في ليلة عيد الغدير المباركة، انطلقت شرارة "الوعد الصادق 3"، عمليةٌ أعلنتها الجمهورية الإسلامية في إيران مساء الجمعة، لتكون رداً مزلزلاً على العدوان الصهيوني الغاشم الذي استهدف مناطق في إيران الإسلامية، حيث أدى العدوان إلى استشهاد العشرات من المدنيين والعسكريين بينهم قائد الحرس الثوري ورئيس هيئة الأركان وعلماء نويين وقادة عسكريين، حيث يأتي العدوان في إطار السعي الإسرائيلي وبدعم غربي إلى فرض معادلة الاستباحة للأمة، فالعدو يسعى إلى أن تكون يده مطلقة ليفعل ما يشاء ويريد ضد أي بلد عربي ومسلم.. كما أن هذا العدوان يأتي في إطار السعي نحو تصفية القضية الفلسطينية بشكل نهائي. فالمخطط الصهيوني هو "تغيير وجه الشرق الأوسط". وهو ما يعني إخضاع المنطقة بكل شعوبها تحت سيطرتهم والتحكم بها في كل المجالات.
أدرت الجمهورية الإسلامية في إيران، الخطر الصهيوني منذ وقت مبكر وسارعت في الإعداد والتجهيز لتكون بمستوى مواجهة الأخطار والتحديات. مع العدوان الأخير على إيران وبالرغم من فقدان قادة عسكريين من الصف الأول، إلا أن إيران أثبتت جدارتها؛ فبعد ساعات من العدوان باشرت إيران في تسديد ضربات مسددة موجعة مؤلمة ضد الكيان الصهيوني الغاشم.
عشرات الصواريخ الإيرانية تسقط مباشرةً على أهداف حيوية في قلب "تل أبيب" ومناطق أخرى داخل الكيان الإسرائيلي. وبثت وسائل الإعلام مشاهد حية لأعمدة الدخان تتصاعد من أبنية عدة، في مشهدٍ لم يعهده الكيان من قبل.
وفي تفاصيل العملية: وحدات الصواريخ والطائرات المسيرة، التابعة للقوة الجوية في الحرس الثوري، استهدفت باستخدام مزيج من الأنظمة الدقيقة والذكية، المراكز العسكرية والقواعد الجوية التي كانت مصدر العدوان الإجرامي على إيران. لم يقتصر الاستهداف على ذلك، بل طال أيضاً المراكز الصناعية العسكرية التي استخدمها العدو الصهيوني لإنتاج الصواريخ وغيرها من المعدات والأسلحة لارتكاب الجرائم ضد الشعوب المقاومة في المنطقة، وخاصة الشعب الفلسطيني وغزة المضطهد، إلى جانب أهداف عسكرية أخرى في عمق الأراضي المحتلة.
التقارير الميدانية وصور الأقمار الاصطناعية والمعلومات الاستخباراتية المُعترضة أكدت أن عشرات الصواريخ الباليستية أصابت أهدافاً استراتيجية بفعالية. وانتشرت مئات المقاطع التي وثقت الصواريخ تنهال على المباني والمدن في فلسطين المحتلة، محدثة دماراً هائلا، إضافة إلى مقتل 3 صهاينة وإصابة 171 آخرين في حصيلة غير نهائية.
أدى الاستهداف الإيراني إلى اندلاع حريق قرب مقر "وزارة الأمن" في "تل أبيب"، وعملت قوات الإطفاء والإنقاذ على إخلاء محاصرين في عدة مبان مؤلفة من عدة طوابق في منطقة "غوش دان". وإضافةً إلى منطقة الوسط، سقطت صواريخ في مدينة حيفا شمالي فلسطين المحتلة.
في جانب آخر من الخسائر المادية التي تكبدها العدو الصهيوني فقد تمكنت الدفاعات الجوية الإيرانية من إسقاط طائرتين من طراز "إف35" وهذه المرة الأولى التي يتم فيها إسقاط مثل هذا النوع من الطائرات.
في سياق متصل، لم يمضِ وقت طويل حتى تأكد أن الولايات المتحدة الأمريكية، الشريك الأصيل في هذا المشروع الصهيوني المزعوم، قد هبت لنجدة كيان العدو. أكد مسؤولان أمريكيان أن الجيش الأمريكي يساعد العدو الإسرائيلي في محاولات اعتراض الصواريخ الإيرانية، وهو ما أكده مصدر أمني إسرائيلي رفيع المستوى لصحيفة "معاريف". هذا الدعم ليس غريباً، فهو يُعَدُّ شيكاً مفتوحاً يغذي عربدة العدو ويمنحه غطاءً لتمرير جرائمه ووحشيته ضد الشعوب.
القناة "13" الإسرائيلية نقلت عن مسؤولين إسرائيليين أن منطقة "تل أبيب" الكبرى شهدت دماراً غير مسبوقٍ لم يُعهد مثله في السابق، وأن عشرات المباني والسيارات تعرضت للإصابة سواء بصواريخ إيرانية أو اعتراضية. من جانبه، قال قائد شرطة العدو في يافا المحتلة إن القصف الصاروخي الإيراني شمل عدداً كبيراً من المواقع، لافتاً إلى أن قوات الإنقاذ للعدو لاقت صعوبات في الوصول لمحتجزين، مضيفاً أن المنطقة تعرضت لعدة أنواع من الصواريخ، وهناك مبان انهارت وأخرى دُمرت فيها طوابق كاملة. وقدّرت القناة "12" الإسرائيلية أن نحو 300 صاروخ أطلقت من إيران، في رشقات منفصلة، الأمر الذي أدى لإصابة 41 إسرائيلياً، وفق إسعاف الاحتلال، بالإضافة إلى إصابة عدد من الجنود الصهاينة في قاعدة "نيفاتيم" الجوية.
هرع المغتصبون الصهاينة إلى الملاجئ في أنحاء الأراضي المحتلة كافة، بعد إطلاق الصواريخ من إيران. ودعا المتحدّث باسم "الجيش" الإسرائيلي إلى عدم تصوير أماكن سقوط الصواريخ الإيرانية، مشيراً إلى أنّ "إيران تراقب التوثيقات بهدف تحسين قدراتها على الإضرار". وأكد المتحدث أن "الدفاع الإسرائيلي ليس محكماً بالكامل، ولذلك يجب الاستمرار في التقيّد بتعليمات الجبهة الداخلية التي دعت إلى الدخول للأماكن المحصّنة".
في خضم هذه الأحداث، برز الموقف الصلب غير المداهن الذي يتبناه محور المقاومة، رافضاً للغطرسة الاستكبارية بكافة أشكالها. ردّت إيران بإطلاق موجات من الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية على الكيان الإسرائيلي، حيث أضاءت الانفجارات سماء القدس و"تل أبيب" ليلاً وهزّت المباني.
وعلى الرغم من محاولات المجرم بنيامين نتنياهو اليائسة لتأكيد هدفه في القضاء على أي تهديد إيراني لكيانه الغاصب، وتحريضه للإيرانيين على الثورة ضد قادتهم، فإن الرد الإيراني أتى مزلزلاً، لتؤكد إيران من جديد أن الكيان الصهيوني أهون من بيت العنكبوت.
في قلب الصراع، تبرز المواقع النووية الإيرانية كهدف رئيسي للعدوان الصهيوني. ومن بين المواقع الرئيسية التي هاجمها العدو الإسرائيلي منشأة تخصيب اليورانيوم الرئيسية في إيران في نطنز، و منشأة للأبحاث النووية في أصفهان، وبالرغم من أن العدو لم يتمكن من تدمير المنشأتين، إلا أن اللافت في الأمر هو مدى جرأة العدو الصهيوني على استهداف منشأة نووية قد يؤدي تدميرها إلى أضرار كارثية على إيران والدول المجاورة، ما يتعني أننا أمام عدو مجرم لا يراعي أن محرمات، وأن لا خيار أمام هذا العدو سوى تخليص البشرية من شره وإجرامه، فكل الأحداث طوال السنوات الماضية أثبتت أن الكيان الصهيوني شر على البشرية بأجمعها.