تهديدات “إسرائيلية” لليمن.. لماذا الكيان العدو الأضعف من التحالفات السابقة
موقع أنصار الله ||مقالات || طالب الحسني
تهديد “اسرائيلي” لليمن، يحدث ذلك مع تصاعد المواجهة المباشرة بين صنعاء وتل أبيب بعد هجمات متبادلة ليست الأولى ولكنها لربما الأوسع حتى الآن ، على أن القادم سيكون بسقف أعلى لكنه لن يكون طويلا على الأقل مقارنة بالمواجهة التي استمرت بين حزب الله وكيان العدو الإسرائيلي واستمرت 66 يوما بينها الحرب البرية بعد أن انتقل حزب الله من جبهة إسناد لغزة منذ الثامن من اكتوبر العام الماضي إلى جبهة رئيسية .
التهديد الإسرائيلي يحمل طابعا “استعلائي” يرتكز على ” وهم ” الانتصار ، ويشير إلى لبنان وسوريا وقبل ذلك غزة ، فبعد الهجوم اليمني السابق الأربعاء الماضي 18/ ديسمبر / كانون الثاني واستهدف مبنى وزارة الحرب في تل أبيب الكبرى ، قال رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو فيما معناه إنه لم يتبقى من محور المقاومة سوى جبهة اليمن و” الحوثيين ” في حين كان وزير حربه يسرائيل كاتس قال إن يد اسرائيل طويلة في إشارة للغارات التي نفذها جيش العدو الإسرائيلي في الليلة نفسها واستهدفت محطات الكهرباء في محافظتي صنعاء والحديدة اليمنيتين .
قبل أن يتم استهلاك هذه التهديدات ضربت صنعاء بصاروخ فرط صوتي فجر السبت الماضي 21/ديسمبر / كانون الثاني _ هدفا عسكريا وسط يافا المحتلة بحسب المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع ، وكان لهذه العملية صدى واسعا خاصة أن القرقابة العسكرية الإسرائيلي لم تتمكن من إحتواء المشهد العام الذي صور بهواتف ” المستوطنين ” والفلسطينيين ، بينما اعترف الجيش الإسرائيلي أن الدفاعات الجوية أخفقت في التصدي له .
وقبل أن يمر على هذه العملية 24 ساعة نفذت صنعاء هجوما واسعا بصورايخ مجنحة وطائرات مسيرة على حاملة الطائرات الأمريكية يو اس اس هاري ترومان التي قدمت للتو وتتموضع بمحاذاة السواحل السعودية في البحر الأحمر ، وتؤكد صنعاء أنها أفشلت هجوما واسعا للتحالف الثنائي الأمريكي والبريطاني كان سيستهدف أهدافا في العاصمة صنعاء والحديدة ، وكانت القيادة المركزية الامريكية أعلنت تنفيذ عملية جوية لضرب ما قالت ” أنها مخازن صواريخ ومراكز قيادة في العاصمة صنعاء ” وبعد ساعات أقرت بسقوط طائرة حربية نوع F18 وانقاذ الطيارين عندما كانت تحلق فوق أجواء البحر الأحمر ، هذه السردية أثارت جدلا وأسئلة كثيرة حول إن كانت قد سقطت بنيران صديقة أم أنه تم إسقاطها يمنيا ؟ وكيمفا كانت ” الرواية ” فثمة نتيجة واحدة أن حاملة الطائرات ترومان قد تعرضت لهجوم واسعا تسبب في ارباك القوات الأمريكية العاملة .
كل هذه التطورات تعني نقاطا كثيرا ومهمة أبرزها أن اليمن الذي دخل كجبهة إسناد لغزة منذ 14 شهرا ونجحت في قطع الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر والعربي بنسبة تتجاوز 90% رغم تشكيل واشنطن ولندن والدول الغربية لتحالفين بحريين ” حارس الازدهار ” ” واسبيدس ” انتقلت لتضرب أهدافا عسكرية وحيوية في قلب عاصمة الكيان بما تمثله من ثقل سياسي واقتصادي ودبلوماسي ومعنوي ، الأهم من كل ذلك يتعلق بتوقيت توسيع العمليات ، ذلك أن كيان العدو الإسرائيلي لا يزال يحاول استثمار الأحداث في سوريا وسقوط دمشق بيد الجماعات المسلحة في الثامن من الشهر الجاري 8 ديسمبر / كانون الثاني وتمدده بعد المنطقة العازلة بين سوريا وفلسطين انطلاقا من هضبة الجولان السوري المحتل ، باعتبار ذلك البوابة الواسعة للخروج من الهزيمة الكبرى والبدء في تشكيل ” شرق أوسط جديد “
لقد أعادت الضربات اليمنية الأخيرة على تل أبيب الكيان ليكون حديث الساحة مع استفسارات كثيرة حول فقدان القدرة على التصدي للصواريخ القادمة من اليمن كجبهة اسناد رئيسية لا تزال بكامل قوتها وشجاعتها ، ومن هنا فإن المتوقع أن يقوم العدو الإسرائيلي بتنفيذ هجمات جوية متوقعة من المرججح أنها ستركز على العاصمة صنعاء ومدينة الحديدة وبدرجة ثانوية بعض المحافظات بينها صعدة باعتبار رمزيتها كمركز للحركة الثورية ، لكن السؤال المطروح مرة أخرى أمام هذا العدوان بعد أن طرح لمرتين منذ عشرة أعوام ، المرة الاولى في وجه التحالف ” العربي ” الذي قادته السعودية ، ومرة ثانية أمام التحالف الامريكي البريطاني الذي لا يزال ينفذ غارات ، وهذه المرة الثالثة أمام كيان العدو الإسرائيلي وهو ، هل بمقدور هذه الغارات المحتملة أن تكون مؤثرة وتؤدي إلى نتيجة أو على الأقل لتقلص من القدرات العسكرية لليمن ؟
في الواقع لا يزال تحقيق هذا الهدف يشكل معضلة لأسباب واقعية وليست ألغاز ، تتعلق الأسباب بالتالي :
– الجغرافية اليمنية المعقدة والواسعة بما تتضمنه من سلاسل جبلية مترامية الاطراف وتشكل نسبة كبيرة من البلاد ويصعب رصدها على مدار الوقت حتى باستخدام الأقمار الصناعية التي لا تفارق المنطقة
_ التموضع العسكري للقوات المسلحة اليمنية رغم أنها قوات نظامية وشبه تقليدية يأخذ نمط تموضع المقاومات ويصعب تحديده وبالتالي استهدافه ، وهذه الاستراتيجية ليست جديدة إذ أن الجيش تكون في ظروف الحرب التي تجري منذ العام 2015
_ النقطة الأخيرة والأهم ، أن الجيش ينتج الأسلحة بما في ذلك الأسلحة الإستراتيجية كالصواريخ والطائرات المسيرة خلافا للكثير من المزاعم حول السلاح المهرب .
لقد بقي التحالف الذي تقوده السعودية طوال ثمان سنوات على الرغم ان جميع القواعد المستخدمة مجاورة لليمن دون تحقيق هذا الهدف – الوصول إلى تدمير القدرات العسكرية لليمن _ وعلى الرغم من أن الرياض ادعت ذلك لكنها وحلفائها أصيبوا بالصدمة حين كشفت صنعاء امتلاكها القدرة على انتاج صواريخ فرط صوتية .
إن العدو الإسرائيلي الأقل خبرة ومعرفة بهذه الجبهة والأبعد جغرافيا الأبعد حتما في تحقيق الجزء اليسير من أهدافه .