من يحتل جزيرة سقطرى الإمارات أم أمريكا؟
موقع أنصار الله . تقرير | أحمد داود
تحتل جزيرة سقطرى أهمية استراتيجية بالغة، سواء من حيث موقعها المطل على خليج عدن والبحر العربي أو من حيث مقوماتها الاقتصادية والسياحية.
يؤكد الخبير الاستراتيجي في البحرية الأمريكية [ألفريد ماهان] أن من يمسك بالسيادة البحرية في المحيط الهندي، يكون لاعباً رئيساً في شكل النظام العالمي، ومن يسيطر على المحيط الهندي يسيطر على آسيا، بينما تؤكد عدد من الدراسات أن من يسيطر على سقطرى والمناطق البحرية المجاورة، يمكنه أن يسيطر على البحر العربي وخليج عدن وجنوب البحر الأحمر وشمال المحيط الهندي، وعلى جنوب شبه الجزيرة العربية وجنوب شرق أفريقيا والقرن الأفريقي.
ومنذ العدوان السعودي الأمريكي الغاشم على بلادنا الذي بدأ في 26 مارس 2015م، كانت أنظار الأعداء على الجزيرة، وكانت من ضمن الأهداف الاستراتيجية غير المعلنة للأمريكيين ومن ورائهم الأدوات المتمثلة بالنظامين الإماراتي والسعودي، وأدوات الأدوات المرتزقة اليمنيين.
وحتى هذه اللحظة، لا يزال البعض يروج بأن من يحتل الجزيرة هي الإمارات، مع أن هذه الدويلة ليست سوى كيان يؤدي وظيفة معينة لخدمة أمريكا والكيان الإسرائيلي، إذ ليس من المعقول أن تتحرك الإمارات وتجوب البحار والمحيطات، وتحتل أهم الجزر في المنطقة من أجل أن تثبت لها نقطة في المكانة الإقليمية.
تحركات إماراتية للتمويه
يذكر بعض الباحثين أن من ضمن الأهداف الاستراتيجية للإمارات في احتلالها لجزيرة سقطرى، هو التطلع لبناء ميناء استراتيجي في هذه الجزيرة، لا سيما في ظل الميناء الذي تعمل الصين على بنائه في باكستان، وهو يعد منافساً قوياً لميناء “جبل علي”، كما أن سيطرتها على هذه الجزيرة ستمكنها من التحكم في التجارة التي تمر عبر قناة السويس ومضيق باب المندب بين اليمن والقرن الإفريقي.
ومنذ العدوان على بلادنا، تحركت الإمارات في مسارات متعددة لخدمة أجندتها داخل الجزيرة، منها محاولة الدفع بحكومة المرتزقة لتأجير الجزيرة لمدة 99 عاماً، ثم التحرك لشراء الأراضي عن طريق الحاكم الفعلي للجزيرة أبو مبارك المزروعي، الذي كان يدفع مبالغ طائلة للسكان لشراء أراض في الجزيرة من أجل الاستثمار، ومنها شراء محمية “دسكم” التي توجد فيها أشجار دم الأخوين بكثافة، وهي المنطقة الأكثر سياحة في الجزيرة، نظراً لطبيعتها الخلابة، كما أنها مرتفعة عن سطح البحر، وأنشأت الإمارات سياجاً حديدياً عليها، وباتت المحمية اليوم مستوطنة إماراتية.
لجأت الإمارات كذلك لبناء قاعدة عسكرية ومركز اتصالات استخباراتي واجراء تعدد لسكان الجزيرة، ومغازلتهم عن طريق توفير إمكانية السفر جواً مجاناً لهم لأبو ظبي وفرص العمل، وكل ذلك امتداد لوجودها وسيطرتها على الجزيرة بشكل كامل.
كما ساهمت الإمارات في تعزيز نفوذها في الجزيرة بتشييد مشاريع واستثمارات كبناء مستشفى خليفة بن زايد ومشاريع تخزين المياه وانشاء مصنع للثلج وتوزيع المواد الغذائية والاحتياجات الأخرى لأبناء الجزيرة، وامتدت السيطرة الإماراتية إلى تأسيس شركة اتصالات إماراتية في الجزيرة وتأسيس مصنع للأسماك تحت اشراف الإمارات، وتأسيس دارين للأيتام، وتجنيد خمسة آلاف من أبناء الجزيرة تحت اسم النخبة السقطرية، وكل ذلك خدمة لمصالح الإمارات واتماما للسيطرة التي تريدها على جزيرة سقطرى، كما أنها تتعامل مع الجزيرة على أنها إمارة ثامنة، وهذا مما يعزز الاحتلال العسكري الإماراتي لهذه الجزيرة.
قواعد عسكرية تثير الريبة
بطبيعة الحال، فإن التحركات الإماراتية وأنشطتها المشبوهة في جزيرة سقطرى، تأتي في الحقيقة كغطاء للأطماع الأمريكية في الجزيرة، ضمن صراعها الكبير مع الصين.
ما يكشف هذا بجلاء هو الأنباء التي يتم تناقلها من وقت إلى آخر حول بناء قاعدة عسكرية في جزيرة عبد الكوري، وبناء مدرج عملاق طوله نحو 3 كيلو مترات.
هذا المدرج بهذا الطول يمكن أن يستقبل طائرات الهجوم والاستطلاع والشحن، وكذلك يمكنه استقبال أثقل القاذفات الاستراتيجية مثل بـي 52 والتي تستخدم لتقويض قدرة الخصم على شن الحرب من بعد.
والتساؤل هنا: من المستفيد من قاعدة عسكرية عملاقة كهذه؟ والجواب بكل تأكيد أنها أمريكا، فهي الوحيدة في العالم التي تمتلك قاذفات بـي 52 إلى جانب الصين وروسيا، وهذا أحد الشواهد التي تدل على أن أمريكا تتخذ من الإمارات غطاء لتنفيذ الأجندة والمخططات الأمريكية في احتلال الجزيرة.
شواهد أخرى تدل على أن الإمارات هي الجندي الطائع للأمريكي والإسرائيلي في المنطقة، ما تناقلته وسائل إعلام إسرائيلية عن وجود قاعدة تجسس مشتركة صهيونية مع الإمارات في جزيرة سقطرى، وأن وفداً من ضباط المخابرات الإسرائيلية وصل إلى الجزيرة لتفقد المواقع الرئيسة [جمجموه] في منطقة [مومي] شرقي الجزيرة، ووسط [قطنان] الواقعة في المناطق الجبلية غربي الجزيرة.
وفي السياق ذاته تتحرك الإمارات في جزيرة ميون [بريم] خدمة للأمريكي والإسرائيلي، حيث تشير التقارير إلى أن الإمارات بنت مدرجاً كبيراً للطائرات العمودية “هليكوبتر” طوله 3 كم، ما يمثل تقريباً نصف طول الجزيرة البالغ نحو 5,6 كم، ثم أصبح قادراً على استقبال الطائرات المقاتلة، والقاذفات الثقيلة، بما فيها قاذفات بي 52، وهي كما أسلفنا لا تمتلكها سوى أمريكا والصين وروسيا، ما يدل على أن التحرك الإماراتي في الجزر اليمنية يخدم التوجهات الأمريكية الإسرائيلية، وهو ما يفسر كذلك الصمت السعودي تجاه التوغل الإماراتي في المحافظات اليمنية المحتلة في جنوب اليمن وشرقه، إذ لو كان الهدف اماراتيا مطلقا، لوقفت السعودية حائط صد أمامها، ولكن لأن الرياض تدرك بأن أبو ظبي لا تؤدي سوى دور ساعي البريد، فإنها تلتزم الصمت كثيراً، ولا تجرؤا أن يكون لها موقف مناهض من كل هذه التحركات.