الإجرامُ والتطرَّف صناعةٌ أمريكية غربية
موقع أنصار الله ||مقالات ||فتحي الذاري
في عالم مليء بالتحديات والانقسامات، تُطرح تساؤلات حول مفهوم الإرهاب وكيف يتم استخدامه كأدَاة سياسية، لطالما احتكرت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها تعريف الإرهاب، لكن ليس وفقًا لمعايير موضوعية، بل بما يضمن تحقيق مصالحهم السياسية والاقتصادية، تعتمد هذه المعايير المزدوجة على تمييز فاضح بين ما يعتبر إرهابًا وفقًا للمعايير الأمريكية وما يُعتبر دفاعًا مشروعًا عن النفس.
تظهر ازدواجية المعايير بوضوح في كيفية تعامل الولايات المتحدة مع قضايا النزاع حول العالم؛ فعندما يدافع الفلسطينيون عن أرضهم ضد الاحتلال الصهيوني، يُصنفون كإرهابيين، وتُمنح مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية للاحتلال، بينما تُفعل واشنطن حق النقض (الفيتو) لحماية مصالحها، في هذا السياق، يُعاقب من يسعى إلى استعادة حقوقه الشرعية، بينما يُدعم من يعتدي عليها.
وعندما تغذي أمريكا الجماعات التكفيرية في مناطق مثل سوريا والعراق وليبيا، تفعل ذلك تحت غطاء محاربة الإرهاب، لكنها في الواقع تُسهم في خلق الفوضى خدمة لمصالحها، تُقدم الدعم المالي والعسكري لتلك الجماعات، لكنها تنزع صفة الإرهاب عنها طالما أنها تخدم أهدافها في إسقاط الأنظمة التي لا تتماشى مع رؤيتها.
تتبع الولايات المتحدة نهجًا صارمًا في استهداف الدول التي تحاول التحرّر من هيمنتها، كما يتضح من السياسات التي تستهدف إيران وفنزويلا وروسيا والصين، تُعتبر هذه الدول “تهديدات”؛ لأَنَّها تسعى لإقامة اقتصادات مستقلة والتحالف مع خصوم واشنطن، فتُفرض عليها العقوبات التي تعيق نموها وتطورها؛ مما يخلق بيئة مناسبة للتدخلات الخارجية.
وإذا نظرنا بموضوعية إلى المعايير التقليدية للإرهاب يصبح من الواضح أن الإرهابي الحقيقي هو من يُشعل الحروب ويدمّـر الدول، هو من ينتهك حقوق الشعوب ويمنعها من تقرير مصيرها، كما فعلت أمريكا في العراق وأفغانستان وسوريا واليمن وليبيا وتونس وفلسطين.
تُعتبر هذه العمليات مجزرة بحق الإنسانية وليست سوى أساليب إرهابية بحكم التعريف أَيْـضًا من يدعم الكيان الصهيوني بالمال والسلاح، ويمنحه الحماية من المساءلة، هو الإرهابي الحقيقي يُسلح ويموّل الجماعات عندما تتناسب مع أجندته، ويعود ليُظهر نفسه كمحارب للإرهاب عندما تنتهي تلك الجماعات من الخدمة، تُظهر هذه الممارسات قوة التأثير الأمريكي في رسم خرائط النزاع الدولي.
يمكن للولايات المتحدة أن تتلاعب بالمصطلحات وتُغير الأبعاد، لكن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن الإرهابي الحقيقي هو النظام الأمريكي وأجنداته الخارجية.
إن زوال هيمنة أمريكا ليس مُجَـرّد احتمال، بل أصبح حتمية تاريخية، بدأت ملامح النظام الدولي الجديد تظهر، حَيثُ تعود القوى الكبرى إلى تشكيل تحالفات جديدة تحرّر الشعوب من قيود الهيمنة والعنف.
إن الإرهاب والتطرف، عندما يتم تسييسهما، يتحولان إلى أدوات في يد القوى العظمى، يجب أن نكون واعين لهذه الديناميكيات ونعمل على بناء عالمٍ أكثر شمولًا وعدلًا، حَيثُ تُحترم حقوق الشعوب وتُقدَّر كرامتها، إرساء السلام لا يكون بتحويل النزاعات إلى مسرحيات سياسية، بل بتعزيز حوار جاد وبناء يضمن حقوق الجميع.