موقع أنصار الله . تحليل | أحمد داوود
يستبق ترامب لقاءه بالمجرم نتنياهو، المقرر انعقاده الاثنين القادم، بالحديث عن التوصل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، لكن لا أحد يثق في مصداقية الرجل، وهو الذي امتهن الكذب والخداع في تجارب كثيرة، وآخرها العدوان الصهيو أمريكي على الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
يظل التساؤل الأبرز هنا: ما أهمية زيارة نتنياهو هذه المرة، وما المخرجات المتوقعة، وما مصير المنطقة بعد هذا اللقاء؟
حتى الآن، لا وجود لمؤشرات لدى ترامب ونتنياهو لإطفاء الحرائق في المنطقة، فالرغبة الجامعة لدى نتنياهو هي الاستمرار في القتال بقطاع غزة، وقد أوعز لجيشه بإعداد خطة لنقل المدنيين من شمال القطاع إلى جنوبه، في مؤشر يدل على نواياه في الاستمرار في القتال رغم معارضة رئيس هيئة الأركان.
وتأتي هذه الزيارة في ظل مستجد جديد طرأ في المنطقة، وهو توسع نطاق العدوان الصهيوني ليطال الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتدخل الأمريكي لإنقاذ الموقف (لنكن منصفين فالعدوان على إيران منذ الوهلة الأولى هو أمريكي بامتياز وكيان العدو كان في الواجهة).
لن تتم مناقشة عودة الحرب مع إيران، فالتجربة أثبتت فشلها، لكن خيار استمرار العدوان على قطاع غزة سيكون وارداً لا محالة، وإن حدثت هدنة، فهي بمثابة (استراحة محارب)، فالمجرم نتنياهو لا يريد أن تستمر حماس في حكم القطاع، حتى وإن كان القطاع مدمراً ومنازله أشبه بالأطلال، وكل الخدمات منعدمة فيه، ولهذا فإن الهاجس الأكبر لدى الأمريكيين والإسرائيليين يكمن في هزيمة حماس، وإجبارها على تسليم السلاح، وهذا الهدف لم يتحقق حتى الآن.
في لقاء القادة السياسيين والعسكريين الصهاينة قبل أيام، كان الخلاف محتدماً، فـ"رئيس هيئة الأركان" أوضح أن التكلفة ستكون باهظة إذا فكر جيش الاحتلال بخيار (احتلال غزة)، وهو ما أثار غضب نتنياهو الذي يبدو أنه يريد الاستمرار في هذه الحرب إلى ما لا نهاية.
خلاصة المشهد في قطاع غزة، أن جيش الاحتلال قد وصل إلى مرحلة من العجز الكبير في تحقيق انتصار ساحق وشامل على المجاهدين في القطاع، وأن القناعة الراسخة لدى قادة الجيش أن المزيد من العمل العسكري لن يؤدي إلا للمزيد من الخسائر، لذا لا مانع أن تكون هناك هدنة، واستراحة، لبحث بدائل، والاستعداد للقادم.
وتبقى المخاوف واردة من إمكانية استمرار العدوان على قطاع غزة، لا سيما وأن العدو الإسرائيلي لم يلتزم بالهدن السابقة، ولم يتمكن الوسطاء المصريون والقطريون من تحميله مسؤولية العودة للقصف وتدمير قطاع غزة، وهنا يبقى خيار إيقاف العدوان على غزة أو الاستمرار مرهونا على قرار نتنياهو وترامب خلال اللقاء المرتقب بينهما.
في الجبهة اللبنانية، ثمة مخاوف من الاشتعال وعودة الحرب من جديد، فالتحركات الأمريكية، تضع لبنان أمام خطر الحرب الأهلية أو عودة العدوان الصهيوني من جديد على لبنان، فالمبعوث الأمريكي إلى لبنان توم براك قدم وثيقة تتضمن إجبار حزب الله اللبناني على تسليم سلاحه من الصواريخ الباليستية الدقيقة والطائرات المسيرة، مهدداً أن حزب الله، إذا لم يقبل بذلك، فإن أمريكا ستسلم ملف لبنان إلى الكيان الإسرائيلي، والذي لن يتردد في تدمير لبنان عبر الغارات الجوية.
هذا التحرك للمبعوث الأمريكي يضع حزب الله أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الاستسلام، أو الاستعداد للحرب. وليس في وارد حزب الله تسليم سلاحه، فهذا بالنسبة لديه "خط أحمر".. فهل يكون سلاح حزب الله هو الشرارة التي ستفجر العدوان الصهيوني من جديد على لبنان بدعم أمريكي غربي، أم أن نتنياهو وترامب سيكون لهما رأي آخر.
وخلال لقاء (ترامب - نتنياهو) لن يتم إغفال الجبهة اليمنية، بما تشكله من خطر كبير يهدد كيان العدو، ويضر بالمصالح الأمريكية في المنطقة.
ولا يستبعد البعض أن تكون اليمن هي أحد الأهداف لكيان العدو الإسرائيلي في المرحلة المقبلة، وخاصة بعد تصريحات المسؤولين الصهاينة بذلك، بكون اليمن يشكل تهديداً مباشراً لأمن كيان العدو الإسرائيلي ولملاحته في البحر الأحمر.
لكن ما يجعل هذا الخيار مستبعداً، هي التجارب التي خاضتها أمريكا وكيان العدو في اليمن، فقد سبق لهما التدخل العسكري ومحاولة إضعاف اليمن وقدراته العسكرية، لكن جميع هذه المحاولات باءت بالفشل، سواء في عهد بايدن أو في عهد ترامب.
ويدرك الأعداء أن اليمن لا يخشى التهديدات، ولهذا قال السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي في خطابه الخميس الماضي تعليقاً على التهديدات الإسرائيلية: إن "العدو الإسرائيلي وداعميه يضعون أمتنا بين خيار الاستسلام والذل والقبول بمعادلة الاستباحة أو المواجهة، وأنه "ليس هناك خيار للسلام مع العدو الإسرائيلي، بل هو استسلام"، مؤكداً أن "اعتداءات العدو الإسرائيلي لا تثنينا أبداً عن موقفنا، بل تزيدنا تصميماً وعزماً".
ويعبر الأمريكيون والصهاينة بكل وضوح عن هزيمتهم أمام اليمن العصي على الانكسار، ولهذا يظل خيار إشعال الحرب في اليمن غير وارد، إلا إذا كان لنتنياهو وترامب رأي آخر.