلى أعماق المحيط الهندي ولا زال، فحقّق بضعفه وقلة إمْكَانياته ما عجز العرب جميعاً على تحقيقه في 75 عاماً ولقن الصهيوني والأمريكي والبريطاني أقسى الدروس وكبدهم خسائر كبيرة جِـدًّا وتفوق عليهم جميعاً في المواجهة؛ ففرض حصاراً على المجرم الصهيوني كحصاره على غزة، وهزم إرادَة الأمريكي والبريطاني وأفشل مساعيهم وأهدافهم وأولها إفشال مشروعهم الاستراتيجي بشق قناة بن غوريون، وعطل أهم وأكبر موانئ الكيان المحتلّ ميناء أم الرشراش وفضح عجزهم العسكري وكشف فشلهم الحربي أمام العالم، وأجبر أخيرًا بعض تلك القوى المستكبرة على سحب بوارجها الحربية ومدمّـراتها وفرقاطاتها العسكرية التي كانت قد وصلت في وقت سابق للمشاركة في تحالف حارس الازدهار في البحر الأحمر الهادف إلى حماية السفن الصهيونية خوفاً من اصطيادها من قبل الحارس اليمني.

لقد حقّق اليمن بموقفه العظيم وقراره الحكيم مكاسب للأُمَّـة أكبر من كُـلّ التوقعات وأبعد من كُـلّ التكهنات وكلّ ذلك يرجع إلى أن اليمن أصبح بقيادته الإيمَـانية الصالحة أقوى من كُـلّ الدول العربية، ذلك أن القيادة الصالحة هي الشيء الوحيد الذي وهبه الله للشعب اليمني، وبها امتلك قراره واستعاد عزته وكرامته وتفوق بها عليهم جميعاً، وهي ما تفقده الشعوب العربية وسبب خضوعها وخنوعها لأعدائها وأَسَاس تدجينها وسلب إرادتها، ولنا أن نتساءل: كيف سيكون حال الشعوب العربية لو امتلكت قيادات صالحة؟

قد يعجبك ايضا