هل فشل العدو الصهيوني في عدوانه على لبنان؟ قراءة عسكرية ميدانية

|| صحافة ||

في متابعة لأجواء أوساط خصوم حزب الله، المحليين أو الإقليميين أو الغربيين، تجد أن هؤلاء يتكلمون من منطلق أن المقاومة في لبنان انهزمت وانكسرت، ولم يتبقّ إلّا وقت قصير وتعلن استسلامها وقبولها بما وضعه “الإسرائيلي” من شروط، وبأنها بدأت تنظم خطة لجمع أسلحتها ولتسليمها إلى من يحدده نتنياهو، ويتابع هؤلاء “تفاؤلهم”، ويتحضرون لتسلم زمام الأمور في لبنان الخالي من حزب الله.

طبعًا، هذه الاستنتاجات  لهؤلاء الخصوم هي بالأساس موجودة في تفكيرهم كأحلام راودتهم دائمًا بها، وها هم اليوم يهلّلون ويصفقون للعدو “الإسرائيلي” الذي يعمل على تحقيق هذه الأحلام.

هذا لناحية التمنيات والأحلام، ولكن عمليًا، هل يمكن القول إن هذا الأمر سوف يتحقق إذا لم يربح “الإسرائيلي” المعركة وإذا فشل في عدوانه؟.

عمليًا، ومن خلال أغلب تجارب المعارك والحروب تاريخيًا، أجمع كل المحللين العسكريين والاستراتيجيين على أن معايير نجاح أو فشل أي جيش، في أي حرب، يخوضها تتلخص بعنوان أساسي؛ وهو : هل حقق أهدافه من هذه الحرب؟ رؤية بعض العناوين الثانوية الملحقة أو المرتبطة بعنوان تحقيق الأهداف، يمكن الإشارة إليها أولًا بخسائر هذا الجيش مقارنة مع قدراته، وثانيًا بتداعيات هذه الحرب على مجتمع وبيئة هذا الجيش، وثالثًا، بقدرة هذا الجيش على  إضعاف خصمه في هذه الحرب وفي منعه من تطوير قدراته في الميدان وفي منعه من رفع مستوى أعماله القتالية خلال المعركة.

انطلاقًا، من هذه العناوين التي تحدّد مستوى فشل أو نجاح الجيوش في حروبهم بشكل عام، يمكن مقاربتها من خلال مسار المواجهة الحالية بين جيش العدو “الإسرائيلي” وبين حزب الله وذلك على الشكل الآتي:

 

لناحية تحقيق أهداف العدو من عدوانه:

عندما أطلق العدو حربه على لبنان، حصر أهدافه المعلنة بإعادة مستوطني شمال فلسطين المحتلة إلى مستوطناتهم، وبتنفيذ توغل بري محدود لتدمير بنية حزب الله التي تستهدف الداخل “الإسرائيلي” في فلسطين المحتلة.

أولاً، لناحية إعادة مستوطني الشمال، والبالغ عددهم نحو مئة الف تقريبًا، فشل العدو في تتفيذ هذا الهدف، وفي الوقت نفسه توسعت جنوبًا داخل عمق الكيان مساحة المناطق والمستوطنات المهجرة والفاقدة لمستوى العيش الآمن.

ثانيًا، لناحية التوغل البري في منطقة محددة في جنوب لبنان وإنهاء بنية حزب الله وقدرته فيها، نجح العدو فقط في الدخول إلى شريط بري محدود، كان قد عمل أساسًا خلال عام من اشتباك الإسناد على تدميره بمستوى كبير، الأمر الذي دفع المقاومة لإخراجه عمليًا من مناورتها الدفاعية، ثم جعلت من هذا الشريط منطقة قتل لوحدات العدو، والتي سقط له فيها عدد كبير من الخسائر في العديد والعتاد، ولتتوقف هذه الوحدات على علو هذا الشريط الحدودي من دون القدرة على التقدم أكثر.

 

لناحية تداعيات هذه الحرب على المجتمع “الإسرائيلي”:

طبعًا، لا يمكن هنا الحديث عن تداعيات هذه الحرب على التجمعات “الإسرائيلية” من دون الإشارة الى تداعياتها على المجتمع اللبناني، حيث  لا يمكن إنكار هول المصاعب التي سببتها لللبنانيين على النواحي الاجتماعية والاقتصادية والشعبية كافة. ولكن، ونظرًا إلى وجوب المقارنة تاريخيًا بين المجتمع اللبناني الذي اعتاد تداعيات حروب واعتداءات هذا العدو، في حين تأثيرات هذه الحرب اليوم داخل الكيان جديدة وطارئة؛ حيث كان دائمًا يعيش معادلة القتال على أرض الغير، الأمر الذي كسره اليوم حزب الله بنقله القتال إلى داخل الكيان، ولتكون أيضًا تداعيات خسائر العدو في أرواح جنوده وضباطه ومستوطنيه ثقيلة جدًا وغير محمولة، نسبة إلأى الأمان الموعود الذي كان الدافع الأساسي وراء هجرة اليهود من أقطار العالم للاستيطان في أرض فلسطين المحتلة.

أخيرًا، لا بد من الإشارة إلى ظاهرة مهمة، قد تختصر وبامتياز، تأكيد فشل العدو في عدوانه على لبنان. وهي أن المقاومة في لبنان، ومع مرور الوقت، بالرغم من التدمير غير المسبوق الذي تتعرض له مناطق انتشارها، ومع الحصار الناري الدقيق من قاذفات العدو ومسيّراته على خطوط المقاومة في الدعم والانتقال كافة، ما تزال الأخيرة تطور معركتها بشكل لافت وصادم، لناحية المناورة التكتيكية على خطوط الاشتباك المباشر مع العدو، ولناحية مناورتي الاستعلام والاستهداف الصاروخي والمسّير داخل الكيان، مع إدخالها، وبشكل متصاعد، صواريخ متطورة في مدياتها وفي قدرتها التفجيرية وفي ميزاتها التقنية لناحية دقة الإصابة ولناحية تجاوز منظومات الدفاع الجوي للعدو.

 

العهد الاخباري: شارل أبي نادر

 

قد يعجبك ايضا