يمنُ الـ12 من سبتمبر.. انطلاقةٌ لا تعرفُ المستحيل
موقع أنصار الله ||مقالات ||د. تقية فضائل
تأتي ذكرى ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر المجيد واليمن بثقافتها القرآنية الأصيلة تحتفل بالمولد النبوي الشريف على كُـلّ المستويات الشعبيّة والرسمية وَكُـلّ أرجاء البلاد ترتدي لباس البهجة بهذه المناسبة، التي نذكر فيها أنفسنا وشعبنا والعالم أجمع بأن اقتفَاء هذه السيرة المحمدية العظيمة هو سبيل العزة والتمكين وَالفلاح في الدنيا والآخرة، وفي هذه الأجواء الروحانية تطل الذكرى السبتمبرية علينا وَقد تحقّق لليمن قفزات نوعية على مختلف الأصعدة الداخلية والخارجية في زمن قياسي بالنسبة لعمر الثورة المجيدة؛ حَيثُ تمكّنت اليمن من دحر التحالف البغيض وعملائه عسكريًّا وهزمته سياسيًّا، وجعلت هدفه في تدمير اليمن وشعبه مُجَـرّد طموحات طائشة رعناء لم تفد من التاريخ أَو الواقع اليمني، وقد ندم كُـلّ من شارك في هذا التحالف الفاشل، كما أنها كشفت للعالم هشاشة الأنظمة العميلة التي قادت التحالف على اليمن وجيوشها الهزيلة، وأهم مكتسبات اليمن هو استقلال قرارها السيادي الذي فقدته منذ عقود وقعت فيها تحت هيمنة عملاء أمريكا والغرب من الأعراب المنافقين، ونستطيع القول إن اليمن فرضت معادلة قوة لصالحها في المنطقة.
وفوق هذا التطور العظيم أصبحت اليمن رقماً صعباً على مستوى المنطقة وَالعالم وصار يحسب لها ألف حساب، لا سِـيَّـما بعد أن بسطت هيمنتها على مياهها الإقليمية بالقوة في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي، وذلك عندما هبت لنصرة القضية الفلسطينية وَللشعب الفلسطيني الذي يتعرض للإبادة الجماعية وللحصار والتجويع وأشد أساليب القهر والظلم؛ فلم تجد اليمن بداً من القيام بدورها الديني والأخلاقي والإنساني المشرف الذي يليق بها فلجأت لحصار الصهاينة في البحر الأحمر ومنعت مرور السفن الإسرائيلية والبريطانية والأمريكية وكل السفن المتوجّـهة إلى الكيان الصهيوني المجرم، وقد سحبت أمريكا مدمّـراتها وقطعها البحرية التي كانت تهيمن بها على المياه اليمنية بعد أن ذاقت الويل على أيدي أبطال اليمن.
يمن الحادي والعشرين من سبتمبر أضحت تصنع الأسلحة العسكرية من مسيّرات وصواريخ وغيرها لتخوض بها حرباً لا هوادة فيها ضد أعداء اليمن والإنسانية من يهود ونصارى ومن يعمل لصالحهم، وقد أرهبتهم وجعلتهم يبحثون عن الوسطاء لإيقاف اليمنيين عن التصدي لهم والتنكيل بهم وقبول التهدئة.
يمن الحادي والعشرين من سبتمبر تطلق صاروخاً فرط صوتي نصرة لأهلنا المستضعفين في غزة وتأديباً للصهاينة الأنجاس ومن يقف وراءهم على جرائمهم المروعة، التي فاقت كُـلّ مستوى إجرامي عرفته البشرية في تاريخها قديماً وحديثاً، وهذا الصاروخ لا تملكه إلا القليل من الدول العظمى، وهنا لا نستطيع القول إلا لله ما عظمة الثقافة القرآنية التي صنعت الانطلاقة اليمانية الجديدة، التي لا تؤمن بالمستحيل لأنها تستمد قوتها من قوة العزيز الجبار ذي العزة وَالجبروت وتسير وفق هداه ورعايته وتوفيقه.
وفي الجبهة الداخلية انتصارات سبتمبرية جديدة من نوعها تم فيها بفضل الله القبض على خلايا لعملاء وجواسيس لأمريكا وإسرائيل من مختلف الفئات والتوجّـهات ينخرون في جسد هذا الشعب منذ عقود طويلة؛ فأفسدوا كُـلّ جوانب الحياة من تربية وتعليم وزراعة وتجارة وسياسة وغيرها، وقد تغلغلت هذه الخلايا التجسسية في أعماق المجتمع حتى امتدت أيديهم الآثمة إلى إفساد المجتمع دينياً وأخلاقياً بأساليب شيطانية، لا تخلو من بصمات المجرم الأمريكي وتوجيهاته وعناصره، وعلى عاتق هذه الخلايا وزر كبير من الفساد المتجذر الذي ترزح تحته اليمن منذ عقود خلت عانى فيها الشعب وما يزال معاناة كبيرة.
فيما نجد سياسة إصلاح وضع البلاد الداخلي هو الشغل الشاغل للقيادة السبتبمرية الحكيمة في هذه المرحلة الحرجة لتطلق عملية التغيير الجذري؛ لاستئصال الفساد والمفسدين ووضع الأمور في نصابها الصحيح كي تستقيم الحياة وينعم الشعب بعد طول شقاء، وَهذه الخطوة الرشيدة يعلق عليها الشعب آمالاً عريضة يتطلع فيها لتفعيل مبدأ الثواب للمحسن والعقاب للمسيء الذي لم يرع الأمانة وَالمسؤولية حق رعايتها.
اليمن السبتمبري في جانب آخر يتوجّـه بقوة لدعم الاكتفاء الذاتي والتنمية الشاملة لمختلف مجالات الحياة رغم الحصار والعدوان والتدمير المتعمد لكل مقومات الحياة في اليمن وضعف الإمْكَانات وشحة الموارد وكثرة المخربين وعلى غير ما اعتاده الشعب ممن ساسوه من قبل كانت الزراعة على رأس اهتمامات القيادة؛ حَيثُ تشهد تطورات كبيرة جِـدًّا يلمسها المواطن في واقعه المعيشي وهذه النهضة الزراعية تسعى للوصول إلى الاكتفاء والذاتي وتأمين لقمة عيش الشعب حتى لا يقع تحت رحمة أعدائه، كما أن هذا المجال بالتحديد هو أَسَاس أية نهضة تنموية، وكانت العناية بالتصنيع بمختلف أنواعه العسكري وَالغذائي وغيره تسير بخطى حثيثة يواكبها تطوير الأسر المنتجة التي تعد عاملاً من عوامل النهضة، وَإضافة إلى دعم الإبداع والابتكار والتطوير لدى أبناء الشعب، وهو ما لم يكن وارداً من قبل مطلقاً.
خلاصة القول إنه برغم كُـلّ التحديات والعقبات الكبيرة والمكائد والمؤامرات الخطيرة وَإرث الفساد المتراكم، فإننا نثق بأن يمننا مقبل على مستقبل واعد بالخير والازدهار، في ظل قيادة شابة تحمل ثقافة قرآنية تدرك عظم المسؤولية أمام الله، وتسعى جاهدة للمضي باليمن وجعلها في مقدمة الأمم لتضطلع بدورها الحضاري الذي يليق بها وبأهلها الكرام، الذين يلتفون حول قيادتهم الحكيمة ويلبون نداءها وتوجيهاتها الرامية لكل الخير، ولن تثنيهم مطلقا أصوات النفاق المشدودة إلى العناصر المعروفة بالفشل وَالتخريب والعمالة والمنبطحة لأعداء اليمن ودعاة الفرقة والعنصرية والفتن.
عاش اليمن حراً أبياً مزدهراً موحداً.