تشابك مَآزق العدوّ في مواجهة جبهة الإسناد اليمنية: إحباطٌ على كُـلّ المستويات
|| صحافة ||
تواصلت اعترافاتُ جبهةِ العدوّ الصهيوني الأمريكي بالعجز وانسداد كُـلّ الآفاق في مواجهة جبهة الإسناد اليمنية، مؤكّـدة على أن حملة استهداف المنشآت المدنية والخدمية في اليمن لا تعدو عن كونها استعراضًا مهزوزًا ومرتبكًا للتغطية على حقيقة الإحباط المتعاظم في مختلف مؤسّسات العدوّ ولدى مستوطنيه وشركائه وحلفائه، وهو إحباط يجعل مخاوفهم تزدادُ مع كُـلّ ضربة يمنية تبرهنُ استمرارَ التصعيد وانفتاحَ مسارِهِ على الكثير من الاحتمالات المخيفة.
على المستوى الرسمي، نقلت صحيفةُ “واشنطن بوست” الأمريكية، الجمعةَ، عن مسؤول صهيوني رفض الكشف عن هُويته قوله إن من وصفهم بالحوثيين: “أكثر تقدُّمًا مما يتصور الكثيرون من الناحية التكنولوجية”، مؤكّـدًا أنه “يجب عدم التقليل من شأنهم”.
وأشَارَ إلى أن اليمنيين “تمكّنوا من اتِّخاذِ خطوات عملية لتطبيق عقيدتهم التي تدعو إلى تدمير الولايات المتحدة وإسرائيل” لافتًا إلى أن الصواريخَ اليمنيةَ “تجبرُ الملايين في “إسرائيل” على الاندفاع إلى الملاجئ في كُـلّ ليلة تقريبا”.
ويعكس هذا التصريح الجديد حالة التخبط والإحباط التي تواجهها المؤسّسة الأمنية والعسكرية للعدو الصهيوني في مواجهة الضربات اليمنية المساندة لغزة، سواء على مستوى التعامل مع الصواريخ والطائرات المسيرة التي برهنت قدرتها على تجاوز الأنظمة الدفاعية المعادية داخل وخارج الأراضي المحتلّة، وقلبت حياة المستوطنين رأسًا على عقب، أَو على مستوى محاولات وقف العمليات اليمنية من خلال القصف الجوي وإنشاء تحالفات دفاعية وعسكرية، حَيثُ لا يجد العدوّ أية حلول على المستويَّين.
ومما يؤكّـد حالة العجز التي يعيشها العدوّ على هذا المستوى التصريحات والتحليلات والتعليقات المُستمرّة التي تتناول تطور القدرات العسكرية اليمنية من جهة، والعقبات العملياتية والاستخباراتية الكبيرة التي تواجه جيش العدوّ فيما يتعلق بتنفيذ عمليات في اليمن من جهة أُخرى.
وفي هذا السياق فقد نقلت “واشنطن بوست” الأمريكية عن خبراء عسكريين قولهم: إن “الطائرات بدون طيار والصواريخ اليمنية تمكّنت من الالتفاف على أنظمة الدفاع الجوي التي كانت “إسرائيل” تتباهى بها في السابق، وعادت إلى الواجهة المعضلة العسكرية الإسرائيلية الدائمة وهي: كيفية هزيمة عدو مسلح بمخزون من الأسلحة أرخص نسبيًّا وأكثر وفرة نسبيًّا”.
ونشرت صحيفةُ “كالكاليست” العبرية تقريرًا تناولت فيه التحدياتِ التي يمثلها تطور الأسلحة اليمنية، مشيرة إلى أن عمليات إطلاق صاروخ (فلسطين2) “تكاد لا تحمل أية بصمة يمكن تتبعها استخباراتيًّا؛ لأَنَّه يتم تشغيله بالوقود الصُّلب، ويطير في مدار أدنى من الصواريخ البالستية التقليدية وبالتالي يتم اكتشافه متأخرًا بواسطة الأنظمة الإسرائيلية”.
وأضافت أن “الرأس الحربي للصاروخ يحتوي على محركه الخاص، وهو قادر على التسارع في الطريق إلى الأسفل، وإجراء تصحيحات في المسار لتحسين الدقة، وكذلك التعرج قليلًا في الطريق إلى الأرض؛ مما يجعل من الصعب تحليل مساره واختيار نقطة اعتراضه”.
وفيما يتعلّق بتحديات ردع اليمن عن طريق القصف الجوي، نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن محللين قولهم: “الحوثيين يمثلون تحديًا صعبًا لـ “إسرائيل”؛ بسَببِ بعدهم وبسبب بعدهم؛ ولأنهم عدو جديد نسبيًّا لم تركز عليه المخابرات الإسرائيلية حتى الآن” حسب تعبيرها.
وفي السياف نفسه تقول صحيفة “معاريف” العبرية إن الجبهة اليمنية تختلف تمامًا عن بقية الجبهات التي يواجهها كيان العدوّ الصهيوني، مشيرة إلى أن “المنظومة العسكرية للحوثيين غير مرئية” حسب وصفها، وأن “إسرائيل لا تستطيع العمل ضد اليمنيين إلا عندما يكونون في الهواء متجهين إلى إسرائيل” في إشارة إلى استحالةِ اكتشاف وتدمير القدرات العسكرية اليمنية.
وأضافت: “في اليمن، المعلومات الاستخباراتية غير مكتملة” مشيرة إلى أن “إسرائيل حَـاليًّا تحاول البناء على الردع تجاه الحوثيين، إلى أن يؤثر هذا الردع عليهم، سيتعين على “إسرائيل” الاعتماد على التحذير واعتراض الصواريخ والطائرات المسيرة التي تطلق من اليمن إلى “إسرائيل” على أمل أن تقوم منظومات السهم ومقلاع داوود والقبة الحديدية بهذه المهمة” في إشارة واضحة إلى أن كيان العدوّ لا يمتلك خيارات هجومية ودفاعية في مواجهة اليمن سوى الخيارات التي أثبتت أنها غير مضمونة ولا تحقّق أية حماية أَو ردع حقيقيَّينِ.
العجز الأمني والعسكري الواضح والمعلن لدى العدوّ الصهيوني في مواجهة جبهة الإسناد اليمنية لغزة، يترتب عليه أَيْـضًا تحديات على المستوى الاقتصادي، حَيثُ نقلت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية عن يوئيل جوزانسكي، المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي والذي يعمل الآن كباحث بارز في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، قوله: إن “الحوثيين يريدون شن حرب استنزاف على “إسرائيل”، ومواصلة إطلاق النار حتى يثبتوا أنهم المقاومة الحقيقية” ولكن بحسب الصحيفة فَــإنَّ “حساب التكلفة معقد بالنسبة لـ “إسرائيل”؛ تبلغ تكلفة الطائرات بدون طيار والصواريخ التي يطلقها الحوثيون نحو عدة آلاف من الدولارات، في حين تكلف كُـلّ عملية اعتراض “إسرائيل” عشرات الآلاف من الدولارات على الأقل” وهي محاولة تخفيف واضحة للتكاليف التي تبلغ في الواقع ملايين الدولارات لكل عملية اعتراض، حَيثُ تتجاوز تكلفة كُـلّ صاروخ تطلقه منظومة (السهم) بعيد المدى 3 ملايين دولار.
وَأَضَـافَ جوزانسكي: “نظرًا لأَنَّ محاولة إدخَال طائرة بدون طيار أَو صاروخ إلى “إسرائيل” كُـلّ بضعة أَيَّـام أَو أسابيع أمر رخيص للغاية بالنسبة لهم، فَــإنَّهم قادرون على الفوز في هذه المعركة. والسؤال الآن هو كيف تتجنب “إسرائيل” الوقوع في فخهم؟”
وإجَابَةً على هذا السؤال، نقلت الصحيفة عن داني أُورُوباخ المؤرخ العسكري في الجامعة العبرية بالقدس المحتلّة قوله إنه “على النقيض من الأعداء الموجودين على حدود “إسرائيل”، فَــإنَّ الحوثيين يبعدون أكثرَ من ألف ميل، وهم محاصرون في بلد جبلي فقير بدون أي مركز ثقل للبنية التحتية، وبدون أماكن أَو أصول تشكل محورًا لعملياتهم بحيث يؤدي ضربها إلى إعاقتهم” مُضيفًا أن “وضع “إسرائيل” أصبح أكثر تعقيدًا؛ بسَببِ حقيقة أن الولايات المتحدة وبريطانيا، اللتين قادتا الجهود لردع هجمات الحوثيين ضد “إسرائيل” وعلى السفن في البحر الأحمر، تتراجعان على ما يبدو وربما تنقذان صواريخهما وطائراتهما الاعتراضية”.
وتابع: “هناك نقص في الصواريخ الاعتراضية؛ بسَببِ الحروب الأُخرى في العالم التي تخطط الولايات المتحدة لاستخدامها فيها”.
وهكذا، كما يبدو بوضوح من خلال الشهادات السابقة، فَــإنَّ كُـلّ محاولة لاستكشاف طريق الخروج من المأزق الأمني أَو العسكري أَو الاقتصادي الذي يعيشه العدوّ في مواجهة اليمن، تقود إلى مأزِقٍ آخر.
وتشمل هذه الحلقة المفرغة من الإحباط وانعدام الخيارات الجانب السياسي للعدو أَيْـضًا، حَيثُ نقل موقع “والا” العبري عن مصادر في جيش العدوّ الصهيوني قولها: إن “المستوى السياسي في “إسرائيل” فشل حتى الآن في حشد تحالف بقيادة الولايات المتحدة، تحت إدارة جو بايدن، لتنفيذ هجوم واسع النطاق ضد الحوثيين في اليمن” مشيرة إلى أن السياسيين “يأملون في تغيير في ظل إدارة ترامب القادمة”.
وأوضح الموقع أنه في ظل هذا الوضع، أصدر ما يسمى برئيس أركان جيش العدوّ هرتسي هاليفي “تعليمات بزيادة مستوى التأهب لمزيد من هجمات الحوثيين على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، بما في ذلك سيناريوهات أكثر تطرفا مما شوهد حتى الآن”.
ووفقا للموقع فقد أكّـدت المصادر العسكرية أن “إسرائيل لديها فجوة استخباراتية فيما يتعلق بالحوثيين، وبالتالي يصعب تحديد مراكز ثقل تؤدي إلى تأثير أوسع في الهجمات على اليمن” مضيفة أن “هجمات سلاح الجو، مهما كانت احترافية، تكلف الكثير من المال”.
وتعتبر التعليقات والشهادات الواردة أعلاه نموذجًا مصغرًا لما صارت وسائل إعلام جبهة العدوّ تظهره بشكل يومي من تشابك المعضلات التي يعيشها الكيان الصهيوني في مواجهة جبهة الإسناد اليمنية.
صحيفة المسيرة