جرائم التكفيريين والاستعمار: تشابُهُ النهج واختلاف الشعارات
موقع أنصار الله ||مقالات ||شاهر أحمد عمير
منذ سنوات، يعاني الشعبان السوري والفلسطيني من جرائم وحشية يرتكبها مجرمون يرتدون أقنعة مختلفة، لكنهم يلتقون في أهدافهم وأساليبهم. ففي سوريا، يواصل الإرهابي أبو محمد الجولاني، زعيم “هيئة تحرير الشام”، تنفيذ مخطّطاته الإجرامية ضد المدنيين، بينما في فلسطين، يمارس الكيان الإسرائيلي المحتلّ أبشع أنواع القتل والتدمير بحق أبناء الشعب الفلسطيني، مستندًا إلى الدعم الغربي والتواطؤ الدولي. ورغم أن أحدهما يزعم تمثيل “الجهاد”، والآخر يدّعي “الدفاع عن النفس”، إلا أن الحقيقة تكشف أن كليهما مُجَـرّد أدوات لتنفيذ مشاريع خارجية تهدف إلى تدمير الأُمَّــة وتمزيقها، وهو ما أصبح واضحًا لكل من يتابع الأحداث في المنطقة.
لم يكن الجولاني مُجَـرّد أدَاة إجرامية عابرة، بل كان مشروعًا مدروسًا لزرع الفوضى وتمزيق سوريا، وتحويلها إلى ساحة للصراعات والتدخلات الخارجية.
لصالح الاحتلال الإسرائيلي فمنذ ظهوره، اعتمد سياسة القتل والتصفية الجسدية بحق معارضيه، وخنق الحريات، وفرض إتاوات على السكان، حتى أصبحت إدلب التي يسيطر عليها سجنًا كَبيراً يخضع لسلطته الدموية. كما لم يتردّد في التعاون مع جهات معادية للأُمَّـة، مستخدمًا شعارات دينية زائفة لخداع البسطاء، بينما هدفه الحقيقي كان تنفيذ أجندات القوى التي سعت لتفتيت المنطقة، وتحويلها إلى ساحة مفتوحة للفوضى والعنف، تمهيدًا لتمرير مخطّطات الاحتلال والاستعمار.
أما في فلسطين، فَــإنَّ الكيان الإسرائيلي، الذي تأسس على المجازر، يستمر في ارتكاب أبشع الجرائم ضد الفلسطينيين، مستخدمًا أساليب القتل والتدمير والتهجير القسري. المجازر الجماعية، كما حدث في غزة وجنين والقدس، تثبت أن هذا الكيان لا يفكر إلا بمنطق الإبادة والاستيطان. وهو يسعى بكل الوسائل إلى تصفية القضية الفلسطينية، عبر محاولات طمس الهوية الوطنية، وتكريس الاحتلال بالقوة، متجاهلًا كُـلّ القوانين والشرائع الدولية التي لا تعني له شيئاً طالما أنه يحظى بدعم القوى الكبرى التي توفر له الغطاء السياسي والعسكري.
رغم اختلاف الشعارات التي يرفعها كُـلّ من الجولاني والكيان الصهيوني، فَــإنَّ الهدف واحد: القضاء على المقاومة وإخضاع الشعوب الحرة. الجولاني، الذي يدّعي الجهاد، لم يوجه رصاصه إلا إلى صدور السوريين، تماماً كما يفعل الصهاينة الذين يدّعون الدفاع عن أنفسهم بينما يقتلون الأطفال والنساء ويدمّـرون المنازل فوق رؤوس أصحابها. ومن المثير للسخرية أن التنظيمات الإرهابية التي نشأت في المنطقة لم توجّـه طلقة واحدة ضد الاحتلال الإسرائيلي، بل انشغلت بقتال أبناء جلدتها، وكأنها وجدت فقط لتنفيذ مخطّطات العدوّ وتفريغ الساحة من أية مقاومة حقيقية.
اليوم، بات واضحًا أن العدوّ واحد، سواء ارتدى عباءة الإرهاب أَو رفع علم الاحتلال. فالجولاني وجماعته لم يكونوا يوماً مقاومين، بل كانوا أدوات لتمزيق سوريا وإضعاف جيشها، تماماً كما يسعى الاحتلال الإسرائيلي إلى تمزيق فلسطين وإبادة شعبها. والمفارقة الكبرى أن كلا المشروعين يلتقيان في خدمة الأجندة نفسها: إشغال الأُمَّــة بصراعات داخلية، وتوجيه ضربات متتالية لأي قوى قد تشكل تهديدًا حقيقيًّا للمشروع الاستعماري في المنطقة.
لكن إرادَة الشعوب لا تُقهر، وكما سقطت مشاريع الاحتلال والاستعمار سابقًا، فَــإنَّ مصير هؤلاء المجرمين إلى زوال، وستبقى سوريا وفلسطين حصونًا للصمود حتى تحقيق النصر والتحرير الكامل. فالشعوب التي واجهت الاستعمار لقرون لن تستسلم أمام أدواته الجديدة، بل ستواصل المواجهة حتى يستعيد كُـلّ شعب حقه المسلوب، مهما طال الزمن ومهما كثرت المؤامرات.