كيف ينظر أبناؤها الى وضعها الأمني المتردي؟!! تعز .. مدنية منتهكة !!
يصعب على المتتبع اليوم تصور الواقع وصلت إليه مدينة تعز وخصوصا هذه الأيام من ترد كبير في مستوى الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وخلال الأعوام الثلاثة الأخيرة التي أعقبت انطلاق شرارة الثورة الشبابية الشعبية السلمية منها ولأول مرة في الــ11 من شهر شباط (فبراير) عام 2011 م والذي انعكس بشكل ملحوظ على النمط الحياتي لابناء هذه المدينة الحالمة …
, ولعل من أبرز المشاكل التي أصبحت تعاني منها هذه المدينة المسالمة اليوم هي المشكلة الأمنية وتمثل ذلك في الانتشار الكبير للعناصر المسلحة في شوارع وأحياء المدينة إضافة إلى حوادث النهب والتقطع والسرقة والاختطافات والقتل وصولا الى عمليات الاغتيالات ذات الابعاد السياسية والطائفية مؤخراً وكلها حوادث لم تعهدها تعز والتي اشتهرت عبر التاريخ بسلميتها واستقرارها ..
السلطة المحلية .. تسطيح للمشكلة !!
على الرغم من اعترافها بماتعانية تعز من انفلات امني لم يكن على الاطلاق جزءا منها , بل دخيلا عليها الا ان السلطة المحلية ممثلة بمحافظ المحافظة الأستاذ شوقي احمد هائل فترى بان المشكلة الامنيةفي تعز هي جزء من المشكلة الأمنية التي تعيشها اليمن عموما بل على العكس فان تعز تكاد تكون الأكثر استقرارا من غيرها من المحافظات وان مايتم تناقله عبر وسائل الاعلام المختلفة هو مجرد تضخيم لا مبرر له , والحقيقة هي انه وبالرغم مما يحمله هذا الخطاب من نية صادقة في التعامل مع المشكلة لا مع تداعياتها الإعلامية بما يعزز من استقرار وامن عاصمة الثورة والثقافة تعز الا انه وبالنظر الى الاحصائيات والأرقام الرسمية حول معدلات الحوادث والجرائم نجد ان تعز تقع في مركز متقدم على مستوى الجمهورية من حيث ارتفاع نسبة الجريمة , وهو بالفعل امر مستحدث وجديد لم تعهده تعز وهو مايجعل محافظ المحافظة يقرر بنفسه في اكثر من موقف ولقاء بان تعز ( مستهدفة ) وان الوضع الأمني المتدهور لن يتم القضاء عليه الا بتعاون الجميع ولعل من الانصاف ان نشير الى الدور والجهد الكبير الذي يبذله محافظ المحافظة في سبيل ترسيخ الامن والاستقرار في المحافظة الا ان التقدم في هذا الاتجاه يظل محدودا لاسباب عدة ..
في هذا الاستطلاع نقترب اكثر لنتعرف على اراء وانطباعات عدد من أبناء تعز حول الوضع الأمني الذي تعيشه محافظتهم وتصوراتهم للحلول الكفيلة بتحسين الوضع الأمني فيها ..
إختلال القبضة الأمنية !!
يرى الناشط الحقوقي والثوري الأخ حسين السهيلي ( 35 عاما ) بأن جذور المشكله عائدة الى انه وبعد إتمام عملية التسوية السياسية بين النظام وأحزاب اللقاء المشترك تحت ضغط الثورة الشعبية وإعادة تقاسم المناصب الإدارية والعسكرية والأمنية بين الأطراف السياسية المتصارعه فقد نشأ عن ذلك اختلال مايطلق عليها بالقبضة الأمنية في تعز خصوصا واليمن عموما والتي كانت تقوم على اعتبار ان كافة الوحدات العسكرية والأمنية والإدارية تتبع بشكل مباشر للرئيس السابق صالح وهو مالم يعد موجودا اليوم حيث تم تقسيم الوظائف الأمنية والعسكرية بين الأطراف السياسية ماخلق حالة من تعدد الولاءات جعلت من عملية توأمة هذه الأجهزة للقيام بواجباتها أمرا بالغ الصعوبة , وبالرغم من الجهود التي تبذلها السلطة المحلية في سبيل تحقيق ذلك , ويواصل الأخ السهيلي قائلا: ومما زاد الطين بلة هو حركة التعيينات الجديدة التي شملت المؤسسة الأمنية بتعز وتمت بين مدير الامن السابق العميد علي السعيدي ووزير الداخلية عبدالقادر قحطان تم فيها تعيين مايقارب 680 شخصا منهم مطلوبون أمنيا وقد اثبتت وقائع عدة تورط عدد من الجنود في الحوادث الأمنية , ويضيف : إضافة الى ماسبق فان الإمكانيات المتاحة للأجهزة الأمنية شحيحة للغاية ولاتفي بمتطلبات القيام بدورها وهو مادفع محافظ المحافظ الى تحمل الأعباء المادية للجنة الأمنية والتي تقدر بـ2 مليون و 300 الف ريال كل عشرة أيام إضافة الى 6000 لتر من البنزين شهريا الا ان الرقابة الصارمة على هذه الإمكانيات التي يتم توفيرها ضعيفة ..
غياب الإرادة الجمعية والتوجه العام
من جانبه يرى الدكتور عبدالحليم المجعشي ( 50 عاما – حقوقي) أن الامن في محافظة تعز قد أصبح شبه منعدم ما يجعل الشخص يشعر بالحسرة أمام مشاهد القتل والنهب والتقطعات اليومية التي تشهدها هذه المحافظة , ويرى الدكتور المجعشي بعدم جدوى الإلقاء باللائمة على مدير أمن المحافظة اللوم على مدير أمن المحافظة او غيره من مدراء الامن السابقين لانهم وبحسب رأيه لن يكونوا قادرين على القيام بواجباتهم الا في ظل توجه سياسي عام من قبل جميع اطراف العملية السياسية يهدف الى حفظ الأمن والاستقرار في المحافظة وهو الأمر المفقود حاليا !!
بيئة آمنة للمجرمين !!
الأستاذ خالد الجناحي ( 40 عاما – تربوي) يرى أيضاً أن الحالة الأمنية التي تعيشها مدينة تعز أصبحت بالفعل هما يؤرق الجميع بكافة مظاهرها المأساوية من قتل يومي وتقطعات ونهب واختطافات لدرجة أن تعز أصبحت ملاذاً آمناً للمجرمين وأصحاب السوابق من أبناء المحافظة وغيرها من المحافظات الأخرى !!
ويرى الجناحي بأن على الدولة ممثلة بوزارتي الداخلية والدفاع القيام بتغيرات جذرية للقيادات الأمنية على مستوى المديريات وأقسام الشرطة بكوادر من خارج المحافظة نظراً لأن القيادات الأمنية من أبناء المحافظة المتواجدون حاليا يساعدون القتلة والمجرمين وناهبي الأراضي وهم من يوفرون لهم الحماية كما يرى الأستاذ خالد الجناحي بضرورة تشكيل لجنة خاصة لإستقبال شكاوى المتضررين ومعرفة من يثبت تورطه من هذه القيادات الأمنية والعسكرية والتعامل معهم وفقا للقانون .كما يعول الجناحي أيضا على الجهود الشعبية والجماهيرية معتبرا ان الحملة الشبابية والتي رفعت شعار
( إرفعوا المسلحين من شوارعنا ) هي جهد يشكر القائمون عليه متمنياً من الجميع الاسهام فيها ..
ثلاثة أسباب .. وعقاب !!
الإعلامي والكاتب الصحفي الأستاذ عادل مداحش (30 عاما) فيشير الى أن أسباب الظروف الأمنية الصعبة التي تمر بها محافظة تعز واضحة للعيان و لا تحتاج لمجهر لنتعرف عليها .. و ان الجميع في تعز يعرفون الأسباب التي قادت إلى هذا التدهور الأمني .. يقول عادل مداحش : " دعني أكون أكثر صراحة معك , هناك ثلاثة أسباب رئيسة وراء هذا التدهور أولها المليشيات التي يحتضنها حزب الأصلاح عبر المشائخ الذين يعيثون فساداً و بدعم من مستشار رئيس الجمهورية علي محسن الأحمر . و ثاني هذه الأسباب المسلحين الذين يتبعون وكلاء المحافظة و هم محسوبين على إدارة الأمن و هم في الحقيقة أصحاب سوابق و ممن تم توظيفهم في الأجهزة الأمنية على أساس حزبي . و هناك العديد من عقال الحارات ممن يتسترون على مطلوبين أمنياً و يستخدمونهم في وقت الحاجة تحقيقاً لمصالحهم .. و كل ما يدور من انفلات أمني في هذه المحافظة هو عقاب لها لكونها نواة الثورة و مصنع الثوار .. و يراد لها اليوم الخراب و الدمار نضير موقفها الثوري " ويضيف مداحش : " لن يتحقق الأمن والاستقرار إلا بإعادة ترتيب الأجهزة الأمنية على أساس الكفاءة و المصلحة الوطنية و تفعيل الانتشار الأمني بقوة و قبل كل هذا تعاون المواطن مطلوب جداً مع الأجهزة الأمنية لتحقيق الأمن "..!!
الإعلامي والكاتب الصحفي الأستاذ عبدالباسط مقبل ( 45 عاما) فيرجع بدورة عملية الاختلالات الأمنية في مدينة تعز إلى الاختلافات الحزبية وعدم استقرار الوضع السياسي الذي تتناوشه صراعات القوى المتناحرة على السلطة في الساحة اليمنية بشكل عام ومدينة تعز بوجه خاص، الأمر الذي عكس نفسه على كافة المجالات، فالاختلالات الأمنية برأيه هي تعبير صريح عن صراع ومناكفات القوى السياسية بمختلف اتجاهاتها، وبداية الحلول تكمن في اتفاق القوى السياسية، ثم تأهيل كادر أمني مزود بكافة الإمكانيات والقدرات التي تمكنه من فرض إرادته، وثالثاً السعي عبر مختلف الوسائل لإشراك المجتمع في العملية الأمنية من خلال إبلاغ أجهزة الأمن بالعابثين والمستهترين بأمن المدينة والمواطن..
فجوة أمنية واسعة !!
الناشط الشبابي والثوري محمد رشاد الاكحلي (23 عاما – طالب جامعي ان الاختلال الامني داخل المدينة قد جعل حالة الناس يعيشون في حالة من الترقب والقلق في ظل غياب المؤشرات على ان هناك جهودا ما يتم بذلها لتحسين الوضع الأمنيويرى الاكحلي بان أسباب هذا الاختلال الأمني تعود الى وجود فجوة أمنية واسعة بين المجاميع المسلحة المنتشرة و الاجهزة الأمنية التي يفترض بها معالجة الاختلالات وهذه الفجوة حتى ألان هي لصالح المجاميع المسلحة التي تتعدد ولاءاتها نظرا لضعف الأجهزة الأمنية وقلة إمكانياتها سواء بالأسلحة أو بالتدريب أو القيادات القادرة على تجاوز هذا الضعف من خلال مرتكز العمل الأمني – القيادة والسيطرة ..
ويضيف الاكحلي بأن الحلول تتمثل في " إعداد الأجهزة الأمنية من حيث التسليح والكفاة وتزويدها بالمعدات ألازمة والأفراد بشكل كافي حتى تتجاوز الضعف أمام هذه المجاميع لتستطيع التغلب على مرتكبي هذه الاختلالات الأمنية وبالتالي ضبط الأمن والاستقرار وفي هذا الجانب تتحمل وزاره الداخلية المسئولية الأولى من حيث القصور في التجهيز والأعداد وإذا كان الأمن من مسئولية السلطة المحلية من خلال الأجهزة الأمنية في المحافظة فأنة لا يمكن إغفال دور المشاركة المجتمعية بذالك "
تعـــز مستهدفـــة !!
الناشطة الحقوقية والثورية أسمهان علي (25 عاما – مختبرات طبية) فتتحدث بدورها مشخصة مايدور اليوم على ارض الواقع قائلة : " ما استطيع قوله هو أن ما يحدث من اختلالات أمنية داخل تعز عمل مرتب له ومنظم من جهات عدة منها الجهات التي ترفض وجود الاستاذ شوقي كمحافظ لتعز لذالك فهي تعبث بالأمن رغبة منها في إظهاره كشخص فاشل وعاجز عن القيام بمسؤلياته , اضافة الى بعض القوى التي ناصرت الثورة الشبابية في العام 2011م وذلك لأنها تريد للشعب ان يدفع فواتير ثورته بالرغم من وصول تلك القوى الرجعية لسدة الحكم كي لا يثور الشعب ضدها , ومن جهة أخرى حتى ينشغل الشارع بالملف الأمني ولا يلتفت للجانب الأقتصادي , أيضا بعض القوى المهيمنة على شرايين الإقتصاد في تعز وأهمها ميناء المخاء والذي تعتبره منفذها البحري لتهريب كل ما لا نتخيله يصعب على تلك الجهات ان يلتفت ابناء تعز لمينائهم وبدء الأستثمار فيه وانتزاع سلطته منهم ، وترى اسمهان علي ان الحل يكمن في ضرورة جعل هذه القوى المتنفذه شركاء لا خصوم وان كان يبدوا لي ذلك مستحيل فان البديل الضرب بيد من حديد لان مسببي الأنفلات وقاداته معروفون لدى الأمن داخل تعز ،ايضاً لا ننسى إدارة الأمن التي تحتوي على جنوود لا ندري من يتبعون ولذا يجب تقييم وضعهم جيداً خاصة وان ثمة ممن تم توظيفهم مؤخرا اشخاص مطلوبون امنيا !!
حاميها حراميها !!
اما القاضي نجيب محمد العزي ( 50 عاما – قاضي )
فيستغرب بدوره من تعالي المطالبات الى وزارة الداخلية بتحقيق الامن في حين ان المئات ممن تم تجنيدهم من قبل وزارة الداخلية لصالح الامن هم من البلطجية والمطلوبون امنيا !!
ويضيف القاضي العزي : " لقد اصبح جندي الامن يبحث عمن يحميه !!" ويرى بان حل المشكلة الأمنية لن يتأتى الا من خلال إعادة النظر في الكادر الأمني والعسكري وإعادة هيكلة هذا الجدهاز وفق أسس علمية ومنهجية وبعيدا عن المحاصصة والصراعات السياسية ..
الناشطة الثورية والحقوقية بسمة العريقي( 23 سنة – جامعية)
من جانبها فتقول بان الوضع الأمني في تعز موضوع يتسم بالخصوصية من حيث كونه أمر (مرتب ومدروس بعناية )
وتضيف بسمة العريقي : الاحداث الأمنية التي تعيشها محافظة تعز وبالأخص مؤخرا تم التخطيط لها بعناية من قبل اطراف الصراع السياسي والذين لم يتقبلوا واقع الثورة كما صدرها الشباب الثوار لذا لجأوا الى استعراض عضلاتهم في تعز رغبة منهم في إيصال رسالة سياسية محددة الى أبناء اليمن عموما وتعز خصوصا مفادها أنهم باقون وان الثورة الشبابية اعادت ترتيب اوراقهم ليس إلا ..!!.