معيارُ العلوّ والسقوط
موقع أنصار الله ||مقالات ||منار الشامي
هناك مقولة لفتت انتباهي قبل فترة والتي كان محتواها: استمرّت الصين في بناء سور الصين العظيم مئات السنين وجعلت لهُ بابًا واحداً ولم تعرِف بأنّ الأعداء قد يقدمون الرشوة للبوّاب!
مختصر الأمر أن لا قيمة لا للحواجز ولا للأسلحة طالما لم يتم بِناء الإنسان الذي يمتلكها أولًا.
مؤخّرًا لاحت على الواجهة عدد من العناوين التي سيّرها الإعلام في سياق عام ظاهريًّا مخطّط باطنيًّا، منها حملة قامت بها السفارة الأمريكية، وأُخرى بعدد من الأقلام المأجورة غايةَ تكرار ما حدث في دمشق على الرقعة اليمنيّة، وأُخرى التقاء أهداف الصهاينة مع أهداف المرتزِقة وتحالف العدوان علينا،
عُمُـومًا، لا يُمكن للأوطان أن يطأها أحد دون أن يرشي البوّاب!
كلابُ الخونة والقطيع الأخرق من ورائهم من الجهلة هم السبب الرئيسي وراء كُـلّ تدخلٍ خارجي بفعل المالِ الذي يقتنيه الخونة واستغلال نقاط الجهل التي يمتلكها القطيع.
كان أملُ الكثيرِ منّا دومًا رغم ما ارتكب بحقّنا جراء العدوان الغاشم أن يتعدّل مسار الخونة ومن معهم من المرتزِقة، أن ينتظم صفّهم معنا ولو أمام العدوّ فقط، لكن المسألة بطبيعة الحال كانت إلهيّة، شيء خارج نطاقِ رجائنا،
قال الله تعالى: «وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ» مسألة عظيمة كقضيّة القدس لن يحملها إلّا الشرفاء، الذين لم تتلوث أيديهم قط لا بالدمِ ولا بالحرام، الذين قدموا قوافل طويلة من الشهداء فقط لأجلِ ردع الظلم والعدوان، الذين يحبهم اللّٰه، الأشداء على الكافرين في البحر، في البرّ، في التصريحات، في الميدان، والمتواضعين مع المؤمنين ومحيطهم، اللطفاء مع الصهاينة لن يُشرّفهم اللّٰه بمقامٍ كهذا قط ولهذا كان تعبيرُ اللّٰه تحديدًا “كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ”.
كلُّ مرحلة تأتي -بما فيها ما حدث في سوريا- هي مراحل غربلة دقيقة، لا يظلُّ فيها إلّا كما ورد في الروايات الشريفة “الأندرَ الأندر”؛ لأَنَّنا لا نتحدث عن جزاء لحظي؛ نحنُ نتحدث عن حياة آخرة، أبديّة يختارُ المرءُ فيها طريقه بملء إرادته.
الشيء الذي كان دومًا يدوّي في أُذني جملة الشهيد القائد: ثم سنسهم دائمًا في كشف الحقائق في الساحة؛ لأَنَّنا في عالم ربما هو آخر الزمان كما يقال، ربما -والله أعلم- هو ذلك الزمن الذي يَتَغَرْبَل فيه الناس فيكونون فقط صفين فقط مؤمنون صريحون.. منافقون صريحون، والأحداث هي كفيلة بأن تغربل الناس، وأن تكشف الحقائق.
لا يعلم أحد ما الذي قد يأتي من أحداثٍ أُخرى يتغربلُ فيها الناس حتى يقف الجميعُ على خطين صريحين لا يشوبهما خيطُ ريبٍ واحد، لكن يبقى المعيارُ فقط لكلِّ جماعةٍ مهما كانت نيّاتُها هذا: أشدّاءُ على الكُفّارِ رُحماءُ بينهم، وشدةُ العربِ وصهاينة العرب وكذلك الأعداء-أمريكا وبريطانيا وإسرائيل- مع حُسنِ حظّنا اتجهت إلينا، بينما شِدّتنا تظهرُ على صفيحِ البحر الأحمر وفلسطين المحتلّة، في الوقتِ الأشد الذي وصل إلينا فيه التهديد والوعيد والضغوط والإغراءات، وهذا كلا كلا لا مفخرة ولا غرور إنما ذلك الشعور الخانق بين فرحةٍ وبكاء وكلّهُ امتنان لله على حُسنِ توفيقه.
المُهم: تبقى القضيةُ معيارُ كُـلّ أمرئ فيها يعلو أَو منها يسقط.