اليهود ونزعة الاستكبار والعنصرية

 

 

في هذا العالم الذي تعتصره الصراعات والحروب والمآسي، برزت النزعة الاستكبارية اليهودية كعنصرٍ رئيسي في صوغ الأحداث والتأثير في سياسات الدول والشعوب، فمنذ القدم، سعت الحركات الاستكبارية إلى فرض سيطرة ثقافية وسياسية تمزج بين الأهداف الدينية والمصالح الاقتصادية، ما جعلها تشكل تحديًا على مختلف الأصعدة، وقد شُكّلَت ملامح هذه النزعة عبر التاريخ، بدءًا من الحروب الإقليمية القديمة وصولًا إلى النفوذ السياسي الذي يحظى به الكيان الصهيوني في السياسة العالمية اليوم.

هنا سنركز على الحديث عن النفسية اليهودية التي تتسم بالكبر والحقد والمكر الشديد وفق النظرة القرآنية، كما سنسلط الضوء على مدى شدة جرأة اليهود في تعاملهم السلبي مع هدى الله سبحانه وتعالى ومصدرها الكراهية العارمة في صدورهم لذلك الهدى وقسوة قلوبهم تجاه تلك البينات ولأنهم يرون أن هدى الله سيحول بينهم وبين أهوائهم ورغباتهم في الضلال والاستعلاء:

 

دوافع العناد اليهودي

 

من دوافع العناد والتكذيب اليهودي دافع الاستكبار من قبل الأحبار والرهبان عن قبول الحق وعدم استعدادهم لتقبل ما يأتي من عند الآخرين، حتى ولو كان ذلك كتاب الله؛ لأنه ليس لديهم رغبة أصلا في هدى الله وتقبله والتفاعل الإيجابي معه، وإذا تفاعلوا معه فهو في حدود المصالح الشخصية والمجتمعية التي تخصهم ككيان يهودي فقط، وما خلا ذلك فهو مرفوض جملة وتفصيلا وقد تحدث الإمام الخميني (رضوان الله عليه) عن الاستكبار فقال: إن المستكبرين ينظرون إلى العالم من حولهم نظرة استعلائية بحتة لأنهم مصابين بمرض الأنا النفسي، وهذا جعلهم لا يعيرون أهمية لبقية البشر ولا يحسبون لهم حسابا، وقال بأن من يملكون زمام السلطات هم الذين يدفعون بالآخرين إلى ارتكاب الظلم والاعتداء والفساد، وهذا بسبب ما هم فيه من سيطرة واسعة فيعتبرون أنفسهم هم الكل في الكل ولذا يستهينون بكل شيء لا يخدم رغباتهم وشهواتهم بسبب تلك الروح الاستكبارية التي أعمت أبصارهم وبصائرهم فاستصغروا كل ما عداهم.

{وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الكَافِرِينَ (89) بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ بَغْياً أَن يُنَزِّلَ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ (90) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [البقرة آية 91]

وكما هو معروف من خلال القرآن الكريم ومن خلال ما ذكرته المصادر التاريخية، أن اليهود لما تمادوا في استكبارهم وتعديهم على أنبياء الله ووصل بهم الحال إلى استهدافهم وتصفيتهم بالقتل العمد والمباشر كما فعلوا مع نبي الله يحيي بن زكريا (عليهما السلام) ثم مع نبي الله عيسى (عليه السلام) الذي عمدوا فعلا إلى قتله ولكن شبه لهم ورفعه الله إليه، ولهذا انقطعت منهم وراثة النبوة والكتاب نهائيا بسبب ذلك الاستكبار والتعنت، وابتعادهم عن الله وتجرؤهم على قتل أنبيائه والآمرين بالقسط من عباد الله، ولأنهم يفهمون جليا سنة الصراع ودور هدى الله وهداته في تحقيق الغلبة؛ فقد كانوا يستفتحون على الكفار المجاورين لهم في يثرب وغيرها ويقولون لهم: قد أظَلَّنا زمن نبيٍّ نقتلكم معه قتْل عاد وإِرَم.

وكونهم يعرفون هذا النبي ومستقبله ودينه أكثر مما يعرفه الآخرون لأنهم قد بشروا به في كتبهم السابقة وذكر لهم من أوصافه على ألسنة أنبيائهم الكثير فهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، لكنه لما جاء رسول الله محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) من العرب وجاءهم بالحق الذي هو أصلا موجود عندهم من قبل أن تأخذهم العزة بالإثم وأصروا على التمسك بالضلال وأعرضوا واستكبروا استكبارا، فكفروا بالله وبرسوله وتخلوا عما كانوا يقولونه للكفار من قبل من أنهم سيتبعون ذلك النبي العظيم وسيحكمون بسببه العالم وستكون لهم الكبرياء في الأرض { فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الكَافِرِينَ } وهذا بسبب تعنت واستكبار أحبارهم لأنه أتى بهدى هم يعرفونه وقد كفروا به يوم أتاهم عن طريق أنبيائهم فكيف سيؤمنون به ويتبعونه ويتقبلونه عن طريق نبي ليس منهم وهم من قتلوا أنبياءهم كراهة لذلك الهدى، وقد رُوي أن حيي بن أخطب وأخاه أبا ياسر، ذهبا إلى رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) ذات يوم من الفجر ومكثا عنده حتى غروب الشمس وكانا من أحبار اليهود وزعمائهم وعندما عادا سأل أبو ياسر أخاه حيي قائلا:أهو هو؟ قال نعم والله، قال: فما في نفسك منه؟ قال: عداوته والله إلى آخر رمق.

ألا يدل هذا على استكبار فظيع عندما لم يتبعوا هدى الله الذي هو مصدق لما معهم متعذرين بحجة سخيفة وهو أن النبي ليس منهم، أوليسوا هم من تعالوا على أنبيائهم من قبل؟ فظلموهم وآذوهم وقتلوهم وفضلوا الضلالة على الهدى فكان ذلك قرارا سيئا للغاية قال الله عنه: { بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ بَغْياً أَن يُنَزِّلَ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ}

البغي والاستكبار في النفسية اليهودية

 

وهذه النفسية السيئة الباغية التي حملها اليهود نفسية الاستكبار والحقد والحسد لعباد الله، أن يمن الله عليهم من فضله فيستكبرون ويصدون عن ذلك الهدى العظيم بدافع الكبر والبغي والاستعلاء، فلاهم الذين أتبعوا رسلهم ولاهم الذين تقبلوا هدى الله من خاتم أنبيائه محمد بن عبد الله (صلوات الله عليه وعلى آله) ولهذا باءوا بغضب على غضب كما أخبرنا الله عنهم في قوله تعالى: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} وهل آمنوا فعلا بما أنزل عليهم؟ لا. لم يؤمنوا به بل كتموه وحرفوه وبدلوه، وهم إنما آمنوا بتلك الأهواء وذلك الضلال الذي رسمه لهم أحبارهم ورهبانهم فقط، فهم مستعدون لاتباع كبرائهم بالإثم والضلال أما أنبياء الله وكتب الله فتأخذهم العزة بالإثم عن ذلك لأنهم يحملون نفسية { أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ} تلك النفسية الشيطانية المتكبرة والمستعلية

 

القرآن يكشف المزيد من التعنت اليهودي

لقد عالج الله سبحانه وتعالى تلك النفسيات لأهل الكتاب علها تثوب إلى رشدها وتترك ما هي فيه من تعنت واستكبار وحماقة، فأمر رسوله بأن يدعوهم إلى العنوان الرئيسي لرسالات الله وهي عبادة الله وحده وأن يلتقي الجميع حول هذه الغاية قال تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } [آل عمران آية64 ] ولكنهم أصروا على إعراضهم واستكبارهم مدعين أن ما لديهم من أهواء وضلال هو الهدى بعينه وحاثين الأخرين على اتباع ضلالهم وأهوائهم بدلا من هدى الله قال تعالى: {وَقَالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ } [البقرة آية 135] لأنه سلام الله عليه يمثل نقطة جامعة يلتقي عندها الكل، ولذلك كانوا في محاججة شديدة كلا يريد أن يفتخر على الآخر بأنه ينتمي إلى نبي الله إبراهيم وأنه من أتباعه قال تعالى: { يَا أَهْلَ الكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالإِنجِيلُ إِلاَّ مِنْ بَعْدِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ (65) هَا أَنتُمْ هَؤُلاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ (66) مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67) إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ المُؤْمِنِينَ} [آل عمران آية 68] فهنا بيّن الله لهم حقيقة دعواهم تلك وأن إبراهيم (عليه السلام) لم يكن لا يهوديا ولا نصرانيا؛ لأن التوراة والإنجيل لم تنزل إلا من بعده بل كان حنيفا مسلما لله كما هو حال رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) ودعا الله الجميع لاتباع ملة إبراهيم قال تعالى: {قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ } [آل عمران آية 95] وذلك لعلهم يتقبلوا ذلك ويتركوا الشقاق والمكابرة إن كانوا صادقين فيما يدعونه تجاه نبي الله إبراهيم (عليه السلام) ولكن لم يكن عندهم إلا دعاوى لا برهان عليها من كتب الله، إذاً فاتركوا الطريقة هذه، والتشبث بالكذب والتشبث بالتحريف والخرافات وعودوا إلى دين الله الذي هو ملة إبراهيم وإسحاق وإسماعيل ويعقوب وموسى وعيسى وكل أنبياء الله فهو امتداد لدين الله الحق والموحد عبر تلك الرسالات .

الإيمان الحقيقي

 

ثم أمر الله سبحانه وتعالى المسلمين جميعا بأن يعلنوا إيمانهم بجميع أنبياء الله (عليهم السلام) ورسالاته من دون تفرقة بين أحد منهم: { قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة آية 136] كرسالة توضيحية لأهل الكتاب أن الإيمان الحقيقي هو الإيمان بجميع كتب الله وجميع أنبيائه ورسله، وليس إيمانا مزاجيا أؤمن بمن أشاء وأكفر بمن أريد، فعسى أن يكون هذا الأسلوب محفزا ومشجعا لهم بأن يؤمنوا برسول الله ويتركوا التعنت والاستكبار والشقاق جانبا ويذعنوا لله الواحد القهار قال تعالى: { فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ } [البقرة آية137]

ولكونهم أهل شقاق وعناد حتى مع أنبيائهم الذين تربطهم بهم علاقات القرابة والنسب لم تنفع معهم تلك الأساليب لأنهم لا يريدون إلا أن تؤمن باليهودة، أو بالنصرنة هذه العناوين التي لا علاقة لها بدين الله، وإنما هي مجموعة أهواء وضلالات، وانحرافات عن ملة إبراهيم، وعن التسليم لله، وخروج عن الميثاق الذي أعطاه أسلافهم لله والذي أخذ أجدادهم على أبنائهم أن يكونوا مسلمين لله قال تعالى: { وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (132) أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَر يَعْقُوبَ المَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133)} [البقرة آية 133]

لكنك تجد كيف فرقوا بين أنبياء الله، على الرغم من كونها مسيرة واحدة، وأسرة واحدة: إبراهيم إسماعيل إسحاق يعقوب، أليست هذه أسرة واحدة؟ يهمشون إسماعيل ويركزون يعقوب هناك إسماعيل ومقابله إسحاق لكونه في الطريق فقط إلى إبراهيم، وإلا فالاهتمام لديهم بيعقوب، هم قدموها عنصرية، قدموها قومية بشكل بغيض جداً.

 {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ} (البقرة: من الآية137) ألم يعلِّم المسلمين هنا كيف يقولون: {لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ} (البقرة: من الآية136) كلهم أنبياء الله، كلهم رسله، والكتب التي أنزلت عليهم، وليست التي بين أيديهم لأن ما بين أيديهم محرف، وضلالات، إذاً فالموقف هنا واضح {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا} (البقرة: من الآية137) بما أنزل إليكم، وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل.. إلى آخره، وأن يكونوا مسلمين كما أنتم فقد اهتدوا {وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاق} (البقرة: من الآية137) قضية واضحة عناد وشقاق؛ لأن ما تدعوهم إليه هو ملة إبراهيم، هو ملة إسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط، وهذا الدين الذي هو امتداد من قبل إبراهيم، وموقفهم هذا من الإسلام ونبي الإسلام موقف عنصري واستكباري لأنه ليس فيه اعتراف بالآخر {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا} اقبلهم {وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَا} فقفوا منهم الموقف الذي يفرضه عليكم دينكم منهم، الموقف منهم {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ}(البقرة: من الآية137) عندما يصبحون مشاققين لن يكون من جانبهم إلا ماذا؟ عناد، ومؤامرات، وحرب، وأشياء من هذه.

ولذلك يقول الشهيد القائد (رضوان الله عليه): إن قضية ما يسمى بحوار الأديان قضية خاطئة جدا:

أولا: أن المطلوب من أهل الكتاب هو الإيمان بجميع رسل الله ورسالات الله وإتباع الإسلام الذي هو امتداد لذلك الخط الرسالي الواحد فإن تولوا {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (البقرة: من الآية137) لا يخفى عليه شيء من مؤامراتهم، لا ما يسرونه ولا ما يعلنونه ولذلك لا داعي لأي تنازلات معهم بدافع استرضائهم أو الخوف من شرهم لأنهم محسوم أمرهم.

ثانيا: أن اليهودية والنصرانية ليستا ديانات سماوية وإنما هي أهواء وباطل ومجرد الاعتراف بها كديانات سماوية خطأ فادح وضلال.

ثالثا: أن ما بين أيديهم من الكتب لم تعد الكتب الإلهية الحقيقية التي أنزلها الله على أنبيائه السابقين وإنما هي عبارة عن كتب من الأهواء والضلالات والأساطير والخرافات والباطل الذي صيروه بجهلهم وحماقتهم وشقاقهم إلى معتقدات.

رابعا: أن ما بين أيديهم لا يمثل حلا بل هو عامل من عوامل الشتات والضلال المبني على العنصرية والتفريق حتى بين أنبياء الله.

خامسا: أنهم لن يرضوا على أحد حتى يتبع ملتهم التي هي أهواء وضلال وإلا فإنهم لن يلتقوا معه في شيء نهائيا.

سادسا: ليس عندهم استعداد لقبول الحق والهدى من أي مصدر كان حتى ولو كان ذلك عن طريق أنبيائهم بل هم من كفروا به من قبل وقتلوا أنبياءهم.

سابعا: معروف عنهم أنهم أهل شقاق وعناد وجدال حتى مع أنبيائهم الذين تربطهم بهم صلة نسب وقرابه فما بالك بالأخرين.

ثامنا: ليس عندهم استعداد ولا رغبة لقبول الأخر مهما بلغت تنازلاته لهم لأن لديهم نظرة استعلائية متجذرة في نفوسهم نحن أبناء الله وأحباؤه.

تاسعا: أنهم يؤمنون بعقائد باطلة يجيزون لأنفسهم من خلالها ظلم الأخرين وأخذ حقوقهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل.

عاشرا: يجب أن يكون موقفنا منهم هو الموقف القرآني: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (التوبة:29) ولذلك لا ضرورة ولا استجازة لأي تنازل معهم فيما يتعلق بدين الله وتشريعاته.

 

 

 

قد يعجبك ايضا