اليمن يقتلع العين الثالثة للهيمنة الأمريكية الإسرائيلية ( 1 )

موقع أنصار الله ||مقالات ||إبراهيم محمد الهمداني

عملت الولايات المتحدة الأمريكية، -على مدى قرنين من الزمان- على إرساء قواعد دورها الإمبريالي، وتغذية مقومات الهيمنة والتسلط والاستبداد، وفرض التبعية المطلقة، على جميع شعوب العالم، وإرغامهم على الخضوع لها، والاعتراف بسيادتها، كونها وريثه المشروع الاستعماري البريطاني، بلا منافس، وبذلك مضت في فرض هيمنتها، بوصفها قدرا لا مناص عنه، فبلغت حالة متقدمة من الفرعنة والاستكبار، ومارست أقبح وأحط وأصلف أشكال الوصاية الاستعمارية، بحق الشعوب، التي أصبحت رهينة قرار السفير الأمريكي، صاحب الحق المطلق في تقرير مصائرها، وصياغة سياساتها ورسم مستقبلها، دون الرجوع إليها، أو مراعاة مصالحها وخصوصياتها، وإنما وفقا لمقتضيات المصالح الأمريكية الاستعمارية، فأصبحت السفارة هي الوسيط الفعلي، بين البيت الأبيض والأنظمة الحاكمة، والسفير هو المشرف الأول، على جدية الأنظمة، في تنفيذ أوامر وتوجيهات، البيت الأبيض أولا بأول.

كانت ثنائية الحضور الأمريكي الإسرائيلي -ضمنياً أو علنياً- أمراً لا خلاف عليه، ولا تكاد تخلو سفارة أمريكية، من تمثيل دبلوماسي إسرائيلي، يشارك في صناعة القرار، ويشترك في المصالح والوصاية، وقد يحظى بنصيب أكبر من النفوذ والهيمنة، ما يجعل شريكه الأمريكي تابعاً له وأجيراً لديه، وهو ما يؤكد صحة موقف ورؤية، الشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي رضوان الله عليه، في هذا السياق بما حمله معنى كلامه، عن التلازم الوجودي والوظيفي، بين أمريكا وإسرائيل، وأنهما وجهان لعملة واحدة، وبالتالي فإن من رضي بأمريكا اليوم، سيرضى بإسرائيل غدا، وهوما تحقق على أرض الواقع بالفعل.

كانت الهيمنة والوصاية الخارجية على القرار السياسي الوطني، هي العين الأولى، التي اقتلعها أبناء الشعب اليمني، من وجه الهيمنة الأمريكية الإسرائيلية من خلال ثورة 21 سبتمبر ٢٠١٤ م، التي ترجمت انتصار الشعب لحريته وسيادته واستقلاله، في أبهى مشهد ثوري شعبي حضاري لا مثيل له إطلاقاً، بشهادة العدو والصديق، ولم يكن فيما قدمته وجسدته، من طروحات فكرية وسياسية وأخلاقية ما يدينها أو يقدح في مشروعيتها ونجاحها مطلقا، كونها نابعة من مشروع قرآني كامل، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه،وهذا ما انعكس على سلوك القوى الاستعمارية وعملائها، الذين لم يتورعوا عن إعلان رفضهم وانزعاجهم، وعدائهم الصارخ لإرادة الشعب وثورته، وهو ما عبرت عنه تصريحات الساسة والمسئولين الصهاينة والأمريكان، الذين أكدوا أن نجاح ثورة ٢١ سبتمبر ٢٠١٤ م، واستعادة الشعب لسيادته، وسقوط عملائهم في الداخل، يعد ضربة قاضية لوجودهم، وخطراً كبيراً على مصالحهم.

لم يكن أمام أولئك الحمقى الإمبرياليون إلا الانتقال إلى مستوى عدائي متقدم، تجاه الشعب اليمني وثورته، فأعلنوا من واشنطن، عبر البوق الوظيفي السعودي عن الحرب العدوانية الشاملة على اليمن الذي كسر طوق الوصاية الاستعمارية الأمريكية الإسرائيلية، ولم يعد أمامهم من سبيل لإعادته إلى حظيرة القطيع، إلا تلك الحرب الكونية الوحشية، والحصار الظالم المطبق، وحرب الإبادة الإجرامية الشاملة، التي تحالفت فيها، أكثر من ١٥ دولة، في مقدمتها أمريكا وإسرائيل، تحت مسمى “التحالف العربي”، بقيادة السعودية وأخواتها من أدوات العمالة والنفاق والتطبيع. وأمام أبشع حرب عدوانية كونية، شهدتها البشرية عبر تاريخها، استطاع الشعب اليمني، إسقاط كل رهانات القوى الاستعمارية، وكانت معادلات الصمود والرد والردع على مدى أكثر من تسعة أعوام، كفيلة بقلب موازين القوى، ليصبح ال ٢٦ من مارس ٢٠١٥ م، هو المحطة التالية، لتأكيد هوية ال ٢١ من سبتمبر ٢٠١٤ م، حيث اقتلع الشعب اليمني، العين الثانية للإمبريالية الأمريكية الإسرائيلية ممثلة في هيمنة القوة التدميرية، والترسانة العسكرية الفتاكة، لتسقط رهانات قوى الاستكبار العالمي، مجللة بذل وعار الهزائم النكراء المتوالية، ابتداء من فعل الصمود والمواجهة، ثم الضربات الموجعة والرد والردع، وصولا إلى كسر أساطير القوة العظمى، وأوهام التفوق والاستعلاء الاستعماري، وبمقدار سقوط أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر في مستنقع الهزائم الساحقة اللامتناهية على يد ثلة من المجاهدين في قطاع غزة، سقطت أسطورة أسياد البحار، وقوة الأساطيل البحرية الأمريكية، التي عجزت عن حماية نفسها، أمام ضربات صواريخ ومسيرات القوات المسلحة اليمنية، ناهيك عن حماية سفن ربيبتها دويلة الكيان الصهيوني، ولم تكفِ قوة أساطيل الغرب مجتمعة، لردع أو ثني الشعب اليمني عن موقفه الإيماني والإنساني المشرف، في إسناد إخوانه المستضعفين في غزة، وبذلك سقطت أساطيرالقوة الأولى عالميا، وعادت الأساطيل مسطولة، من هول ما رأت، والمدمِرات مدمَرات، بفعل ما ذاقت، والبوارج في ليل البحار مسارج، ووضعت الحاملات حملها، وفرت مذعورة بإصابات قاتلة، وفضلت معظم السفن المستهدفة الغرق،على أن تدركها لحظة رعب جديدة.

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com