الولايات المتحدة الأمريكية.. شريك أساسي في العدوان على غزة
أنصار الله. تقرير
تلعب الولايات المتحدة الأمريكية دوراً محوريا في العدوان الصهيوني على غزة فهي الممول الرئيسي منذ نشأة الكيان الصهيوني، وبدءً من فترة تراجع النفوذ البريطاني والغربي، كانت أمريكا في قلب المأساة، تضخ كميات هائلة من الأسلحة للكيان الإسرائيلي.
وعلى مدى عامٍ مضى من العدوان على غزة، أظهر شيطان الحروب الأمريكي مدى تعاونه مع الصهاينة بإقامة جسر جوي وبحري لإمدادهم بأفتك وسائل القتل. مئات من طائرات الشحن العملاقة وعشرات السفن كانت تنقل عشرات آلاف الأطنان من الأسلحة الفتاكة. فمنذ اليوم الأول من العدوان، سارعت أمريكا لتقديم ملياري دولار، مع أكثر من مائة صفقة سلاح خلال الثلاثة أشهر الأولى، لتكون شريكة في المجزرة.
منذ أكتوبر 2023، شحنت أمريكا عشرات الآلاف من الأطنان من الأسلحة اللازمة لدعم العمليات الإسرائيلية. استخدمت الفيتو في مجلس الأمن خمس مرات. ضغطت على الدول العربية والإسلامية وأرغمتها على الحياد. واجهت تظاهرات الطلاب في الجامعات الأمريكية بالقمع والوحشية. تبنت المنطق الصهيوني في المفاوضات. شاركت بشكل مباشر في حصار غزة. قدمت الدعم اللا محدود للكيان وكأن المعركة في غزة تعنيها بالدرجة الأولى. وهي كذلك في الواقع، كما قال الرئيس الأمريكي بايدن: ” لو لم توجد إسرائيل في المنطقة لأوجدناها”.
إن الشراكة الأمريكية مع العدو الصهيوني ليست مجرد دعم عسكري، بل هي تعبير عن سياسة تمويل واحتضان للإرهاب والتطرف، في وقت يُنتهك فيه الحق الفلسطيني بلا رحمة.
دعم لا محدود
في الساعات التي تلت السابع من أكتوبر، فتحت أمريكا مخازن أسلحتها. نشرت قطعها العسكرية في المنطقة بينها حاملة الطائرات يو إس إس جيرالد فورد. وفرت الغطاء السياسي. روجت الأكاذيب. كانت العزيمة الأمريكية واضحة: تصعيد الدعم العسكري حتى في أحلك الظروف.
عبر المنافذ البحرية، وصلت المزيد من السفن والقوات، وكان الاستعداد للانتشار في حالة الطوارئ أمرًا لا مناص منه. بينما كانت “إسرائيل” تُوَّدٍ لمواجهة غزة بهجوم بري، رُسمت خططه على طاولة بايدن والكونغرس لتمويل مساعدات إضافية قدرها ملياري دولار – أموال ليست سهلة، بل دماء تُسلب وأرواح تُزهق.
“ردع الأعمال العدائية” كان عنوانًا مثيرًا للشفقة أطلقه أوستن، بينما كان جيش الاحتلال يستعد لتصعيد أدوات القمع. جاءت الطائرات المقاتلة F-35، ليكتمل الإيقاع العسكري بتسليم قاذفات جديدة، في وقت كان العالم يشاهد وعيونهم شاخصة نحو تجاهل حقائق المعاناة الإنسانية.
بينما يتصاعد عداد الضحايا في غزة، يستمر بايدن في حث الكونغرس لزيادة الدعم العسكري. “المساعدات لإسرائيل وأوكرانيا” أصبحت إحدى عبارات السياسة المستخدمة لتبرير الاحتلال والقتل. وكأن دماء الأبرياء تُعد سلعة تجارية، تستغلها الدول العظمى لتوسيع نفوذها وتعزيز أجندتها.
تحت أضواء كاميرات الإعلام، تجمع المحتجون على حقوق الفلسطينيين، ولكن هل يكفي صوتهم في وجه زيف السياسة الأمريكية؟ وصفقات السلاح العسكرية لا تزال تُخاطب الحقد والكراهية، بينما يبقى السكان المدنيون في غزة بين مطرقة القصف وسندان الفقر.
تمثل الأحداث في غزة منعطفًا حادًا في فهمنا للسيادة وحقوق الإنسان. إنه النفاق والزيف، حيث تُرفع شعارات الحرية بينما تُستباح حقوق الشعوب. إن الانتصار للحق يستدعي ضميرًا حيًا ووعيًا جماعيًا يرفض الزيف ويطالب بالعدالة. إن صوت الحق في غزة لا يزال ينادي، ولعل صرخاتهم تجد صداها في قلوب أولئك الذين لا يزال لديهم إيمان بأن الإنسانية يجب أن تتجاوز السياسة.
صفقات الموت
في أعقاب التصعيد العسكري في غزة، شهدت الولايات المتحدة تحركات كبيرة في دعمها لإسرائيل، حيث تم إرسال تعزيزات عسكرية ومساعدات مالية ضخمة في إطار الجهود المستمرة للمحافظة على الأمن الإسرائيلي.
في أكتوبر 2023، شهدت الأوضاع تصعيدًا ملحوظًا في المعارك بين المقاومة الفلسطينية والعدو الإسرائيلي، مما دفع الولايات المتحدة إلى زيادة دعمها العسكري لإسرائيل بصورة غير مسبوقة. بعد 10 أكتوبر، تم تعزيز الوجود العسكري الأمريكي في البحر الأبيض المتوسط، حيث أرسلت حاملة طائرات ومجموعة هجومية أخرى إلى المنطقة. نقل عدد كبير من الطائرات إلى قواعد أمريكا في “الشرق الأوسط”. تزامن ذلك مع تعاون قوات العمليات الخاصة الأمريكية مع الجيش الإسرائيلي في مجالات التخطيط والاستخبارات.
في 12 أكتوبر، أكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن على دعم الولايات المتحدة الثابت لأمن “إسرائيل” خلال مؤتمر صحفي مع “رئيس الوزراء “الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وفي 14 أكتوبر، أشار وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن إلى إرسال حاملة طائرات ثانية إلى شرق البحر الأبيض المتوسط لتعزيز الردع ضد أي تهديدات تتعلق بالحرب. بحلول 17 أكتوبر، وصلت خمس شحنات من الأسلحة والمعدات الأمريكية إلى “إسرائيل”، وفي نفس اليوم، تم وضع حوالي ألفي جندي أمريكي في حالة تأهب قصوى. وفي 19 أكتوبر، استمر بايدن في الضغط على الكونغرس لزيادة المساعدات العسكرية لإسرائيل. وهكذا استمر الدعم الأمريكي للعدو الإسرائيلي طوال عام كامل.
صحيفة واشنطن بوست: “بعد عام من الحرب على غزة، تلقت “إسرائيل” مساعدات عسكرية أمريكية أكثر من أي دولة أخرى منذ الحرب العالمية الثانية؛ لتتجاوز حاجز 17 مليار دولار وفق بعض التقديرات”. ويُضاف إلى ذلك أن إدارة بايدن نشرت الجيش الأمريكي منذ اللحظة الأولى لدعم مباشر للعدو، وها هي أرسلت نظام ثاد مع طواقمه، 100 جندي أمريكي، لتأمين الحماية لإسرائيل من الصواريخ الباليستية.
ويُقدر تحليل نشره باحثون في جامعة براون، أن المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل منذ 7 أكتوبر تجاوزت 17.9 مليار دولار. ويشمل هذا الرقم التزامات طويلة الأمد بالإضافة إلى الإنفاق الطارئ، الذي يشمل مبيعات الأسلحة والتمويل العسكري، وما لا يقل عن 4.4 مليار دولار من التحويلات من المخزونات الأمريكية. علاوة على أن تكلفة العمليات الأمريكية الإضافية في “الشرق الأوسط” منذ أكتوبر الماضي بلغت 4.86 مليار دولار، وفق ذات التحليل أيضًا.
وعلى الرغم من أن العديد من تفاصيل الصادرات العسكرية ليست علنية، إلا أنه تم الإعلان عن بعض مبيعات المعدات العسكرية علنًا، في نهاية العام 2023، حيث وافق البيت الأبيض على بيع ما يقرب من 14 ألف قذيفة للدبابات ومعدات لإسرائيل، بقيمة 106.5 مليون دولار، علاوة على بيع قذائف مدفعية 155 ملم والمعدات ذات الصلة بقيمة 147.5 مليون دولار.
كما وافقت أمريكا وفق الصحيفة، على أكثر من 100 صفقة مبيعات عسكرية أجنبية منفصلة لإسرائيل منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تصل إلى آلاف الذخائر الموجهة بدقة، والقنابل ذات القطر الصغير، والدروع الخارقة للتحصينات، والأسلحة الصغيرة وأشكال أخرى من المساعدات القاتلة.
وفي أغسطس 2024، وافقت إدارة بايدن على مبيعات أسلحة إضافية لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار، بما في ذلك المركبات التكتيكية و50 ألف قذيفة هاون من المقرر تسليمها بدءًا من عام 2026، وقذائف الدبابات بدءًا من عام 2027، وحوالي 50 طائرة مقاتلة من طراز F-15 تبدأ في عام 2029.
كما مُنحت “إسرائيل” إمكانية الوصول إلى بعض التكنولوجيا العسكرية الأمريكية الأكثر طلبًا. وكانت أول مشغل دولي للطائرة المقاتلة F-35 واستخدمت الطائرة في القتال لأول مرة في العام 2018.
المعلومات الاستخبارية
مع دخول عام 2024، استمر الدعم الأمريكي لإسرائيل، حيث صرح المسؤولون الأميركيون بأنهم لا يرون أي شيء في تصرفات “إسرائيل” يستدعي تغيير نهجهم. في 4 يناير، صرح جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، بأن الولايات المتحدة لم تشهد أي أفعال إسرائيلية جديدة تدعو إلى مراجعة سياستها، وبالتالي استمر الدعم بشكل قوي.
في 18 يناير، أكد متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية على التزام الولايات المتحدة الثابت بدعم ” إسرائيل”.
بالإضافة إلى ذلك، تم تشكيل فريق عمل جديد في وكالة المخابرات المركزية لتقديم المعلومات الاستخبارية لإسرائيل حول قادة حماس، مما يعكس مستوى التعاون الأمني المتزايد بين الولايات المتحدة و”إسرائيل” خلال هذه المرحلة الحرجة.
تظهر هذه التطورات تكامل الدعم العسكري والدبلوماسي بين الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي، مما يزيد من تعقيد الوضع الإنساني في غزة ويعكس التأثير الكبير للسياسة الخارجية الأمريكية على الأوضاع في المنطقة.
حزم الدعم العسكري الأمريكية مزيد من القتلى في غزة
واستنادًا إلى تقارير أصدرتها “خدمة أبحاث الكونغرس”، الجهة المتخصصة في تزويد أعضاء مجلسي النواب والشيوخ بالمعلومات الضرورية، فقد قامت إدارة بايدن منذ السابع من أكتوبر الماضي بتسريع تقديم المساعدات العسكرية والأمنية لإسرائيل. تشمل هذه المساعدات العناصر التالية:
– قنابل صغيرة القُطر (وزن 250 رطل).
– صواريخ اعتراضية لتجديد نظام “القبة الحديدية” الإسرائيلي (المخصص للدفاع الجوي قصير المدى، والمضاد للصواريخ وقذائف الهاون والمدفعية).
– ذخائر الهجوم المباشر المشترك من طراز “جيه دي إيه إم إس”، وهي مجموعة تحول الأسلحة غير الموجهة إلى قنابل موجهة بالأقمار الاصطناعية.
– قذائف مدفعية عيار 155 ملم.
– 14 ألف قنبلة من طراز “إم كيه 84” (وزن 2000 رطل).
– 6500 قنبلة من نفس الطراز (وزن 500 رطل).
– 3000 صاروخ جو-أرض موجه بدقة من طراز هيلفاير.
– 1000 قنبلة خارقة للتحصينات.
– 2600 قنبلة صغيرة القُطر تُلقى جواً.
100 عملية تحويل مساعدات عسكرية
كما أشار تقرير لوكالة بلومبيرغ إلى أن “إسرائيل” قد طلبت 200 طائرة مسيرة خارقة للدروع من طراز “سويتش بليد 600″، وعلى الرغم من عدم امتلاك الجيش الأمريكي لأي منها في المخازن، فإن مستقبل توفر هذا النوع من الطائرات غير واضح، سواء لدى الشركة المصنعة أو الحاجة إلى تصنيعها. تم شحن الأسلحة بالفعل من الولايات المتحدة مباشرة، أو صدرت أوامر بتصنيعها فورًا، كما قام البنتاغون بتسهيل إتاحتها من مخازنه في القارة الأوروبية.
علاوة على ذلك، قام الكونغرس بسن عدد من التشريعات لمنح 12.6 مليار دولار من الاعتمادات العادية والتكميلية مباشرة من مخصصات وزارة الخارجية والدفاع لإسرائيل للسنتين الماليتين 2024 و2025. وقبل ذلك، تم إقرار حزمة مساعدات طارئة تكميلية تتضمن مساعدات لإسرائيل بقيمة 14.3 مليار دولار، بالإضافة إلى 3.8 مليارات دولار سنوية من المساعدات العسكرية التي تم الاتفاق عليها خلال إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، والتي ستستمر حتى عام 2028.
كشف مسؤول رفيع في الإدارة الأمريكية، لأول مرة، عن قيمة المساعدات الأمنية المقدمة من واشنطن لإسرائيل منذ بدء العمليات العسكرية في قطاع غزة في 7 أكتوبر الماضي، والتي بلغت 6.5 مليار دولار.
منذ 7 أكتوبر الماضي، أجرى البيت الأبيض أكثر من 100 عملية تحويل مساعدات عسكرية. تُظهر البيانات من خدمة أبحاث الكونغرس، أن إجمالي المساعدات العسكرية الأمريكية المقدمة لإسرائيل منذ عام 1948 بلغ نحو 186 مليار دولار (دون احتساب التضخم). ويقدّر بعض الخبراء القيمة الإجمالية مع احتساب التضخم بحوالي 310 مليارات دولار. تنقسم المساعدات الأمريكية لإسرائيل كما يلي:
– المساعدات العسكرية: 218 مليار دولار.
– المساعدات الاقتصادية: 76 مليار دولار.
– مساعدات برامج الصواريخ: 16 مليار دولار.
حاليًا، تُعتبر معظم المساعدات الأمريكية لإسرائيل على شكل منح لشراء الأسلحة، حيث تتلقى “تل أبيب” حوالي 3.3 مليارات دولار سنويًا من برامج التمويل العسكري الأجنبي، بالإضافة إلى 500 مليون دولار للأبحاث والتطوير لأنظمة الدفاع الصاروخي مثل القبة الحديدية.
التمويل الدموي: الفضيحة الأمريكية في دعم الاحتلال الإسرائيلي
في عالم تحكمه الشعارات الكبيرة، مثل “حرية الشعوب” و”حقوق الإنسان”، يبرز الزيف الأمريكي كحكاية درامية لا تنتهي، حيث تلقي الولايات المتحدة بجناحيها على منبر السيادة والإنسانية، بينما ترفع سيف الدعم العسكري لأسوأ الجرائم الإنسانية. بينما يحمل العالم آمالاً كبيرة في تحقيق العدالة والسلام، تقوم إدارة بايدن بدعم الاحتلال الإسرائيلي في مسيرته الوحشية ضد الأبرياء في غزة.
أحدث هذه الفضائح يكمن في إعلان وزارة الدفاع الإسرائيلية عن حزمة مساعدات عسكرية أمريكية جديدة تبلغ 8.7 مليارات دولار، جرى تأكيدها يوم الخميس الماضي. هذه المساعدات ليست مجرد أرقاما وصناديق محشوة بالمال، بل تعني إمداد آلة الحرب الإسرائيلية بأحدث الأسلحة والذخائر والطائرات ومنظومات الدفاع المتطورة، بما في ذلك تحديث شامل لنظم الدفاع الجوي. وما يزيد من فظاعة الموقف هو أن هذه الحزمة تأتي في وقت تنفذ فيه إسرائيل أبشع الجرائم ضد الإنسانية على جبهتين: غزة ولبنان.
تشمل المساعدة الأمريكية 3.5 مليارات دولار لشراء مستلزمات الحرب، و5.2 مليارات دولار مخصصة لتحديث الدفاعات الجوية، مثل القبة الحديدية ونظام “مقلاع داوود” ونظم الليزر المتقدمة. وقد أُبرمت هذه الاتفاقيات بعد سلسلة من الاجتماعات الرفيعة المستوى بين العسكريين الأمريكيين والإسرائيليين، بهدف تعزيز قدرة “إسرائيل” العسكرية، كما تعلن “وزارة الدفاع” في الكيان الإسرائيلي.
إن ما يجري في غزة ليس مجرد صراع متكرر، بل هو جريمة إبادة جماعية بمعناها الفاضح والمباشر. ومع استمرار هذا الزيف الأمريكي وسقوط الشعارات، يبقى السؤال الأهم: إلى متى ستستمر هذه المأساة؟ وإلى متى ستظل الولايات المتحدة تتفاخر بدعمها للحرية، بينما تزرع الفوضى والدمار في قلب فلسطين؟