“التهديد” اليمني.. قلق وإحباط في المستويات السياسية والعسكرية الصهيونية
||صحافة||
زاد تصاعد الهجمات التي تشنها القوات المسلحة اليمنية على “إسرائيل” من مستوى القلق فيها بسبب خطورة هذا التهديد بعدما فشلت أنظمة “الدفاع الجوي” الإسرائيلي المختلفة في اعتراض صواريخ بالستية يمنية، وما أثاره هذا الفشل من أسئلة ومخاوف.
وأمام هذا الواقع، توقع مسؤولون إسرائيليون أن تتوسع المواجهة بين “إسرائيل” واليمن في الفترة المقبلة، بحيث تزداد هجمات الطرفين.
تهديدات بتوسيع الهجمات ضد اليمن
برز في المواقف المنقولة عن مسؤولين إسرائيليين من المستوى العسكري – الأمني ما قاله رئيس الموساد، دافيد برنياع، خلال مناقشات جرت لدى القيادة السياسية، إذ أوصى بمهاجمة إيران، رداً على الهجمات اليمنية ضد “إسرائيل”، ونُقل عنه قوله: “يجب أن نضرب الرأس، إذا هاجمنا الحوثيين فقط، فلن تكون ذلك فائدة”، وفقاً للقناة 13 الإسرائيلية.
وفي مقابل ذلك، دعت “جهات أمنية” إسرائيلية، بحسب موقع “مفزاك لايف” الإسرائيلي، إلى إجراء مراجعة معمّقة لأسباب الإخفاق في منظومة اعتراض الصواريخ الإسرائيلية للصاروخ اليمني، وذلك بهدف تعزيز قدرات الدفاع الجوي ومنع تكرار حوادث مشابهة في المستقبل.
وقال مصدر أمني إسرائيلي لصحيفة “معاريف” إن “الحوثيين يمثلون تحدياً لم نواجهه من قبل، ولم نكن نعرف كيفية التعامل معه”.
وكشف مراسل الشؤون العسكرية في القناة 14 الإسرائيلية، هيلل بيتون روزن، أن التقديرات في “إسرائيل” تفيد بأن “الحوثيين سيزيدون من وتيرة الهجمات على إسرائيل، وربما بشكل كبير”. لذلك، تستعد “إسرائيل”، وفقاً لمصادر أمنية، لهجوم إضافي في اليمن، ستحاول إشراك دول إضافية فيه.
مراسل الشؤون العسكرية في قناة “كان”، إيتاي بلومنتال، نقل عن مصدر إسرائيلي تأكيده أن “إسرائيل” تنسق بشكل وثيق مع الأميركيين، وتتوقع منهم أن يزيدوا هجماتهم في اليمن.
قلق بسبب الفشل في التصدي للصواريخ اليمنية
أفاد موقع “غلوبس”، في تقرير نشره، بأنه من أجل التصدي للصواريخ الباليستية، كالتي أُطلقت من اليمن، تستخدم “إسرائيل” نظامين من إنتاج الصناعات الجوية الإسرائيلية: “حيتس 3″ للتهديدات خارج الغلاف الجوي، و”حيتس 2” داخل الغلاف الجوي، وتقدر تكلفة اعتراض كل صاروخ من 1,5 إلى 2 مليون دولار، وهي تكلفة أعلى بكثير من تكلفة “القبة الحديدية” (نحو 30 ألف دولار) و”مقلاع داوود” (نحو 700 ألف دولار).
ولفت الموقع إلى أن “الجيش” الإسرائيلي حاول التصدي للصاروخ اليمني، السبت، فأطلق صاروخ “حيتس 3” لاعتراض التهديد خارج الغلاف الجوي، بعيداً عن الأراضي الإسرائيلية، لكن الاعتراض فشل، فتم إطلاق صاروخين من “القبة الحديدية” فشلا أيضاً في اعتراض التهديد.
ونقل الموقع عن “مصدر مهني في الغرب” قوله إن تكرر الاعتراضات الفاشلة مقلق، لا سيما في سياق “سباق التسلح” بين إسرائيل وإيران، لأن “إسرائيل” ستواجه في المستقبل تهديدات إضافية مثل الصواريخ الباليستية، والصواريخ الجوالة، والطائرات من دون طيار، والتهديدات الفرط صوتية التي قد تظهر.
الباحث الكبير في معهد أبحاث الأمن القومي والمختص في تكنولوجيا الليزر والإلكترونيات البصرية وأجهزة الاستشعار، الدكتور يشوع كليسكي، أشار إلى أن مفتاح الاعتراض الناجح يكمن في توقيت الاعتراض، “فإذا تم الاعتراض داخل إسرائيل، ستسقط شظايا الصواريخ على الهدف”.
ولفت كليسكي إلى أن هناك 3 أسباب أساسية لفشل الاعتراض: التشخيص المتأخر للبيانات ومعالجتها، وسرعة المحركات، وقدرة الصواريخ على المناورة.
مراسل الشمال وشؤون عسكرية في صحيفة “معاريف” آفي أشكنازي تطرق إلى القلق الذي تعيشه المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية بشدة، وفقاً لتوصيفه، ورأى أن “المشكلة مع الحوثيين معقدة للغاية، فهم ليسوا عدواً عادياً، وهم بعيدون عن إسرائيل آلاف الكيلومترات، ومنتشرون على مساحة شاسعة، معظمها غير محدد على خريطة، كما أنهم ليسوا تشكيلاً عسكرياً حقيقياً، بل مجموعات من القبائل والعصابات لا تملك أصولاً عسكرية كبيرة.
أشكنازي دعا إلى الإقرار بالواقع والقول صراحة إن “إسرائيل لا تنجح في التعامل مع تحدي الحوثيين من اليمن، بل إنها فشلت في مواجهتهم، واستيقظت متأخرة جداً في مواجهة التهديد القادم من الشرق، وتنجر ضعيفة في ردها على التهديد”. ورأى أشكنازي أيضاً أن “إسرائيل” غير مستعدة استخبارياً وسياسياً لمواجهة تهديدهم، وهي لم تشكل تحالفاً إقليمياً لمواجهة التهديد الذي يضر اقتصادياً بمصر والأردن وأوروبا، إضافة إلى “إسرائيل”.
ولفت أشكنازي أيضاً إلى أن “الجيش” الإسرائيلي ومجتمع الاستخبارات استيقظا متأخرين جداً حيال التهديد اليمني. لذلك “يحاولون في الموساد وفي شعبة الاستخبارات العسكرية التماس مصادر هنا أو هناك وتكوين صورة استخبارية عن الحوثيين، وهذا هو السبب في أن الهجمات الثلاث التي شنها سلاح الجو عليهم كانت مجرد جولات علاقات عامة وبعض الألعاب النارية، وأقل بكثير من عملية حقيقية تسبب أضراراً عسكرية فعلية تخلق توازن رعب أو نوعاً من الردع”.
الهجمات اليمنية أحبطت المسؤولين الإسرائيليين
لفت محلل الشؤون العسكرية في موقع “واينت” رون بن يشاي إلى أن الضربات المباشرة للصواريخ الباليستية التي انطلقت من اليمن، والتي فشلت أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية في اعتراضها، تسببت بإحباط كبير لدى مسؤولين سياسيين وأمنيين في “إسرائيل” وواشنطن، وأججت النقاش العلني حول مسألة ما إذا “كان من الممكن الاكتفاء بضربات موجعة للحوثيين لردعهم عن شن هجمات على إسرائيل والإبحار الدولي أو أنه إيذاء الإيرانيين رعاة الحوثيين”.
بن يشاي قال إن “الحوثيين لا تقودهم إيران، بل إنهم يساعدونها فقط”. لذلك، ضرب إيران لن يغير شيئاً من وجهة نظر الحوثي، مضيفاً بأن التعامل معهم أمر صعب بسبب المسافة الجغرافية، وبسبب (قلة) حجم الموارد الاستخبارية التي يمكن لـ”إسرائيل” تخصيصها للقيام بعمليات مراقبة جادة وجمع أهداف في اليمن.
مراسل الشؤون العسكرية في القناة 12، نير دفوري، أشار إلى أن ما يحصل بين “إسرائيل” واليمن هو “بداية تطور أمر يتطلب تفكيراً مختلفاً، ليس تكتيكياً فقط، ففي المؤسسة الأمنية والعسكرية يقدرون ويفحصون ما إذا كان الرأس الحربي للصاروخ الباليستي الذي أطلق من اليمن له قدرة على المناورة”. أما محلل الشؤون العسكرية في موقع والاه الإخباري، أمير بوحبوط، فقال إن “المواجهة مع الحوثيين تشير إلى فجوة استخبارية إسرائيلية في التقدير وفي بنك الأهداف”.
موقع “مفزاك لايف” أشار في تقرير نشر الاثنين إلى أن الأحداث الأمنية في الأسبوع الأخير كشفت ثغرات كبيرة في منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية، فالصاروخ الذي أصاب يافا يثير تساؤلات مقلقة بشأن قدرة المنظومة على كشف تهديدات من هذا النوع واعتراضها.
وأضاف الموقع أن الإخفاق المقلق بشكل خاص هو أن أياً من طبقات الدفاع الجوي المتعددة في “إسرائيل” لم تتمكن من اعتراض التهديد.
الميادين نت